تلوث سياسي ومساومات غير أخلاقية...

اشتكت زعيمة حزب العمال قبل أيام، ممّا وصفته تلوث سياسي ومساومات غير أخلاقية للسطو على المرشحين، فقالت بأنه كلما اقترب موعد إيداع القوائم، كلما تجلت مؤشرات الانحلال والتلوث السياسي، واشتدت المساومات لشراء مناضلي الحزب من قبل تشكيلات سياسية أخرى منافسة، مُستدلة على اتهاماتها بالخيانة الكبرى التي كان بطلها مسؤول الحزب في ولاية تندوف، باع نفسه، على حد قولها، إلى الغريم حزب الأرندي.

ولا أدري هنا إن كانت لويزة حنون، الناقمة على الأجواء التي تسبق المحليات القادمة، تلقي باللائمة والمسؤولية على منافسيها وخصومها السياسيين، أم أنها تتحسر على مناضليها الذين طاروا من بين أطراف أصابعها بعد أن تم السطو عليهم في آخر لحظة بطريقة ''شكون ايزيد'' التي حوّلت العملية الانتخابية إلى مزاد علني، يظفر به في نهاية المطاف من يدفع أكثـر، حتى أصبحت النساء يبعن أسماءهن وملفاتهن وكأننا في سوق النخاسة، مقابل مبالغ مالية وصلت، حسب حنون، سبعة ملايين سنتيم، مُستغلات شراهة بعض الأحزاب في تغطية كل البلديات والمجالس في كل أنحاء الوطن مهما كلفها الأمر، ما دام أن الشكارة موجودة، والمترشحات اللّواتي ارتفعت حصة تمثيلهن في القوائم بقوة القانون موجودات، ينتظرن فقط من يُقدم أحسن العروض حتى يقلن مبروك عليك الصفقة.

لقد تحول التجوال السياسي قاعدة قوامها عند السواد الأعظم من المرشحين الوقوف مع الواقف، ومع من يفهم روحه، ويحُك جيبه وفق شعار لعبة ''حُك تربح''، ومع من له حظوظ وافرة في اقتيادهم إلى مقاعد تلك البلدية أو ذاك المجلس الولائي، بغظ النظر عن القناعات والمبادئ والشعارات الرنّانة التي لا تؤكل خبز حاف في أيامنا اللعينة هذه، فأضحى بعض المناضلين يُصبحون أفلانيين، ويُمسون أرنداويين ويبيتون ليلتهم وهم إسلاميين، عندهم قدرة فائقة على التلوّن، ولا يتحرجون في تغيير لحن القول، المُهم عندهم مصلحتهم الشخصية ومآربهم الذاتية.

بالله عليكم أمام مترشحين كهؤلاء باتوا للأسف الشديد الفئة الطاغية، والفرقة المستأسدة، هل يحق لأحد أن يتساءل عن سبب مقاطعة المواطنين لصناديق الاقتراع؟ وهل يجرؤ أحد على لوم المنتخبين على التخلي عن واجبهم الانتخابي؟ ثم إذا كان هذا النوع من المناضلين يبيعون أحزابا يؤمنون بأفكارها في المزاد بثمن بخس ودراهم معدودة، فكيف سيتصرفون بعد أن يظفروا بمنصب رئيس بلدية أو رئيس مجلس ولائي، المؤكد أنهم على استعداد أن يبيعوا البلد وما فيها مقابل مصلحتهم ولا يُبالون. وأنا هنا لا أتجنّى على أحد، ولا أُصدّر اتهامات مجانية دون تبصر، ولا أدلّ على كلامي من العدد الرهيب للسادة المنتخبين المتابعين قضائيا، والقابعين في السجون، بسبب تهم الفساد والرشوة واستغلال المنصب.