- قطر الندى
- الجنس :
عدد المساهمات : 1101 نقاط التميز : 5624 تاريخ التسجيل : 19/04/2011 العمر : 32 الموقع : https://www.facebook.com/editaccount.php?ref=mb&drop
درس الحقيقة باك للمقبلين على بكالوريا 2012
الثلاثاء 17 مايو - 18:59
الحقيقة |
· من الدلالات إلى الإشكالية · . الحقيقـة و الـواقـع · أنـواع الحقيقـة · الحقيقـة بمـا هـي قيمـة . مـن الدلالات إلـى الإشكـاليـة: تستعمل الحقيقة في الحياة اليومية بمعاني كثيرة و متعددة و لكن كلها تحيل إلىالواقع باستثناء كلمة حق حينما تستعمل للدلالة على الذات الإلهية أو إحدى صفاتها ولا تختلف الدلالة الفلسفية عن المعاني المتداولة فهي كذلك تتصف بالتعدد و الاختلافتبعا للمجالات المعرفية التي تستخدم فيها. و إذا عدنا إلى المعجم الفلسفي "لالاند" نجده يعرف الحقيقة كما يلي: [ الحقيقةخاصية ما هو حق، (القول المطـابق للواقع)، و هي القضية الصـادقة، و ما تحت البـرهنةعليه و شهادة الشاهد الذي يحكي ما فعله أو رآه، و الشيء الأصيل في مقابل المزيف ]. إن الحقيقة بمفهومها المعاصر تنحصر في مجال الفكر (الحكم) و الخطاب أو الكلام (القضية). لكـن مادامت الحقيقة هي مطـابقة الحكـم للـواقع، فإن هذا الأخيـر يظل مـرجعاللحقيقة و من هنا يمكن طرح الإشكاليات التالية: ما علاقة الحقيقة بالواقع ؟ و هل هيمجرد صورة للواقع منعكسة في الفكر و معبرا عنها باللغة ؟ هل الحقيقة ذاتية أمموضوعية مطلقة أم نسبية ؟ و هل توجد الحقيقة بمعزل عن أضدادها ؟ أم أنها متلازمةمعها ؟ و هل الحقيقة مسألة تخص العقل وحده ؟ أم تتدخل فيها الأهواء و الرغبات والغرائز ؟ و أخيرا من أين تستمد الحقيقة قيمتها ؟ الحقيقـة و الـواقـع: يدل مفهوم الواقع في اللسان العربي على ما هو ثابت و حاصل فعلا، أما في اللسانالفرنسي فيدل على ما ينتمي إلى الشيء أو إلى الموضوع، أما في الفلسفة كلمة الواقعتتحدد من خلال ما هو مناقض لها كالخيال و الوهم و الممكن و المعقول و الظاهري والاسمي، أما في مجال العلوم التجريبية فيدل على ما هو معطى في التجربة و على مجموعالوقائع العينية الحاضرة أو الماضية. ما علاقة الحقيقة بالواقع محددا على هذا النحو ؟ و إذا كان مفهوم الحقيقة يتضمنما هو معطى ثابت قار و يقيني فهل الواقع تنطبق عليه هذه الخصائص ؟. إن التجربة تبين على أن الواقع متغير و متحول إن لم يكن بصورة مطلقة فعلى الأقلبشكل نسبي. إن هذا هو الأساس الذي تقوم عليه إشكالية العلاقة بين الحقيقة و الواقعفي شقيها أو جانبيها، الحقيقة كمرادف للواقع و الحقيقة كمطابقة الفكر بالواقع. سنتناول الجانب الأول من هذه الإشكالية: الحقيقة بما هي واقع، فإذا كان ما يجمعبين الحقيقة و الواقع هو الثبات و الهوية. لما كان الواقع يظهر في التجربة الحسية متغيرا، فما هي مختلف الأطروحات التيحاولت حل هذه الإشكالية ؟. وجود واقع ثابت حقيقي، مفارق للواقع الحسي [ أفلاطون ] . وجود واقع حقيقي محايث للواقع الحسي و حامل له [ أرسطو ] . نفي الحقيقة عن الواقع و جعلها في الفكر وحده [ ديكارت ] . إنكار إمكانية وجود الحقيقة و بلوغها على نحو مطلق . [ الشك المنهجي: نيتشه ] . إمكانية وجود حقيقة نسبية و متغيرة [ الفلسفة الحديثة و العلوم المعاصرة ] نجدالأطروحة الأولى عند أفلاطون الذي يعتبر أن هناك نوعا من الواقع أو الوجود، هناكعالم المثل و هو عالم الموجودات أو الأشياء الحقيقية التي تتميز بالثبات و البساطةو الخلود، و هناك عالم المحسوسات أو عالم الأشياء و الموجودات المتغيرة التييعتبرها أفلاطون مجرد صورة مشوهة لما يوجد في عالم المثل، فالحقيقة في نظره إنماترتبط بما هو ثابت و لا يوجد ذلك إلا في عالم المثل ، أما المعرفة المرتبطة بالعالمالمادي فهي معرفة متغيرة أو في أقصى الأحوال معرفة ظنية. إلا أن هذه الثنائية التي يقيمها أفلاطون بين عالم المثل و عالم المحسوسات أدتبأرسطو إلى طرح التساؤل التالي: كيف يمكن أن يكون ما هو مادي محسوس نسخة مما هو لامادي معقول و مجرد ؟ إن هذا التساؤل سيدفع أرسطو إلى إعادة النظر في الأطروحة الأفلاطونية فإذا كانالواقع الحسي ليس هو الواقع الحقيقي فإن الحقيقة لا توجد خارجه بل هي محايثة لأنالمتغير لا يتغير إلا على أساس ما هو ثابت، فمثلا فإننا نعتبر الشجرة على أنها تمثلمظاهرها عبر الفصول، فوراء الأغـراض الحسية [ الصفات المتغيـرة ] جواهـر ثابتةتشكـل الواقع الحقيقي و لكن الأغراض تحفظ بدرجة من الحقيقة و الواقعية لأنها تشكلالوسيط الذي لا بد منه لإدراك الجواهر [ الصفات الثابتة ] إلا أن تدخل الحواس فيعملية المعرفة و إنتاج الحقيقة سيدفع ديكارت إلى اعتبار أن التجربة الحسية قد تشكلعائقا في بلوغ الحقيقة و لذلك فيعتبر ديكارت أن لا بد من تجاوز التجربة الحسيةلبلوغ الحقيقة بالعقل وحده. إن ديكارت فيعتبر أن إنتاج الحقيقة شأن يخص العقل وحده، فالحقيقة إذن لكـي تكونكذلك لا بد أن تكون عقلية خالصة، و لكـن كيف ينتج العقل الحقيقة ؟ على أي أساسيعتمـد ؟ و ما هو المنهج الذي يمكن من ذلك ؟. إن العقل يتضمن مبادئ فطرية على أساسها يمكن أن يفكر في جميع المواضيع دونماحاجة إلى الاعتماد على التجربة الحسية مادامت هذه الأخيرة خداعة و لا يمكن الوثوقبها. و لهذا دعا ديكارت إلى الاعتماد على العقل من خلال اللجوء إلى ما يعرف بالشكالمنهجي، إنه شك في المعرفة الحسية و في كل معرفة موروثة لم ينشأها العقل نفسهانطلاقا من المبادئ الفطرية المتضمنة فيه، و لهذا دعا ديكارت إلى الشك في جميعالمعارف من أجل إعادة بناءها على أسس عقلية و لهذا صارت الحقيقة بالنسبة لديكارت هيما ينتهي إليه الشك و ليس ما تعطيه لنا الحواس، فالحقيقة إذن مرادفة لما هو بديهي وواضح عقليا أو ما لا يعود قابلا للشك، إن ما توصل إليه ديكارت من اعتبار الحقيقةذات طبيعة عقلية خالصة يطرح إشكالية جديدة عرفت في الفكر الفلسفي إشكالية المطابقةبمعنى إذا صارت الحقيقة عقلية خالصة، فكيف يمكن أن تنشأ مطابقة تلك الحقيقة للواقع؟. و أي واقع تكون تلك الحقيقة مطابقة له، هل هو الواقع الحسي المشكوك فيه و الذيلا يحمل حقيقته في ذلك بل يستمدها من واقع آخر مفارق له. إن إشكالية المطابقة تقتضي أن يكون الشيئان متماثلان و من نفس النوع بحيث ينطبقأحدهما على الآخر، في حين أن الأمر ليس كذلك فيما يتعلق بكل من الحقيقة و الواقع،ذلك أن الحقيقة ذات طابع فكري مجرد، أما الواقع فقد يكون ماديا أو لا ماديا، و منهنا تطرح إشكالية المطابقة من جديد: كيف يمكن أن يكون ما هو لا مادي متطابقا مع ماهو مادي ؟ لحل هذه الإشكالية العويصة لجأ ديكارت و سبينوزا إلى فكرة الضمان الإلهي بمعنىأن الله الخالق للعالم و للإنسان هو الضامن لتطابق الفكر و الواقع و ما يدركه العقلعلى أنه حقيقة فهو كذلك. ضد هذا التصور المرتكز على فكرة الضمان الإلهي سيقدم كانط أطروحته التالية: إنالحقيقة لا توجد لا في الفكـر و لا في الـواقع على نحو مسبق و جاهز، بل يتم بنـاؤهامن مادة و صورة. إن كل معارفنا تبتدئ بالحواس، فالتجربة الحسية تزودنا بما يسميه كانط مادةالمعرفة أي ما ستعلق بأشكال الأشياء و ألوانها و أحجامها و توالي الظواهر أو تآنيهاأو تعاقبها و لكن هذه المعطيات تبقى مفككة و غير منظمة، و لهذا لا بد من تدخل العقلبما يتضمنه من مفاهيم حتى يعطي لتلك المدركات الحسية طابعا منظما من خلال استعمالمجموعة من المفاهيم مثل الوحدة و الكثرة و العلاقات السببية. أنـواع الحقيقـة: إذا كانت الحقيقة مرتبطة باللغة و الخطاب، فإن هذا الأخير يتخذ أشكالا متنوعةبحسب المجال المعرفي الذي يتضمنه و لهذا يمكن القول إن الحقيقة لا وجود لها في صيغةالمفرد بل إنها تتعدد بتعدد مجالات المعرفة، و هكذا يمكن الحديث عن حقيقة دينية وفلسفية، علمية، تاريخية، سياسية... إلا أن الغاية من إنتاج الحقيقة هي تبليغهاللآخر و محاولة إقناعه بهذه الحقيقة، و يعد البرهان العقلي أو المنطقي منذ أرسطوأعلى أشكال إثبات الحقيقة لأن هذه الأخيرة حينما تتم البرهنة عليها تصير يقينية لاتحتمل الشك و الجدل. غير أن أبا الوليد ابن رشد يبين أن اختلاف طبائع الناس و اختلاف قدراتهمالمعرفية تقتضي اختلاف طرق تبليغ الحقيقة للناس و هذا ما أثبته ابن رشد من خلالتحليله للطرق التي اعتمدها القرآن أو الخطاب الإلهي في تبليغ الحقيقة فرأفة من اللهبعباده خاطبهم على قدر مستـوياتهم المعـرفية، فالقـرآن يتضمن ثلاث طـرق لتبليـغالحقيقة: هنـاك الأسلوب الخطـابي و يتضمن الوصف و ضرب الأمثال و أسلوبي الترهيب والترغيب. هناك الطريقة الجدلية : و هي موجهة لتلك الفئة من الناس التيكانت لها معرفة بالقضايا العقائدية (كالرهبان و الأحبار) و الذين كانوا يجادلون فيبعض الحقائق الواردة في القرآن مثل (قيام الساعة و البعث). هناك الطريقة البرهانية : و هي خاصة في نظر ابن رشد بالرسخينفي العلم أي أهل البرهان و هي طريقة تعتمد على التأويل بإرجاع ما هو متشابه فيالقرآن إلى ما هو محكم مع ضرورة توفر شروط التأويل التي هي نفسها شروط الاجتهاد. إن ما يقال عن الحقيقة الدينية إنما يمكن أن ينطبق على الحقيائق مهما اختلفمجالها ذلك أن الخطاب الديني نوع من أنواع خطابات الحقيقة فكل حقيقة يراد تبليغهاللناس و إقناعهم بها يقتضي بالضرورة مراعاة مستوياتهم المعرفية و قدراتهمالإدراكية. إن الحقيقة إذن تتسم بطبيعة الخطاب الذي يتضمنها و بالشخصية المنتجة لهذاالخطاب، هذا الارتباط بين الشخصية و أشكال الخطاب يمنحها سلطة و نفوذا لا يقومانعلى الحجـج التـي تقوم عليها الحقيقة بـل يتأسسان علـى سلطة الانحـراف الذي تمارسهالشخصية، و بذلك تحل هذه الأخيرة محل الحجج و البراهين التي ينبغي أن تقوم عليهاالفريضة، و يمكن القول إنه في كل مجتمع نظام متكامل لإنتاج الحقيقة و فرضها و رسمحدودها مثلا هيمنة الخطـاب العلمي فـي المجتمعات المعاصرة الذي يستطيع بلـوغ حقيقةدقيقة و ناجعة أي لا يمكن الشك فيها، غير أن الخطاب العلمي و تاريخ العلم نفسه يثبتأن الحقيقة العلمية لا توجد بمعزل عن أضدادها، و أول أشكال اللاحقيقة هو الخطأ،فإذا تذكرنا الحقيقة من حيث هي مطابقة الفكر للواقع فإننا سنجد أن هناك أحكام ونظريات ظلت تعد حقائق ثابتة من ذلك أن الأرض هي مركز الكون و أن الكواكب الأخرىتدور حولها. إن العلم لا يتقدم إلا بقدر ما يزيح من الأخطاء فالحقيقة العلمية في نظر باشلارما هي إلا خطأ يتم تصحيحه. و للحقيقة ضد آخر يلتحق بها ألا و هو الوهم فإذا كان الخطأ نتيجة لسوء استخدامالعقل، فإن الوهم يشكل موضوع رغبة و لهذا من الصعوبة بمكان اكتشافه و التخلص منه. و الـوهم فـي نظـر نيتشه ناتـج عن مصـدرين أساسيين: الأول حاجة الإنسان إلىالسلـم و المسالمة من أجل حفظ البقاء و تجنب حالة الحرب الدائمة و المستمرة، لذلكفإن الإنسان لا يستخدم عقله إلا للإخفاء و الكذب و ليس لكشف الحقيقة و قولها و خاصةإذا كان الأمر يتعلق بما يشكل خطرا على حياته. أما المصدر الثاني للوهم فهو اللغة، ذلك أن أصلها لا عقلي بل هو الاستعارة والتشبيه و المجاز فاللغة لا تنقل الواقع كما هو بل إنما تعتمد على المكوناتاللغوية، و بما أن أصل اللغة لا عقلي فلا يمكن إنتاج معرفة عقلية و موضوعية عنالواقع و المعرفة في آخر المطاف إنما ترتبط بذات الإنسان و سعيه للحفاظ على بقائه والنتيجة هي أن الحقيقة في نظر نيتشه إن هي أوهام تم تحويلها إلى قيمة مقدسة بسببنسيان أنها وهم و ضلال. القيمة : الحكم الذي نسنده لأمر ما الحقيقـة بمـا هـي قيمـة: نتساءل في هذا المحور عن قيمة الحقيقة و من أين تستمد هذه القيمة ؟ أن تكون الحقيقة قيمة معنى ذلك أنها ما يرغب فيه الإنسان و يسعى إليه نحوه بقصدأو بغير قصد سواء على مستوى الفكر النظري أو الممارسة العملية أو بسلوك الأخلاق، وإذا كانت الحقيقة من حيث هي قيمة فكرية و أخلاقية فقد اعتبرت في الفلسفة الكلاسيكيةغاية في حد ذاتها و بالتالي كان التفكير الفلسفي يعتبر بحثا عن المعرفة و الحقيقةالمجردة عن كل منفعة أو مصلحة. إلا أن الاتجاه البراغماتي (النفعي( للفلسفة المعاصرة سيعتبر أن قيمة الأفكارتتحدد بما تحققه من منافع، و لهذا سيعتبر ممثل هذا الاتجاه ويليام جيمس أن الحقيقةينبغي أن تكون قيمة عملية و وسيلة لتحقيق المنفعة، إلا أن الانتقال الرئيسي الذييوجه لهذا التصور النفعي هو أنه يؤدي إلى نسبيتها و اختلافها باختلاف مصالح الأفرادو الجماعات بمعنى إذا كانت الحقيقة هي ما ينفعني فقد تكون مضرة للآخرين و من ثمة قدتتحول الحقيقة إلى نقيضها. غير أن بركسون في شرحه لفلسفة ويليام جيمس يبين أن الأمر لا يتعلق بإقرار نسبيةالحقيقة بالمعنى اللاأخلاقي و إنما أراد ويليام جيمس أن يقدم بديلا عن المفهومالتقليدي للحقيقة غير أن هذا التأويل لا يلغي في نظر كانط البعد اللاأخلاقي لربطالمنفعة بالحقيقة لأن ذلك يسمح في نظره بارتكاب الشرور و المظالم في حق الآخر مادامفي ذلك نفع و فائدة، يصف تصور كانط للحقيقة باعتبارها غابة في ذاتها و واجباأخلاقيا ذا بعـد إنساني حقيقـي لأن إنتـاج الحقيقة و قولها يعتبر أمرا غير مشروط. و لهذا فهو يعتبر أن الكذب و لو على إنسان واحد يضر بالإنسانية جمعاء لأنه يحطمأساس التواصل و التفاهم و الاحترام المتبادل بين البشر و قد أكد أفلاطون على لسان سقراط في محاورة جورجياس أن الحوار هو الضامن للحقيقةأي أن ما يضمن موضوعية الحقيقة و كونيتها هو تبادل الحجج و البراهين دون خطابة أوبـلاغة أو مغالطة لأن جميـع هـذه الوسـائل تشـل فعـالية العقـل و تخاطب العـواطف والأهـواء و تحول الكذب و شهادة الزور إلى حق و تجعل الإجماع و التبعية غاية لها بدلالبرهان و الحرية و الاستقلال و النزاهرة التي تظل شروطا أخلاقية للحقيقة تضمنقيمتها و طبيعتها الكونية |
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى