عنصرية شعب ! عرقية لغوية فئوية جهوية بل حتى مصلحية ..

عنصرية شعب ! .

قبل اشهر وخلال جولات أخذتني لولايات بالشرق الجزائري، التقيت مع أناس من طبقة وافتح قوسين لاضع كلمة ( مثقفة ) صدمتني أفكارهم ، بل أحدثت في عقلي موجة من صراع الأيديولوجيات المختلفة والتي جعلتني أضع يدي على احد مواضع الجرح في بلادي ، بل أقول احد مكامن الخلل الذي يقف عائقا أمام أي تغيير سلمي أو إصلاح جوهري ، صراعات أيديولوجية دينية عرقية لغوية فئوية جهوية بل حتى مصلحية ..

وفي هذه الأيام بعد انطلاق حملة مسعورة لقوات الأمن مدججة بالآلات الثقيلة والهراوات الغليظة لاجل منع وقطع أرزاق شباب بطال اغلقت في وجهه الأبواب ولم يجد غير السوق الشعبية ليقتات منها ، صادفتني ثلاث محطات ، محطة رايت فيها شابا في مقتبل العمر ، يملك سيارة لا ادري من اين اتى بها ، مر بجانب قوات مكافحة الشغب التي كانت مستعدة للتدخل السريع في حال أراد البطالون الاحتجاج على منعهم من ممارسة مهنتهم ، اخرج الشاب راسه من السيارة وقال للكلاب المسعورة : " صحيتو صحيتو هنونا من هاد القليط العروبية !! " ، حينها نظرت بسرعة الى رقم سيارته وللأسف لم يكن من ولايتنا ، أما الذين تحدث عنهم وطردوا من عملهم يسكنون في أحياء مجاورة وبعضهم اعرفهم جيدا بل أنا أيضاً كنت مثلهم أبيع في مثل ذاك المكان ..

والمحطة الثانية هي حين التقيت بصديق لي لابأس به ماديا كنت اذهب معه أحيانا إلى نفس السوق لنشتري منه ملابسا وأغراضا نحتاجها ، فقال لي : " جيد ما تفعله الشرطة نرتاح من زحمة الطريق ونتخلص من ( القليط ) " ، مع أنه هو بنفسه بعد طرده من الدراسة توجه للعمل في هذه الأسواق قبل ان يختار شيئا آخر !! ..

والمحطة الثالثة حين التقيت رجلا منذ عرفته لا يشتري شيئا الا من هذه الأسواق لثمن سلعها الملائم لجيبه ، لكن الرجل وبعد ان صبت الدولة بعض الدراهم في أجره الشهري تغير كثيرا ، حتى انه ادهشني وهو يكرر نفس الكلام السابق ، فقلت له ومن اين ستشتري ما تحتاج فقال من المحلات ، قلت ألن يكون ثمنها مرتفعا ، قال بلى ولكن ( كاين الدراهم ) ثم أضاف : الرازق ربي !! ..

تعجبت من أناس تنكرو لماضيهم ، وتنكرو لأناس من أبناء شعبهم لاجل جهوية وفئوية وعنصرية جاهلية ، حينها قلت في نفسي : يالله .. من لشباب الجزائر سواك !! ..

ومن ما اسموه إعادة هيبة الدولة ، عرج بي تفكيري لأزمة مالي لأرى الدول الاستعمارية والتي تستغل الجماعات المسلحة لبث الصراع بالمنطقة بدأت تتحرش بالبلاد لاجل صوملتها أو افغنتها أو حتى تقسيمها كما فعل سابقا بالسودان ..لأتساءل :

أليس جديرا بالدولة ان تعيد هيبتها بالوقوف بحزم في هكذا أمور مصيرية بدل ان تعيد هيبتها بقطع أرزاق مواطنين عجزت عن تحقيق شروط مواطنتهم وعن توفير العيش الكريم لهم ؟!!! ، ولماذا لا يقف المواطنون اصحاب الأجور الشهرية مع المواطنين المغلوب على أمرهم ؟! اليسو أبناء شعب واحد ؟! أليست المعاناة واحدة ؟! اذن لم العنصرية حتى في الأرزاق ؟! ..

بلادي عليلة من أهلها وشعبها .. ان كانت السودان انقسمت لشطرين فلا تتعجبو ان رأيتم بلادي في المستقبل تنقسم لعشر دويلات متقاتلة فيما بينها !! .. لك الله يا جزائر