مسارات التحول و التغيير ..

الجزائر....مسارات التحول و التغيير ..

لا شك أنّ " المراهقة السياسية " ما زلت تضرب بأطنابها في عمق مقاربات الحركات السياسية المطالبة بالتغيير في الجزائر .

وتبرز هذه المراهقة و الصبيانية أكثر في التركيز على تلميع الفئة والجماعة المطالبة بالتغيير وتبرئتها من كل نقيصة و قبيحة وإلصاق كل خطأ بالآخر سواء كان معارض بدوره أو النظام نفسه !!

و ليس هذا على سبيل الحصر وإنما هو على سبيل التمثيل وإلا فالمراهقات والعبث السياسي في جزائرنا يبرز عند كل النخب وبين كل الطبقات سواء الناشطة ميدنيا إن وجدت أو الناشطة شبكيا و إعلاميا ؛ وتحت عدة عناوين بأشكال وألوان مختلفة .

فمن أراد التغيير بحق فلابد أن يقف مع نفسه وقفة تفكير وتمحيص ووقفة نقد للذات قبل أن يبادر بإعطاء الخطب العصماء في النضال المقدس والتحرر المنشود .

نقد يطرح الجوانب السلبية الذاتية لا " الآخرية " ويحوم حول كشف أسباب الفشل المستمر و الأوضار المتراكمة مستشكلا لنفسه لا على غيره ؟ لم تركت البلاد تصل إلى هذا الدرك الوضيع ؟؟ .

وإلا فجريمة الطغمة الحاكمة ومنذ الإستقلال معروفة ولا تحتاج دروس تفقيه ولا محاولات توعية مزعومة ؟ إلا ما تقتضيه الحاجة وتمليه الضرورة . وبهذا نكون قد خطونا خطوة إلى الأمام .

خطوة تعرفنا بكثير مزالق و أخطاء وقعت منا سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات , تستدعي " مراجعات " واضحة لا تزييف كلام ومحاولة تملص وتلون !!!

وهذا لا شك سيفتح لنا آفاق شاسعة لمعرفة أسباب الركود السياسي المتسارع و الاطناب الممل في استجداء الذل و الهوان .

يعرفنا بالصادق من الكاذب ؛ الأمين من الخائن ؛ المناضل من المفاضل كمقدمة غربلة وتصفية لأصحاب المصالح الذاتية و النظرات الفئوية الحزبية المقيتة التي أدت وتؤدي إلى إنعدام الثقة المتزايد بين أبناء التيارات الفكرية و الحزبية و الوقوف مع " الواقف " و تسفيه المستضعف .

وهنا لابد أن تكون لنا من ثورة العز التي قادها أجدادنا مجرعين المستدمر الغاشم ليل عذاب ؛ قبساات نور نهتدي بها إلى سبل التوافق بعيدا عن أي عقبات ايديولوجية لم يحن وقتها و أزمة أولويات حارت المدارك في ترتيبها .

قبسات نور و شعلة ريادة ننطلق بها إلى مجابهة قوى الظلام المتهالكة الساعية في تقويض أمننا واللعب على أوتار إختلافاتنا ، المتنكرة لتاريخنا المرتمية في أحضان عدونا ؟

ولا تسأل من أين نبدأ فــ" يد الله مع الجماعة " وسيلهمها مراشد أمورها وسيعلي شأن من منها سعى بجد وأراد الخير بكدّ .

ولا يتصور أحد أنّ المجابهة لابد وأن تأخذ مسار مواجهات رأينها ولكن للخير أبواب فأطرقوها ؟ ومن حاول تقزيمها أو اختصارها في باب دون آخر فهو كمن قيل فيه " لقد ضيقت واسعاً " !!

بل إنه من الغبن بما كان أن نعاين تجاربا فنسعى إلى استورادها بكل ما فيها من سلبيات و إيجابيات دون تمحيص ولا تدقيق كـ" حاطبي الليل " وإنما لابد من المراجعة والمشاورة وتجنب الخلل و فهم ما ينطبق مما يتنافر مع واقعنا إلى غير ذلك .

إذا نجحت الطبقة السياسية الجزائرية داخلية كانت أو خارجية في توحيد نظرتها للواقع و الدخول في مجابهة مع النظام فإنّ ذلك وتكامله سيضمن لها الاستمرارية والديمومة ولو تعثرت بين وقت وآخر فإن " رجال المواقف " لن يتأخروا في إصلاح ذات بين و إيجاد توافق رأى بين المتخاصمين فضلا عن ترسيم حدود للوصول إلى الفجر المنشود .

فإذا تحقق لنا ذلك ساعتها وساعتها فقط يبرز كل واحد قيمه ومبادئه وفق ما يتلاءم و الطبيعة التاريخية و الحضارية و الثقافية للأمة الجزائرية التي تستحق العيش في ظروف أحسن وواقع بديل .

و يترك الخيار للشعب لينظر أي الأفكار وأي الرجال أو الجماعات المناضلة وفق وشيجته الحضارية هي المناسبة لحكم بلاده وإعلاء شأنها وشأن الفرد والجماعة فيها .