الاحتلال الفرنسي والمقاومة الشعبية
الأحد 10 يوليو - 14:34
الاحتلال الفرنسي والمقاومة الشعبية
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أما
آخر بايات المدية فهو الباي مصطفى بومزراق 1819-1830 وقد امتاز بمقاومته
الشديدة للمحتليين الفرنسيين وشارك في معركة اسطاوالي بشكل مستميت مع جيش
قوي من قبائل المدية احتل الجنرال كلوزيل مدينة المدية لأول مرة في 21
نوفمبر 1830 بعدما استطاع التوغل في منطقة شفة بعد معركة موزايا التي كانت
معركة حاسمة فعلا وترك في مدينة المدية حامية فرنسية بقيادة ماريو ، وعين
مصطفى بن عمر بايا على التيطري ، وفي 27 نوفمبر 1830 وقع هجوم عنيف على
مدينة المدية من طرف بومزراق ابن باي التيطري إلى جانب مساعده ابن زعموم
وهو من مدينة صورالغزلان وجرت معركة دموية أمام أسوار المدينة كانت بمثابة
ملحمة فعلا ، وكاد يتم القضاء على الحامية الفرنسية نهائيا، لو لم يجمع
مصطفى بن اعمر بعض من أهالي مدينة المدية ويحملهم تحت الضغط والإكراه على
مساعدة الفرنسيين وكانت عاقبة ذلك وخيمة ، فقد كان من الصعب على الفرنسيين
التمييز بين أعدائهم والموالين لهم لأنهم كانوا جميعا يرتدون البرنس ، أخذ
الفرنسيون يطلقون النار دون أن يفرقوا بين أعدائهم وأصدقائهم حيث اختلط
عليهم الحابل بالنابل فنتج عن ذلك اضطراب شديد في الصفوف وأحس بعض الأهالي
الذين انضموا إلى الفرنسيين أنهم خدعوا ،
ولشدة
هجوم بومزراق (وكان جيشه في معظمه من أهالي المدية المخلصين) انسحبت
الحامية الفرنسية إلى مدينة الجزائر تظهر عليها ذيول الهزيمة .
وجدد
الفرنسيون حملة على مدينة المدية قادها الجنرال بيرتيزين في أواخر عام
1831 وأصيب مواطنوا المدية في أملاكهم أكثر مما أصيب غيرهم . وكانت هذه
الحملة بمثابة غزوة نهب حرق فيها الفرنسيون ودمروا كل ما لم يستطيعوا أخذه .
وعاد الجيش الفرنسي إلى الجزائر وهو يسوق أمامه عدد من القطعان المسروقة ،
وحاول السلطان المغربي مولاي عبد الرحمان أن يمد نفوذه على مدينتي المدية
ومليانة بعدما احتل تلمسان حتى أنه بعث ممثلين له عن المدينتين المدية
ومليانة ، ولكن تبعية هاتين البلدتين لم تدم طويل بسبب حملة الجنرال
بيرتيزين الآنف ذكرها.
|
للمجاهدين ضد المحتلين الفرنسيين في منطقة معسكر مسقط رأ س الأمير
حاملا لواء الجهاد قائلا " ... اعلموا أن غايتي القصوى ، إتحاد الملة
المحمدية ، والقيام بالشعائر الأحمدية وعلى الله الإتكال في ذلك كله .... "
وضمن إطار استراتيجية الأمير ، توجه بعدها نحو الناحية الشرقية فضم
مليانة والمدية فدخل إلى المدينة الأولى عام 1835 م ونصب أخاه محي الدين
الصغير كحاكم عليها ، ثم توجه نحو المدية في 20 أفريل 1835 فوجد في حوش
عمورة قرب جندل الحاج موسى الدرقاوي الذي كان واليا على المدية ووقعت
مواجهة حربية بين الطرفين وانهزم الدرقاوي ودخل الأمير بعدها إلى المدية
فعين حاكما عليها يمثله وهو محمد بن عيسى البركان وعاد بعد ذلك إلى معسكر .
وفي
سنة 1836 م استولى الجنرال كلوزيل على مدينة المدية للمرة الثانية وولى
عليها عوضا عن الباي الذي كان قد توفي قبل ذلك ، محمد بن الحسين ، الذي دفع
حياته ثمنا لإخلاصه للمحتلين الفرنسيين ، إذ لم ينتصر عليه أحد من خلفاء
الأمير عبد القادر سوى محمد البركاني حيث أخذه أسيرا إلى الأمير ، فأمر عبد
القادر بنقل محمد ابن الحسين إلى المغرب الأقصى وإرساله إلى مولاي عبد
الرحمان السلطان المغربي دليلا على إنتصار الأمير في جهاده ، إلى أن حاكم
مدينة وجدة أبى عليه اعتزازه بقومه إلى أن يقضي على حماسة ذلك الزنديق الذي
وضع نفسه تحت تصرف الأعداء فأمر بإعدامه شنقا .
وفي
عام 1837 م أقام الأمير عبد القادر في المدية ردحا من الزمن فاستقبل بها
الأمير أعيان البليدة ثم نصب أخاه الحاج مصطفى خليفة له على المدية ، وفي
أوج إزدهار دولة الأمير من ناحبة قوة سلطته وفعالية نفوذه اتخذ قرارا وجيها
وهو جعل مقر الخليفة في مدينة المدية وعين البركاني بصفة دائمة عليها ،
وأصبحت هذه المدينة مع تلمسان ومعسكر ومليانة يمثلون جبهة تساير الساحل في
حالة مواجهة مع الأعداء الفرنسيين ، وفي نوفمبر 1839 م عاد الأمير إلى
المدية ليواصل حربه ضد الفرنسيين فجعل المدية عاصمة دولته فتوجه إليها
الأعيان والأنصار ونشبت الحرب ولعب خليفة الأمير على مليانة وهو ابن علال
ولد سيدي على امبارك وخليفته على المدية محمد البركاني دورا هاما في حرب
الإستنزاف وتتمثل في تعطيل مواصلات العدو وقطع الماء عليه .
إلا
أن سياسة حرب الإبادة التي انتهجتها فرنسا للقضاء على الزمالة الأمير
وتعطيل الإمدادات عليه قد أضرت بشكل كبيرفي تراجع امتداد المقاومة
وتقهقرها ، هذه الظاهرة التي التصقت بسلوكيات الجيش الفرنسي بل ومنذ
البدايات الأولى للإحتلال قد نتج عنها إحراق مداشر بأكملها وبأهلها
وحيواناتها، وقطع الرؤوس وصلب الرجال ، والتمثيل بالجثث وإبادة أعراش
بأكملها وتشريد عائلات ونفي عائلات أخرى. وقد عبرالجنرال السفاح بوجو لدى
تصريح له في هذا الصدد يقول " ... هكذا تتم عملية الحرب مع العرب ، فيجب
أولا وقبل كل شيء قتل رجالهم من سن 15 فما فوق والإستيلاء على الأطفال
والنساء ثم إرسالهم إلى جزر الماركينز أو إلى جهة أخرى ، وبكلمة مختصرة
إفناء كل ما من شأنه يزحف تحت أقدامنا .... " .
وفي
موضع أخر يعبر فيه على حرب الإبادة أيضا قائلا "... إن عملنا هذا يعتبر
عملا مدمرا أكثر مما هو عملا عسكريا ، لقد تركنا بمناطق مليانة خرابا مهولا
وإحراق القرى والمداشر .... " .
قرر
الوالي العام فالي احتلال المدية ومليانة فدخل إلى مدينة المدية في 17 ماي
1840 فوجدها خالية من أهلها الذين غادروها فحصنها وجعل عليها حامية بقيادة
الجنرال دوفيفي ثم جاءها فيما بعد الجنرال بوجو في 1 أفريل 1841 فلجأ محمد
البركاني إلى الجنوب ، ودخل المعمرون على المدية وضواحيها في 1847 م وكان
تعدادهم 2322 .
لم
تضعف المقاومة بعد استسلام الأمير عبد القادر في 23 ديسمبر 1847 ، بل بقيت
روحها تلازم الفرد الجزائري كواجب عليه لضرورة طرد المحتل الغاشم الذي
جاثم على أرضه ، وحرمه من حقوقه الإنسانية والمواطنة ، ومن خيراته وأرضه
واعتاد حتى على أسرته ومجتمعه . وذلك طيلة القرن التاسع عشر وبداية القرن
العشرين ، فبعد مقاومة الأمير عبد القادر والتي امتدت من 1832- 1847 وشملت
كل المدية وبسكرة ومعسكر وتلمسان ومليانة انفجرت العديد من المقاومات
والثورات ومن أهمها نجد :
- مقاومة أحمد باي 1837- 1848 وشملت منطقة قسنطينة
- ثورة محمد بن عبد الله الملقب ببومعزة 1845- 1847 بالشلف والحضنة والتيطري .
- مقاومة الزعاطشة 1848- 1849 بالزعاطشة (بسكرة) والأوراس ومن أهم قادتها الشيخ بوزيان .
- مقاومة الأغواط وتوقرت 1852- 1854 تحت قيادة الشريف محمد بن عبد الله بن سليمان .
- ثورة القبائل 1851- 1857 بقيادة الشريف بوبغلة ولالا فاطمة نسومر
- ثورة أولاد سيدي الشيخ 1864- 1880 بواحة البيض وجبل عمور ومنطقة التيطري وصور الغزلان وتيارت بقيادة سليمان بن حمزة .
- ثورة المقراني 1871- 1872 ببرج بوعريريج وبجاية وسطيف وتيزي ووزو وباتنة وصور الغزلان والحضنة .
- مقاومة بن العربي بن التاج المعروف ببوعمامة 1881- 1883 وشملت عين الصفراء وتيارت وسعيدة وعين صالح
- مقاومة التوارق 1916- 1919 بتاغيت الهقار وجانت وميزاب وورقلة بقيادة الشيخ آمود .
محمد بن عيسى البركاني
يعتبر
محمد بن عيسى البركاني شخصية تاريخية وعلما من أعلام ولاية المدية والذي
ارتبط اسمه ارتباطا وثيقا برائد المقاومة الشعبية الأمير عبد القادر ،بحيث
كان البركاني خليفة له وقائد جيوشه بالمدية.ينحدر البركاني من عائلة
عريقة وتقية وحسب الروايات فإن أصل عائلته من مدينة "ابركان" بالمغرب
الأقصى ،هاجرت إلى الجزتئر وتوزعت بين عزازقة،شرشال والمدية.
كان
أول لقاء للبركاني بالأمير عبد القادر سنة 1835م حينما توجه الأمير إلى
المدية ليضمها ضمن إمارته ،غير أن والي المدية أنذاك الشيخ موسى الدرقاوي
اعترض طريقه،فيما أيده ووالاه البركاني وسانده في معركة وامري على مشارف
الجهة الغربية للمدينة ،مما جعل الأمير يعينه خليفة له بها ويكلفه بالعديد
من المهام ومنها:
تنصيب بعض الخلفاء بالزيبان"بسكرة"
،كما قام بالعديد من الحملات بسطيف ونواحي الصحراء وبلاد مجانة
وزناتة..عند سقوط المدية تحت وطأة الإحتلال الفرنسي التحق البركاني
بالأمير عبد القادر في معسكر وشارك في العديد من المعارك إلى أن استشهد
في المعركة الدامية التي تسمى كارثة الزمالة سنة 1843م.
جــــدول يبين البايات الذين تعاقبوا على حكم بايلك التيطري خلال الحكم العثماني
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
جدول لقادة المقاومة الشعبية بعد الإحتلال الفرنسي1830
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى