منتديات العمارية
لبسم الله
salaùm
اهلا وسهلا بك عزيزي الزائرفي منتدى العمارية هذه الرسالة تبين انك غير مسجل معنا الرجاء التسجيل للأستفادة منكم ..؟؟ وان كنت مسجل من قبل فالرجاء تسجيل الدخول
Basketball Basketball Basketball جزاك الله كل خير

مع التحية al@dfg وردة وردة وردة



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات العمارية
لبسم الله
salaùm
اهلا وسهلا بك عزيزي الزائرفي منتدى العمارية هذه الرسالة تبين انك غير مسجل معنا الرجاء التسجيل للأستفادة منكم ..؟؟ وان كنت مسجل من قبل فالرجاء تسجيل الدخول
Basketball Basketball Basketball جزاك الله كل خير

مع التحية al@dfg وردة وردة وردة


منتديات العمارية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
Admin
Admin
المدير العام ومؤسس المنتدى
المدير العام ومؤسس المنتدى
الجنس : ذكر الحمل
عدد المساهمات : 6011 نقاط التميز : 24613 تاريخ التسجيل : 17/04/2009 العمر : 36 الموقع : العمارية المدية الجزائر
http://omaria.mountada.biz

نظرية المادة التاريخية Empty نظرية المادة التاريخية

الخميس 6 أكتوبر - 15:51
نظرية المادة التاريخية



نظرية و طريقة:

بعد أن انتهينا من عرض (المادية الجدلية)، ننتقل إلى النظرية الثانية التي تشكل الدعامة الأساسية للماركسية، و هي المادية التاريخية Historique Matérialisme. إن هذه النظرية التي تأتي حسب التسلسل المنطقي في عرض محتوى الفكر الماركسي بعد المادية الجدلية، أما بالنسبة للتسلسل التاريخي، فإنها تأتي قبلها، ذلك لان ولادتها قد سبقت المادية الجدلية بأكثر من عشر سنوات.

عندما عرضنا (للمادية الجدلية)، رأينا أنها تدرس القوانين الموضوعية الضرورية العامة للحقيقة الواقعية في مجموعها. و هذه الحقيقة تتألف من : الطبيعة و التاريخ و الإنسان. أما (المادية التاريخية) فهي تتناول جانبا من هذه الحقيقة الواقعية و هي (التاريخ). و تحاول أن تجيب على السؤال التالي: ما الذي يحدد سير التاريخ، و هل يخضع لقوانين موضوعية ضرورية، أم انه من صنع الصدف العمياء ؟ إن المادية التاريخية تدرس ادن (التطور العام الكلي للمجتمع ). أنها تدرس المجتمع من خلال التحولات التاريخية التي يطرأ عليه .وهي تنظر إلى المجتمع نظرتها إلى عضوية حية في حالة تطور دائم ،تربط ما بين الأفراد في داخلها روابط اقتصادية و سياسية و ثقافية متنوعة . من بين هذه الروابط، تبرز الماركسية الروابط المادية للإنتاج و تعتبرها في نهاية التحليل عوامل حاسمة، تلعب دور الموجه و المحدد للرابط الأخرى.و هي بذلك لا تعتبر نفسها مجرد نظرية جديدة في تفسير التطور الاجتماعي بل تعتبر أنها سمحت لأول مرة في التاريخ بتفسير علمي لهذا التطور.

فهي لا تدرس المجتمع بصورة مجردة معزولا عن التاريخ، بل تنظر إليه من خلال المرحلة التي يجتازها من تطوره التاريخي، أي من خلال نمط الإنتاج و العلاقات الإنتاجية المحددة و المؤسسات الاجتماعية و الأفكار الخاصة بهذه المرحلة.فالمجتمع لا يستطيع أن يقفز من فوق هذه المراحل، كما لا يستطيع أن يرفضها، لأنها مراحل طبيعية تعكس قانون التطور الاجتماعي.لذلك فان موضوع المادية التاريخية هو دراسة المجتمع و قوانين تطوره.و هي تنطلق من الموضوعية الرئيسية القائلة: (الوجود الاجتماعي هو الذي يحدد الوعي الاجتماعي ). أي أن الحياة المادية للمجتمع هي التي تحدد الحياة الفكرية.و إن الصناع الحقيقيين للتاريخ هم الجماهير الشعبية ، جماهير الشغيلة.

أن القول بالضرورة التاريخية nécessité historique لا يتنافى في رأي المادية التاريخية مع وجود الحرية. ذلك لان حوادث التاريخ تختلف عن الحوادث الطبيعية التي نجري بصورة مستقلة عن إرادة البشر في حين أن البشر هم الذين يصنعون تاريخهم. و معرفة الإنسان للضرورة التاريخية هي التي تسمح له بان يصنع بوعي تاريخه الخاص. و الحرية ليست سوى ضرورة واعية، أي مدركة إدراكا واعيا.

إن الماركسية تعتبر المفهوم المادي للتاريخ ثورة في تاريخ علم الاجتماع . وعلى الرغم من فلسفة التاريخ عند هيجل و الاقتصاد السياسي الانجليزي التقليدي و محاولات المؤرخين الفرنسيين و الانجليز بعد الثورتين الانجليزية و الفرنسية ، قد ساهمت جميعها في تكوين المادية التاريخية، إلا أن تعاظم التناقضات الاجتماعية وولادة الطريقة العاملة هي التي تعكس الشروط الاجتماعية لولادة هذه النظرية على يد كارل ماركس وفريدريك أنجلز، اللذين اعتبروا قانون الصراع الطبقي والثورة الاجتماعية المحرك الأساسي للتاريخ.

إن الماركسية تعتبر المادية التاريخية نظرية وطريقة في آن واحد. فهي من جهة تقدم المعلومات عن القواعد العامة لتطور التاريخ، وهي من جهة ثانية (طريقة) تسمح باكتساب معارف تاريخية جديدة.



المفهوم المادي للتاريخ:

إن النواة الأساسية للمادة التاريخية تدور حول الأفكار الرئيسية التالية:

1- العامل المحدد للتطور التاريخي.

2- العلاقة الجدلية بين قوى الإنتاج وعلاقة الإنتاج.

3- نظرية القاعدة والهرم (البنى السفلى والبنى العليا).

4- نظرية (التركيبات الإحتماعية - الاقتصادية الخمس).


العامل المحدد للتطور التاريخي:


تصطدم (نظرية المادة التاريخية) مع المدارس الراهنة لعلم الاجتماع (البورجوازي) لأنها، سواء تلك التي ترفض الحتمية التاريخية التي تعزز أساس التطور الاجتماعي للعامل النفسي أو البيولوجي أو علم الاجتماع التجريبي المكروسوسيولوجيا ، تهمل جميع الدور الحاسم للعامل المادي .

إن المجتمع البشري في نظر المادية التاريخية ليس سوى جزء من العالم المادي كما إن الإنسان ليس سوي جزء من الطبيعة. انه النتاج الأسمى لها ، فالفرق بينه وبين الحيوان يكمن في إن الحيوان يتكيف مع الطبيعة تكيفا سلبيا فهو يتلقى منها أي هو جاهز لتأمين حاجاته ، أما الإنسان على العكس ، يتكيف تكيفا إيجابيا مع الطبيعة بواسطة نشاطه ووعيه،. فالعمل ، أي إنتاج الخيرات الضرورية للحياة ، والشيء الذي يميز الإنسان على الحيوان ، وبالعمل يصنع الإنسان نفسه كما يقول إنجليزي فالفاعلية الإنتاجية هي التي سببت تجمع البشر ونشوء اللغة ، وهي في نظم الماركسية أساس التطور الاجتماعي .

ثم إن الماركسية تعتبر النظريات التي راحت تفسر التحولات الاجتماعية بالعوامل الجغرافية والعوامل الديموغرافية(تكاثف السكان) محاولات برجوازية تريد أن تدخل في رع العمال أن بؤسهم أنما هو نتيجة لأسباب طبيعية إلى تكاثر السكان لا إلى الاستغلال . فلا محيط الجغرافي ولا تكاثف السكان يلد دورا حاسما في التطور الاجتماعي ، بل إنتاج الخيرات المادية هو العامل المحدد في التطور . لأن دور العاملين السابقين يقتصر على التأثير على سرعة تطور الاجتماعي تأثيرا إيجابيا أو سلبيا لا أكثر.


إن تعبير (الإنتاج) يحمل في رأي ماركس معنيين:

1. علاقة البشر بالطبيعة ، وهذه العلاقة تحددها (قوى الإنتاج).

2. علاقة البشر في ما بينهم، ويعبر عنها (بعلاقات الإنتاج).

وهاتان الفئتان من العلاقة، هم حجر الزاوية في المادة التاريخية.

إن قوى الإنتاج LES FOURCES PRODUCTIVES تعني أولا الوسائل والآلات ، التي يؤثر بها الإنسان بواسطتها على الطبيعة. كما أنها تعني بالإضافة إلى الآلات إلى الذين يستخدمونها بفضل ما يملكون من معرفة ومن مهارة خاصة ومن تجربة ما وتقاليد مهنية وما عارف اكتسبتها الأجيال المتتابعة ، لذلك اعتبر كارل ماكس الطرق الثورية أكبر قوة إنتاجية.

أما علاقات الإنتاج RAPPORTS DE PRODUCTION فهي مكمل ضروري لقسم الإنتاج. ذلك أن البشر خلال عملية الإنتاج لا يؤثرون فقط على الطبيعة ، بل يتبادلون التأثير فيما بينهم . فالماركسية تقصد بعلاقات الإنتاج قبل كل شيء مجموعة الروابط الاقتصادية التي تقوم بين الناس، كتقسيم العمل وشروط التبادل والبيع والشراء وتوزيع المنتجات. أما (بالمعنى الضيق) ، فإن علاقات الإنتاج تلد الروابط الأساسية التي تقوم بين البشر خلال عملية الإنتاج والتي تحدد الروابط الأخرى للإنتاج بما فيها علاقة البشر بوسائل الإنتاج أي بشكل الإنتاج خلال كل نمط من أنماط روابط الإنتاج بتحدد قبل كل شيء في نظر كارل ماكس بشكل ملكية وسائل الإنتاج ، وهو يميز بين شكلين أساسيين للملكية ؛ الملكية الخاصة والملكية الجماعية .

ففي الملكية الخاصة تأخذ العلاقات شكل تسلط وتبعية، أما في الملكية الجماعية فتأخذ شكل تعاون وتآزر متبادل. وليس في وسع البشر أن يختاروا هذا النوع من علاقات الإنتاج أو ذاك، لأن ذلك يتوقف على درجة تطور القوى الإنتاجية. لذلك فإن كارل ماكس يعتبر قوى الإنتاج وعلاقة الإنتاج مظهرين لحقيقة واحدة هي أسلوب الإنتاج LE MODE DE PRODUCTION .


العلاقات الجدلية بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج:


تنظر الماركسية إلى الإنتاج على أنه سلسلة جدلية من العلاقات ، ووحدة جدلية بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج، يتمي في داخلها التأثر المتبادل بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج بشكل تصبح فيه كل واحدة منهما تتوقف على الثانية وتستلزمها .

إن قوى الإنتاج تشكل العنصر الأكثر دينامكية في هذه الوحدة الجدلية. لأنها تمثل (محتوى) فعاليات الإنتاج، في حين أن علاقات الإنتاج تمثل (شكلها).

والماركسية تعتبر أن علاقات الإنتاج تتكون بشكل موضوعي مستقل عن إرادة ورغبة الناس، كما تنظر إلى تطور الإنتاج كضرورة موضوعية وكقانون للحياة الاجتماعية، وأن التاريخ المجتمع هو تاريخ تطور الإنتاج.

وإذا تابعنا تطور الإنتاج نجد أن قوى الإنتاج هي التي يطرأ عليها التبديل أولا. وذلك يسوق إلى تبديل في العلاقات الاجتماعية. ويبدو ذلك لأول مرة في الانتقال من المجتمع البدائي إلى مجتمع الرق، عندما بدأ باستعمال الأدوات المعدنية، ثم في الانتقال من النظام الإقطاعي إلى النظام الرأسمالي، عندما اكتشفت صناعة النسيج الميكا.....ية والآلات البخارية.

إن قوى الإنتاج تنمو وتتبدل بشكل مستمر في حين أن علاقات الإنتاج تبقى على حالها فترة من الزمن. وعندما يقوم التناقض فيما بينهما وتتصدع الوحدة الجدلية وتصبح العلاقات الإنتاجية عائقا في وجه التطور عندئذ يغدو العمل على إزالة هذا التناقض ضرورة حيوية للمجتمع الذي يجب أن يكيف علاقته الإنتاجية مع مستوى تطور قواه الإنتاجية.

ذاك هو (قانون التوافق بين علاقات الإنتاج وبين طابع القوى المنتجة). فإذا كان تطور العلاقات الإنتاجية مشروطا بتطور قوى الإنتاج، فبأي شيء يرتبط تطور القوى الإنتاجية؟

في نظر المادية التاريخية لا يجوز إن نفتش عن العامل الذي يحدد تطور قوى الإنتاج خارج عملية الإنتاج نفسها. فلا الوضع الجغرافي كما ظن ( بليخانوف ) ولا تكاثر السكان كما تخيل ( بوجدانوف )، ولا تكاثر حاجيات السكان ولا تطور العلم كما ظن ( كاو تسكي) يشكل العامل الحاسم في تحديد تطور القوى الإنتاجية.

فالإنتاج حركة مستقلة لها استقلاله الذاتي لذلك فان مصدر نموها يرجع إليها ذاتها ولا يمكن أن نلتمسه في عامل خارجي قد يساهم في عملية تطور قوى الإنتاج إلا أنه يحدد هذا التطور.

إن التأثير المتبادل بين عناصر الإنتاج وبصورة خاصة بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج هو العامل المحدد لتطور قوى الإنتاج في المادية التاريخية. فعندما يوسع البشر خبرتهم الإنتاجية ومهارتهم السلكية يصلون إلى تحسين أدوات الإنتاج، إن هذا التحسين في أدوات الإنتاج، يسوق بدوره إلى رفع مستوى الكفاءة المهنية، هكذا يقوم التأثير المتبادل داخل قوى الإنتاج ( بين البشر وأدوات الإنتاج ) ثم بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج. فنظام الرق مثلا، يعتبر رغم قسوته وفظاعته خطوة متقدمة على المجتمع البدائي. فالعمل المشترك الذي كان يقوم به عدد كبير من العبيد كان يؤدي إلى صنع آثار لا يستطيع إنجازها عمال متفقون بعضهم عن بعض .

إلا إن إمكانية تطوير مثل هذا النظام الاجتماعي بقيت محدودة، لأن العبيد ما كانوا من جهة مهتمين بهذا العمل ولا بالعناية بأدوات العمل ، ثم إن عملهم الرخيص الثمن كان من جهة يغني عن استثمار الاختراعات التقنية البسيطة التي كانت معروفة في القديم.

من هذه الزاوية نجد أن النظام الإقطاعي قد أعطي فرصا أكبر لتطور التقنية. فالقن ، كان يعني أكثر بأدوات العمل ،ثم أن الإنتاج المهني المستقل إلى حد ما العلاقات الإقطاعية، قد شجع أيضا على تطوير التقنية. إلا أن هذا التطور بقي بطيء في ظل النظام الإقطاعي.

أما في ظل النظام الرأسمالي، فقد اكتسبت التقنية تحت تأثير الربط المسيطر على التفكير الرأسمالي دفعا هائلا، كما ازدادت الإنتاجية بشكل كبير أعطى الرأسمالية في بدايتها طابعا تقدميا بالنسبة للتطور الاجتماعي.

إلا أن الرأسمالية سريعا ما بلغت حدودها. فلم يصاحب المظهر الجماعي للإنتاج ملكية جماعية لوسائل الإنتاج، وعزز التقدم التقني هذا التناقض حتى وصلت استغلال العمال حدا يهدد مصيرهم تهديدا جماعيا.

أما النظم الاشتراكية التي تقوم على حل هذا التناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج، فإنها تعطي بذلك دفعا قويا لقوى الإنتاج على الصعيدين البشري والأ وتحول دون وصول التناقضات بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج إلى حد الصراع .



القاعدة والبنية الفوقية:


تنظر المادية التاريخية إلى الحياة الاجتماعية على أنها تركيب معقد يشمل مختلف ميادين النشاط البشري الاقتصادي والسياسية والفكرية التي تعبر عن نفسها في العديد المتنوع من العلاقات الاجتماعية. إلا أن لكل مجتمع قاعدته وبناؤه الفوقي الذي يولد من القاعدة ويرتبط بها بشكل لا ينفصم .

لقد أبرز كارل ماكس العلاقات الاقتصادية واعتبرها الأساس الذي تقوم عليه الروابط الأخرى. وبما أن مجموع علاقات الإنتاج هي التي تشكل البنية الاقتصادية للمجتمع، فإن ماركس يعتبر طراز إنتاج الحياة المادية قاعدة الهرم التي تحدد البنية الفوقية LA SUPERSTRUCTURA للحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية.

فقاعدة الهرم تشمل جميع علائق الإنتاج وأولها علاقات الملكية (امتلاك وسائل الإنتاج) وأشكل التوزيع والتبادل المرتبطة بها، والعلاقات التي تقوم بين مختلف الأرهاط الاجتماعية(الطبقات). وهي علاقات (مادية) مستقلة عن وعي الإنسان وإرادته ومرتبطة ارتباطا مباشرا بمستوى تطور القوى الإنتاجية.

أما الهرم فيشمل التركيبات الفوقية من أفكار و مؤسسات، كالنظريات السياسية والأحزاب السياسية، والدولة والتشريع والأخلاق والفن والفلسفة والدين والعبد ………………الخ .

والمادية التاريخية تميز داخل هذه التركيبات الفوقية بين الميدان (السياسي-الحقوقي) وبين الميدان (الإيديولوجي) فعلى الرغم من أن كليهما يعكس الأساس الاقتصادي الذي صدر عنه، إلا أن صلة كل منهما بالقاعدة الاقتصادية تختلف.

ففي حين أن الميدان (السياسي-الحقوقي) يتوقف مباشرة على هذه القاعدة، يبدو أن الميدان الإيديولوجي أقل تعلقا بالقاعدة الاقتصادية من الميدان الآخر.

رغم هذا التميز تؤكد المادية التاريخية على تلازم الارتباط بين التطورات التي تحدث في الهرم، وترى أن كلا الميدانين يعكسان ظاهرة الصراع الطبقي. غير أن في الوقت نفسه تشير إلا أنه قد يحدث أن تبقى عناصر تابعة لأشكال سابقة داخل المراحل الجديدة سواء في القاعدة الاقتصادية أو في البنية الفوقية السياسية – الحقوقية، أو الإيديولوجية. فالبناء الفوقي الناشئ عن القاعدة له استقلال نسبي. وأحد مظاهر هذه الاستقلالية يتجلى في صفة ( الاستمرارية ) التي تلازم تطور البناء الفوقي. لذلك فإن زوال القاعدة القديمة لا يعني تصفية آلية لجميع مظاهر البناء الفوقي القديم.

فالعلاقة إذن بين القاعدة والهرم داخل الحياة الاجتماعية ليست علاقة بسيطة كما أنها ليست علاقة آلية. إلا أن العامل المسيطر دوما هو ارتبط الصراع السياسي الإيديولوجي بالصراع الطبقي. فلكل قاعدة اقتصادية هرمها وإن كان ذلك لايمنع وجود عناصر مشتركة بين التركيبات الفوقية للتكوينات الاجتماعية المتعددة.

إن هذا العرض للعلاقة بين القاعدة والهرم في المادية التاريخية، يبقى ناقصا إذا لم نكمله بالإشارة إلى دور البناء الفوقي الكبير في التطوير الاجتماعي وفي تطور القوى المنتجة. لأنه يعبر في النهاية عن موقف تجاه القاعدة. وكذلك بالملاحظة التي أضافها انجلز في أواخر حياته تحت ضغط النقد الذي وجهه إدوارد برنسا ين إلى هذه العلاقة. ففي رسالتيه الموجهتين إلى BLOCH &SCHMID بتاريخ 21 أيلول و 27 تشرين أول من عام 1890 يقول انجلز:

حسب المفهوم الماركسي للتاريخ يشكل الإنتاج في نهاية التحليل للفترة للتاريخ. فلا ماركس ولا أنا ذهبنا إلى أبعد من ذلك.

فإذا ادعينا بأن الفترة الاقتصادية وحدها هي التي تحدد التاريخ ، نكون قد حولنا هذا المبدأ إلى عبارة فارغة من المعنى، مجردة وعقيمة.

إن الوضع الاقتصادي يشكل الأساس، إلا أن الأشكال السياسية ونتائج الطبقي وما تعكسه هذه المعارك الحقيقية في أدمغة الذين ساهموا فيها من فلسفية وسياسية وحقوقية ومن آراء دينية، تحمل بدورها تأثير على الصراعات التاريخية. فمن طريق هذا التدخل في التأثير بين جميع هذه

تفرض الحركة الاقتصادية نفسها كشيء ضروري في خطوطها العامة. السياسي

للسلطات العامة على التطور الاقتصادي يمكن أن يأخذ أشكالا ثلاثة التكور أو يقاومه ( ولكنه لا بد أن يتلاشى على المدى البعيد ) أو يحول دون اتجاهاته، أو يملي هذا التطور بعض الاتجاهات الأخرى.

إن إعطاء البنى العليا الفوقية دورا أكثر أهمية في أواخر حيات انجلز ، قد تطورا على المفهوم المادي للتاريخ تابعه كل من لينين و ستالين فيما بعد.

فلينين ينسب للوعي دورا هاما كعامل من عوامل تطور التاريخ، فهو يرى أن الضرورة التاريخية لا يمكن أن تتحقق إلا بعمل ثوري ي..... الوعي.

أما ستالين فيرى أن للنظريات الاجتماعية والمؤسسات السياسية أهمية وتحريكية وتحويلية تنعكس حتى على الحية المادية للمجتمع نفسها. لذلك فإن التاريخية تنسب إلى التركيبات الفوقية كالدولة والتشريع والإيديولوجية دورا فعالا في التحويل الثوري للمجتمع الرأسمالي وفي بناء المجتمع وحمايته والدفاع عنه وفي توطيد أو تحطيم قاعدة ما بوجه عام.


التركيبات الاجتماعية الخمس:


يتخلص تاريخ الإنسانية حسب المادية التاريخية، في التركيبات الاجتماعية الخمس المتلاحقة:

1. الشاعية البدائية.

2. العبودية.

3. الإقطاعية.

4. الرأسمالية.

5. الشيوعية ( حيث تشكل الاشتراكية أولى مراحلها ).

والمقصود بالتركيبات الاجتماعية أسلوب الإنتاج وعلاقات الإنتاج والبنية الفوقية المرتبطة بها. إذ ما دام أسلوب الإنتاج هو الأساس المادي للحياة الاجتماعية الذي يقرر جميع جوانبها الأخرى، فإن تاريخ المجتمع البشري قد عرف خمسة أساليب إنتاج متتابعة هي الشاعي البدائي ثم القائم على الرق ثم الإقطاعي فالرأسمالي فالاشتراكي.



الشاعية البدائية:


ففي المجتمع البدائي كانت أدوات العمل بسيطة جدا: البلطة والفأس والموسى الحجرية، والرمح والمدية ثم القوس والسهم فيما بعد. أما العلاقات الاجتماعية للإنتاج فقد كانت متناسبة مع هذا المظهر البسيط الأولي أقوى الإنتاج. إن بساطة هذه الأدوات لم تكن تسمح للفرد أن يعيش في عزلة وأن يمن حاجاته الخاصة فقد عاش الإنسان في المشاعية البدائية على شكل عشائر تقوم فيها الوحدة على أساس القرابة، لذلك كانت الجهود المشتركة لجميع أعضاء المجتمع البدائي هي الكفيلة بانتزاع ما هو ضروري للحياة عن طريق الصراع مع الطبيعة. وهذا وهكذا كانت الملكية المشتركة لوسائل الإنتاج مرتبطة بالعمل المشترك، ولم يكن ثمة هناك مجال لقيام الاستغلال أ, لظهور تفاوت في علاقة أفراد المجتمع بوسائل الإنتاج. فإنتاجية العمل كانت متدينة ليس فيها فائض يمكن امتلاكه، فهي تكاد تسد حاجة الأفراد إلى الحياة. وطالما أنه لم تكن توجد ملكية خاصة ولا طبقات، وأن الاستغلال لم يوجد بعد، فإنه لم يكن هناك ثمة مبرر لقيام سلطة سياسية قصريه. لذلك كانت الشؤون العامة تقرر بصورة مشتركة، أو توكل إلى أكثر الأعضاء خبرة واحتراما. وتلعب المرآة دورا هاما في هذه المرحلة ، لأن أسرة الزواج الموحد لم تكن قد نشأت بعد، فالطفل لم يكن يعرف أبوه. فالأم وحدها تشكل آصرة النسب المحدد وعلى أساس الارتباط بها كانت تتوزع الأفخاذ، هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن النساء اللواتي كن يجمعن الخضار لطعام الأسرة ويحرصن هم همهن في الاقتصاد المنزلي في الوقت الذي كان فيه الرجال منصرفين إلى الصيد، هن اللواتي أسسن الزراعة.

إن مستوى التطور الشديد الانخفاض لقوى الإنتاج في هذه المرحلة قد جعل الإنسان يشعر بمعجزة أمام الطبيعة، لذلك كانت الأفكار الدينية المفرطة في البساطة والطفولية تهيمن على فكره.

بيد أن التطور الصاعد لقوى الإنتاج ما لبث أن أدى إلى الانحلال التدريجي للمجتمع البدائي. فالأدوات الحجرية استبدلت بأوائل معدنية كالمحراث والرؤوس المعدنية للرماح والسهام، وتدريجيا بدأ تقسيم العمل : الزراعة ،تربية المواشي، الصناعة اليدوية ، كما بدأ تبادل منتوجات العمل بين مختلف القبائل البدائية ، وتلاشت مشاركة جميع أفراد المجتمع بكل الأعمال بشكل تدريجي. وتلا انقسام العشائر إلى افخاذ انقسام الأفخاذ إلى أسر، وأصبحت العائلة عندئذ الوحدة الاقتصادية المستقلة.

إن الانتقال من الصيد إلى تربية المواشي ومن الزراعة بواسطة المجرفة إلى الزراعة بواسطة المحراث قد عزز مكانة الرجال في الحياة الاجتماعية وحل محل النظام اليومي LE MATRIARCAT النظام الأبوي LE PATRIACAT فأصبح النسب إلى الأب هو الأساس ، وكذلك الإرث وانتقل الملكية يتبعان الأصل الأبوي . وبظهور العائلة الموحدة الزواج MONOGAMIE ذات الاستقلال الاقتصادي ، ظهرت الملكية الخاصة . كما أن تزايد إنتاجية العمل وتجاوزها للحاجات الضرورية للحياة قد سمحت بظهور الاستغلال وإمكانية امتلاك إنتاج عمل الآخرين. وأصبح تحويل أسرى الحرب إلى عبيد أكثر فائدة من قتلهم.

هكذا حل النظام القائم على العبودية LE REGIME ESCLAVAGISTE محل المجتمع البدائي.



العبودية:


إن ما يميز القوى المنتجة في مجتمع الرق هو إن الأدوات الخشبية والحجرية قد تركت مكانها نهائيا للأدوات المعدنية (المحراث و المنجل) فزادت إنتاجية العمل في الزراعة. واستمرت عملية تقسيم العمل والتخصص في الإنتاج الحرفي ، ونمت المدن وتطورت التجارة . كما أن ما يميز علاقات الإنتاج في هذا النظام هو أن الملكية الخاصة لاشتمل فقط وسائل الإنتاج بل تمتد أيضا فتشمل المنتجين أنفسهم أيضا.

كان ذلك نتيجة ضرورية لمستوى تطور القوى الإنتاجية الذي وصل في ذلك الحين إلى درجة تسمح بامتلاك نتاج الآخرين، فحل محل التضامن والتعاون في المجتمع البدائي. علاقات قائمة على الاستغلال و الاضطهاد من قسم الشعب لقسم آخر.

وتحل المجتمع إلى طبقات متصارعة. فكان لابد للقضاء على مقاومة العبيد من إنشاء جهاز قمع خاص، فكانت الدولة التي حلت محل الموجهين في المجتمع البدائي. ومع نشوء الدولة ظهر ( التشريع ) المعبر عن إرادة الطبقة الموجهة. وحققت ظاهرة تقسيم العمل تقدما واضحا، فانقسم العمل إلى زراعي ريفي وصناعي في المدن. واستخدمت الحيوانات في الأعمال الزراعية. كما سمح عمل العبيد بإنشاء شبكات للري وللطرق البرية والمائية وبناء السفن.....الخ. أ/ا ذلك القسم من السكان الذي كان بعيدا عن العمل البدني، فقد أتيح له أن يهتم بالفن والعلم. لذلك فإن المادية التاريخية تعتبر العبودية رغم فضاعته خطوة إلى الأمام في طريق التطور الاجتماعي . إلا أن علاقات الإنتاج نفسها أصبحت من الزمن عائقا في وجه تطوير قوى الإنتاج فالسادة الذين كانوا يمتلكون بفضل العبيد أيد عاملة رخيصة أهملوا تطوير وسائل الإنتاج. والعبيد ما كانوا يهتمون بالعمل ولم تكن لهم مصلحة فيه. ولم يكن بالإمكان تحقيق تطور في وسائل الإنتاج إلا بالثورة على نظام العبودية.

كان العبد مادة هذه الثورة، ثم جاءت ثورات القبائل البربرية المجاورة لتهدم هذا النظام الذي لم يكن قادرا على الصمود في وجهها بعد أن أضعفته الصراعات الداخلية . فانهار النظام العبودي وحل محله شكل جديد من أشكال الحياة الاجتماعية ، هو النظام الإقطاعي.

الإقطاعية:


إن تطور القوى المنتجة قد استمر في ظروف الإقطاعية . فبالإضافة إلى السيطرة على الطاقة المائية والهوائية لتطوير الزراعة ، تقدم إنتاج النسيج وتطورت الحرف واكتشف الورق والبارود وطباعة الكتب، وكبرت المدن نشأت مراكز تجارية عالمية كبيرة.

أما علاقات الإنتاج في النظام الإقطاعي فقد كانت تقوم على أساس الملكية الفردية لوسائل الإنتاج. وكان الفلاحون مرتبطين بالأسياد الإقطاعيين وبالأرض، إلا أنهم لم يكونوا بشكل كامل ملكا للإقطاعيين، لأنهم كانوا يملكون أدوات العمل وقسما من الأرض يعملون فيها خارج أوقات العمل التي يتطلبها الإقطاعي.

لدلك فإن الفلاحين (الأقنان) كانوا يشعرون بأن لهم ثمة مصلحة في العمل وكانوا يهتمون به خلاف ما كان عليه الأمر في نظام العبودية ، وكان لذلك أهمية اقتصادية خاصة. وفي ظل النظام الإقطاعي عرفت التجارة والصناعة نهضة ظهرت آثارها في الرفاه الذي عرفته المدن .

إن التبدل الذي طرأ على التركيب الاقتصادي كان لابد أن يرافقه تحول في التركيب الاجتماعي. فالأسياد الإقطاعيون كانوا يشكلون الطبقة الموجهة كما كان الأقنان (عبيد الأرض) LES SERFS يشكلون الطبقة الثانية. وكانت العلاقة بين الطبقتين علاقة سلبية، فقد بقي الفلاحون يعانون الاستغلال الرهيب من قبل الإقطاعيين وإن كانت بدرجة أقلمن النظام السابق. فكان لابد من للصراع الطبقي أن ينفجر على شكل عصيان وتمرد، كما حصل في انجلترا وفرنسا في القرن الرابع عشر ، وفي ألمانيا في القرن السادس عشر وفي روسيا في القرن السابع والثامن عشر وفي الصين في القرن التاسع عشر.

أما على صعيد التركيب السياسي الفوقي ، فإن الاستغلال الإقطاعي لم يتوقف عند حدود السلطة السياسية، بل إن السادة الإقطاعيين كانوا يملكون أجهزة معدة لعمليات القمع في حالات التمرد التي يدفع إلى الصراع الطبقي . وكانوا يملكون أيضا سلطة التشريع وسلطة إصدار الأحكام.

أما تطور قوى الإنتاج فقد بلغ حدا تجاوز إمكانيات هذا النظام . فقد توسعت مشاريع الصناعة الحرفية وتعقدت ظاهرة تقسيم العمل وشهدت التجارة قفزة كبيرا بعد اكتشاف بلدان ما وراء البحار وما فيها من مواد أولية واكتشاف أمريكا والطريق البحري إلى الهند، في نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر. وهكذا ولد في قلب النظام الإقطاعي أسلوب جديد في الإنتاج دخل في صراع مع الأشكال القديمة لعلاقات الإنتاج. فالحاجة إلى سوق حر على الصعيد القومي اصطدمت بوجود الحواجز الجمركية الكثيرة، والحاجة إلى أيدي عاملة متجددة اصطدمت بوضع الأقنان المرتبطين بالأرض. لذلك بدأ عنصر

الثورات البرجوازية التي استهدفت حل تلك التناقضات معتمدة على استياء الأقنان والطبقات الفقيرة في المدن.


الرأسمالية:


لقد أدت الثورة البرجوازية إلى نشوء شكل جديد من أشكال التركيب الاجتماعي هو النظام الرأسمالي .

إن ما يميز القوى المنتجة في هذا النظام هو الإنتاج الكبير القائم على استخدام الآلات. وفي هذا النظام تقوم علاقات الإنتاج أيضا على أساس الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. إلا أن هذه العلاقات قد خلقت في البدء مجالا واسعا لازدهر وتطور قوى الإنتاج. فالصناعة الكبرى الميكا.....ية قد نمت بفضل استعمال الآلات البخارية ثم المحرك الكهربائي . كما أن تقسيم العمل قد اتسع نطاقه ونشأ نظام اقتصادي وسوق اقتصادية ذو طابع عالمي . فقد عملت الرأسمالية خلال قرنين بدء وجودهما في ميدان القوى المنتجة أكثر مما تم في كل العصور السابقة للبشرية.

أما على الصعيد الاجتماعي، فإن العصر الرأسمالي قد داخله التناقض السلبي بين طبقة الرأسماليين وبين طبقة العمال. فأسلوب الاستغلال قد تبدل وأصبح بدوره الآن يقوم على القسر الاقتصادي LA CONTRAINTE ECONOMIQUE فالطبقة العاملة تعد كطبقة الأقنان من حيث ارتباطها بالطبقة المسيطرة ، بل أصبحت أكثر استقلالا إلا أنها لا تملك وسائل الإنتاج، وتجد نفسها مرغمة لان تبيع طائفة كأيد عاملة لكي لا تموت جوعا. أما السلطة السياسية فقد طرأ عليها تبدل أيضا ، إذ حل الطغيان المكشوف نوع جديد ملطف من أنوع الطغيان يحمل اسم الديمقراطية البورجوازية. إن هذه الديمقراطية تتفق اتفاقا كاملا مع مبدأ حرية المزاحمة الذي يشكل أساس المجتمع الرأسمالي. فالمنددات بالحرية السياسية وبالمساواة أمر القانون، لا بد أن يتحول لمصلحة الطبقة المسيطرة طالما أ، المساواة الاقتصادية مف.....ة. وفي الثلث الأخير من القرن التاسع عشر تطورت الرأسمالية إلى استعمار، فحلت الاحتكارات محل المزاحمة الحرة ، وانضاف إلى استغلال التشغيل استغلال الشعوب في المستعمرات.

وهكذا فان تطور النظام الرأسمالي يصل بهذا النظام إلى مرحلة تصبح فيه علاقات الإنتاج القائمة، معيقة لتطور قوى الإنتاج . فلازمات الاقتصادية الدورية والحروب المستعمرة تنعكس انعكاسا سيئا على قوى الإنتاج وعلى إمكانيات تطورها تطورها وإذا كان اهتمام العمال بازدياد الإنتاجية يفوق اهتمام الأقنان في النظام الإقطاعي بازدياد مردود العمل يتضاءل إلى حد بعيد، لأن الرأسمالي يحتف








الاشتراكية:


إن الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج هي أساس أسلوب الإنتاج الاشتراكي، كما أن العلاقات الإنتاجية تتخلص من الآثار السلبية ومن النزاعات وتأخذ في ظل النظام الاشتراكي طابعا تعاونيا وتسانديا كاملين، وتصبح منسجمة انسجاما تاما مع قوى الإنتاج، فالصفة الجماعية للإنتاج تقابلها صفة جماعية لملكية وسائل الإنتاج، أي امتلاك للخيرات المنتجة. ويغدو من مصلحة كل عامل أن يهتم بزيادة الإنتاج. وفي هذه المرحلة تجد المبادئ : «كل إنسان يجب أن تعمل وفق قابليته»، و«كل إنسان يكافئ حسب عمله»، مجالها الواسع للتحقيق.

أما المبادئ التي تقول: «كل إنسان يقوم بشكل عفوي بالعمل الذي يتناسب مع قابليته، والمجتمع يعطي كل إنسان حسب حاجته»، فإنها تحتاج إلى مرحلة جديدة أخرى هي مرحلة المجتمع الخالي من الطبقات. وهي مرحلة الشيوعية.


الطبقات والصراع الطبقي:


إن تاريخ المجتمعات البشرية هو في نظر المادية التاريخية تاريخ الصراع بين الطبقات، لان العلاقة بين الطبقات هي أكثر علاقات الإنتاج تأثيرا في تطوير التاريخ، وهي تشكل القاعدة التي يقوم على أساسها بنيان الدولة، أي التركيب السياسي الفوقي. فلكي نفهم العلاقة بين الصراع الاقتصادي وبين الشكل السياسي للحياة الاجتماعية، لا بد أن نبدأ بتحديد مفهوم الطبقة حسب نظرية المادية التاريخية.

إن النظرة العفوية المباشرة تكشف لنا عن أن الحياة البشرية لا تتألف من كتلة متجانسة خالية من الفوارق، بل تتألف من تجمعات ذات أشكال متعددة ومتنوعة: فهناك الأسرة والأفخاذ والعشائر والأمم والدول والأحزاب والطبقات والطوائف الدينية....الخ. والماركسية تنسب إلى (الطبقات) من بين هذه التجمعات أهمية خاصة وحاسمة. أما المعيار الذي يحدد انتماء الأفراد إلى طبقة، فهو ليس معيارا بيولوجيا عرقيا، لان عرقا واحدا يمكن أن يتضمن عدة طبقات. وليس معيارا بسيكولوجيا يقوم على التمييز بين المواهب عند الأفراد، لان ذلك لا يتوقف على الطبقة التي ينتمي إليها الأفراد. بل هو معيار اقتصادي، لان السبب الحاسم في التطور الاجتماعي هو الإنتاج المادي. والمادية التاريخية ترفض معا نظرية التي تجعل من توزيع الدخل أساس التكوين الطبقي، والنظرية التي قالها (بوجدانوف) والتي تعتبر (توزيع الأفراد منظمين ومنفذين) المصدر الذي نبعث منه الطبقات.فالتفسير الحديث للمادية التاريخية يعتبر (وضع الأفراد داخل عمليات الإنتاج) هو الأساس الذي يتم بموجبه التوزيع الطبقي. وهذا التفسير يعتمد على النظرية اللينية أكثر من اعتماده على نظرية كارل ماركس. فقد توفي ماركس قبل أن ينجز تحليل مفهوم الطبقة. ومخطوطة الجزء الثالث من كتاب رأس المال تتوقف عند الفصل الثالث: (الطبقات) وهكذا فان المادية التاريخية تجد في مؤلف لينين المبادرة الكبرى la grande initiative التعريف الكامل للطبقة) حيث يقول: «نعني بالطبقات تجمعات كبرى للأفراد تتميز بعضها عن بعض حسب مكانها من النظام الإنتاجي للمجتمع المحدد تحديدا تاريخيا وحسب علاقتها بوسائل الإنتاج (هذه العلاقات التي تتخذ شكل قوانين)، وحسب دورها في التنظيم الاجتماعي للعمل، وبالتالي أهمية مشاركتها في الثورة الاجتماعية فالطبقات هي تجمعات من البشر، بعضهم يستطيع أن يمتلك عمل الآخرين بسبب الأوضاع المختلفة التي يشغلونها لاداخل نظام اقتصادي واجتماعي محدد».

إن عدم المساواة بين البشر (وهو أساس التوزع على الطبقات)، ليست في نظر المادية التاريخية خاصة أساسية ثابتة وضرورية من خواص المجتمع البشري،كما يحاول البورجوازيون أن يصوروها. ففي المجتمع البدائي في القديم لم يكن للطبقات وجود، كما لم يكن لها وجود في النظام الشيوعي. فانقسام الإنسانية إلى طبقات كانت نتيجة ضرورية تقسيم العمل الذي أدى بدوره إلى الملكية الخاصة. وقد كان تشكل الطبقات شرطا ضروريا لتطور القوى المنتجة. أولا إن قوى الإنتاج ما تكاد تبلغ حدا عاليا من التطور، كما هو الأمر في النظام الرأسمالي، حتى تزول مبررات استمرار الطبقات. ففي النظام الاشتراكي لا يبقى للطبقات المستغلة وجود، وفي النظام الشيوعي تكون الطبقات قد زالت كليا.

إن المادية التاريخية تميز داخل كل شكل من أشكال المجتمع بين طبقات أساسية، وطبقة ملحقة. فالطبقات الأساسية هي تلك التي تنشا نتيجة لطراز الإنتاج ولأسلوبه الأساسي: كالعبيد والمستعبدين في نظام الرق، والاقنان والسادة الإقطاعيين في النظام الإقطاعي، والعمال الرأسماليين في النظام الرأسمالي. لذلك فان الصراع الطبقي في المجتمعات المتناحرة هو أولا صراع بين الطبقات الاجتماعية الأساسية.

أما الطبقات الملحقة، فتنشا داخل كل شكل من أشكال المجتمع إلى جانب الطبقات السياسية، كطبقة الصناع الحرفيين والفلاحين الأحرار تحت نظام الرق، وكطبقة العقاريين والفلاحين الكادحين في ظل النظام الرأسمالي، بالإضافة إلى ذلك فان المجتمع الرأسمالي يضم أيضا الطبقات المتوسطة من (البورجوازيين الصغيرة) كالحرفيين وصغار التجار والكسبة الذين لايعيشون من جهد الآخرين، ومن المثقفين كالمهندسين والفنيين والأطباء والأساتذة والعلماء والموظفين...الخ.

إن موقف الطبقة البورجوازية الصغيرة داخل صراع الطبقات موقف متردد، فهي لاترتبط بالعمال لأنها تعيش من عملها الخاص. وهي على الرغم من كونها.........................................

.............................................




أما فئة المثقفين، فإنهم يتوزعون في ولائهم. فالطبقة العليا منها اقرب إلى الرأسماليين، في حين أن الطبقة الدنيا اقرب إلى النضال الثوري مع الطبقات العاملة ومن مصلحة الطبقة العاملة أن تكسب إلى قضيتها اكبر عدد ممكن من المثقفين.

هناك أخيرا داخل كل مجتمع عناصر سائبة فقدت اتصالها بكل طبقة، كالسارقين ورجال العصابات قطاع الطرق والمشردين البوهميين والبغايا..الخ.

إن المادية التاريخية إذ تؤكد على الدور الحاسم للعامل الطبقي لا تنكر دور الأشكال الأخرى للترابط الاجتماعي سيما في المراحل التي سبقت نشوء الرأسمالية.

ولكن كيف يحدث أن تتحكم طبقة قليلة العدد في الملكية الفردية من المستغلين بالعدد الأكبر من أبناء المجتمع؟ إن جواب المادية التاريخية يتلخص في الملكية الفردية لوسائل الإنتاج. بيد أن السلطة الاقتصادية وحدها لاتكفي، لذلك فان الطبقة المستغلة تستعين بجهاز قمع هو (الدولة)، أي بسلطة سياسية وبجيش وبشرطة وبمحاكم وسجون..الخ. فالدولة لها عمل محدد هو الدفاع عن مصالح الطبقة الموجهة.(والتشريع) هو ترجمة إرادة هذه الطبقة إلى قوانين. فله إذن طابع طبقي يعكس الشروط الاقتصادية للحياة الاجتماعية.

إن المادية التاريخية تميز في مفهوم (الدولة) بين نموذج الدولة le type d’état وبين شكل الدولة.

لقد عرف التاريخ ثلاثة نماذج من الدولة المستغلة: دولة العبودية – الدولة الإقطاعية – الدولة البورجوازية. لذلك فان الدولة الاشتراكية التي تعود فيها السلطة إلى العمال، أي إلى الغالبية الساحقة من أبناء المجتمع، تختلف اختلافا أساسيا عن النماذج السابقة المستغلة. أما شكل الدولة la forme d’état فتحدده تنظيمات أجهزة الدولة وإداراتها (ملكية، جمهورية...الخ). ويمكن لنموذج واحد من نماذج الدولة أن يتجلى في عدة إشكال. فمثلا نموذج الدولة العبودية اتخذ في مصر القديمة شكلا استبداديا، وفي أثينا شكلا ديمقراطيا وفي روما شكل جمهوري ارستقراطية ثم شكل إمبراطورية. إلا أن هذه الأشكال جميعها تتوقف على التركيب الاقتصادي. لذلك فان التشتت السياسي للإقطاعية البدائية كان يعكس تشتتها الاقتصادي. ثم لما دخلت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مختلف مناطق مرحلة التضافر، قامت الدولة المركزية ذات الشكل الملكي المطلق.

كذلك فان الدولة البورجوازية يمكن أن تأخذ أشكالا متعددة بدءا من الملكية الدستورية وعبر الجمهورية الديمقراطية حتى الديكتاتورية الفاشية. وليس تحول الديمقراطية البورجوازية إلى رجعية سياسية سوى مظهر للانتقال من المزاحمة الحرة إلى الرأسمالية الاحتكارية كما أن القضية ليست سوى محاولة يائسة للبورجوازية الامبريالية لحماية امتيازاتها المهددة من الحركة العمالية الصاعدة.

إن الديمقراطية البورجوازية تقوم بمساواة شكلية في الحقوق، ولكن طبيعة الحياة السياسية وهي توجيه الدولة، لان الذين ..........................................والمجلات أي الذين يتملكون رؤوس الأموال، هم وحدهم الذين يتمتعون فعلا بحرية القول وبحرية التعبير عن الرأي.

[/right:6b
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى