- معلق راسو
- الجنس :
عدد المساهمات : 31 نقاط التميز : 5517 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 44
البصمة الوراثية
الخميس 11 مارس - 17:01
ا
لبصمة الوراثية "(DNA)": هي المادة الوراثية الموجودة في خلايا جميع الكائنات الحية، وهي التي تجعلك مختلفًا عن الآخرين، وهو ما يعرف بالحمض النووي.
هذا ولم تُعرَف البصمة الوراثية إلا في عام 1984 حينما نشر د. "أليك جيفريز" عالم الوراثة بجامعة "ليستر" بلندن بحثًا أوضح فيه أن المادة الوراثية قد تتكرر عدة مرات، وتعيد نفسها في تتابعات عشوائية غير مفهومة.. وواصل أبحاثه حتى توصل بعد عام واحد إلى أن هذه التتابعات مميِّزة لكل فرد، ولا يمكن أن تتشابه بين اثنين، بل إن هذا يعتبر ضربا من المستحيل.
وقد أصبح اكتشاف أليك هذا الذي سجل عام 1985، يعرف باسم "البصمة الوراثية للإنسان" وعرفت على أنها "وسيلة من وسائل التعرف على النَّسَب، وتُسمَّى في بعض الأحيان "الطبعة الوراثية"
استخدامات البصمة الوراثية
في البداية استخدم اختبار البصمة الوراثية في مجال الطب، وخاصة في دراسة الأمراض الجينية وعمليات زرع الأنسجة، وغيرها، ولكنه سرعان ما دخل في عالم "الطب الشرعي" حيث أصبح بالإمكان من خلال هذه البصمة التعرف على جرائم القتل والاغتصاب وتتبع الأطفال المفقودين وتحديد أصول الأطفال المختلف فيهم إلى غير ذلك من الأمور التي يحتاج إليها للتأكد من شخص معين.
ومع مرور الزمن ثبت يقينا صحة هذه المعلومات وقيمة هذه البصمة.
ولكن السؤال الآن ما هو موقف الإسلام من هذا الاكتشاف؟ وهل تعتبر البصمة الوراثية دليل إثبات أم لا؟ وإذا كانت كذلك، فما هي ضوابطها وشروطها والحالات التي يمكن تأثيرها وعملها فيها؟
هذا ونظرا لأهمية الموضوع فقد تم عرضه على المجمع ا لفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في شوال من عام 1422هـ للنظر في هذا الموضوع وإبداء الرأي فيه بعد استعراض الأبحاث المقدمة في ذلك سواء الطبية أو الشرعية.
وكان من المشاركين في المجمع الطبيب الدكتور نجم عبد الله عبد الواحد الذي بين في بحثه أن البصمة الوراثية تستطيع أن تحدد الأم والأب والأخت والأخ بصورة قاطعة تصل 99.9%، ويمكنها كذلك النفي بنسبة 100%، ففي حالة تنازع اثنين في ولد يمكن إثباته لأحدهما، وفي حالة ادعاء المرأتين للولد دون البنت يمكن تحديد الأم الأصلية بواسطة البصمة الوراثية، ولكن تبقى أهمية وجود الضمانات الواجب اتخاذها لعمل البصمة الوراثية حتى لا يكون هناك تلاعب في النتائج أو خطأ غير مقصود.
من آراء علماء الإسلام
الدكتور نصر فريد واصل "مفتي الديار المصرية" يرى أن البصمة الشخصية للإنسان تدور بين السبب والشرط والمانع، فتكون سبباً إذا رتب الشارع الحكم على دليل حسي، كما في حالة ثبوت النسب بين المتنازعين في وطء الشبهة مثلاً حيث اعتبر الإسلام الشبه سبباً في ثبوته في هذه الحالة وأمثالها، وتكون البصمة الوراثية شرطاً في كل ما وضع الشارع لقبوله شرط موافقة الحس والعقل كما في حالة ثبوت النسب بالفراش وكون الزوج لم يبلغ الحلم.
ويرى فضيلته أنه لما للبصمة الوراثية من أهمية كبرى لكونها تمثل دليلاً حسياً علمياً قطعياً مبنياً على التحليل والمشاهدة، وأنها تساهم مساهمة كبيرة في إظهار الحقيقة فإنها بحكم الأصل مباحة شرعاً لحصول النفع بها في إقرار الحقوق وإقامة العدل، ومع ذلك فإنه يشترط للعمل بها واعتبارها دليلاً شرعياً عدة شروط منها:
1- شيوعها وانتشار العمل بها.
2- تحقيق أكبر معدل لليقينية في إجراء التحاليل الخاصة بها.
3- القبول العام بها من أهل الاختصاص فلا يقبل الأخذ بالكشف العلمي في مرحلة التجريب وإنما يشترط للعمل بها أن تعبر مرحلة الثبوت والتطبيق.
4- أن يكون القائمون على إجراء الفحوص والتحاليل الخاصة بالبصمة الوراثية عدول ثقة أمناء.
أثر البصمة الوراثية في إثبات النسب ونفيه
وحول إمكانية العمل بالبصمة الوراثية في إثبات نسب المجهول كالأطفال الذين يختلطون في المستشفيات عند الولادة ولا يمكن التفريق بينهم، قال فضيلة الدكتور وهبة الزحيلي "أستاذ الفقه الإسلامي بكلية الشريعة بسوريا وعضو المجمع الفقهي " إنه يجوز العمل بالبصمة الوراثية لإثبات نسب المجهول بالضوابط الشرعية المقررة لقرينة القيافة، ومنها الاكتفاء برأي خبير واحد كالقائف الواحد المسلم العدل، والذكر في رأي الحنابلة، والعمل بها مقصور على حالة التنازع في الإثبات، وعدم الدليل الأقوى، أو عند تعارض الأدلة.
ونظرا لخطورة البصمة الوراثية على الحياة الأسرية واستقرارها وخطورة استخدامها للتأكد في صحة نسب الأطفال لآبائهم فقد بين الدكتور عمر بن محمد السبيل "عميد كلية الشريعة بجامعة أم القرى وإمام وخطيب المسجد الحرام" أن الأصل صحة النسب الأطفال لآبائهم وأمهاتهم، وأن الطريق الشرعي لنفي النسب هو اللعان فقط، بشروطه المعتبرة، وأنه لا يجوز نفي النسب الثابت شرعاً عن طريق البصمة الوراثية ولا غيرها بأي وسيلة من الوسائل، لكن يجوز الاستعانة بالبصمة الوراثية كقرينة من القرائن التي قد تؤيد الزوج في طلبه اللعان، أو قد تدل على خلاف قوله فيكون مدعاة لعدوله عن اللعان.
ما هي البصمة الوراثية ؟
بداية ما هو الـ "DNA"؟
"(DNA)": هي المادة الوراثية الموجودة في خلايا جميع الكائنات الحية"، وهي التي تجعلك مختلفًا، إنها الشفرة التي تقول لكل جسم من أجسامنا: ماذا ستكون؟! وماذا ستفعل عشرة ترليونات (مليون مليون) من الخلايا؟!.
وطبقًا لما ذكره العالمان: "واطسون" و "جريح" في عام 1953 فإن جزيء الحمض النووي "(DNA)" يتكون من شريطين يلتفان حول بعضهما على هيئة سلم حلزوني، ويحتوي الجزيء على متتابعات من الفوسفات والسكر، ودرجات هذا السلم تتكون من ارتباط أربع قواعد كيميائية تحت اسم أدينينA ، ثايمين T، ستيوزين C، وجوانين G، ويتكون هذا الجزيء في الإنسان من نحو ثلاثة بلايين ونصف بليون قاعدة.
كل مجموعة ما من هذه القواعد تمثل جينًا من المائة ألف جين الموجودة في الإنسان، إذًا فبعملية حسابية بسيطة نجد أن كل مجموعة مكونة من 2.200 قاعدة تحمل جينًا معينًا يمثل سمة مميزة لهذا الشخص، هذه السمة قد تكون لون العين، أو لون الشعر، أو الذكاء، أو الطول، وغيرها (قد تحتاج سمة واحدة إلى مجموعة من الجينات لتمثيلها)
اكتشاف البصمة الوراثية
لم تُعرَف البصمة الوراثية حتى كان عام 1984 حينما نشر د. "آليك جيفريز" عالم الوراثة بجامعة "ليستر" بلندن بحثًا أوضح فيه أن المادة الوراثية قد تتكرر عدة مرات، وتعيد نفسها في تتابعات عشوائية غير مفهومة.. وواصل أبحاثه حتى توصل بعد عام واحد إلى أن هذه التتابعات مميِّزة لكل فرد، ولا يمكن أن تتشابه بين اثنين إلا في حالات التوائم المتماثلة فقط؛ بل إن احتمال تشابه بصمتين وراثيتين بين شخص وآخر هو واحد في الترليون، مما يجعل التشابه مستحيلاً؛ لأن سكان الأرض لا يتعدون المليارات الستة، وسجل الدكتور "آليك" براءة اكتشافه عام 1985، وأطلق على هذه التتابعات اسم "البصمة الوراثية للإنسان" The DNA Fingerprint" ، وعرفت على أنها "وسيلة من وسائل التعرف على الشخص عن طريق مقارنة مقاطع "(DNA)"، وتُسمَّى في بعض الأحيان الطبعة الوراثية "DNA typing"
كيف تحصل على بصمة وراثية؟
كان د."آليك" أول مَن وضع بذلك تقنية جديدة للحصول على البصمة الوراثية وهي تتلخص في عدة نقاط هي:
1- تُستخرَج عينة الـ"(DNA)" من نسيج الجسم أو سوائله "مثل الشعر، أو الدم، أو الريق".
2- تُقطَع العينة بواسطة إنزيم معين يمكنه قطع شريطي الـ "(DNA)" طوليًّا؛ فيفصل قواعد "الأدينين A"و "الجوانين G" في ناحية، و"الثايمين T" و"السيتوزين C" في ناحية أخرى، ويُسمَّى هذا الإنزيم بالآلة الجينية، أو المقص الجيني.
3- تُرتَّب هذه المقاطع باستخدام طريقة تُسمَّى بالتفريغ الكهربائي، وتتكون بذلك حارات طولية من الجزء المنفصل عن الشريط تتوقف طولها على عدد المكررات.
4- تُعرَّض المقاطع إلى فيلم الأشعة السينية "X-ray-film"، وتُطبَع عليه فتظهر على شكل خطوط داكنة اللون ومتوازية.
ورغم أن جزيء الـ"(DNA)" صغير إلى درجة فائقة (حتى إنه لو جمع كل الـ "(DNA)" الذي تحتوي عليه أجساد سكان الأرض لما زاد وزنه عن 36 ملجم) فإن البصمة الوراثية تعتبر كبيرة نسبيًّا وواضحة.
ولم تتوقف أبحاث د."آليك" على هذه التقنية؛ بل قام بدراسة على إحدى العائلات يختبر فيها توريث هذه البصمة، وتبين له أن الأبناء يحملون خطوطًا يجيء نصفها من الأم، والنصف الآخر من الأب، وهي مع بساطتها تختلف من شخص لآخر.
يكفي لاختبار البصمة الوراثية نقطة دم صغيرة؛ بل إن شعرة واحدة إذا سقطت من جسم الشخص المُرَاد، أو لعاب سال من فمه، أو أي شيء من لوازمه؛ فإن هذا كفيل بأن يوضح اختبار البصمة بوضوح كما تقول أبحاث د. "آليك".
قد تمسح إذًا بصمة الأصابع بسهولة، ولكن بصمة الـ"(DNA)" يستحيل مسحها من ورائك، وبمجرد المصافحة قد تنقل الـ "(DNA)" الخاصة بك إلى يد مَن تصافحه.
ولو كانت العينة أصغر من المطلوب، فإنها تدخل اختبارًا آخر، وهو تفاعل إنزيم البوليميريز (PCR)، والذي نستطيع من خلال تطبيقه مضاعفة كمية الـ"(DNA)" في أي عينة، ومما وصلت إليه هذه الأبحاث المتميزة أن البصمة الوراثية لا تتغير من مكان لآخر في جسم الإنسان؛ فهي ثابتة بغض النظر عن نوع النسيج؛ فالبصمة الوراثية التي في العين تجد مثيلاتها في الكبد.. والقلب.. والشعر.
وبذلك.. دخل د."آليك جيوفريز" التاريخ، وكانت أبحاثه من أسرع الاكتشافات تطبيقًا في كثير من المجالات.
العلم في دهاليز المحاكم
في البداية.. استخدم اختبار البصمة الوراثية في مجال الطب، وفصل في دراسة الأمراض الجينية وعمليات زرع الأنسجة، وغيرها، ولكنه سرعان ما دخل في عالم "الطب الشرعي" وقفز به قفزة هائلة؛ حيث تعرف على الجثث المشوهة، وتتبع الأطفال المفقودين، وأخرجت المحاكم البريطانية ملفات الجرائم التي قُيِّدَت ضد مجهول، وفُتِحَت التحقيقات فيها من جديد، وبرَّأت البصمة الوراثية مئات الأشخاص من جرائم القتل والاغتصاب، وأدانت آخرين، وكانت لها الكلمة الفاصلة في قضايا الأنساب، وواحدة من أشهر الجرائم التي ارتبط اسمها بالبصمة الوراثية هي قضية د." سام شبرد" الذي أُدِين بقتل زوجته ضربًا حتى الموت في عام 1955 أمام محكمي أوهايو بالولايات المتحدة، وكانت هذه القضية هي فكرة المسلسل المشهور "الهارب" The Fugitire في عام 1984.
في فترة وجيزة تحولت القضية إلى قضية رأي عام، وأُذِيعَت المحاكمة عبر الراديو وسُمِحَ لجميع وكالات الأنباء بالحضور، ولم يكن هناك بيت في هذه الولاية إلا ويطالب بالقصاص، ووسط هذا الضغط الإعلامي أُغلِقَ ملف كان يذكر احتمالية وجود شخص ثالث وُجِدَت آثار دمائه على سرير المجني عليها في أثناء مقاومته، قضي د."سام" في السجن عشر سنوات، ثم أُعِيدَت محاكمته عام 1965، وحصل على براءته التي لم يقتنع بها الكثيرون حتى كان أغسطس عام 1993، حينما طلب الابن الأوحد لـ"د. سام شبرد" فتح القضية من جديد وتطبيق اختبار البصمة الوراثية.
أمرت المحكمة في مارس 1998 بأخذ عينة من جثة "شبرد"، وأثبت الطب الشرعي أن الدماء التي وُجِدَت على سرير المجني عليها ليست دماء "سام شبرد"، بل دماء صديق العائلة، وأدانته البصمة الوراثية، وأُسدِلَ الستار على واحدة من أطول محاكمات التاريخ في يناير 2000 بعدما حددت البصمة الوراثية كلمتها
[center]هذا ولم تُعرَف البصمة الوراثية إلا في عام 1984 حينما نشر د. "أليك جيفريز" عالم الوراثة بجامعة "ليستر" بلندن بحثًا أوضح فيه أن المادة الوراثية قد تتكرر عدة مرات، وتعيد نفسها في تتابعات عشوائية غير مفهومة.. وواصل أبحاثه حتى توصل بعد عام واحد إلى أن هذه التتابعات مميِّزة لكل فرد، ولا يمكن أن تتشابه بين اثنين، بل إن هذا يعتبر ضربا من المستحيل.
وقد أصبح اكتشاف أليك هذا الذي سجل عام 1985، يعرف باسم "البصمة الوراثية للإنسان" وعرفت على أنها "وسيلة من وسائل التعرف على النَّسَب، وتُسمَّى في بعض الأحيان "الطبعة الوراثية"
استخدامات البصمة الوراثية
في البداية استخدم اختبار البصمة الوراثية في مجال الطب، وخاصة في دراسة الأمراض الجينية وعمليات زرع الأنسجة، وغيرها، ولكنه سرعان ما دخل في عالم "الطب الشرعي" حيث أصبح بالإمكان من خلال هذه البصمة التعرف على جرائم القتل والاغتصاب وتتبع الأطفال المفقودين وتحديد أصول الأطفال المختلف فيهم إلى غير ذلك من الأمور التي يحتاج إليها للتأكد من شخص معين.
ومع مرور الزمن ثبت يقينا صحة هذه المعلومات وقيمة هذه البصمة.
ولكن السؤال الآن ما هو موقف الإسلام من هذا الاكتشاف؟ وهل تعتبر البصمة الوراثية دليل إثبات أم لا؟ وإذا كانت كذلك، فما هي ضوابطها وشروطها والحالات التي يمكن تأثيرها وعملها فيها؟
هذا ونظرا لأهمية الموضوع فقد تم عرضه على المجمع ا لفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في شوال من عام 1422هـ للنظر في هذا الموضوع وإبداء الرأي فيه بعد استعراض الأبحاث المقدمة في ذلك سواء الطبية أو الشرعية.
وكان من المشاركين في المجمع الطبيب الدكتور نجم عبد الله عبد الواحد الذي بين في بحثه أن البصمة الوراثية تستطيع أن تحدد الأم والأب والأخت والأخ بصورة قاطعة تصل 99.9%، ويمكنها كذلك النفي بنسبة 100%، ففي حالة تنازع اثنين في ولد يمكن إثباته لأحدهما، وفي حالة ادعاء المرأتين للولد دون البنت يمكن تحديد الأم الأصلية بواسطة البصمة الوراثية، ولكن تبقى أهمية وجود الضمانات الواجب اتخاذها لعمل البصمة الوراثية حتى لا يكون هناك تلاعب في النتائج أو خطأ غير مقصود.
من آراء علماء الإسلام
الدكتور نصر فريد واصل "مفتي الديار المصرية" يرى أن البصمة الشخصية للإنسان تدور بين السبب والشرط والمانع، فتكون سبباً إذا رتب الشارع الحكم على دليل حسي، كما في حالة ثبوت النسب بين المتنازعين في وطء الشبهة مثلاً حيث اعتبر الإسلام الشبه سبباً في ثبوته في هذه الحالة وأمثالها، وتكون البصمة الوراثية شرطاً في كل ما وضع الشارع لقبوله شرط موافقة الحس والعقل كما في حالة ثبوت النسب بالفراش وكون الزوج لم يبلغ الحلم.
ويرى فضيلته أنه لما للبصمة الوراثية من أهمية كبرى لكونها تمثل دليلاً حسياً علمياً قطعياً مبنياً على التحليل والمشاهدة، وأنها تساهم مساهمة كبيرة في إظهار الحقيقة فإنها بحكم الأصل مباحة شرعاً لحصول النفع بها في إقرار الحقوق وإقامة العدل، ومع ذلك فإنه يشترط للعمل بها واعتبارها دليلاً شرعياً عدة شروط منها:
1- شيوعها وانتشار العمل بها.
2- تحقيق أكبر معدل لليقينية في إجراء التحاليل الخاصة بها.
3- القبول العام بها من أهل الاختصاص فلا يقبل الأخذ بالكشف العلمي في مرحلة التجريب وإنما يشترط للعمل بها أن تعبر مرحلة الثبوت والتطبيق.
4- أن يكون القائمون على إجراء الفحوص والتحاليل الخاصة بالبصمة الوراثية عدول ثقة أمناء.
أثر البصمة الوراثية في إثبات النسب ونفيه
وحول إمكانية العمل بالبصمة الوراثية في إثبات نسب المجهول كالأطفال الذين يختلطون في المستشفيات عند الولادة ولا يمكن التفريق بينهم، قال فضيلة الدكتور وهبة الزحيلي "أستاذ الفقه الإسلامي بكلية الشريعة بسوريا وعضو المجمع الفقهي " إنه يجوز العمل بالبصمة الوراثية لإثبات نسب المجهول بالضوابط الشرعية المقررة لقرينة القيافة، ومنها الاكتفاء برأي خبير واحد كالقائف الواحد المسلم العدل، والذكر في رأي الحنابلة، والعمل بها مقصور على حالة التنازع في الإثبات، وعدم الدليل الأقوى، أو عند تعارض الأدلة.
ونظرا لخطورة البصمة الوراثية على الحياة الأسرية واستقرارها وخطورة استخدامها للتأكد في صحة نسب الأطفال لآبائهم فقد بين الدكتور عمر بن محمد السبيل "عميد كلية الشريعة بجامعة أم القرى وإمام وخطيب المسجد الحرام" أن الأصل صحة النسب الأطفال لآبائهم وأمهاتهم، وأن الطريق الشرعي لنفي النسب هو اللعان فقط، بشروطه المعتبرة، وأنه لا يجوز نفي النسب الثابت شرعاً عن طريق البصمة الوراثية ولا غيرها بأي وسيلة من الوسائل، لكن يجوز الاستعانة بالبصمة الوراثية كقرينة من القرائن التي قد تؤيد الزوج في طلبه اللعان، أو قد تدل على خلاف قوله فيكون مدعاة لعدوله عن اللعان.
ما هي البصمة الوراثية ؟
بداية ما هو الـ "DNA"؟
"(DNA)": هي المادة الوراثية الموجودة في خلايا جميع الكائنات الحية"، وهي التي تجعلك مختلفًا، إنها الشفرة التي تقول لكل جسم من أجسامنا: ماذا ستكون؟! وماذا ستفعل عشرة ترليونات (مليون مليون) من الخلايا؟!.
وطبقًا لما ذكره العالمان: "واطسون" و "جريح" في عام 1953 فإن جزيء الحمض النووي "(DNA)" يتكون من شريطين يلتفان حول بعضهما على هيئة سلم حلزوني، ويحتوي الجزيء على متتابعات من الفوسفات والسكر، ودرجات هذا السلم تتكون من ارتباط أربع قواعد كيميائية تحت اسم أدينينA ، ثايمين T، ستيوزين C، وجوانين G، ويتكون هذا الجزيء في الإنسان من نحو ثلاثة بلايين ونصف بليون قاعدة.
كل مجموعة ما من هذه القواعد تمثل جينًا من المائة ألف جين الموجودة في الإنسان، إذًا فبعملية حسابية بسيطة نجد أن كل مجموعة مكونة من 2.200 قاعدة تحمل جينًا معينًا يمثل سمة مميزة لهذا الشخص، هذه السمة قد تكون لون العين، أو لون الشعر، أو الذكاء، أو الطول، وغيرها (قد تحتاج سمة واحدة إلى مجموعة من الجينات لتمثيلها)
اكتشاف البصمة الوراثية
لم تُعرَف البصمة الوراثية حتى كان عام 1984 حينما نشر د. "آليك جيفريز" عالم الوراثة بجامعة "ليستر" بلندن بحثًا أوضح فيه أن المادة الوراثية قد تتكرر عدة مرات، وتعيد نفسها في تتابعات عشوائية غير مفهومة.. وواصل أبحاثه حتى توصل بعد عام واحد إلى أن هذه التتابعات مميِّزة لكل فرد، ولا يمكن أن تتشابه بين اثنين إلا في حالات التوائم المتماثلة فقط؛ بل إن احتمال تشابه بصمتين وراثيتين بين شخص وآخر هو واحد في الترليون، مما يجعل التشابه مستحيلاً؛ لأن سكان الأرض لا يتعدون المليارات الستة، وسجل الدكتور "آليك" براءة اكتشافه عام 1985، وأطلق على هذه التتابعات اسم "البصمة الوراثية للإنسان" The DNA Fingerprint" ، وعرفت على أنها "وسيلة من وسائل التعرف على الشخص عن طريق مقارنة مقاطع "(DNA)"، وتُسمَّى في بعض الأحيان الطبعة الوراثية "DNA typing"
كيف تحصل على بصمة وراثية؟
كان د."آليك" أول مَن وضع بذلك تقنية جديدة للحصول على البصمة الوراثية وهي تتلخص في عدة نقاط هي:
1- تُستخرَج عينة الـ"(DNA)" من نسيج الجسم أو سوائله "مثل الشعر، أو الدم، أو الريق".
2- تُقطَع العينة بواسطة إنزيم معين يمكنه قطع شريطي الـ "(DNA)" طوليًّا؛ فيفصل قواعد "الأدينين A"و "الجوانين G" في ناحية، و"الثايمين T" و"السيتوزين C" في ناحية أخرى، ويُسمَّى هذا الإنزيم بالآلة الجينية، أو المقص الجيني.
3- تُرتَّب هذه المقاطع باستخدام طريقة تُسمَّى بالتفريغ الكهربائي، وتتكون بذلك حارات طولية من الجزء المنفصل عن الشريط تتوقف طولها على عدد المكررات.
4- تُعرَّض المقاطع إلى فيلم الأشعة السينية "X-ray-film"، وتُطبَع عليه فتظهر على شكل خطوط داكنة اللون ومتوازية.
ورغم أن جزيء الـ"(DNA)" صغير إلى درجة فائقة (حتى إنه لو جمع كل الـ "(DNA)" الذي تحتوي عليه أجساد سكان الأرض لما زاد وزنه عن 36 ملجم) فإن البصمة الوراثية تعتبر كبيرة نسبيًّا وواضحة.
ولم تتوقف أبحاث د."آليك" على هذه التقنية؛ بل قام بدراسة على إحدى العائلات يختبر فيها توريث هذه البصمة، وتبين له أن الأبناء يحملون خطوطًا يجيء نصفها من الأم، والنصف الآخر من الأب، وهي مع بساطتها تختلف من شخص لآخر.
يكفي لاختبار البصمة الوراثية نقطة دم صغيرة؛ بل إن شعرة واحدة إذا سقطت من جسم الشخص المُرَاد، أو لعاب سال من فمه، أو أي شيء من لوازمه؛ فإن هذا كفيل بأن يوضح اختبار البصمة بوضوح كما تقول أبحاث د. "آليك".
قد تمسح إذًا بصمة الأصابع بسهولة، ولكن بصمة الـ"(DNA)" يستحيل مسحها من ورائك، وبمجرد المصافحة قد تنقل الـ "(DNA)" الخاصة بك إلى يد مَن تصافحه.
ولو كانت العينة أصغر من المطلوب، فإنها تدخل اختبارًا آخر، وهو تفاعل إنزيم البوليميريز (PCR)، والذي نستطيع من خلال تطبيقه مضاعفة كمية الـ"(DNA)" في أي عينة، ومما وصلت إليه هذه الأبحاث المتميزة أن البصمة الوراثية لا تتغير من مكان لآخر في جسم الإنسان؛ فهي ثابتة بغض النظر عن نوع النسيج؛ فالبصمة الوراثية التي في العين تجد مثيلاتها في الكبد.. والقلب.. والشعر.
وبذلك.. دخل د."آليك جيوفريز" التاريخ، وكانت أبحاثه من أسرع الاكتشافات تطبيقًا في كثير من المجالات.
العلم في دهاليز المحاكم
في البداية.. استخدم اختبار البصمة الوراثية في مجال الطب، وفصل في دراسة الأمراض الجينية وعمليات زرع الأنسجة، وغيرها، ولكنه سرعان ما دخل في عالم "الطب الشرعي" وقفز به قفزة هائلة؛ حيث تعرف على الجثث المشوهة، وتتبع الأطفال المفقودين، وأخرجت المحاكم البريطانية ملفات الجرائم التي قُيِّدَت ضد مجهول، وفُتِحَت التحقيقات فيها من جديد، وبرَّأت البصمة الوراثية مئات الأشخاص من جرائم القتل والاغتصاب، وأدانت آخرين، وكانت لها الكلمة الفاصلة في قضايا الأنساب، وواحدة من أشهر الجرائم التي ارتبط اسمها بالبصمة الوراثية هي قضية د." سام شبرد" الذي أُدِين بقتل زوجته ضربًا حتى الموت في عام 1955 أمام محكمي أوهايو بالولايات المتحدة، وكانت هذه القضية هي فكرة المسلسل المشهور "الهارب" The Fugitire في عام 1984.
في فترة وجيزة تحولت القضية إلى قضية رأي عام، وأُذِيعَت المحاكمة عبر الراديو وسُمِحَ لجميع وكالات الأنباء بالحضور، ولم يكن هناك بيت في هذه الولاية إلا ويطالب بالقصاص، ووسط هذا الضغط الإعلامي أُغلِقَ ملف كان يذكر احتمالية وجود شخص ثالث وُجِدَت آثار دمائه على سرير المجني عليها في أثناء مقاومته، قضي د."سام" في السجن عشر سنوات، ثم أُعِيدَت محاكمته عام 1965، وحصل على براءته التي لم يقتنع بها الكثيرون حتى كان أغسطس عام 1993، حينما طلب الابن الأوحد لـ"د. سام شبرد" فتح القضية من جديد وتطبيق اختبار البصمة الوراثية.
أمرت المحكمة في مارس 1998 بأخذ عينة من جثة "شبرد"، وأثبت الطب الشرعي أن الدماء التي وُجِدَت على سرير المجني عليها ليست دماء "سام شبرد"، بل دماء صديق العائلة، وأدانته البصمة الوراثية، وأُسدِلَ الستار على واحدة من أطول محاكمات التاريخ في يناير 2000 بعدما حددت البصمة الوراثية كلمتها
- harachi16
- الجنس :
عدد المساهمات : 26 نقاط التميز : 5437 تاريخ التسجيل : 17/02/2010 العمر : 34
رد: البصمة الوراثية
الخميس 11 مارس - 17:50
مشكووور اخي الكريم الله يعفيك وخليك ليناا
مرحا لكل الاعضاء الجدد وتحية خاصة للاعصاء النشطين
مرحا لكل الاعضاء الجدد وتحية خاصة للاعصاء النشطين
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى