- achwak
- الجنس :
عدد المساهمات : 4671 نقاط التميز : 11994 تاريخ التسجيل : 24/03/2011 العمر : 47
" السمـــــّـــــار" إمبراطورية بورصة المواد الغذائية ..
الجمعة 16 نوفمبر - 18:59
هنا يتحكّم 800 تاجر في بطون الجزائريين منذ 1994 .. " السمـــــّـــــار" إمبراطورية بورصة المواد الغذائية ..
لم يكن أحد يتصوّر في جسر قسنطينة، أو الجزائر العاصمة، أن تنشأ سوق للمواد الغذائية بالجملة في لمح البصر، وتتحوّل إلى قاعدة تجارية لا يمكن لأحد أن يتجاهلها اليوم، لأنها صارت، بكل بساطة، بورصة للأسعار وفضاءً للتحكّم في ''بطون الجزائريين''. واستطاع السوق أن يفرض نفسه منذ 1994 ، بعد أن ارتفع عدد المحلات ليتجاوز 800 محل مختص في عرض وبيع مختلف المواد الغذائية، المستوردة من كل أنحاء العالم أو المنتجة محليا.
بداية سوق السمّار كانت في التسعينيات، وحاز على طابع السوق الوطني في 1998، حيث كان، في وقت سابق، حي بوروبة بدائرة الحراش الوجهة التي يفضّلها التجار من أجل تموين تجار التجزئة بمختلف المواد الغذائية، وتوجّه هؤلاء، فيما بعد، إلى ''السمّار''، بعد أن تمّ الاتفاق مع السكان الذين حازوا على قطع أرضية لبناء مساكنهم، من أجل تمكينهم من بناء محلات تسع نشاطاتهم، مقابل مبالغ مالية معتبرة كإيجار. وبمرور السنوات، تمكّن المئات من الحائزين على قطع أرضية من بناء فيلات تضمّ كلها، في الطابق الأرضي، محلات تجارية أشبه بالمستودعات. ويقول أحد المستوردين، من قدامى حي بوروبة (لامونتان)، الذي يمارس نشاطه اليوم في السمّار، بأن ''تجار الجملة بدأوا التنقّل تدريجيا، بعد الاتفاق الحاصل بين المؤجّر والمستأجرين، الذين لم يتمكّنوا من تشييد منازلهم بسبب غلاء مواد البناء''. وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد التجار، اليوم، يتراوح ما بين 700 و800 تاجر، لكن هناك عددا منهم لا يحوزون سجّلات تجارية ومعترف بهم، وهناك تجار لديهم سجلات تجارية تجزئة وينشطون في تجارة الجملة، وهناك من ليس لهم السجل التجاري وغير معروفين لدى التجار الشرعيين. واستطاع السمّار، حسب روايات السكان أنفسهم والتجار الذين تحدثوا لـ''الخبر''، أن يتحوّل إلى قاعدة تجارية وطنية، كما حدث في سوق دبي بالعلمة في سطيف والحميز بالعاصمة، ورفع ذلك عبئا على الدولة، لأن هذه المنطقة كانت بيوتا قصديرية، من جهة، واستطاعت أن تتحوّل إلى حي سكني منظّم، وفضاء لتوفير مناصب عمل، دائمة ومؤقتة، لآلاف الأشخاص، وتحوّل، في ظرف سنوات، إلى ''إمبراطورية'' يتمّ فيها تداول ما لا يقل عن 100 مليار سنتيم يوميا من السلع والمبالغ المالية. ولا يمكنك اليوم وأنت تتجول السمّار، من مدخله إلى مخرجه، الذي يتربّع على مساحة تقدر بـ60 هكتارا، ألا تلحظ أن كل البنايات تحوّلت إلى فيلات متلاصقة، تتزاحم فيها المحلات التجارية المصطفة جنبا إلى جنب. ومع مرور الوقت اتّسعت المنطقة التجارية، وامتدت من حي الحياة 310 مسكن إلى خارج السمّار بالطريق الوطني رقم 31. ويقول التاجر ''عمار''، الذي يمارس تجارته في المنطقة منذ 15 سنة، بأن ''المحلات وفّرت مناصب شغل معتبرة، فإذا ما احتسبنا المناصب المباشرة، فهي عاملان يدويان ومحاسب لكل تاجر، والعمال اليدويون اليوميون لتفريغ السلع والشحن، أما العمال غير المباشرين فهم سائقو الشاحنات، ومن يقوم بإنزال السلع وحتى من يبيع السندويتشات والشاي والقهوة والتبغ وما إلى ذلك''.
الأكثـر من هذا كله، ومع دعم الدولة للنقل نحو الجنوب، أصبح تنقّل سائقي الشاحنات سهلا، لأن هناك محفّزات تعويض تكاليف النقل، على عكس ما كان يحدث في السابق، حيث لم يكن التجار في الجنوب يرغبون حتى في المجيء والتنقّل إلى السمّار أصلا، لأن التكاليف كبيرة وانفجار عجلة واحدة يكلّف 36000 دينار.
اللافتة.. التي أثارت الزوبعة
احتجاجات تجار السمّار لم تكن سوى ردّ فعل على لافتة وُضعت في مختلف مداخل السوق، والتي تمنع دخول شاحنات الوزن الثقيل، التي تعادل حمولتها 5, 2 طن و5, 3 طن، منذ شهر سبتمبر، وهو ما دفع التجار إلى التحرّك وقتها، واتّصلوا بالوالي المنتدب للدائرة الإدارية لبئر مراد رايس. ويقول عمر العزري، منسّق المكتب التنفيذي لسوق الجملة للمواد الغذائية للسمّار بجسر قسنطينة، بأن ''من قرّر وضع اللافتة لم يكن يتصوّر تبعاتها''، مضيفا بأننا ''تحرّكنا سريعا، وطُلب منا أن نكتب رسالة نشرح فيها أسباب رفضنا لهذه اللافتة. وتمّ يوم 23 سبتمبر عقد اجتماع مع الوالي المنتدب، وبتاريخ 25 سبتمبر شرحنا لهم وأعطيناهم الحلول البديلة في مراسلة رسمية''. وسأل التجار، حسب عمر العزري، المسؤولين ''هل هناك قرار بغلق السمّار؟''، فنفى هؤلاء ذلك، قائلين ''لا.. أبدا''. وأمام هذا، فإن وضع لافتة تمنع شاحنات الوزن الثقيل من حمولة 5, 3 طن، يعني أنك تكبّل أيادي التجار، حسبه. وأضاف المتحدّث ''المهم أنه لا توجد شاحنات كبيرة تدخل من دون ترخيص، كما إن شاحنات الوزن الثقيل تبقى حدودها حي الحياة السكني''. وعلى الرغم من أن السلطات لم تردّ على التجار الذين احتجّوا وأوقفوا نشاطهم التجاري لمدة ساعتين، فإن التجار يطالبون بأن تنتزع اللافتات، وأن يعود للسوق وهجه ورواجه التجاري. ويرى المتحدّث بأن ''مجال التجارة في بلادنا ورشة كبيرة، والإصلاح لا يكون دون دراسة أو معرفة رأي التجار. ومن يفرض التنظيم يجب أن يكون بعيدا عن السوق وتجاره، حتى لا يكون له مصالح''. الأكثـر من هذا كله، فإن ''الجزائر تتوفّر على منتجين ومستوردين وموزّعين وصولا إلى تجار التجزئة، ومع كل ما يحدث، فإن تجارة التجزئة منظّمة نوعا ما، والاستيراد منظّم بالفواتير، ويبقى المشكل المطروح الآن هو التوزيع وتجار الجملة''. ويبقى المشكل أن تجارة الجملة هي الحلقة الأقوى، لكن، في نفس الوقت، هي الأضعف، يقول عمر العزري، و''من المفروض أن تكون الأقوى في بلادنا، خاصة بالنسبة للمنتوجات ذات الاستهلاك الواسع''. نسأل: لماذا؟ فيجيب: ''عندما تكون لك قاعدة تجارية تكون معيارا ومؤشّرا للوفرة والأسعار، فأنت لا يمكنك أن تعتمد على المنتج والمستورد، لأنه يتعامل بمنطق الاحتكار''.
''بارونات'' سوق الحراش وراء القرار!
لا يفهم غالبية تجار السمّار رفض السلطات الولائية دخول الشاحنات إلى المنطقة نهارا، بحجّة تنظيم حركة المرور، لكنهم يدركون بأن لسوق الحراش علاقة وطيدة بخلفية القرار، حيث يرى المنسّق الولائي للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين بالعاصمة، سيد علي بوكروش، بأن ''الجميع يقف مع القانون وتنظيم حركة المرور، لكن لا يجب أن يتمّ ذلك من دون أي دراسة مع التجار والاتحاد، لإيجاد صيغة لتنظيم حركة المرور في سوق الجملة وجسر قسنطينة ككل، لأن منع الشاحنات يعني بالضرورة غلق المحلات''.
ويبقى سوق الحراش البوصلة التي تحرّك كل القرارات التي تخصّ سوق السمّار، لأن السلطات الولائية كانت ترى بأنه سيحلّ المشاكل، ويمكنه أن يتحوّل إلى مقصد تجاري هام للمواد الغذائية بالجملة، لكن التجار ''هجروه''، كونه لا يوفّر أهم ما يريده هؤلاء.
ويقول المتحدّث ''السمّار نشأ دون دراسة، وأغلب تجار المواد الغذائية لم يستفيدوا من محلات في سوق الحراش''، ويضيف ''هناك من استفاد من 6 محلات تجارية في سوق الحراش، وهناك من لم يستفد أصلا، رغم إيداعه الملف، ويبقى السؤال مطروحا عن السرّ وراء كل هذا الغموض والتناقض''. وبرأي التجار فإن ''الضغط لا ينجح في حل المشاكل، لأنهم لم يعطوا المحلات في سوق الحراش للتجار الصغار، حتى يكون السوق خليطا من التجار الكبار والصغار لجلب الزبائن''. وأمام هذا، يبقى سوق الحراش مشروعا انطلق ''بدراسة خاطئة''، والدليل على ذلك أنه يتوفّر على132 محل، لكن أغلب تجاره لم يفتحوا محلاتهم، وتبيّن بأن المستفيدين هم 45 شخصا لا غير، ما يعني أن هؤلاء سيتحكّمون في الأسعار، حسب أهوائهم، ولا يمكن أن تكون هناك أسعار تنافسية في صالح المواطن، كما هو الحال بالنسبة لسوق السمّار.
بل إن سوق الحراش، كما يسميها بعض التجار، لا تبيع سوى ''الحلويات والشكولاتة''، ولهذا يبقى السمّار هو السوق الأساسي والمموّن للسوق الوطني بالمواد الغذائية. كما إن ما يحدث في سوق السمّار لا علاقة له بالاحتكار، لأن المنافسة شرسة، وتصبّ، في أغلبها، في صالح المواطن، من خلال خفض أسعار المواد الغذائية. ويشير عمر العزري إلى أن ''نفس المنتوج يبيعه ثلاثة أو أربعة تجار في السوق، وبالتالي لا يمكن أن يفرض سعر واحد''. الأكثـر من هذا كله، فإن ''الديوان المهني الجزائري للحبوب يفوتر مادة العدس مثلا بـ92 دينارا، في حين يباع في السمّار بـ80 دينارا، حيث يُستورد من كندا والصين''. ويضطر التجار لتحمّل الخسارة مكرهين، لأن المنافسة شرسة في السوق وتخضع أساسا للعرض والطلب، وهذا هو المأمن الذي توفّره سوق الجملة''. ويضيف ''على الحكومة، وفي مقدمتها وزارة التجارة، أن تفهم بأن السمّار هو سوق وطني مرجعي، ومنه يتم التعرّف على الوفرة، خصوصا في الشتاء وفترات ندرة المنتوج في السوق العالمية''. كما إن خلق سوق وطني للجملة يتطلّب، حسبه، نقل القاعدة التجارية وكبار التجار إليها، وهو ما لم يحدث في سوق الحراش، الذي لا يستوعب سوى 132 محلا، في مقابل 800 محل في سوق السمّار، يضيف، وبذلك يجد التاجر، الكبير والصغير، كل ما يحتاجه في نفس الفضاء التجاري.
السكان: لم نحتجّ يوما على التجار والشاحنات
لم يهضم سكان حي ''كازناف''، الذي يحتضن سوق السمّار، قرار منع الشاحنات من الدخول، حيث يقول أحد السكان: ''نحن نقطن هنا مع التجار منذ 20 سنة، وكلنا نشتغل لدى التجار، لكن السلطات تريد أن تقضي على نشاطهم''. وأضاف ''كل ما يحدث غرضه تحويل السوق إلى الحراش بدعوى تنظيمه، رغم أنه منظّم. ولهذا نحن نؤكّد على أنه ليس لدينا أي مشاكل مع التجار، بل معظم أبناء الحي يسترزقون من السوق''. الأخطر من هذا، أن هناك 800 تاجر جملة، ينشطون، منذ سنوات طويلة، ولا يمكنهم اليوم التخلّي عن نشاطهم، خاصة وأن السوق تعتبر مصدر رزق الآلاف من العائلات. بالإضافة إلى ذلك طُرح مشكل الطريق، الذي صار ''سجلا'' تجاريا للتلاعب بأموال مشاريع تعبيد الطرقات، حيث عُبّد جزء منه وليس كله، في حين أن الدراسات في مخططات البلدية تشير إلى أن أنه تمّ تعبيده بالكامل، في الوقت الذي يغرق الحي في الأوحال والطين مع كل فصل ماطر. ويضيف السكان ''يريدون القضاء على السوق بدعوى أن السكان اشتكوا منه، وهو ما لم يحدث. ونحن أعددنا عريضة احتجاج ضد هذا القرار''.
الحمّالون: ليس لنا غير السمّار
وينتشر في السوق المئات من المراهقين والشباب الذين يحترفون مهنة ''الحمّال''، حيث يُجمع هؤلاء على أن لا مكان لديهم إلا العمل مع التجار والشاحنات نهارا وليس ليلا. ويقول محمد، 21 سنة، ''الله غالب الخبزة هي التي حتّمت علينا العمل كحمّالين، فهناك من يشتغل ليعيل أسرته، خاصة وأن معظم سكان الحي من الطبقة الفقيرة. ونحن نطالب بحل سريع وجدّي للمشكل، لأننا، وببساطة، لا نستطيع الذهاب إلى الحراش أو مكان آخر، لأن المكان أصبح معروفا ونحن نقطن بالقرب منه''. ويقول مهدي، 17 سنة، ''نحن نتقاضى 700 دينار في اليوم، ونشتغل من الساعة 6 صباحا إلى 30, 13، حيث نفرغ السلع من الشاحنات، ونحمّلها في شاحنات أخرى، ولا يمكننا العمل ليلا، لأن الأمر مستحيل أصلا''. ومع كل الأزمة التي يشهدها سوق السمّار، سادت مخاوف، لدى تجار التجزئة والمواطنين، من الدخول في أزمة تموين والتزويد بالمواد الاستهلاكية والخوف من ارتفاع أسعارها. ويبقى تهديد التجار بشن إضراب مفتوح، وتصعيد لهجة الاحتجاج، الهاجس الذي يخيف الجميع، من تجار وسلطات ومواطنين، مطالبين بمراجعة القرار وإلغائه لمنع أي انزلاق خطير، وتلاعب بجيب المواطن، الذي يبقى، في الأخير، المتضرّر الأول من أي ارتفاع في الأسعار للمواد التي يستهلكها يوميا، ولا يمكنه الاستغناء عنها.
لم يكن أحد يتصوّر في جسر قسنطينة، أو الجزائر العاصمة، أن تنشأ سوق للمواد الغذائية بالجملة في لمح البصر، وتتحوّل إلى قاعدة تجارية لا يمكن لأحد أن يتجاهلها اليوم، لأنها صارت، بكل بساطة، بورصة للأسعار وفضاءً للتحكّم في ''بطون الجزائريين''. واستطاع السوق أن يفرض نفسه منذ 1994 ، بعد أن ارتفع عدد المحلات ليتجاوز 800 محل مختص في عرض وبيع مختلف المواد الغذائية، المستوردة من كل أنحاء العالم أو المنتجة محليا.
بداية سوق السمّار كانت في التسعينيات، وحاز على طابع السوق الوطني في 1998، حيث كان، في وقت سابق، حي بوروبة بدائرة الحراش الوجهة التي يفضّلها التجار من أجل تموين تجار التجزئة بمختلف المواد الغذائية، وتوجّه هؤلاء، فيما بعد، إلى ''السمّار''، بعد أن تمّ الاتفاق مع السكان الذين حازوا على قطع أرضية لبناء مساكنهم، من أجل تمكينهم من بناء محلات تسع نشاطاتهم، مقابل مبالغ مالية معتبرة كإيجار. وبمرور السنوات، تمكّن المئات من الحائزين على قطع أرضية من بناء فيلات تضمّ كلها، في الطابق الأرضي، محلات تجارية أشبه بالمستودعات. ويقول أحد المستوردين، من قدامى حي بوروبة (لامونتان)، الذي يمارس نشاطه اليوم في السمّار، بأن ''تجار الجملة بدأوا التنقّل تدريجيا، بعد الاتفاق الحاصل بين المؤجّر والمستأجرين، الذين لم يتمكّنوا من تشييد منازلهم بسبب غلاء مواد البناء''. وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد التجار، اليوم، يتراوح ما بين 700 و800 تاجر، لكن هناك عددا منهم لا يحوزون سجّلات تجارية ومعترف بهم، وهناك تجار لديهم سجلات تجارية تجزئة وينشطون في تجارة الجملة، وهناك من ليس لهم السجل التجاري وغير معروفين لدى التجار الشرعيين. واستطاع السمّار، حسب روايات السكان أنفسهم والتجار الذين تحدثوا لـ''الخبر''، أن يتحوّل إلى قاعدة تجارية وطنية، كما حدث في سوق دبي بالعلمة في سطيف والحميز بالعاصمة، ورفع ذلك عبئا على الدولة، لأن هذه المنطقة كانت بيوتا قصديرية، من جهة، واستطاعت أن تتحوّل إلى حي سكني منظّم، وفضاء لتوفير مناصب عمل، دائمة ومؤقتة، لآلاف الأشخاص، وتحوّل، في ظرف سنوات، إلى ''إمبراطورية'' يتمّ فيها تداول ما لا يقل عن 100 مليار سنتيم يوميا من السلع والمبالغ المالية. ولا يمكنك اليوم وأنت تتجول السمّار، من مدخله إلى مخرجه، الذي يتربّع على مساحة تقدر بـ60 هكتارا، ألا تلحظ أن كل البنايات تحوّلت إلى فيلات متلاصقة، تتزاحم فيها المحلات التجارية المصطفة جنبا إلى جنب. ومع مرور الوقت اتّسعت المنطقة التجارية، وامتدت من حي الحياة 310 مسكن إلى خارج السمّار بالطريق الوطني رقم 31. ويقول التاجر ''عمار''، الذي يمارس تجارته في المنطقة منذ 15 سنة، بأن ''المحلات وفّرت مناصب شغل معتبرة، فإذا ما احتسبنا المناصب المباشرة، فهي عاملان يدويان ومحاسب لكل تاجر، والعمال اليدويون اليوميون لتفريغ السلع والشحن، أما العمال غير المباشرين فهم سائقو الشاحنات، ومن يقوم بإنزال السلع وحتى من يبيع السندويتشات والشاي والقهوة والتبغ وما إلى ذلك''.
الأكثـر من هذا كله، ومع دعم الدولة للنقل نحو الجنوب، أصبح تنقّل سائقي الشاحنات سهلا، لأن هناك محفّزات تعويض تكاليف النقل، على عكس ما كان يحدث في السابق، حيث لم يكن التجار في الجنوب يرغبون حتى في المجيء والتنقّل إلى السمّار أصلا، لأن التكاليف كبيرة وانفجار عجلة واحدة يكلّف 36000 دينار.
اللافتة.. التي أثارت الزوبعة
احتجاجات تجار السمّار لم تكن سوى ردّ فعل على لافتة وُضعت في مختلف مداخل السوق، والتي تمنع دخول شاحنات الوزن الثقيل، التي تعادل حمولتها 5, 2 طن و5, 3 طن، منذ شهر سبتمبر، وهو ما دفع التجار إلى التحرّك وقتها، واتّصلوا بالوالي المنتدب للدائرة الإدارية لبئر مراد رايس. ويقول عمر العزري، منسّق المكتب التنفيذي لسوق الجملة للمواد الغذائية للسمّار بجسر قسنطينة، بأن ''من قرّر وضع اللافتة لم يكن يتصوّر تبعاتها''، مضيفا بأننا ''تحرّكنا سريعا، وطُلب منا أن نكتب رسالة نشرح فيها أسباب رفضنا لهذه اللافتة. وتمّ يوم 23 سبتمبر عقد اجتماع مع الوالي المنتدب، وبتاريخ 25 سبتمبر شرحنا لهم وأعطيناهم الحلول البديلة في مراسلة رسمية''. وسأل التجار، حسب عمر العزري، المسؤولين ''هل هناك قرار بغلق السمّار؟''، فنفى هؤلاء ذلك، قائلين ''لا.. أبدا''. وأمام هذا، فإن وضع لافتة تمنع شاحنات الوزن الثقيل من حمولة 5, 3 طن، يعني أنك تكبّل أيادي التجار، حسبه. وأضاف المتحدّث ''المهم أنه لا توجد شاحنات كبيرة تدخل من دون ترخيص، كما إن شاحنات الوزن الثقيل تبقى حدودها حي الحياة السكني''. وعلى الرغم من أن السلطات لم تردّ على التجار الذين احتجّوا وأوقفوا نشاطهم التجاري لمدة ساعتين، فإن التجار يطالبون بأن تنتزع اللافتات، وأن يعود للسوق وهجه ورواجه التجاري. ويرى المتحدّث بأن ''مجال التجارة في بلادنا ورشة كبيرة، والإصلاح لا يكون دون دراسة أو معرفة رأي التجار. ومن يفرض التنظيم يجب أن يكون بعيدا عن السوق وتجاره، حتى لا يكون له مصالح''. الأكثـر من هذا كله، فإن ''الجزائر تتوفّر على منتجين ومستوردين وموزّعين وصولا إلى تجار التجزئة، ومع كل ما يحدث، فإن تجارة التجزئة منظّمة نوعا ما، والاستيراد منظّم بالفواتير، ويبقى المشكل المطروح الآن هو التوزيع وتجار الجملة''. ويبقى المشكل أن تجارة الجملة هي الحلقة الأقوى، لكن، في نفس الوقت، هي الأضعف، يقول عمر العزري، و''من المفروض أن تكون الأقوى في بلادنا، خاصة بالنسبة للمنتوجات ذات الاستهلاك الواسع''. نسأل: لماذا؟ فيجيب: ''عندما تكون لك قاعدة تجارية تكون معيارا ومؤشّرا للوفرة والأسعار، فأنت لا يمكنك أن تعتمد على المنتج والمستورد، لأنه يتعامل بمنطق الاحتكار''.
''بارونات'' سوق الحراش وراء القرار!
لا يفهم غالبية تجار السمّار رفض السلطات الولائية دخول الشاحنات إلى المنطقة نهارا، بحجّة تنظيم حركة المرور، لكنهم يدركون بأن لسوق الحراش علاقة وطيدة بخلفية القرار، حيث يرى المنسّق الولائي للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين بالعاصمة، سيد علي بوكروش، بأن ''الجميع يقف مع القانون وتنظيم حركة المرور، لكن لا يجب أن يتمّ ذلك من دون أي دراسة مع التجار والاتحاد، لإيجاد صيغة لتنظيم حركة المرور في سوق الجملة وجسر قسنطينة ككل، لأن منع الشاحنات يعني بالضرورة غلق المحلات''.
ويبقى سوق الحراش البوصلة التي تحرّك كل القرارات التي تخصّ سوق السمّار، لأن السلطات الولائية كانت ترى بأنه سيحلّ المشاكل، ويمكنه أن يتحوّل إلى مقصد تجاري هام للمواد الغذائية بالجملة، لكن التجار ''هجروه''، كونه لا يوفّر أهم ما يريده هؤلاء.
ويقول المتحدّث ''السمّار نشأ دون دراسة، وأغلب تجار المواد الغذائية لم يستفيدوا من محلات في سوق الحراش''، ويضيف ''هناك من استفاد من 6 محلات تجارية في سوق الحراش، وهناك من لم يستفد أصلا، رغم إيداعه الملف، ويبقى السؤال مطروحا عن السرّ وراء كل هذا الغموض والتناقض''. وبرأي التجار فإن ''الضغط لا ينجح في حل المشاكل، لأنهم لم يعطوا المحلات في سوق الحراش للتجار الصغار، حتى يكون السوق خليطا من التجار الكبار والصغار لجلب الزبائن''. وأمام هذا، يبقى سوق الحراش مشروعا انطلق ''بدراسة خاطئة''، والدليل على ذلك أنه يتوفّر على132 محل، لكن أغلب تجاره لم يفتحوا محلاتهم، وتبيّن بأن المستفيدين هم 45 شخصا لا غير، ما يعني أن هؤلاء سيتحكّمون في الأسعار، حسب أهوائهم، ولا يمكن أن تكون هناك أسعار تنافسية في صالح المواطن، كما هو الحال بالنسبة لسوق السمّار.
بل إن سوق الحراش، كما يسميها بعض التجار، لا تبيع سوى ''الحلويات والشكولاتة''، ولهذا يبقى السمّار هو السوق الأساسي والمموّن للسوق الوطني بالمواد الغذائية. كما إن ما يحدث في سوق السمّار لا علاقة له بالاحتكار، لأن المنافسة شرسة، وتصبّ، في أغلبها، في صالح المواطن، من خلال خفض أسعار المواد الغذائية. ويشير عمر العزري إلى أن ''نفس المنتوج يبيعه ثلاثة أو أربعة تجار في السوق، وبالتالي لا يمكن أن يفرض سعر واحد''. الأكثـر من هذا كله، فإن ''الديوان المهني الجزائري للحبوب يفوتر مادة العدس مثلا بـ92 دينارا، في حين يباع في السمّار بـ80 دينارا، حيث يُستورد من كندا والصين''. ويضطر التجار لتحمّل الخسارة مكرهين، لأن المنافسة شرسة في السوق وتخضع أساسا للعرض والطلب، وهذا هو المأمن الذي توفّره سوق الجملة''. ويضيف ''على الحكومة، وفي مقدمتها وزارة التجارة، أن تفهم بأن السمّار هو سوق وطني مرجعي، ومنه يتم التعرّف على الوفرة، خصوصا في الشتاء وفترات ندرة المنتوج في السوق العالمية''. كما إن خلق سوق وطني للجملة يتطلّب، حسبه، نقل القاعدة التجارية وكبار التجار إليها، وهو ما لم يحدث في سوق الحراش، الذي لا يستوعب سوى 132 محلا، في مقابل 800 محل في سوق السمّار، يضيف، وبذلك يجد التاجر، الكبير والصغير، كل ما يحتاجه في نفس الفضاء التجاري.
السكان: لم نحتجّ يوما على التجار والشاحنات
لم يهضم سكان حي ''كازناف''، الذي يحتضن سوق السمّار، قرار منع الشاحنات من الدخول، حيث يقول أحد السكان: ''نحن نقطن هنا مع التجار منذ 20 سنة، وكلنا نشتغل لدى التجار، لكن السلطات تريد أن تقضي على نشاطهم''. وأضاف ''كل ما يحدث غرضه تحويل السوق إلى الحراش بدعوى تنظيمه، رغم أنه منظّم. ولهذا نحن نؤكّد على أنه ليس لدينا أي مشاكل مع التجار، بل معظم أبناء الحي يسترزقون من السوق''. الأخطر من هذا، أن هناك 800 تاجر جملة، ينشطون، منذ سنوات طويلة، ولا يمكنهم اليوم التخلّي عن نشاطهم، خاصة وأن السوق تعتبر مصدر رزق الآلاف من العائلات. بالإضافة إلى ذلك طُرح مشكل الطريق، الذي صار ''سجلا'' تجاريا للتلاعب بأموال مشاريع تعبيد الطرقات، حيث عُبّد جزء منه وليس كله، في حين أن الدراسات في مخططات البلدية تشير إلى أن أنه تمّ تعبيده بالكامل، في الوقت الذي يغرق الحي في الأوحال والطين مع كل فصل ماطر. ويضيف السكان ''يريدون القضاء على السوق بدعوى أن السكان اشتكوا منه، وهو ما لم يحدث. ونحن أعددنا عريضة احتجاج ضد هذا القرار''.
الحمّالون: ليس لنا غير السمّار
وينتشر في السوق المئات من المراهقين والشباب الذين يحترفون مهنة ''الحمّال''، حيث يُجمع هؤلاء على أن لا مكان لديهم إلا العمل مع التجار والشاحنات نهارا وليس ليلا. ويقول محمد، 21 سنة، ''الله غالب الخبزة هي التي حتّمت علينا العمل كحمّالين، فهناك من يشتغل ليعيل أسرته، خاصة وأن معظم سكان الحي من الطبقة الفقيرة. ونحن نطالب بحل سريع وجدّي للمشكل، لأننا، وببساطة، لا نستطيع الذهاب إلى الحراش أو مكان آخر، لأن المكان أصبح معروفا ونحن نقطن بالقرب منه''. ويقول مهدي، 17 سنة، ''نحن نتقاضى 700 دينار في اليوم، ونشتغل من الساعة 6 صباحا إلى 30, 13، حيث نفرغ السلع من الشاحنات، ونحمّلها في شاحنات أخرى، ولا يمكننا العمل ليلا، لأن الأمر مستحيل أصلا''. ومع كل الأزمة التي يشهدها سوق السمّار، سادت مخاوف، لدى تجار التجزئة والمواطنين، من الدخول في أزمة تموين والتزويد بالمواد الاستهلاكية والخوف من ارتفاع أسعارها. ويبقى تهديد التجار بشن إضراب مفتوح، وتصعيد لهجة الاحتجاج، الهاجس الذي يخيف الجميع، من تجار وسلطات ومواطنين، مطالبين بمراجعة القرار وإلغائه لمنع أي انزلاق خطير، وتلاعب بجيب المواطن، الذي يبقى، في الأخير، المتضرّر الأول من أي ارتفاع في الأسعار للمواد التي يستهلكها يوميا، ولا يمكنه الاستغناء عنها.
- طويات كليك لكل المواد series clic متجدد باستمرار **كل البرنامج لكل المواد لمختلف الشعب
- مطويات كليك لكل المواد series clic متجدد باستمرار **كل البرنامج لكل المواد لمختلف الشعب
- تراجع الفاتورة الغذائية بنحو 15 بالمائة في نوفمبر الماضي
- روراوة يكتسح منافسيه ويدخل إمبراطورية الفيفا
- */*22 مطوية clic كليك -لجميع المواد و جميع الشعب+ملخصات صغيرة*/* مطويات, السنة الثالة ثانوي, clic, جميع المواد
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى