مساء فلسطين...

مساء العروبة والشموخ.. مساء فلسطين تنزف الكرامة
رسالة من أم الشهيد..

قرأت له قبل الرحيل سفرا"...
نمقته بأناملي.. أتحفته بسنابلي..
تتدلى من نسيج عظامي..
لطفولته الباسمة.. وشقاوته الدائمة..
ومرابع ذكرياتنا المنصرمة...
ضحك كأنه يرقب ضحول العمر..
واستكان على صدري باسما"..
دافئا" كطفل وديع..
حدق في راحتي وبكى...
سألته ماذا يبكيه..
لم أدر أنني بعد ذاك اليوم لن ألتقيه..
لثم جبيني بدمعه المرطب بالحنين..
عبر حطام حيرتي بحسنه المسكوب..
في براعم وصل بعثرها الشوق له..
كأنه الدوح بعد شهور الضنى...
يفرج بثغره عن قلب الربيع...
ضممته عمرا" أقطره كالندى..
على أهداب الحب وأعتاب المدى...
لم أدرك بأنني... بعد ذاك اليوم لن ألتقيه..


قال أمي..أدركني المساء..
علي الرحيل مع البندقية...
ولم البندقية؟.. سألت بقلب واجف..
يحرق شراييني ويضج في عروقي..
فتبخترت على ثغره بسمة تحدي...
تمتم أماه عدونا لئيم.. لئيم...

سأسبح الله في سري وأمضي..
جارفا" عمق التحدي من عنق الثرى..
أو تدري أماه.. في السفح دمع يشبه الأثير..
إليه نمضي.. في جوقته نسير...
حلمت يوما" بأني في روضة تحف بالعبير..
دعيني يا أماه أذهب...
في غياهب الأفق أبلل بدمي التراب...
ودعته بوجل خفي وبسمة موجعة..
قبل يداي قبلة الوداع المرير..
لم أدرك بأنني... بعد ذاك اليوم لن ألتقيه..