- achwak
- الجنس :
عدد المساهمات : 4671 نقاط التميز : 11991 تاريخ التسجيل : 24/03/2011 العمر : 47
هزات في أكبر أحزاب السلطة وفضائح في أضخم شركة للدولة ,رئاسيات 2014 تبحث عن ظهر يُركب وضرع يُحلب
السبت 23 فبراير - 13:22
هناك أزمة في أكبر حزب في الجزائر، وهو الأفالان، وهناك فضيحة في أضخم شركة وطنية، وهي سوناطراك. الأول هو الظهر الذي ركبته السلطة منذ الاستقلال، والثانية هي الضرع الذي حلبته الدولة لشراء السلم الاجتماعي، ما يجعل بينهما رابطا يشبه حبل الوريد. ولذلك، عندما تسقط أي شجرة منهما، تحدث صوتا أكبر من ”نمو الغابة”، خصوصا أن عملية ”هز” الشجرة لقطف الثمار، هي جزء لا يتجزأ من الترتيبات الجارية داخل دهاليز الحكم، حول رئاسيات 2014 التي دخلت مرحلة ”تقييم الأسهم” مبكرا، من خلال تحييد متسابقين كانوا مرشحين إلى وقت قريب، قبل دفعهم لرمي المنشفة، وإخراج سيناريوهات يكون فيها الشعب آخر من يعلم.
على خلفية بداية العدّ التنازلي للرئاسيات
نشر غسيل سوناطراك.. بداية صراع الأجنحة
ظل نشر غسيل الفضائح المالية، دوما، في الجزائر مرادفا لصراع المصالح بين الأجنحة النافذة في الحكم، ضمن لعبة تحريك موازين القوى. ولذلك، فإن ردود الفعل الرسمية التي تعقبها عادة ما تحاول تمييع المسألة، بل لا أحد من الذين تكلموا نطق، ولو بنصف كلمة، حول المسؤولية السياسية فيما جرى ويجري من نهب للمال العام.
طالما أن شركة سوناطراك ليست مؤسسة ”أوفشور”، وتخضع لقوانين البلد، وتأتمر بتعليمات تأتيها من ”فوق”، من مجلس الوزراء ومن الحكومة وحتى من البرلمان، فهناك مسؤولية سياسية وأخلاقية على السلطة أن تتحمّلها وتعترف بها. لكن ما يلاحظ أن بعض الجهات الرسمية في الدولة تعمل، بشتى الحيل، لتغطية الفضيحة، وإبعاد طابع المساءلة عنها، حتى لا تجرّ معها رؤوسا كبرى نحو المحاكمة. لكن، في الجهة المقابلة، فإن طفو فضيحة من عيار سوناطراك في هذا التوقيت بالذات، ليست سوى مؤشر على ”الصراع بين الأجنحة داخل السلطة”، لأن سوناطراك ليست مجرد شركة عادية، بل هي مربط الفرس في منظومة الحكم في الجزائر، لما تدره من ريوع. إذ ليس بوسع أي نظام، مهما كانت عبقريته وقوّته، أن يبسط أعمدة حكمه من دون أن تكون تحت خدمته شركة تفرخ كل أنواع ”العملات الصعبة”، ويتوقف عليها سلم أو انتفاضة الجزائريين.
ومع ذلك، هناك من يرى في نشر الغسيل الوسخ لمؤسسات الدولة المتورطة في فضائح الفساد، بأنه يهدف إلى ”تسويد” صورة البلد في الخارج، وسدّ شهية الشركات الأجنبية الراغبة في الاستثمار، وبالتالي إضعاف السلطة القائمة وقطع الطريق أمامها، أو إجبارها على التفاوض من موقع يدفعها لتقديم تنازلات سياسية واقتصادية. وجرت العادة، منذ انقلاب بومدين إلى انتخاب الشاذلي إلى رحيل بوضياف واستقالة زروال ومجيء بوتفليقة، أن تسبق هذه المواعيد المفصلية في منظومة الحكم، خروج القضايا الخلافية في أعلى هرم الحكم للشارع، منها ما يراد بها ”عض الأصابع”، ومنها ما يهدف لإلهاء الشارع وتحييده عن اللعبة السياسية الحقيقية. والكل يتذكر المواعيد التي طرحت فيها قضية وزير العدل التي عجّلت بذهاب زروال، وفضيحة الخليفة غداة معركة العهدة الثانية، وها هي سوناطراك تلوح في أفق مؤشرات موعد .2014
لكن مع ذلك، فإن ما وقع في سوناطراك وغيرها، من اختلاس وتبذير وسوء إدارة الصفقات العمومية، ليس نقمة كما يتصوّر البعض، بل هو نعمة لأي سلطة لديها إرادة في محاربة الفساد، لكونها أمسكت برأس ”الخيط” الذي يوصلها إلى بؤر الفساد الحقيقية. وتعدّ الفرصة مناسبة للإمساك بقرون ثور الفساد والحدّ من حدّته، وهو من صميم استرجاع هيبة الدولة، لأن الدولة التي لا تملك القدرة على حماية أموال الشعب من أيدي العابثين والمختلسين، لا تفقد أسباب وجودها فحسب، وإنما تتحوّل إلى دولة ”الهمّ فيها يضحك ويبكي”.
الجزائر: ح. سليمان
الحزب العتيد يبحث عن أمين عام بمواصفات لم تتضح بعد
أزمة في جبهة التحرير.. صداع في السلطة
بالتجربة أو بالواقع، تتزامن الأزمات الداخلية في حزب جبهة التحرير الوطني مع استحقاقات الانتخابات الرئاسية، منذ عام .1999 وكانت أعنفها الأزمة التي هزت الحزب في عام 2003، سنة قبل رئاسيات 2004 التي ترشح فيها الأمين العام السابق للحزب، علي بن فليس، ضد الرئيس بوتفليقة. وبات الصراع في الحزب على مقربة من هكذا استحقاق، مؤشرا واضحا على صراع في مخابر السلطة ودوائر صنع القرار الفعلي، ومحددا رئيسيا للتوجهات التي تحكم ”شهوات السلطة” في الجزائر.
يضع الكثير من المراقبين الأزمة الحادّة التي يشهدها حزب جبهة التحرير الوطني، الذي تدير السلطة مجلس إدارته وتحوز غالبية أسهمه، في خانة الأعراض التي تسبق في العادة الانتخابات الرئاسية، قبل سنة من رئاسيات .2014 ويفسر الخلاف بين الأمين العام المسحوب منه الثقة والمحسوب على الرئيس بوتفليقة، عبد العزيز بلخادم، وخصومه من التصحيحيين والوزراء الذين يدينون بالولاء لأجهزة السلطة أكثـر من ولائهم للرئيس بوتفليقة، بأنه الشكل الظاهر للصراع بين جهة في السلطة، تسعى إلى استدعاء عوامل ومبرّرات الذهاب إلى عهدة رئاسية رابعة للرئيس بوتفليقة، بعد تعديل الدستور، وبين جهة أخرى تعمل على توفير ظروف ”كنس” كل الوجوه التي تؤثث المشهد السياسي الحالي في الجزائر، بدءا بالأمين العام السابق للأرندي أحمد أويحيى والأمين العام السابق لجبهة التحرير عبد العزيز بلخادم ورئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني، وصولا إلى الرئيس بوتفليقة نفسه.
ويدعم هذا التفسير تصريح منسق المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد الرحمن بلعياط، أن اللجنة المركزية يتوجب أن تختار أمينا عاما ينسجم مع التوجهات الكبرى للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهذا يعني أن هناك قيادات أخرى من الصف الأول في الحزب لا تنسجم في توجهاتها مع بوتفليقة، وتتفق في خياراتها مع أطراف أخرى مناوئة للرئيس.
الواضح أن أزمة جبهة التحرير شكل متقدم من صداع يصيب السلطة على مقربة كل انتخابات رئاسية، وحين توضع الأزمة على مقربة من جملة أحداث وتطورات حساسة في قطاعات أخرى، لها صلة مباشرة بالرئيس بوتفليقة ومحيطه المقرّب منه، كفضائح سوناطراك المتتالية، يصبح المشهد أكثـر وضوحا وأقرب إلى الفهم. ففي السياسة، لا شيء يبرّر الصدفة سوى الصراع على الكرسي.
الجزائر: عثمان لحياني
حوار
مؤسس حزب ”الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي”، كريم طابو، لـ”الخبر”
”مرض الجزائر أكثـر تفاقما من مرض بوتفليقة”
ما قراءتك لفضائح سوناطراك الجديدة والصراع داخل الأفالان ورسالة مالطي إلى رئيس جهاز المخابرات؟
أعطت فضيحة سوناطراك دليلا إضافيا بأن الرشوة والعنف والنهب تمارس في أعلى هرم الدولة. إن الرشوة تسير بوتيرة الورم الخبيث، وتفترس كل البلاد التي أصبحت مسرحا لكل التجاوزات والاضطرابات، بينما الدولة تقف عاجزة. أما أزمة الأفالان، فهي أثـر ثانوي للصراعات في هرم السلطة، والحزب يستعمل كأداة لإخفائها. وبعيدا عن الرسالة التي رفعها مالطي لرئيس المخابرات، فإن النقاش غائب والرأي العام مشتت، ولم يسبق للبلاد أن بلغت هذا المستوى من انعدام الأخلاق والغلق والانسداد. فالمؤسسات المعنية بفرض النقاش مغيَّبة، والذين يملكون الحق في تسيير ”الكمائن السياسية والأمنية” يظلون أرباب ”الدزاير”. إنهم يتصارعون على الثـروات والتموقع داخل السلطة، ضاربين القوانين عرض الحائط، ويحتقرون الشعب الذي يتعاملون معه كلعبة.
هل تعتقد أن لذلك علاقة بالانتخابات الرئاسية في 2014؟
لا شك في ذلك، لهذه الأحداث علاقة جدلية برئاسيات .2014 فالعلاقات المبنية على العنف التي تميّز تسيير السلطة، لا تؤشر على أي شيء إيجابي للبلاد، بل في كل تصرّفات السلطة لا يظهر أي مؤشر إيجابي على انتخابات تستجيب للضوابط الديمقراطية، بل كل شيء يفيد بأن خارج النقاش المزيّف حول ”الاحتفاظ بالأشخاص أو استبدالهم”، سيخضع الاستحقاق المقبل للشرط المعمول به منذ 1991، بمعنى استحقاق بدورين: الأول مخصص لـ”كبار الناخبين”، والثاني سيكون ”كرنفالا شعبيا”. وفي الغالب، يصوّت كبار الناخبين بالوكالة من واشنطن وباريس. وما يجري، اليوم، ليس اعتباطيا، فـ”الهزات السياسية والمالية” التي نشهدها مرتبطة بلعبة الانتخابات التي تمسك بها السلطة.
كيف تفسر صمت الرئيس على أحداث هامة وقعت بالبلاد، كفضائح سوناطراك وحادثة تيفنتورين وأزمة الأفالان، وصمته على تعديل الدستور؟
عندما يتحدث رئيس الدولة، يفعل ذلك ليقول لا شيء في غالب الأحيان، وعندما يقول شيئا لن يتبع أبدا بآثار ملموسة في الميدان. وقد تحوّل الصمت، في السنوات الأخيرة، إلى منظومة اتصال حقيقية. لقد تجذر في ثقافة المسؤولين، وفي سير المؤسسات، إنه نظام قائم على احتقار الشعب. وشخصيا، أرى بأنه لا ينبغي التركيز على هذا الجانب الثانوي في الإشكالية. فالبعض يفسر غيابه بالمرض، بينما أنا أرى أن الوضع أكثـر خطورة، لأن مرض البلد أكثـر تفاقما من مرض بوتفليقة. أما السلطة، فلاحظنا أنها منذ الانقلاب عام 1991 زعمت أنها هي صمّام الأمان في البلاد. واليوم، تبيّن الأحداث بأنها تحوّلت إلى تهديد للأمن القومي، وعلى الجزائريين التجند لتنحية هؤلاء اللصوص.
الجزائر: حاوره حميد يس
الوزير السابق، عبد السلام علي راشدي، لـ”الخبر”
”المطلوب وثبة وطنية من جيل الضباط الجدد”
هل تعتقد بوجود علاقة بين استقالة أويحيى وتنحية بلخادم وبين رئاسيات 2014؟
رغم أن رحيل أويحيى وبلخادم وسعدي جاء في سياقات مختلفة، لكنه مرتبط بالمناورات الجارية في النظام تحسبا لـ.2014 ويتعلق الأمر أساسا باستخلاف بوتفليقة الذي يبلغ من العمر اليوم 76 سنة، ويعاني من المرض، والذي تقول الإشاعات بأنه يرغب في عهدة رابعة. وأمام هذا المشهد، قد يكون الهدف الأساسي من التعديل الدستوري استحداث منصب نائب رئيس، ينتخب مع الرئيس في نفس الوقت، وهو من يكمل العهدة في حال الشغور، وهو من ستكون له حظوظ وافرة لإعادة انتخابه رئيسا. إذن، كل القضية مطروحة حول من هو المرشح لمنصب نائب الرئيس؟ فمن أدركوا استحالة أن يكونوا مرشحين، فهموا بأن الأفق مغلق حتى 2024 على الأقل. والحقيقة أن النظام في حالة انسداد، فكل المسؤولين الذين أفرزتهم حرب التحرير، مسنون، وبدأوا يختفون الواحد بعد الآخر.
الكشف عن فضائح الفساد عبارة عن أوراق ضغط توظفها أجنحة النظام ضد بعضها كلما اقترب موعد سياسي هام، ما رأيك في هذا الطرح؟
يستمد النظام ديمومته، حصريا، من الريع النفطي الذي يسمح للسلطة بشراء سلم اجتماعي، وتغذية شبكات الرشوة الممتدة حتى أعلى هرم الدولة، وبضمان استمرار النظام الذي يعتبر صراع الأجنحة من ثوابته. وفي هذا الصراع، كل الضربات مسموح بها، دون أن تصل إلى حدّ إعادة النظر في أسس النظام. ولذلك، يحاول جناح إضعاف الآخر بالكشف عن قضايا فساد خطيرة، فيرد عليه بالتلويح بملف الاغتيالات السياسية، أو بدسائس أخرى. وفي هذه الأجواء، ندفَع الثمن ككباش فداء، وفي النهاية تتوصل الأجنحة المتصارعة إلى تسوية، إلى غاية الأزمة المقبلة. ويبدو أن مركزي السلطة الأساسيين، اليوم، لم يتوصلا إلى إجماع حول الرئاسيات المقبلة، فتتواصل المواجهة بينهما.
ما هي السيناريوهات المحتملة في حال لم يترشح بوتفليقة لعهدة رابعة؟
توجد عدة سيناريوهات. بوتفليقة يظهر بأنه سيكمل عهدته، ولكن غير مؤكد أنه سيكون قادرا على خوض حملة من أجل عهدة رابعة في سن الـ.77 وهناك احتمال أن يتوفى قبل نهاية العهدة الحالية، دون أن يعدَّل الدستور، وهذا هو السيناريو الأسوأ بالنسبة لأصحاب القرار، الذين لا يخشون شيئا أكثـر من انتخابات رئاسية مبكرة. أما السيناريو المأمول به منذ الـ90 القائم على انتقال متفق عليه، فغير ممكن اليوم، بحكم أن القوى الديمقراطية تم تحطيمها عمدا لجعل أي بديل للنظام الحالي مستحيلا. وتوجد فرضيتان احتمالهما ضئيل، ولكنه ليس مستحيلا: وثبة وطنية من الجيل الجديد للضباط السامين لفرض الانفتاح الحقيقي على صانعي القرار المسنين، أو وثبة شعبية ترغم الذين يمسكون بالسلطة على الرحيل ويكون الثمن، هنا، فترة اضطرابات طويلة.
على خلفية بداية العدّ التنازلي للرئاسيات
نشر غسيل سوناطراك.. بداية صراع الأجنحة
ظل نشر غسيل الفضائح المالية، دوما، في الجزائر مرادفا لصراع المصالح بين الأجنحة النافذة في الحكم، ضمن لعبة تحريك موازين القوى. ولذلك، فإن ردود الفعل الرسمية التي تعقبها عادة ما تحاول تمييع المسألة، بل لا أحد من الذين تكلموا نطق، ولو بنصف كلمة، حول المسؤولية السياسية فيما جرى ويجري من نهب للمال العام.
طالما أن شركة سوناطراك ليست مؤسسة ”أوفشور”، وتخضع لقوانين البلد، وتأتمر بتعليمات تأتيها من ”فوق”، من مجلس الوزراء ومن الحكومة وحتى من البرلمان، فهناك مسؤولية سياسية وأخلاقية على السلطة أن تتحمّلها وتعترف بها. لكن ما يلاحظ أن بعض الجهات الرسمية في الدولة تعمل، بشتى الحيل، لتغطية الفضيحة، وإبعاد طابع المساءلة عنها، حتى لا تجرّ معها رؤوسا كبرى نحو المحاكمة. لكن، في الجهة المقابلة، فإن طفو فضيحة من عيار سوناطراك في هذا التوقيت بالذات، ليست سوى مؤشر على ”الصراع بين الأجنحة داخل السلطة”، لأن سوناطراك ليست مجرد شركة عادية، بل هي مربط الفرس في منظومة الحكم في الجزائر، لما تدره من ريوع. إذ ليس بوسع أي نظام، مهما كانت عبقريته وقوّته، أن يبسط أعمدة حكمه من دون أن تكون تحت خدمته شركة تفرخ كل أنواع ”العملات الصعبة”، ويتوقف عليها سلم أو انتفاضة الجزائريين.
ومع ذلك، هناك من يرى في نشر الغسيل الوسخ لمؤسسات الدولة المتورطة في فضائح الفساد، بأنه يهدف إلى ”تسويد” صورة البلد في الخارج، وسدّ شهية الشركات الأجنبية الراغبة في الاستثمار، وبالتالي إضعاف السلطة القائمة وقطع الطريق أمامها، أو إجبارها على التفاوض من موقع يدفعها لتقديم تنازلات سياسية واقتصادية. وجرت العادة، منذ انقلاب بومدين إلى انتخاب الشاذلي إلى رحيل بوضياف واستقالة زروال ومجيء بوتفليقة، أن تسبق هذه المواعيد المفصلية في منظومة الحكم، خروج القضايا الخلافية في أعلى هرم الحكم للشارع، منها ما يراد بها ”عض الأصابع”، ومنها ما يهدف لإلهاء الشارع وتحييده عن اللعبة السياسية الحقيقية. والكل يتذكر المواعيد التي طرحت فيها قضية وزير العدل التي عجّلت بذهاب زروال، وفضيحة الخليفة غداة معركة العهدة الثانية، وها هي سوناطراك تلوح في أفق مؤشرات موعد .2014
لكن مع ذلك، فإن ما وقع في سوناطراك وغيرها، من اختلاس وتبذير وسوء إدارة الصفقات العمومية، ليس نقمة كما يتصوّر البعض، بل هو نعمة لأي سلطة لديها إرادة في محاربة الفساد، لكونها أمسكت برأس ”الخيط” الذي يوصلها إلى بؤر الفساد الحقيقية. وتعدّ الفرصة مناسبة للإمساك بقرون ثور الفساد والحدّ من حدّته، وهو من صميم استرجاع هيبة الدولة، لأن الدولة التي لا تملك القدرة على حماية أموال الشعب من أيدي العابثين والمختلسين، لا تفقد أسباب وجودها فحسب، وإنما تتحوّل إلى دولة ”الهمّ فيها يضحك ويبكي”.
الجزائر: ح. سليمان
الحزب العتيد يبحث عن أمين عام بمواصفات لم تتضح بعد
أزمة في جبهة التحرير.. صداع في السلطة
بالتجربة أو بالواقع، تتزامن الأزمات الداخلية في حزب جبهة التحرير الوطني مع استحقاقات الانتخابات الرئاسية، منذ عام .1999 وكانت أعنفها الأزمة التي هزت الحزب في عام 2003، سنة قبل رئاسيات 2004 التي ترشح فيها الأمين العام السابق للحزب، علي بن فليس، ضد الرئيس بوتفليقة. وبات الصراع في الحزب على مقربة من هكذا استحقاق، مؤشرا واضحا على صراع في مخابر السلطة ودوائر صنع القرار الفعلي، ومحددا رئيسيا للتوجهات التي تحكم ”شهوات السلطة” في الجزائر.
يضع الكثير من المراقبين الأزمة الحادّة التي يشهدها حزب جبهة التحرير الوطني، الذي تدير السلطة مجلس إدارته وتحوز غالبية أسهمه، في خانة الأعراض التي تسبق في العادة الانتخابات الرئاسية، قبل سنة من رئاسيات .2014 ويفسر الخلاف بين الأمين العام المسحوب منه الثقة والمحسوب على الرئيس بوتفليقة، عبد العزيز بلخادم، وخصومه من التصحيحيين والوزراء الذين يدينون بالولاء لأجهزة السلطة أكثـر من ولائهم للرئيس بوتفليقة، بأنه الشكل الظاهر للصراع بين جهة في السلطة، تسعى إلى استدعاء عوامل ومبرّرات الذهاب إلى عهدة رئاسية رابعة للرئيس بوتفليقة، بعد تعديل الدستور، وبين جهة أخرى تعمل على توفير ظروف ”كنس” كل الوجوه التي تؤثث المشهد السياسي الحالي في الجزائر، بدءا بالأمين العام السابق للأرندي أحمد أويحيى والأمين العام السابق لجبهة التحرير عبد العزيز بلخادم ورئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني، وصولا إلى الرئيس بوتفليقة نفسه.
ويدعم هذا التفسير تصريح منسق المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد الرحمن بلعياط، أن اللجنة المركزية يتوجب أن تختار أمينا عاما ينسجم مع التوجهات الكبرى للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهذا يعني أن هناك قيادات أخرى من الصف الأول في الحزب لا تنسجم في توجهاتها مع بوتفليقة، وتتفق في خياراتها مع أطراف أخرى مناوئة للرئيس.
الواضح أن أزمة جبهة التحرير شكل متقدم من صداع يصيب السلطة على مقربة كل انتخابات رئاسية، وحين توضع الأزمة على مقربة من جملة أحداث وتطورات حساسة في قطاعات أخرى، لها صلة مباشرة بالرئيس بوتفليقة ومحيطه المقرّب منه، كفضائح سوناطراك المتتالية، يصبح المشهد أكثـر وضوحا وأقرب إلى الفهم. ففي السياسة، لا شيء يبرّر الصدفة سوى الصراع على الكرسي.
الجزائر: عثمان لحياني
حوار
مؤسس حزب ”الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي”، كريم طابو، لـ”الخبر”
”مرض الجزائر أكثـر تفاقما من مرض بوتفليقة”
ما قراءتك لفضائح سوناطراك الجديدة والصراع داخل الأفالان ورسالة مالطي إلى رئيس جهاز المخابرات؟
أعطت فضيحة سوناطراك دليلا إضافيا بأن الرشوة والعنف والنهب تمارس في أعلى هرم الدولة. إن الرشوة تسير بوتيرة الورم الخبيث، وتفترس كل البلاد التي أصبحت مسرحا لكل التجاوزات والاضطرابات، بينما الدولة تقف عاجزة. أما أزمة الأفالان، فهي أثـر ثانوي للصراعات في هرم السلطة، والحزب يستعمل كأداة لإخفائها. وبعيدا عن الرسالة التي رفعها مالطي لرئيس المخابرات، فإن النقاش غائب والرأي العام مشتت، ولم يسبق للبلاد أن بلغت هذا المستوى من انعدام الأخلاق والغلق والانسداد. فالمؤسسات المعنية بفرض النقاش مغيَّبة، والذين يملكون الحق في تسيير ”الكمائن السياسية والأمنية” يظلون أرباب ”الدزاير”. إنهم يتصارعون على الثـروات والتموقع داخل السلطة، ضاربين القوانين عرض الحائط، ويحتقرون الشعب الذي يتعاملون معه كلعبة.
هل تعتقد أن لذلك علاقة بالانتخابات الرئاسية في 2014؟
لا شك في ذلك، لهذه الأحداث علاقة جدلية برئاسيات .2014 فالعلاقات المبنية على العنف التي تميّز تسيير السلطة، لا تؤشر على أي شيء إيجابي للبلاد، بل في كل تصرّفات السلطة لا يظهر أي مؤشر إيجابي على انتخابات تستجيب للضوابط الديمقراطية، بل كل شيء يفيد بأن خارج النقاش المزيّف حول ”الاحتفاظ بالأشخاص أو استبدالهم”، سيخضع الاستحقاق المقبل للشرط المعمول به منذ 1991، بمعنى استحقاق بدورين: الأول مخصص لـ”كبار الناخبين”، والثاني سيكون ”كرنفالا شعبيا”. وفي الغالب، يصوّت كبار الناخبين بالوكالة من واشنطن وباريس. وما يجري، اليوم، ليس اعتباطيا، فـ”الهزات السياسية والمالية” التي نشهدها مرتبطة بلعبة الانتخابات التي تمسك بها السلطة.
كيف تفسر صمت الرئيس على أحداث هامة وقعت بالبلاد، كفضائح سوناطراك وحادثة تيفنتورين وأزمة الأفالان، وصمته على تعديل الدستور؟
عندما يتحدث رئيس الدولة، يفعل ذلك ليقول لا شيء في غالب الأحيان، وعندما يقول شيئا لن يتبع أبدا بآثار ملموسة في الميدان. وقد تحوّل الصمت، في السنوات الأخيرة، إلى منظومة اتصال حقيقية. لقد تجذر في ثقافة المسؤولين، وفي سير المؤسسات، إنه نظام قائم على احتقار الشعب. وشخصيا، أرى بأنه لا ينبغي التركيز على هذا الجانب الثانوي في الإشكالية. فالبعض يفسر غيابه بالمرض، بينما أنا أرى أن الوضع أكثـر خطورة، لأن مرض البلد أكثـر تفاقما من مرض بوتفليقة. أما السلطة، فلاحظنا أنها منذ الانقلاب عام 1991 زعمت أنها هي صمّام الأمان في البلاد. واليوم، تبيّن الأحداث بأنها تحوّلت إلى تهديد للأمن القومي، وعلى الجزائريين التجند لتنحية هؤلاء اللصوص.
الجزائر: حاوره حميد يس
الوزير السابق، عبد السلام علي راشدي، لـ”الخبر”
”المطلوب وثبة وطنية من جيل الضباط الجدد”
هل تعتقد بوجود علاقة بين استقالة أويحيى وتنحية بلخادم وبين رئاسيات 2014؟
رغم أن رحيل أويحيى وبلخادم وسعدي جاء في سياقات مختلفة، لكنه مرتبط بالمناورات الجارية في النظام تحسبا لـ.2014 ويتعلق الأمر أساسا باستخلاف بوتفليقة الذي يبلغ من العمر اليوم 76 سنة، ويعاني من المرض، والذي تقول الإشاعات بأنه يرغب في عهدة رابعة. وأمام هذا المشهد، قد يكون الهدف الأساسي من التعديل الدستوري استحداث منصب نائب رئيس، ينتخب مع الرئيس في نفس الوقت، وهو من يكمل العهدة في حال الشغور، وهو من ستكون له حظوظ وافرة لإعادة انتخابه رئيسا. إذن، كل القضية مطروحة حول من هو المرشح لمنصب نائب الرئيس؟ فمن أدركوا استحالة أن يكونوا مرشحين، فهموا بأن الأفق مغلق حتى 2024 على الأقل. والحقيقة أن النظام في حالة انسداد، فكل المسؤولين الذين أفرزتهم حرب التحرير، مسنون، وبدأوا يختفون الواحد بعد الآخر.
الكشف عن فضائح الفساد عبارة عن أوراق ضغط توظفها أجنحة النظام ضد بعضها كلما اقترب موعد سياسي هام، ما رأيك في هذا الطرح؟
يستمد النظام ديمومته، حصريا، من الريع النفطي الذي يسمح للسلطة بشراء سلم اجتماعي، وتغذية شبكات الرشوة الممتدة حتى أعلى هرم الدولة، وبضمان استمرار النظام الذي يعتبر صراع الأجنحة من ثوابته. وفي هذا الصراع، كل الضربات مسموح بها، دون أن تصل إلى حدّ إعادة النظر في أسس النظام. ولذلك، يحاول جناح إضعاف الآخر بالكشف عن قضايا فساد خطيرة، فيرد عليه بالتلويح بملف الاغتيالات السياسية، أو بدسائس أخرى. وفي هذه الأجواء، ندفَع الثمن ككباش فداء، وفي النهاية تتوصل الأجنحة المتصارعة إلى تسوية، إلى غاية الأزمة المقبلة. ويبدو أن مركزي السلطة الأساسيين، اليوم، لم يتوصلا إلى إجماع حول الرئاسيات المقبلة، فتتواصل المواجهة بينهما.
ما هي السيناريوهات المحتملة في حال لم يترشح بوتفليقة لعهدة رابعة؟
توجد عدة سيناريوهات. بوتفليقة يظهر بأنه سيكمل عهدته، ولكن غير مؤكد أنه سيكون قادرا على خوض حملة من أجل عهدة رابعة في سن الـ.77 وهناك احتمال أن يتوفى قبل نهاية العهدة الحالية، دون أن يعدَّل الدستور، وهذا هو السيناريو الأسوأ بالنسبة لأصحاب القرار، الذين لا يخشون شيئا أكثـر من انتخابات رئاسية مبكرة. أما السيناريو المأمول به منذ الـ90 القائم على انتقال متفق عليه، فغير ممكن اليوم، بحكم أن القوى الديمقراطية تم تحطيمها عمدا لجعل أي بديل للنظام الحالي مستحيلا. وتوجد فرضيتان احتمالهما ضئيل، ولكنه ليس مستحيلا: وثبة وطنية من الجيل الجديد للضباط السامين لفرض الانفتاح الحقيقي على صانعي القرار المسنين، أو وثبة شعبية ترغم الذين يمسكون بالسلطة على الرحيل ويكون الثمن، هنا، فترة اضطرابات طويلة.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى