سعداني.. قريب من مصدر الوحي أم “كاميكاز” سياسي؟

يرفض الأمين العام لجبهة التحرير الوطني عمار سعداني ترك مساحة ولو صغيرة لنفسه من باب الممارسة السياسية المعقولة، لإعلان موقف يتكيف مع المستجدات في حال لم يترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة، ما يدفع للتساؤل حول مصدر ثقة سعداني فيما يقوله بشأن ملفات ثقيلة، وهو المقيد بفترة لا تتعدى عشرة أيام تتضح الصورة بشأنها إن كان خطابه حقيقة أم مجرد أماني. والسؤال المطروح هل سعداني قريب فعلا من مصدر الوحي؟ أم أنه يمثل مشروع انتحاري “كاميكاز” سياسي؟



تثير تصريحات عمار سعداني حول حسمه في تعديل الدستور قبل الرئاسيات وترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة، ردود فعل مستغربة حول مدى “ثقة” الرجل فيما يدعيه من وعود سياسية يمكن اكتشاف صحتها أو زيفها في ظرف عشرة أيام لا أكثر، ما دام استدعاء الهيئة الناخبة لن يتجاوز حدود 16 من الشهر الجاري، ومعنى ذلك أن الجزائر دخلت مرحلة جدية في تحضير الرئاسيات، وأن المرشحين المفترضين مطالبون بالكشف عن نياتهم ما دام عنصر المناورة باستعمال عامل الوقت قد سحب من بين أيدي الجميع.

وتقول مصادر على صلة بموقف عمار سعداني لـ “الخبر”، إن كلام الرجل عن اقتراب ترشح بوتفليقة والذي ردده على مسامع أعضاء المكتب السياسي يكون قد أصر عليه في جلسة خاصة عقدها مساء ذات اليوم في إقامة الدولة بموريتي أمام بعض المقربين منه، مؤمنا بأن تعديل الدستور سيطرح في الأيام القليلة المقبلة وأن بوتفليقة سيكون مرشح الأفالان، وبما أن القاصي والداني على علم بعلاقة سعداني بشقيق الرئيس الأصغر، فيطرح السؤال بحدة: كيف لسعداني إذن أن يعد بما هو غير موجود؟ أليس فم السعيد بوتفليقة في أذن الأمين العام للجبهة؟ قد يكون سعداني مخطئا في هذه الحالة إلا أن يكون ملف الرئاسيات قد خرج من بين أيدي “زمرة” الرئيس وعاد لأصحاب الدار من جديد.

ويقول مصدر تحدث مع سعداني في هذا الشأن “الرجل متأكد أن الرئيس سيترشح ولا يوجد أدنى شك عنده حول ذلك”، بيد أن كثيرا من المؤشرات تكشف أن عمار سعداني يسير في محاولة أخيرة لـ “إرغام” بوتفليقة على الترشح وإظهار قبوله لو تم أنه استجابة ملحة. ولكن خطة سعداني تتطلب توجيه نداء من حشود كبيرة تحضر للقاعة البيضاوية السبت المقبل، ويعقبها طرح دستوري يضمن تأسيس منصب نائب رئيس يتولى المرحلة المقبلة ويكون هو محل الإجماع الوطني وليس الرئيس نفسه، ويعد سعداني نفسه بأنه مقبل على استقالة تاريخية في حال لم يتحقق مشروعه.

وما يلفت الانتباه أكثر أن خطاب الأمين العام للأفالان هو الوحيد بين باقي حلفاء الرئيس من أغلق الباب على نفسه أمام أي احتمال لتوجيه التأييد لرجل غير بوتفليقة في حال جهر الأخير رسميا بعدم ترشحه، فعمارة بن يونس بات نادر الحديث عن هذا الملف مبتعدا عن النشاط الحزبي بشكل متعمد إلى حين توضح الصورة، ونفس الأمر بالنسبة لعبد القادر بن صالح الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي الذي أطلق تلميحات وليس تصريحات في مؤتمر الأرندي الرابع ثم اختفى إلى حين دورة المجلس الوطني المقبلة، والتي تنعقد في تاريخ تكون فيه الرؤية قد توضحت وسيكون بن صالح لحظتها مطالبا بالتزكية فقط، ولم يبق في الساحة لعمار سعداني من حلفاء إلا عمار غول رئيس تجمع أمل الجزائر الوحيد الأقرب في الأطروحات لما يرافع له الأفالان بشأن مصير الرئيس بوتفليقة.