يلاقينا بمن يمنحنا حقنا المهضوم..

عندما تمتلأ القلوب و تحتقن النفوس لا أجد مخرجاًّ للتعبير سوى الكتابة و تقاسم الآلام مع الأصدقاء و الأحباب الذين بتعليقاتهم و آرائهم أنسى و أواسي نفسي لتنسى.
درسنا و اجتهدنا و هرمنا من أجل العمل و ما... أدراك ما العمل في بلاد اسمها الجزائر أين الكل يتغنى بالعزة و الكرامة، أين هي لا أدري؟؟؟.
بعد طول عناء و انتظار جاءت الفرصة الذهبية و كما كان اقتنصتها و اغتنمتها لأبرز إمكانياتي، اجتهدت و عملت و كدحت ليلاً و نهاراً، تحملت مسؤولياتي كاملة لأرضي رب العمل، و بعد فترة وجيزة من الكدح فهمت بأن صاحب العمل أو "big boss" كما يحب أن يسمي نفسه لا يقدر عملك و اتقانك بقدر ما يهمه المال ثم المال و بعده المال إلى أن يرث الله الأرض و من فيها.
فهمت عقلية بعض أصحاب البطون المنتفخة و العقول الصغيرة جداً إن لم نقل المنعدمة عندنا، يراك أداة في يده يحركها كيفما شاء ليربح هو و تشقى أنت، يرى نفسه محسناً إليك بمنحك المنصب و لا يرى بأنك مصدر فرحه و سعادته فعملك هو من يدر عليه الملايير و يمنحه الرفاهية و السكينة.
على بعد أشهر من التخرج من المستوى العالي و الراقي إلى أسفل المستويات، على بعد أقل من سنة من حلم الدكتوراه من أكبر الدرجات في العلم إلى التعامل مع من لا مستوى له.
هذه هي قصتي و أعلم بأنها قصة الكثير من الشباب مثلي من لم يجد بداً من التحمل و الصبر لعلى و عسى يرضى رب العمل أو يفتح الله سبحانه باباً للرزق في مكان آخر.
بعد كل الجهد و الشقاء و التعب و سهر الليالي يمنحك صاحب العمل أجرك و حق تعبك ليجازيك أجر شقاوتك و تحمل تعبه قبل عناده و جهله قبل علمه و سفهه قبل حكمته و يا له من أجر تقشعر الأبدان لسماع رقمه و تتسارع دقات قلبك و تكاد تخرج الروح، كل هذا من هول ما سمعت، نعم إنه أجري الذي و بعد طول انتظار و بعد أن تركت له عمله لعدم تحملي تدني المستوى بل انعدامه قرر صاحب العمل وأخيراً أن يمنحني حقي و هو 5000 دج نظير تعبي و شقوتي.
بعد هذا سقطت الدمعة من عيني لا شعورياً و أحسست بحرقة تمزق قلبي من شدة الغيظ 5000 دج و بعملية حسابية بسيطة نجد بأنني اشتغلت ب 600 دج لليوم و العمل من 8 صباحاً إلى 5 مساءاً و تزداد حسب العمل الموجود لتصل إلى 9 – 10 ساعات/ اليوم. يضاف إلى هذا كله صيام كل أيام العمل لأن سيدنا لا يمنحك المال للغذاء و لا للتنقل من أجل العمل، نعم كنت أصوم أحياناً مجبراً لا مخيراً لعدم امتلاك المال الكافي للغذاء خارجاً لأنني أفضل ترك المال للتنقل من أجل الدراسة على أن أخصصها لبطني المسكين الذي بدوره انصدم من هذا الرقم و نعتني بأبشع الأوصاف حتى خجلت من مواجهته و قال لي بأبسط العبارات يا سيد نبيل أكنت أعاني طول اليوم من أجل هذا الأجر الزهيد، أما علمت بأنك ستسأل عني يوم الحشر فبما ستجيب رب العزة آنذاك.
هذه قصة أيامي الماضية، و أتمنى غداً مشرقاً لي و لجميع من كدح و تعب من أجل حياة زاهرة، فما دام هناك حياة هناك أمل و الأمل كل الأمل في الخالق سبحانه و تعالى في أن يلاقينا بمن يمنحنا حقنا المهضوم.