ان كنت ممن يسمع الاغاني فاقرا!!؟
الثلاثاء 9 فبراير - 19:35
ان كنت ممن يسمع الاغاني فاقرا!!؟
السلام عليكم ولرحمة الله تعالى وبركاته
ان كنت ممن يسمع الاغاني فاقرا
ولكن ماذا أقول .. وبماذا أبدأ .. نعم .. ماذا أقول عن الغناء .. صوتِ العصيان.. وعدوِّ القرآن.. ومزمارِ الشيطان.. الذي يزمر به فيتبعه أولياؤه.. ماذا أقول عن الغناء .. وهو قرآن الشيطان ..
والحجاب عن الرحمن .. فلو رأيتهم عند سماع الغناء .. وقد علت منهم الأصوات .. وهاجت منهم الحركات .. يتمايلون تمايل السكران .. ويتكسرون تكسر النسوان .. وكم من قلوب هناك تمزق .. وأموالٍ في غير طاعة الله تنفق .. قضوا حياتهم لذة وطرباً .. واتخذوا دينهم لعباً ولهواً .. ماذا أقول عن الغناء .. وما أدمن عليه عبد إلا استوحش من القرآن والمساجد .. وفر عن كل راكع وساجد .. وغفل عن ذكر الرب المعبود .. واستأنس باصوات النصارى واليهود .. وابتلي بالقلق والوساوس .. وأحاط به الضيق والهواجس .. ماذا أقول عن الغناء ؟ وقد تغلب على بعض العقول وطغى .. وزاد في الضلال وبغى .. بل لو سألت بعض الناس اليوم .. عن النبي عليه السلام .. عن سنة من سننه .. أو هدي من هديه .. أو طريقة منامه .. واستيقاظه وأكله .. لقال لك : لا أدري .. وكيف له أن يدري ؟! بل ومن أين يدري .. وهو يعكف على هذه الأغاني آناء الليل وأطراف النهار؟ .. فيدري عن المغنية فلانة .. كيفية أكلها .. ولون ثوبها .. ومقاس حذائها .. وعدد حفلاتها .. وأسماء ملحنيها .. ويدري عن المغني فلان .. عن سيارته .. وعدد أشرطته .. وألحان أغنياته وكأن أحدهم عالم جليل .. أو مجاهد نبيل .. وما خلق الله العباد .. لأجل غناء وفساد .. وإنما خلقهم ليعبدوه .. ويحموا الدين وينصروه .. ومن عاش عيش المؤمنين .. ورفع راية الدين .. لم يلتفت إلى شيء من ذلك .. نعم لم يلتفت إلى رقص راقص .. ولم يستفزه عزف عازف .. بل أدرك سرّ وجوده في الحياة .. فعاش لأجله ومات .. وانظر .. إلى الذين يعيشون للإسلام .. يحيون من أجله .. ويموتون منه أجله .. ويسكبون دماءهم فداء له .. أقوام صالحون فطنا .. طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا .. بذلوا لربهم حياتهم .. وأنفقوا له موالهم .. وأذلوا بين يديه جباههم .. وفارقوا لأجله أوطانهم .. يأخذ ربهم من دمائهم .. يغسل بها سيئاتهم .. ويطيب حسناتهم وإنك لتعجب.. وتعجبين.. إذا علمت أن قوله تعالى للمؤمنات :{ ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن }.. معناه : أن لا تضرب المرأة برجلها الأرض بقوة وهي لابسة خلاخل في قدميها.. حتى لا يسمع الرجال صوت الخلاخل فيفتنون . إذا كان هذا حراماً.. فما بالك بمن تغني وتتمايل .. وترفع صوتها بالضحكات.. والهمسات.. كيف بمن تتكسر في صوتها .. وتتميع في كلامها .. تتأوه ووتتغنج .. فتثير الغرائز والشهوات .. وتدعوا غلأى الفواحش والنمكرات .. وهذا كله من إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا.. وقد توعد الله من فعل ذلك بقوله : { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون} .. وهذا الوعيد في الذين يحبون أن تشيع الفاحشة.. فقط مجرد محبة.. لهم عذاب أليم.. فكيف بمن يعمل على إشاعتها. لذا قال ابن مسعود : الغناء رقية الزنا.. أي أنه طريقُه ووسيلتُه.. ذكر ابن قدامة في التوابين .. أن رجلاً عابداً .. مر يوماً ببيتٍ فسمع جارية تغني من داخل البيت .. فوسوس له الشيطان .. فبطأ خطاه ليسمع فرآه صاحب الدار .. فخرج إليه وقال : هل لك أن تدخل فتسمع ؟ فتأبى عليه .. فلم يزل به حتى تسمح وقال : أقعدني في موضع لا أراها ولا تراني .. فقال صاحب الدار : أجعل بينكما ستراً .. فدخل وجلس خلف الستر .. فتغنت وتغنجت وتأوهت فأعجبته .. واشتاق إليها .. فقال صاحب الدار : هل أكشف الستر ؟ قال : لا .. فلم يزل به .. حتى كشفه فرآها .. فاجتمعت فتنة السمع والبصر .. فلم يزل يسمع غناءها حتى شغفت به وشغف بها .. وأصبح في كل يوم يستمع إليها .. وافتضح أمره وأمرها .. فلما تمكن الشيطان منهما .. قالت له يوماً : أنا والله أحبك .. قال : وأنا أحبك .. فدعته إلى الفاحشة .. وقالت : ما يمنعك ؟ فوالله إن الموضع لخال .. فانتفض وقال : بلى ولكن لا آمن أن أفاجأ بالقضا .. ثم بجمر كالغضا .. ثم بسياط وزقوم .. وتهويل ورجوم .. ثم نهض من عندها .. وعيناه تذرفان .. فلم يرجع بعد إليها .. فانظر كيف كاد أن يهلكه الشيطان .. بسماع العزف والألحان .. وكم من شاب تعلق قلبه بمغنية فاجرة .. يهتز فؤاده .. كلما سمع صوتها أو رأى صورتها .. وكم من فتاة عفيفة ..سمعت مطرباً فاجراً ..فاشتاقت إلى صوته وصورته.. فلا تعجب إذا رأيته أو رأيتها .. قد يعلقون الصور .. ويجمعون الأشرطة .. والقلب يهوى ويتمنى .. فيا من يرى سقمي يزيد وعلتي أعيت طبيبي لا تعجبن فهكذا يجني الغناء على القلوب بل قد قرن النبي عليه السلام الغناء بالخمر والزنا .. فقال فيما رواه البخاري : ( ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحِرَّ والحرير والخمر والمعازف ) .. ومعنى يستحلون : أنهم يفعلون هذه المحرمات .. فعل المستحل لها بحيث يكثرون منها .. ولا يتحرجون من فعلها .. أو يبحثون عمن يفتيهم بحلها .. وصح عند الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( نُهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نعمة ؛ لهو ولعب ومزامير شيطان .. وصوت عند مصيبة؛ لطم وجوه وشق جيوب ) .. فسمى الغناء صوتاً أحمق فاجراً .. لأنه لأهل الحمق والفجور .. وسئل ابن مسعود عن قوله تعالى : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) .. قيل له : ما هو لهو الحديث .. فقال : والله الذي لا إله إلا هو إنه الغناء .. وصدق ابن مسعود رضي الله عنهما .. وإن لم يقسم .. وسئل محمد بن الحنفية رحمه الله .. عن قوله تعالى : ( والذين لا يشهدون الزور وإذا مرّوا باللغو مرّوا كرامًا ) .. قيل: ما الزور ؟ قال : هو الغناء .. لأنه يميل بك عن ذكر الله .. وقال تعالى لكفار قريش : ( أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون ولا تبكون * وأنتم سامدون ) .. قال ابن عباس: سامدون : مغنون .. تقول العرب : اسمُد لنا أي غنِّ لنا .. ووصف الله تعالى أحوال عباد الأصنام .. عند البيت الحرام .. فقال عز وجل : { وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ) .. والمكاء والتصدية .. نوع من المعازف .. وهو التصفيق والتصفير .. وقد قال يزيد بن الوليد: يا بني أمية .. إياكم والغناء .. فإنه يذهب الحياء .. ويزيد الشهوة .. ويهدم المروءة .. وإنه لينوب عن الخمر .. ويفعل ما يفعل السكر .. فإن كنتم لابد فاعلين .. فجنبوه النساء .. فإن الغناء داعية الزنا أيها الأحبة الفضلاء .. هذه أحوال الغناء وأهله .. طرب ومزمار .. وفضائح وأسرار .. وغفلة بالليل والنهار .. ومما يعين المرء على التوبة من الغناء .. وطاعة رب الأرض والسماء .. الرغبةُ في دار الأخرى .. فيها متع عظيمة .. والتفكر في السماع في دار القرار .. فإن من صرف استمتاعه في هذه الدار إلى ما حرم الله عليه منعه من الاستمتاع هناك .. قال صلى الله عليه وسلم : ( من يلبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة.. ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة ) .. فلا يكاد يُجمع للعبد بين لذائذ الدنيا المحرمة.. ولذائذ الآخرة الدائمة .. فمن تلذذ في الدنيا بشرب الخمر .. ولبس الحرير .. وسماع الغناء .. خُشي أن يحرم من هذا كله في الآخرة .. ومن تعلقت نفسه بالجنة وما أعدَّ الله فيها من المتع هانت عليه متع الدنيا.. قال الله تعالى : ( ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون * فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون (صدق الله العظيم . إذا كان يومُ القيامة نادى مناد أين الذين كانوا ينزهون أسماعهم وأنفسهم عن مجالس اللهو ومزامير الشيطان .. أسكنوهم رياض المسك .. ثم يقول للملائكة : اسمعوهم تمجيدي وتحميدي .. فيا سامع الغناء .. أيها المؤمن الموح .. (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ(.. يا سامع الغناء .. ( مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ ) .. يا سامع الغناء .. ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ( يا سامع الغناء .. ( وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ(.. يا سامع الغناء .. تصور نفسك وأنت بين زملائك في لهو وطرب .. وإعراض ولعب .. وفجأة .. إذ خسف الله بكم الأرض .. أو مسخكم قردة وخنازير .. كما توعد النبي عليه السلام أهل الغناء .. فما موقفك ؟ وما مصيرك ؟ وكيف يكون جوابك أمام الجبار جل جلاله .. وأنت على هذه الحال .. يا سامع الغناء .. أرأيت لو سلب الله سمعك .. فصرت تقعد بين الناس .. لا تدري عنهم إذا تكلموا .. ولا تفهم مرادهم إذا ضحكوا .. تتلفت بينهم بعينيك .. أو تشير لهم بيديك .. ( كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى) .. يا سامع الغناء .. أين المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم .. وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا .. وعلى ربهم يتوكلون .. أين الذين يسبحون بحمد ربهم بكرة وأصيلاً .. أين الذين إذا سمعوا حكم الله أذعنوا وأطاعوا .. وذلوا وانصاعوا .. أما تخشى سوء الخاتمة .. فتلقى الله سامعاً .. أو مغنياً أو عازفاً .. ذكر ابن القيم : أن رجلا من أهل الغناء والمعازف حضرته الوفاة .. فلما اشتدّ به نزع روحه .. قيل له : قل لا إله إلا الله .. فجعل يردد أبياتاً من الغناء .. فأعادوا عليه التلقين ..: قل لا إله إلا الله .. فجعل يردد الألحان ويقول : تنتنا .. تنتنا .. حتى خرجت روحه من جسده .. وهو إنمّا يلحّن ويغني .
السلام عليكم ولرحمة الله تعالى وبركاته
ان كنت ممن يسمع الاغاني فاقرا
ولكن ماذا أقول .. وبماذا أبدأ .. نعم .. ماذا أقول عن الغناء .. صوتِ العصيان.. وعدوِّ القرآن.. ومزمارِ الشيطان.. الذي يزمر به فيتبعه أولياؤه.. ماذا أقول عن الغناء .. وهو قرآن الشيطان ..
والحجاب عن الرحمن .. فلو رأيتهم عند سماع الغناء .. وقد علت منهم الأصوات .. وهاجت منهم الحركات .. يتمايلون تمايل السكران .. ويتكسرون تكسر النسوان .. وكم من قلوب هناك تمزق .. وأموالٍ في غير طاعة الله تنفق .. قضوا حياتهم لذة وطرباً .. واتخذوا دينهم لعباً ولهواً .. ماذا أقول عن الغناء .. وما أدمن عليه عبد إلا استوحش من القرآن والمساجد .. وفر عن كل راكع وساجد .. وغفل عن ذكر الرب المعبود .. واستأنس باصوات النصارى واليهود .. وابتلي بالقلق والوساوس .. وأحاط به الضيق والهواجس .. ماذا أقول عن الغناء ؟ وقد تغلب على بعض العقول وطغى .. وزاد في الضلال وبغى .. بل لو سألت بعض الناس اليوم .. عن النبي عليه السلام .. عن سنة من سننه .. أو هدي من هديه .. أو طريقة منامه .. واستيقاظه وأكله .. لقال لك : لا أدري .. وكيف له أن يدري ؟! بل ومن أين يدري .. وهو يعكف على هذه الأغاني آناء الليل وأطراف النهار؟ .. فيدري عن المغنية فلانة .. كيفية أكلها .. ولون ثوبها .. ومقاس حذائها .. وعدد حفلاتها .. وأسماء ملحنيها .. ويدري عن المغني فلان .. عن سيارته .. وعدد أشرطته .. وألحان أغنياته وكأن أحدهم عالم جليل .. أو مجاهد نبيل .. وما خلق الله العباد .. لأجل غناء وفساد .. وإنما خلقهم ليعبدوه .. ويحموا الدين وينصروه .. ومن عاش عيش المؤمنين .. ورفع راية الدين .. لم يلتفت إلى شيء من ذلك .. نعم لم يلتفت إلى رقص راقص .. ولم يستفزه عزف عازف .. بل أدرك سرّ وجوده في الحياة .. فعاش لأجله ومات .. وانظر .. إلى الذين يعيشون للإسلام .. يحيون من أجله .. ويموتون منه أجله .. ويسكبون دماءهم فداء له .. أقوام صالحون فطنا .. طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا .. بذلوا لربهم حياتهم .. وأنفقوا له موالهم .. وأذلوا بين يديه جباههم .. وفارقوا لأجله أوطانهم .. يأخذ ربهم من دمائهم .. يغسل بها سيئاتهم .. ويطيب حسناتهم وإنك لتعجب.. وتعجبين.. إذا علمت أن قوله تعالى للمؤمنات :{ ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن }.. معناه : أن لا تضرب المرأة برجلها الأرض بقوة وهي لابسة خلاخل في قدميها.. حتى لا يسمع الرجال صوت الخلاخل فيفتنون . إذا كان هذا حراماً.. فما بالك بمن تغني وتتمايل .. وترفع صوتها بالضحكات.. والهمسات.. كيف بمن تتكسر في صوتها .. وتتميع في كلامها .. تتأوه ووتتغنج .. فتثير الغرائز والشهوات .. وتدعوا غلأى الفواحش والنمكرات .. وهذا كله من إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا.. وقد توعد الله من فعل ذلك بقوله : { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون} .. وهذا الوعيد في الذين يحبون أن تشيع الفاحشة.. فقط مجرد محبة.. لهم عذاب أليم.. فكيف بمن يعمل على إشاعتها. لذا قال ابن مسعود : الغناء رقية الزنا.. أي أنه طريقُه ووسيلتُه.. ذكر ابن قدامة في التوابين .. أن رجلاً عابداً .. مر يوماً ببيتٍ فسمع جارية تغني من داخل البيت .. فوسوس له الشيطان .. فبطأ خطاه ليسمع فرآه صاحب الدار .. فخرج إليه وقال : هل لك أن تدخل فتسمع ؟ فتأبى عليه .. فلم يزل به حتى تسمح وقال : أقعدني في موضع لا أراها ولا تراني .. فقال صاحب الدار : أجعل بينكما ستراً .. فدخل وجلس خلف الستر .. فتغنت وتغنجت وتأوهت فأعجبته .. واشتاق إليها .. فقال صاحب الدار : هل أكشف الستر ؟ قال : لا .. فلم يزل به .. حتى كشفه فرآها .. فاجتمعت فتنة السمع والبصر .. فلم يزل يسمع غناءها حتى شغفت به وشغف بها .. وأصبح في كل يوم يستمع إليها .. وافتضح أمره وأمرها .. فلما تمكن الشيطان منهما .. قالت له يوماً : أنا والله أحبك .. قال : وأنا أحبك .. فدعته إلى الفاحشة .. وقالت : ما يمنعك ؟ فوالله إن الموضع لخال .. فانتفض وقال : بلى ولكن لا آمن أن أفاجأ بالقضا .. ثم بجمر كالغضا .. ثم بسياط وزقوم .. وتهويل ورجوم .. ثم نهض من عندها .. وعيناه تذرفان .. فلم يرجع بعد إليها .. فانظر كيف كاد أن يهلكه الشيطان .. بسماع العزف والألحان .. وكم من شاب تعلق قلبه بمغنية فاجرة .. يهتز فؤاده .. كلما سمع صوتها أو رأى صورتها .. وكم من فتاة عفيفة ..سمعت مطرباً فاجراً ..فاشتاقت إلى صوته وصورته.. فلا تعجب إذا رأيته أو رأيتها .. قد يعلقون الصور .. ويجمعون الأشرطة .. والقلب يهوى ويتمنى .. فيا من يرى سقمي يزيد وعلتي أعيت طبيبي لا تعجبن فهكذا يجني الغناء على القلوب بل قد قرن النبي عليه السلام الغناء بالخمر والزنا .. فقال فيما رواه البخاري : ( ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحِرَّ والحرير والخمر والمعازف ) .. ومعنى يستحلون : أنهم يفعلون هذه المحرمات .. فعل المستحل لها بحيث يكثرون منها .. ولا يتحرجون من فعلها .. أو يبحثون عمن يفتيهم بحلها .. وصح عند الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( نُهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نعمة ؛ لهو ولعب ومزامير شيطان .. وصوت عند مصيبة؛ لطم وجوه وشق جيوب ) .. فسمى الغناء صوتاً أحمق فاجراً .. لأنه لأهل الحمق والفجور .. وسئل ابن مسعود عن قوله تعالى : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) .. قيل له : ما هو لهو الحديث .. فقال : والله الذي لا إله إلا هو إنه الغناء .. وصدق ابن مسعود رضي الله عنهما .. وإن لم يقسم .. وسئل محمد بن الحنفية رحمه الله .. عن قوله تعالى : ( والذين لا يشهدون الزور وإذا مرّوا باللغو مرّوا كرامًا ) .. قيل: ما الزور ؟ قال : هو الغناء .. لأنه يميل بك عن ذكر الله .. وقال تعالى لكفار قريش : ( أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون ولا تبكون * وأنتم سامدون ) .. قال ابن عباس: سامدون : مغنون .. تقول العرب : اسمُد لنا أي غنِّ لنا .. ووصف الله تعالى أحوال عباد الأصنام .. عند البيت الحرام .. فقال عز وجل : { وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ) .. والمكاء والتصدية .. نوع من المعازف .. وهو التصفيق والتصفير .. وقد قال يزيد بن الوليد: يا بني أمية .. إياكم والغناء .. فإنه يذهب الحياء .. ويزيد الشهوة .. ويهدم المروءة .. وإنه لينوب عن الخمر .. ويفعل ما يفعل السكر .. فإن كنتم لابد فاعلين .. فجنبوه النساء .. فإن الغناء داعية الزنا أيها الأحبة الفضلاء .. هذه أحوال الغناء وأهله .. طرب ومزمار .. وفضائح وأسرار .. وغفلة بالليل والنهار .. ومما يعين المرء على التوبة من الغناء .. وطاعة رب الأرض والسماء .. الرغبةُ في دار الأخرى .. فيها متع عظيمة .. والتفكر في السماع في دار القرار .. فإن من صرف استمتاعه في هذه الدار إلى ما حرم الله عليه منعه من الاستمتاع هناك .. قال صلى الله عليه وسلم : ( من يلبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة.. ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة ) .. فلا يكاد يُجمع للعبد بين لذائذ الدنيا المحرمة.. ولذائذ الآخرة الدائمة .. فمن تلذذ في الدنيا بشرب الخمر .. ولبس الحرير .. وسماع الغناء .. خُشي أن يحرم من هذا كله في الآخرة .. ومن تعلقت نفسه بالجنة وما أعدَّ الله فيها من المتع هانت عليه متع الدنيا.. قال الله تعالى : ( ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون * فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون (صدق الله العظيم . إذا كان يومُ القيامة نادى مناد أين الذين كانوا ينزهون أسماعهم وأنفسهم عن مجالس اللهو ومزامير الشيطان .. أسكنوهم رياض المسك .. ثم يقول للملائكة : اسمعوهم تمجيدي وتحميدي .. فيا سامع الغناء .. أيها المؤمن الموح .. (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ(.. يا سامع الغناء .. ( مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ ) .. يا سامع الغناء .. ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ( يا سامع الغناء .. ( وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ(.. يا سامع الغناء .. تصور نفسك وأنت بين زملائك في لهو وطرب .. وإعراض ولعب .. وفجأة .. إذ خسف الله بكم الأرض .. أو مسخكم قردة وخنازير .. كما توعد النبي عليه السلام أهل الغناء .. فما موقفك ؟ وما مصيرك ؟ وكيف يكون جوابك أمام الجبار جل جلاله .. وأنت على هذه الحال .. يا سامع الغناء .. أرأيت لو سلب الله سمعك .. فصرت تقعد بين الناس .. لا تدري عنهم إذا تكلموا .. ولا تفهم مرادهم إذا ضحكوا .. تتلفت بينهم بعينيك .. أو تشير لهم بيديك .. ( كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى) .. يا سامع الغناء .. أين المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم .. وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا .. وعلى ربهم يتوكلون .. أين الذين يسبحون بحمد ربهم بكرة وأصيلاً .. أين الذين إذا سمعوا حكم الله أذعنوا وأطاعوا .. وذلوا وانصاعوا .. أما تخشى سوء الخاتمة .. فتلقى الله سامعاً .. أو مغنياً أو عازفاً .. ذكر ابن القيم : أن رجلا من أهل الغناء والمعازف حضرته الوفاة .. فلما اشتدّ به نزع روحه .. قيل له : قل لا إله إلا الله .. فجعل يردد أبياتاً من الغناء .. فأعادوا عليه التلقين ..: قل لا إله إلا الله .. فجعل يردد الألحان ويقول : تنتنا .. تنتنا .. حتى خرجت روحه من جسده .. وهو إنمّا يلحّن ويغني .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى