لنراجع معا دروس الفلسفة - ادبي...بطريقة افضل
الأحد 1 مايو - 10:41
لنراجع معا دروس الفلسفة.....بطريقة ابسط
الموضوع – قول:
“إن فرضية اللاوعي فرضية لازمة و مشروعة و إن لنا أدلة كثيرة على وجود اللاوعي”.
أ-إشرح أفكار القول مبيَناً إشكاليته.
ب- ناقش موقف فرويد من مسألة وجود اللاوعي على ضوء مواقف أخرى بحثت في المسألة عينها.
ج- برأيك هل يصح اعتبار اكتشاف اللاوعي ثورة حقيقية في ميدان العلوم الإنسانية ؟علّل ذلك.
الإجابات المقترحة:
المقدمة:
يتميز الإنسان عن غيره من الكائنات الحية بالوعي الذي يطبع سلوكه بطابع من المعقولية ؛ و يمكننا الوعي من فهم ذواتنا و فهم ما يحيط بنا .و هذا يعني أن الوعي يكتسب أهمية بالغة في حياتنا إذ يشكل الأساس لكل معرفة .
الإشكالية:
هل يشكل الوعي المقوم الوحيد لحياتنا النفسية ولسلوكنا؟ وإذا كان الوعي لا يشمل كل الحياة النفسية بل بعضها ، أفلا يجدر بنا افتراض وجود فاعلية لاواعية تؤثر في السلوك ؟
الشرح:
يقصد باللاوعي مجموع الأحوال النفسية الباطنية التي تؤثر في السلوك دون وعي منا. فهو يمثل اللاوعي الجانب الخفي من الميول و الرغبات التي تؤثر في السلوك بطريقة غير مباشرة و دون وعي.
ظل الاعتقاد سائدا لمدة طويلة أن الحياة النفسية قائمة أساسا على الوعي و الشعور وأنه لا مجال للحديث عن اللاوعي، غير أن ذلك لا يعني أن الفلسفة لم تطرح فكرة اللاوعي قبل فرويد؛( لايبنتز في اعتراضه على الفكرة الديكارتية القائلة أن النفس قادرة على تأمل كل أحوالها و من ثمة الوعي بها)
إن تقدم علم النفس و الاهتمام بالمرضى النفسيين أدى إلى نتائج هامة في علم النفس و منها المدرستين الشهيرتين في علم النفس.
1/ المدرسة العضوية ( الإضطرابات النفسية والعقلية ناشئة عن إضطرابات تصيب المخ،… تعالج بالعقاقير والأدوية والراحة والحمامات والتسلية…)
2/ المدرسة النفسية( الاضطرابات النفسية تعود إلى علل نفسية . ترافقت هذه النظرية مع تقنية التنويم المغناطيسي).
ما كان لفرويد أن يبدع نظرية اللاوعي لولا شعوره بعجز التفسير العضوي للاضطرابات النفسية وكذا عجز النظرية الروحية .
و يمكن تبين الموقف التجديدي لمدرسة التحليل النفسي الفرويدية من خلال إجابتها على الأسئلة التالية:
إذا كان هنالك لاوعي ما الدليل على وجوده؟
كيف يمكن أن يتكون و يشتغل؟ و كيف يمكن النفاذ إليه؟
مظاهر و أدلة وجود اللاوعي:
حرص فرويد على بيان المظاهر المختلفة التي يبدو و من خلالها البعد اللاواعي للسلوك و التي تعطي المشروعية التامة لفرضية اللاوعي إذ يقول فرويد “إن فرضية اللاوعي فرضية لازمة و مشروعة و أن لنا أدلة كثيرة على وجود اللاوعي”.
ومنها:
* الأفعال الناقصة: من مثل النسيان و زلات اللسان و التي تدل على أنها تترجم رغبات دفينة- فهمها الحقيقي لا يكون إلا في مستوى لاواعي .
* الاضطرابات النفسية أو العقد النفسية: مظهر آخر يدل على أن الحياة النفسية حياة لاواعية فهي من وجهة نظر فرويد تعبير مرضي تسلكه الرغبة المكبوتة فيظهر أعراضا قسرية تظهر الاختلال الواضح في السلوك.
* أحلام النوم: اكتسب الحلم معنى جديدا عند فرويد، إذ أوحت له تجاربه أن الرغبة المكبوتة تتحين الفرص للتعبير عن نفسها . و أثناء النوم حينما تكون سلطة الرقيب ضعيفة تلبس الرغبة المكبوتة ثوبا جديدا وتطفو على السطح في شكل رموز .
و حاصل التحليل أن فرويد يصل نتيجة حاسمة أن المظاهر السابقة تعبر عن ثغرات الوعي و هي تؤكد على وجود حياة نفسية لاواعية.
و بتعبير فرويد تكون هذه المظاهر “حجة لا ترد” على وجود اللاوعي.
المناقشة:
اعتقد الكثير من الفلاسفة و من بعدهم علماء النفس أن الوعي هو قوام الحياة الإنسانية . و لعل أوضح اتجاه فلسفي عبر عن هذا الموقف هو الاتجاه العقلاني الذي أرسى دعائمه ديكارت من خلال الكوجيتو “أنا أفكر إذن أنا موجود”.
غير أن الفكرة أخذت عمقها مع علم النفس التقليدي . وليام جيمس في بداية نتاجه كتب يقول “إن علم النفس هو وصف وتفسير للأحوال الواعية من حيث هي كذلك”. لقد ناضل علماء النفس التقليديون في البدء ضد النزعة المادية السلوكية التي أنكرت وجود النفس و رأت في الظواهر النفسية و الأحوال الواعية مجرد صدى للنشاط الجسمي.
يلزم عن مثل هذه المواقف أن لا حياة نفسية إلا ما يتأسس على الوعي، أي لا وجود لفاعلية أخرى تحكم السلوك سوى فاعلية الوعي.
كذلك فإن فكرة اعتبار الوعي أساسا للحوادث النفسية تعززت مع الظواهرية ولكن مع بعض التطوير والتعقيد؛ أعطى إدموند هوسرل بعدا جديدا للمبدأ الديكارتي “أنا أفكر إذن أنا موجود” و حوله إلى مبدأ جديد سماه الكوجيتاتوم و نصه “أنا أفكر في شيء ما، فذاتي المفكرة إذن موجودة”. و معناه أن الوعي لا يقوم بذاته و إنما يتجه بطبعه نحو موضوعاته.
الرأي:
حققت نظرية اللاوعي نجاحات مهمة و اعتبرت ثورة حقيقية في ميدان العلوم الإنسانية، فمن الناحية المعرفية أعطت النظرية فهما جديدا للسلوك يتم بالعمق إذ لم تعد أسباب الظواهر هي ما يبدو بل أصبحت أسبابها هي ما يختفي .أما من الناحية العملية فنظرية اللاوعي انتهت إلى منهج ساهم في علاج الاضطرابات النفسية.
و مع ذلك كانت للمبالغة في القول باللاوعي انتقادات لاذعة يمكن إجمالها في اثنين:
أولا- معرفيا: ترتب على اللجوء البسيط إلى اللاوعي التقليل من شأن الوعي و هو ما ترفضه الوجودية و الظواهرية معا؛ سارتر لا يرى في اللاوعي سوى خداعا و تضليلا إذ يتعارض مع الحرية.
كذلك فإن ربط اللاوعي بدوافع غريزية (الغريزة الجنسية) أثار حفيظة الأخلاقيين وأصحاب النزعة الإنسانية ،إذ كيف تفسر مظاهر الإبداع و الثقافة الإنسانية بردها إلى ما دونها و هي الغريزة الجنسية؟
ثانيا-عمليا و تطبيقيا: لم يحقق التحليل النفسي ما كان مرجوا منه إذ يعترف فرويد بصعوبة إثارة الذكريات الكامنة و هو ما دفع بعض المحللين إلى توسيع دائرة التحليل باعتماد طريق جديد مثل إكمال الصورة المنقوصة أو إكمال حوار أو قصة ناقصة. أو التعليق على بقعة الحبر…إلخ.
مهما تكن الانتقادات الموجهة إلى التحليل النفسي فإن علم النفس اليوم يسلم بأن حياتنا النفسية تتقاسمها تفسيرات كثيرة منها الواعية و اللاواعية و منها العضوية السلوكية و منها الاجتماعية الثقافية.
الموضوع- قول :
“نحن لا نكفّ البتّة عن تصحيح ظواهر العالم ، حيث نجد أن كلّ إدراك
إنّما هو غزو و حكم لا يتطابق البتّة مع العالم الذي يحفّنا .”
أ-إشرح هذا القول مبيَناّ إشكاليته.
ب -ناقش هذا الموقف الفينومينولوجي الذي يتبناه سارتر
على ضوء مواقف أخرى بحثت في طبيعة الإدراك .
ج- هل يصح برأيك جعل إدراكنا للواقع موقوفاً على المعاني الكامنة داخل الوعي؟
وأي انعكاس لذلك على المعرفة الموضوعية ؟ علّل رأيك .
الإجابات المقترحة
المقدمة:
إمكانية الإنطلاق من المعضلة الفلسفية”علاقة الوعي المدرك بالعالم وبالموضوعات المدرَكة “، وبيان الخلاف الفلسفي بين التفسيرات الموضوعية والتفسيرات الذاتية.
إمكانية ثانية بالإنطلاق من واقع التجربة الإنسانية؛ فإذا علمنا أن الإنسان يعيش في بيئة حسية وأن الأشياء تظهر منظمة في الواقع فالمسألة المطروحة:هل الإدراك إدراك لنظام الأشياء أم ارتباط بالتجربة النفسية؟
الإشكالية:
ما مدى المطابقة بين إدراكنا الحسي للظواهر وبين العالم و موضوعاته؟ وهل أن كل مدرَك هوتعبير حقيقي عن الواقع الموضوعي؟
أم أن المعاني والتحديدات الكامنة في أعماقنا هي التي ترخي بظلالها على الوقائع؟ وأي دور تلعب الذات المدركة في عملية الإدراك؟
الشرح:
ربط قول سارتر بالتفسير الظواهري الذي يعتبر أن الإدراك الحسي هو موقف ذاتي وموقف دينامي متحرك يعبر عن الشخصية الإنسانية بكامل أبعادها: ثقافة- ذكاء-معرفة-خبرة-عاطفة…وفي هذا التفسيراستبعاد ومجاوزة للنزعات العلمية والموضوعية التي رأت في الإدراك الحسي موقفاً سكونيا جامدا يعكس حقيقة العالم والموضوعات.
الإدراك ليس مجرد فهم آلي للمعنى بطريقة جافة ، بل هو الوصول إلى عمق المعنى،ولا يكون ذلك إلا بالشعور، ومثال ذلك عند الظواهرية أن الفرق بين العربة الخشبية الفارغة والعربة التي تحمل ثقلا هو فرق في الشعور أي أننا نختلف في إدراكنا للشيء الواحد اختلاف الشعور والشخصية ككل.
إن التصور الظواهري ينطلق من اعتبارعلاقة الوعي بالعالم علاقة ديناميكية ،.فلا يوجد عالم إلا بالنسبة للوعي ولا يوجد وعي إذا لم يكن وعي عالم. وهكذا يتحدد العالم بطريقة ذاتية .
إن العالم هو مجموع معاني. فالوجود الواقعي الموضوعي أصبح مرهوناً للذات وما تحمله من قيم ومعاني .
و هكذا فإن معطيات الوعي لا يمكن أن تكون عالما داخليا لأنه حسب مقولة هوسرل الشهيرة “كل وعي هو وعي بشيء ما ” ، و بالتالي فإن الوعي قصدية، والموضوع المدرك ليس في وعيي بل هو موضوع وعيي المدرك.فالإدراك هوحالة سلوكية للإنسان في علاقاته مع الخارج.
لذلك نحن لا نرى العالم كما هو ، بل كما نحن . فنحن لا نكف عن تصحيح ظواهر العالم،على حد تعبير سارتر، بحيث نرى العالم من منظور ذاتي يحاول باستمرار أن يزيد في وضوح ظواهر وزوايا العالم المستهدفة.
المناقشة:
عندما تبنى سارتر أطروحة هوسرل التي تقرر أن الإدراك ليس تجربة داخلية محايثة للوعي و إنما هو فعل الوعي الذي يقصد موضوعا متعاليا أي موضوعا خارجا عنه، فإنه بذلك يكون قد رفض التفسيرات التقليدية للإدراك التي انطلقت من علم النفس الإستبطاني .
فبالنسبة لعلم النفس الإستبطاني (وكل الفلسفات التي تعتبر أن الوعي يدرك من الداخل) يوجد عالم داخلي، مجال للوعي يمكن أن نقابله بالعالم الخارجي.
لكن هوسرل ومن بعده سارتر وميرلو-بونتي يقرون أن هذا التأويل ليس وفيا للتجربة النفسية المعيشة ،أي لفعل الوعي خلال ممارسته لعملية الإدراك . فالإدراك ليس تجربة داخلية محايثة للوعي وإنما هو فعل الوعي الذي يقصد موضوعا خارجا عنه.
بخلاف ذلك نجد التفسير العقلاني للإدراك. يميز العقلانيون من مثل ديكارت وآلان بين الافكار التى هي احوال نفسية موجودة في الذات وبين الاشياء المادية والتي هي امتدادات موجودة خارج الذات . ومادام الإدراك مجرد حالة ذاتية غير ممتدة فان ادراك شيء ما يكون بواسطة احكام على الشيء وبخصائصه وصفاته وكيفياته كما هو عليها.
وعلى هذا يكون الإدراك عملية عقلية بحتة و الدليل على ذلك هو ادراك البعد الثالث الذي لا يقابله أي انطباع حسي من ذلك مثال المكعب حيث يتم ادراكه من خلال رسومات على لوح مسطح .فبالرغم أن الرسم لا يوجد فيه عمق الا ان العقل يستطيع ادرا كه بوضوح.
ويدعم كانط الموقف العقلاني بما يقدمه من تفسير للإدراك المكاني. ان فكرة المكان لا تتولد من التجربة الحسية بل هي تصدر عن الذات المدركة( العقل)، فالمكان وكذلك الزمان قالبان عقليان سابقان على التجربة تصب فيهما معطيات التجربة الحسية وبواسطتها تصبح الاشياء الحسية قابلة للادراك .
وخلافا لهذه المواقف العقلانية فإن فلسفة الشكل- الجشطالتية ترى ان العقلانيون قد بالغوا في ثقتهم بالعقل واهملوا دور الحواس .يدرك الانسان الأشياء المحيطة به ادراكا مباشرا. ان الإدراك يتم دفعة واحدة ويكون بصورة عامة للاشياء قبل اجزائها بفضل ما تتمتع به من عوامل موضوعية كالتشابه والتقارب.
أسس أنصار هذه الأطروحة موقفهم من مشكلة الإدراك بقولهم أن نظام الأشياء هو العامل الأساسي في الإدراك, أي كلما كانت الأشياء منتظمة في بنى مكتملة ومتوحدة كلما سهل إدراكها. حاربت هذه النظرية الاعتماد على فكرة العنصر (الجزء) ودافعت عن فكرة الكل. هذه النظرية جاءت ضد العناصرية التي اعتمدت على منهجية التحليل والتفكيك فكانت تقسم الموضوع إلى احساساته البسيطة.
وتعود هذه النظرية إلى “وايتمر”و”كوفكا”و”كوهلر” هؤلاء العلماء اعتمدوا على طريقة مخبرية من خلال إجراء التجارب.
رفض فلاسفة “الجشطالت” التمييز بيم الإحساس والإدراك وعندهم لا وجود لإحساس خالص كما دافعوا عن العوامل الموضوعية المتمثلة في الشيء المدرك ولم يهتموا بالعوامل الذاتية, وملخص أطروحتهم أن الشكل الذي تظهر به الأشياء هو العامل الأساسي في إدراكنا.
الرأي:
يعيش الإنسان في بيئة مادية واجتماعية تحيط به آثارها من كل جانب. وفي كل الحالات هو مطالب بالتكيف معها.
ومن الناحية العلمية والفلسفية تتألف الذات الإنسانية من بعدين أساسيين, أحدهما يتعلق بالجانب الاجتماعي والآخر ذاتي يتعلق بطبيعة ونوعية الاستجابة, هذه الأخيرة منها ماهو إحساس ومنها ماهو تأويل وإدراك.
لقد بتنا اليوم نعرف أن الإنسان هوكائن فريد يتحدد من خلال استمرار الاختبار والسعي والكشف عن المعاني العميقة المتضمنة في هذا الوجود.
إننا على حد تعبير شرنغتون مصنوعون بحيث أن عالمنا الذي هو تجربتنا عالم واحد، عالم ثنائي، عالم الظاهر والباطن، عالم التجربة المدرَكة، والتجربة غير القابلة للإدراك. وهو يبدو لنا واسعاً لا يمكن الإحاطة به، وفي نفس الوقت يبدو وحدة متماسكة منسجمة.
ومن كل ما سبق نستنتج:الإدراك لا يرتبط بالعوامل الذاتية المتمثلة في الحواس ، ولا العوامل الموضوعية المتمثلة بالصورة أو الشكل، بل هو يرتبط بالشخصية ككل،(الحواس والعقل والشعور).
الموضوع – قول:
«إن الكلمة توفر للفكر أسمى درجات وجوده »
أ-إشرح هذا القول مبيَناً إشكاليته.
ب-ناقش هذا الموقف لهيغل على ضوء مواقف أخرى بحثت في قيمة
اللغة وأثرها في حياة الإنسان .
ج- هل يمكن برأيك إيجاد اداة للتعبير والتواصل تتفوق على الكلمة؟ علّل رأيك.
الإجابات المقترحة:
المقدمة:
إن التعريف الفلسفي بمقومات الكائن الإنساني يشدد على خاصية الناطق. والنطق أو الكلام هو المدخل لعالم الفكر والتأمل والتعبير عن الذات و كذلك هو المسلك الأساسي للتواصل والإبداع.
الإشكالية:
ما علاقة الفكر باللغة ؟ هل أن الفكر مضطر للتعبير عن نفسه أن يسلك مسالك اللغة ويتمظهر موضوعيا في الكلام؟ وهل اللغة هي الوسيلة الفضلى للتعبير؟ أم أن اللغة والكلمة يمكن أن تشكل حجابا يمنع الفكر عن التعبير السليم عن نفسه؟
الشرح:
يقر الفيلسوف هيغل بوجود علاقة تداخل بين اللغة والتفكير حيث يقول«نحن نفكر في الكلمات,فنحن لا نعي بأفكارنا المحددة والواقعية إلا عندما نعطيها شكلا موضوعيا,عندما نميزها عن داخليتنا » .إن خصوصية اللغة عند الفلاسفة، مثلما هو الشأن مع هيغل، تتمثل في ارتباطها بالتفكير، فالفكر لا يمكن أن يدرك إلاّ متشكّلا و مستحضرا في الكلام . يقرر هيغل أن أي محاولة تفكير من دون الكلام هي محاولة غير معقولة. فالفكر يبقى غامضا وفي حالة اختمار ولا يكتسب وضوحه إلا من خلال الكلمة.
إن ما يسمى فكرا صافيا هو في الحقيقة لغة داخلية ، وهذا ما يؤكده ميرلو بونتي.
ليست العلاقة بين الفكر واللغة علاقة خارجية .إن كل فكرة غامضة لم يعبر عنها بالكلام هي شبيهة بالأحلام. التعبير وحده هو الدليل على وجود الفكرة في الحقيقة.
يبين التحليل النفسي أن الشفاء لا يسير في طريقه الصحيح إلا عندما تأخذ الفكرة اللاواعية طريقها إلى التعبير الواعي. وبحسب الدكتور ديلاي فإن اللغة الأدبية والفنية تحول الصراعات الداخلية إلى حكايات.
إن رمزية الكلام توفر للفكر مرونة في التعامل مع الواقع. بفضل اللغة تنكشف الحدوس الصامتة. واللغة تمكن الإنسان من السيطرة على الزمن. إنها خزانة التراث الفكري للبشرية:ذاكرة البشرية كما يقول لافيل. إن تزايد الثقافة يترافق مع زيادة القدرة على التعبير:لغة الرياضيات ولغة الكمبيوتر. أخيرا فإن لغة اللسان تبقى الوسيلة المباشرة للتواصل مع الآخرين في مختلف مجالات الحياة.
المناقشة:
يرى برغسون أنه ليس هناك تطابقا كليا بين الاسم والمسمى فالإسم لا يستبقي من الشيء إلا أعمّ وظيفة فيه وأكثر جوانبه ابتذالا. لذلك يرى برغسون أن اللغة كوسيط بيننا وبين العالم تفعل فعل الحجاب وتمنعنا من إدراك حقائق الأشياء. فنحن، عند التخاطب، لا نستحضر الأشياء ذاتها وإنما نستحضر أسماءها. وهذا الإسم الذي نستحضره يحجب عنا حقيقة المسمى. و برغسون يتقدم أكثر في نقده حين يعتبر أن اللغة تحجب عنا أيضا حقيقة ذواتنا فنحن نعبر عن حالاتنا الداخلية بأسماء حددت مرة واحدة وإلى الأبد، و إدراك حالاتنا بواسطة اللغة يحجب عنا حقيقتها. إن اللغة التي صنعها العقل مهيأة فقط للتعبير عن الأشياء المادية الموجودة في المكان وهي عاجزة عن التعبير عن حقائق الحياة الروحية الداخلية. إن الكلمات المجردة العامة تخون الأفكار التي تعبر عنها. فهي ذات طابع تحليلي تركيبي و لا تستطيع أن تعبر عن ديمومة الأحوال النفسية.
كذلك فإن اللغة تحمل معها ثقل الأفكار القديمة فنحن معرضون للتفكير بلغة هذه الأفكار الهرمة التي تخطاها الزمن.واللغة يمكن أن تضللنا عندما تصب الأفكار بسعة وسهولة في قالب اللغة التقليدية.
الرأي:
تبقى اللغة عاملا أساسيا في بناء الثقافة و العلوم والحضارة. فالكلمة هي مستقر الفكر كما الجسد مستقر الإرادة. يبدو إذا من غير الممكن الإستغناء عنها أو استبدالها بوسائل أخرى. فبالرغم من حدودها ومن العوائق التي تحول دون توليد المعنى كما نرغب فيه ، فإن ذلك لا يحط من القيمة التواصلية للغة بقدر ما يدعونا إلى الوعي بشروط إنتاج الخطاب و حدود سلطتنا عليه.
ويمكننا أن نستنتج مع باشلار أن لا وسيلة فاعلة عندنا سوى الكلمة، ولكن علينا ان نطهرها مما تحمله من معوقات المعرفة.
الموضوع – نص:
إنني بصدد حفظ قصيدة غيباً…سأحاول الآن معرفة مراحل وظروف حفظ هذه القصيدة…أتذكرها مرحلة مرحلة مستقلة عن الأخرى بكل ما رافقها من ظروف وأحداث تختلف في زمانها ومكانها ، فتمر هذه القراءات وظروفها أمام ذاكرتي كمشاهد كاملة متباينة ومتباعدة؛ فإن الذاكرة التي حفظت القصيدة مختلفة تماماً عن تلك التي استعادت ظروف القراءات المتتابعة والمشاهد التي رافقتها.
إن ذكريات القصيدة التي حفظت تتصف بصفة العادات. إنها تمت بجهد متكرر…إلى أن رسخت على شكل آلية تتحرك كلها مع تحرك أول قسم منها.
أما تذكر مرحلة من مراحل القراءات فإنها لا تتصف بصفات العادات لأنها رسخت من المرة الأولى، وتكون ذكريات القراءة الأولى غير ذكريات القراءات الأخرى؛ فكل واحدة كانت بمثابة حدث في حياتي حصل مرة واحدة ولا يتكرر ؛ وفي كل مرة أتذكرها تكون هي هي لا يزيد عليها شيء أو ينقص؛ فهذه الذاكرة الثانية هي الذاكرة الحقيقية وهي فعل روحي صرف.
هنري برغسون/ المادة والذاكرة
أ-إشرح أفكار النص مبيَناّ إشكاليته.
ب-ناقش هذا التفسير البرغسوني على ضوء تفسيرات ومواقف أخرى بحثت في طبيعة الذاكرة.
ج-- برأيك هل يمكن استبعاد بعض الأبعاد الإنسانية الأساسية من مثل الجسد والمجتمع
عن التدخل في إنتاج التذكر ؟ علّل إجابتك.
الإجابات المقترحة:
المقدمة:
تتأثر أفعالنا اتجاه المشكلات التي تعترضنا بمكتسبات تجاربنا السابقة . فالحاضر وثيق الصلة بالماضي الذي يتم استدعاؤه بعد زواله عبر الذكريات. إن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتميز بقدرته على اختزان أحداث ماضية مما يجعله يعيش الحاضر والماضي معا وهذا ما يسمى الذاكرة وهي القدرة على استعادة الماضي مع معرفتنا أنه ماضي. وقد اختلف الفلاسفة في تفسير طبيعة الذاكرة وفي تفسير الكيفية التي يتم بها حفظ الذكريات.
الإشكالية:
هل يمكن تفسير الذاكرة بالإعتماد على النشاط العصبي ؟ هل تعتمد الذاكرة على الدماغ فقط أم تحتاج الى غير ذلك ؟ هل هي عضوية لها مكان معين في الدماغ أم هي قدرة عقلية نفسية ؟
الشرح:
يمثل هذا النص واحدا من الأمثلة الكثيرة التي اعتمدها برغسون لتدعيم أطروحته في الطبيعة الروحانية للذاكرة.فحفظ القصيدة من خلال التكرار وإعادة القراءة هو عمل آلي وعصبي ولا يعبر عن حقيقة التذكر. إن هذا الحفظ للقصيدة يعبر عن ذاكرة عادة وهي تلك الذاكرة المادية التي أبرزت الدور المركزي للدماغ والتي تبدت من خلال تفسيرات ريبو وسائر الفلاسفة الماديين.
. تؤكد النظرية النفسية عند برغسون أن وظيفة الدماغ لاتتجاوز المحافظة على الآليات الحركية أما الذكريات فتبقى أحوال نفسية محضة لذا فهو يرى أن الذاكرة نوعان ـ ذاكرة حركية تتمثل في صور عادات آلية مرتبطة بالجسم وهي تشكل مختلف الأعمال الحركية التي تكتسب بالتكرار . ـ وذاكرة نفسية محضة مستقلة عن الدماغ ولا تتأثر باضطراباته وهي الذاكرة الحقة التي غاب على الماديين إدراك طبيعتها لأنها مرتبطة بالجسم وهي ليست موجودة فيه …. إنها ديمومة نفسية أي روح ووظيفة نفسية تتمثل في بناء حالة شعورية ماضية .
المناقشة:
يحاول الماديون تفسير الذاكرة تفسيرا ماديا وربطها بخلايا الدماغ ، ولقد استطاع ريبو أن يحدد مناطق معينة لكل نوع من الذكريات . إن ملاحظات ريبو على حالات معينة مقترنة بضعف الذاكرة أو بفقدانها كحالة (الفتاة التي أصيبت برصاصة في المنطقة اليسرى من الدماغ فوجد أنها فقدت قدرة التعرف عل المشط الذي كانت تضعه في يدها اليمنى إلا أنها بقيت تستطيع الإحساس به) حيث تبين له أن اتلاف بعض الخلايا في الجملة العصبية نتيجة حادث ما يؤدي مباشرة الى فقدان جزئي أوكلي للذاكرة .وهذا ما جعله يستنتج أن الذاكرة هي وظيفة عامة للجهاز العصبي أساسها الخاصية التي تمتلكها العناصر المادية في الإحتفاظ بالتغيرات الواردة عليها كالثني في الورقة .
لقد تأثرت النظرية المادية بالفكرة الديكارتية القائلة بأن الذاكرة تكمن في ثنايا الجسم وأن الذكريات تترك أثر في المخ كما تترك الذبذبات الصوتية على أسطوانات التسجيل ، وكأن المخ وعاء يستقبل ويختزن مختلف الذكريات ، لذا يرى ريبو أن الذكريات مسجلة في خلايا القشرة الدماغية نتيجة الآثار التي تتركها المدركات في هذه الخلايا و الذكريات الراسخة هي تلك التي استفادت من تكرار طويل ، لذا فلا عجب إذا أبدا تلاشيها من الذكريات الحديثة الى القديمة بل ومن العقلية إلى الحركية بحيث أننا ننسى الألقاب ثم الأوصاف فالأفعال والحركات.
ويرى ميرلوبونتي أن برغسون لايقدم لنا أي حل للمشكل عندما استبدل الأثار الفيزيولوجية المخزنة في الدماغ بآثار نفسية أو صور عقلية مخزنة في اللاوعي وهو لم يفسر لنا كيف تعود الذكريات الى سطح اللاوعي عن طريق إثارتها كمعطيات ماضية .
إذا كان ريبو أعاد الذاكرة الى الدماغ ، وإذا كان برغسون أرجعها الى النفس فإن هالفاكس في النظرية الاجتماعية يرجعها الى مجتمع يقول : ( ليس هناك ما يدعو للبحث عن موضوع الذكريات وأين تحفظ إذ أنني أتذكرها من خارج….فالزمرة الاجتماعية التي انتسب إليها هي التي تقدم إلي جميع الوسائل لإعادة بنائها) ويقول أيضا : ( انني عندما أتذكر فإن الغير هم الذين يدفعونني الى التذكر ونحن عندما نتذكر ننطلق من مفاهيم مشتركة بين الجماعة).
إن ذكرياتنا ليست استعادة لحوادث الماضي بل هي تجديد لبنائها وفقا لتجربة الجماعة؛ لايوجد ماضي محفوظ في الذاكرة الفردية كما هو …. إن الماضي يعاد بناؤه على ضوء المنطق الاجتماعي .لكن برادين يرد على أصحاب هذه النظرية يقول : ان المجتمع لايفكر في مكاننا ، ولهذا يجب أن نحذر من الخلط بين الذاكرة والقوالب المساعدة على التذكر ، ان الذكريات أفكار وهي بناء الماضي بفضل العقل.
الرأي:
النظريات المادية والنفسية والاجتماعية لا يمكن قبولها على أنها تفسيرات أحادية صادقة ، فالذاكرة هي نشاط إنساني معقد تجتمع فيه الكثير من المحددات والشروط.
فإذا كانت النظرية المادية قد قامت في بعض التجارب لكن صعوبات جمى تواجه دائم التجريب. وإن حاولت النظرية النفسية إقحام الحياة النفسية وإبراز أهمية الحياة الروحية الغيبية في الذاكرة فإن الإيمان يتجاوز العلم القائم على الإقناع .ومهما ادعت النظرية الاجتماعية فلا يمكننا القول بأن الفرد حين يتذكر فإنه يتذكر دائما ماضيه المشترك مع الجماعة
على هذا النحو فإن كل تفسيرأحادي الجانب يعجزعن اعطاء موقف مقبول للجميع ، فلا الجسم ولا النفس ولا المجتمع كان كافيا ،لذلك يمكن القول مع دولاكروا أن الذاكرة هي (نشاط يقوم به الفكر ويمارسه الشخص فيبث فيه ماضيه تبعا لإهتماماته و أحواله).
اخترت لكم...مقولتين في الادراك وفي التخيّل..للشرح و المناقشة
قال غاستون باشلار: "إنّ الطريقة التي نتخيّل فيها هي في الغالب أكثر تعليمًا من الأمور التي نتخيّلها"
أ- إشرح الأفكار الواردة في هذا النصّ حول الخيال الخلاّق، مبيّنًا إشكاليته.
ب- ناقش هذه الأفكار إنطلاقًا من أنّ للخيال دور سلبي قد يؤدّيه في حياة الإنسان.
ج- إنطلاقًا من هذا القول، ما هي نظرتك إلى الخيال الموجود فيك؟ كيف تستفيد منه؟
عناصر الإجابة
-المقدمة:
• إذا كان الإدراك بجوهره هو القدرة على اكتشاف العالم الواقعي، وكانت الذاكرة هي القدرة على استعادة الماضي كماضٍ، فالخيال هو توجّه نحو المستقبل، وهو تحرر من الواقع وتعبير عن حاجة الإنسان الملحّة إلى الإستقلال. فهو يدعونا إلى إعادة خلق العالم كما نريد، من خلال إبداع صور جديدة تحمل رؤيتنا ومعاناتنا، وأحلامنا.
•وقد ركّز باشلار في قوله " إنّ الطريقة التي نتخيّل فيها هي في الغالب أكثر تعليمًا من الأمور التي نتخيّلها" على طريقة الخيال أكثر منه على التخيلات بحدّ ذاتها.
الإشكالية:
•فعلامَ تقوم هذه الطريقة في الخيال؟ وكيف يكون هذا الخيال خلاقًا ومعلّمًا؟ وهل نستطيع أن نعتبر كلّ أشكال الخيال هي من الخيالات الخلاّقة المعلّمة؟
الشرح:
•إنّ الأشكال العليا للخيال تعبّر عن نفسها أفضل تعبير في الإبتكار والخلق، في المجالات العلميّة والفنيّة ويعتبرها باشلار نقيدًا للخيال الليلي ذي القيمة السلبيّة أو الدونيّة، فالخيال الخلاّق يتكوّن بفعل عوامل متعدّدة منها عاطفية ومنها ثقافية إجتماعية ومنها عقليّة.
•العوامل العاطفية: وهي تلعب دورًا أكيدًا في المجال الفنّي وتساهم في إبداع الأعمال الفنيّة، كاللوحة والمعزوفات والقصائد... وكذلك تلعب دورًا في المجال العلمي: فالإنسان يندفع إلى البحث العلمي بفعل رغبته أو حاجته لتحقيق مشروع أو إكتشاف يحقّق أهدافه: إنّ حاجة الإنسان للطيران وحلمه به إنتهى إلى تحقيقه لهذا المشروع العلمي والتقني، والحاجة الملحّة إلى معالجة الإلتهاب الناتجة عن جروح الحرب العالمية الأولى أدّت إلى اكتشاف البنيسلين على يد فلمينغ.
• العوامل الثقافية الإجتماعية: إنّ تحصيل ثقافة العصر، شرط اساسي لنمو الخيال الخلاّق في المجال العلمي والفنّي، إذ يستحيل على الباحث أن يبتكر أو يكتشف شيئًا لا علاقة له بثقافة عصره، فالأدوات الكهربائية تمّ اختراعها بعد اختراع الكهرباء كطاقة وليس قبلها. وكذلك في الفنّ، يبدأ الفنّان بتقليد الفنّانين السابقين، وبعد ذلك، يبتكر أسلوبه الخاص وأعماله الخاصّة.
•العوامل العقليّة: وتتمثّل في القدرة العقليّة والإعداد العلمي أو الفنّي الذي يهيِّء الإنسان للبحث وللإبتكار فالخيال الخلاّق مشروط ليس فقط بالإعداد النظري إنّما أيضًا بالبحث المتواصل الذي يتكلّل أخيرًا بالإكتشاف، كان إديسون يقول: "إنّ الإختراع يتطلّب عشرة بالمئة من الإلهام و تسعين بالمئة من التعب في البحث.
•آلية الإبتكار: إنّ الإختراع هو تفكيك لمفاهيم قديمة وبناء لمفاهيم جديدة. في مرحلة أولى يقوم عقل الباحث برفض وتفكيك المفاهيم القائمة من خلال ملاحظته للأخطاء الموجودة فيها وتناقدها مع الواقع العلمي وفي مرحلةٍ لاحقة يبتكر تفسيرًا جديدًا بديلاً للتفسير القديم مرتكزًا على الخيال الخلاّق أو الإلهام من جهة، وعلى إعداده المنهجي من جهة ثانية أي أنّ الحلّ الجديد المطروح ينتج عن التفاعل بين الإلهام والمنهجية والتجربة. الحقيقة العلمية ليست نهائية بل نسبيّة والفكر النقدي هو الفكر الذي يتجاوز ما هو قائم ليمهّد لإبتكار جديد.
-المناقشة:
•غير أنّ بعض الفلاسفة والعلماء أظهروا دورًا سلبيًا للخيال يؤثّر على حياة الإنسان ويحوّلها من حياة سوية إلى أخرى غير سوية.
•الخيال الشارد (غير المراقب): يتمثّل في الحلم الليلي وأوهام المريض النفسي؛ ففي هذا الوضع، ليس للإنسان أي قدرة على توجيه خياله فهو، يخلط أوّلاً بين الخيال والواقع ولا يستطيع ثانيًا أن يفهم العلاقة بين مسلسل التصورات واللوحات التي يتخيّلها، فهي تتوالى بطريقة غير منطقيّة وغير واضحة وغير مفيدة للإنسان. بل تكون ذات خطورة عند المريض النفسي.
•الخيال عند الأولاد: الولد أيضًا يخلط بين الواقع والخيال، فيهوى القصص الخياليّة التي تروي أحداث تحصل بين شخصيّات وهميّة تكون لها معاني تعكس إهتماماته النفسية في هذه المرحلة من العمر. فمن الطبيعي أن يكون خيال الولد متأثرًا بهذه المواضيع الأسطورية أو الخرافات لكن من الطبيعي أيضًا أن يتجاوزها مع تطوَر ونموّه العقلي.
•أحلام اليقظة: إنّ أحلام اليقظة هي تخيّلات يتوجّه إليها وعي الإنسان في حياته اليومية وهي تتميّز عن أحلام الليل بأنّها نسبيًّا إرادية، وتتسلسل في شكل متماسك نوعًا ما لكنّها بالمقابل تخفّف كثيرًا من وعي الإنسان لمحيطه المباشر فتؤدّي إلى تشتّت ذهنه وغياب انتباهه فيفشل بالتكيّف مع ظروفه الحاضرة وإذا ما استغرق الإنسان في هذه الأحلام، فقد يؤدّي ذلك إلى فشل في التكيّف مع المحيط وإستبدال تدريجي للعالم الواقعي بالعالم الخيالي، وهذا ما يشكّل قيمة سلبيّة للخيال.
(خاتمة )
•إنّ الخيال ليس وظيفة مستقلّة جامدة ومنفصلة عن الشخصية التي يرتبط بها. الخيال هو وظيفة ديناميّة فاعلة تعبّلا عن وعي الإنسان وعن بنيته النفسيّة بشكلٍ عام. في غياب التطوّر العقلي والنموّ النفسي يبقى الخيال مؤدّيًا لدور سلبي أو دوني فيقتصر على وظائفه الطبيعيّة في الأحلام الليليّة أو في الأوهام المرافقة للإضطرابات النفسية.
•أمّا إذا توصّل الإنسان إلى تحقيق نمو عقلي ونضوج عاطفي وانفتاح ثقافي، عندها يقوم الخيال بأداء وظائفه الخلاّقة.
قال آلان: "ويُؤَيد عموماً أنّ اللمس هو الذي يعلّمنا، من خلال إستنتاجات نقية وبسيطة، ومن دون أي تفسيرات. لكن الواقع يختلف عن ذلك، فأنا لا ألمس هذا النرد (زهر الطاولة) المكعّب، كلا. ولكن أنا ألمس مجموعة من الحوافي والزوايا والأسطح الصلبة والناعمة، وعندما اجمع كل هذه الإحساسات بشكلٍ واحدٍ في عقلي، أحكم بأنّ هذا الغرض المُدرك هو مكعّب."
أ- إشرح هذا النص مبيّنًا الإشكالية التي يطرحها.
ب- ناقش هذا النصّ إنطلاقًا من النظرية الغشطالتية التي تفسّر عملية الإدراك الحسي بشكل مختلف.
ج- هل ترى أنّ الإدراك الحسّي هو نتيجة تفاعل بين الذات والموضوع؟ علّل ما تذهب إليه.
عناصر الإجابة
المقدمة:
- يتحرك الوعي البشري في الابعاد الزمانية الثلاثة:فهو يدرك الحاضر ويتذكر الماضي ويتخيل المستقبل ؛الا ان المدخل الاول الى معرفة العالم الخارجي هو الادراك الحسي.
- فكيف نفسّر هذا الإدراك الحسّي؟ وما هي النظريات التي تختلف مع نظرة آلان للأمور؟
الشرح:
يقول آلآن اننا عندما ننظر الى مكعب نرى فقط عددا من وجوهه واضلاعه الا اننا نحكم بانه مكعب ،هذا الادراك يتأتى عن حكم يعتمد على معرفة سابقة ،فإننا ندرك عبر بعض المحسوس المحسوس كله من خلال معرفتنا وذكرياتنا السابقة .وتظيف الادراكات مجموعة من الذكريات والتداعيات والاحكام فتنعكس فيها تجاربنا وثقافتنا ومعرفتنا ومعتقداتنا. ولما كان الادراك حسب العقلانيين مجموعة احكام فإن اوهام الحواس ذاتها صارت عبارة عن احكام مغلوطة .لنأخذ مثلا ظاهرةثبات اللون فاننا ندرك لون الشيء بما سبق الى معرفتنا به .
- العقل يقوم بدور رئيسي في عملية الادراك الحسي من خلال تحويل الأحاسيس الداخلية أو الانطباعات الحسيّة التي وصلت إلى الدماغ إلى اشارات أو رموز تمثل مواضيع خارجيّة واقعية، من خلال تقدير المسافة التي هي بحدّ ذاتها مفهوم عقلي (وهي الفراغ ألفاصل بيننا وبين الموضوع الحسي )
- يتأكّد أيضاً دور العقل من خلال تفسير معاني الانطباعات الحسية، إستناداً إلى معارف سابقة. فالادراك الحسي لا ينحصر فقط بالانطباعات الحسيّة التي تعتبر جزئيّة بل يستند إلى تجارب ومعارف سابقة يكمِل بها هذه الانطباعات ويفسّرها. مثلاً:عندما ننظر إلى مبنى ونقول أنّه سكني، إنّنا لا نرى السكان ولا كلّ جوانب البناء، لكنّنا استندنا إلى معارفنا السابقة لتفسير الانطباعات الحسيّة الجزئيّة الظاهرة لتحديد المعنى الكامل. مثلاً:هناك فرق بين إدراك شاب مهتم بالسيارات و إدراك رجل عجوز متقدّم في السن (أو شاب غير مهتم بالسيارات) لسيارة متوقفة أمامهما، فالعجوز يدرك سيارة فقط أمّا الشاب فيدرك نوعها وطرازها وقوّة محرّكها ....
المناقشة:
لا بدّ من الاعتراف بدور مهم للمعارف والتجارب السابقة في الادراك الحسّي، لكنّ هذه النظرية لم تستطع إثبات الفصل بين الإنطباعات الحسية ودور العقل في معالجتها، إذ أنّ الانسان لا يستطيع أن يميّز بينهما في الواقع، وبالتالي تكون هذه النظرية مستندة إلى افتراضات أكثر ممّا هي مستندة إلى وقائع.
- شرحت هذه النظرية الإدراك الحسّي وكأنّه وظيفة عقليّة خاصة بالإنسان الراشد، ولذلك يصعب تطبيقها على إدراك الأطفال الّذين لا يملكون عقلاً ناضجًا يحكمون بواسطته على الإنطباعات الحسيّة المفترضة.
- كذلك لم تشرح هذه النظرية كيفيّة إدراك المواضيع الجديدة التي لا نملك عنها أيّة معرفة مُسبقة.
- نظرية الشّكل أو الغشطالت: (Gestalt) مبدأ النظرية: الموضوع يفرض نفسه ككلّ على الإنسان المُدرِك.
- البرهان: الإدراك الحسّي هو إدراك لشكل كلّيّ لبنية تتألّف من عنصر مميّز وخلفيّة غير مميّزة أو محايدة، وكلّما كان العنصر متميّزًا عن الخلفية كلّما فرض نفسه على الإنسان المُدرِك. فالتميّز يمكن أن يتمثّل بالتعارض (Contraste). أمثلة: لوحة إعلانات مُضاءة على خلفيّة اللّيل. (الحركة) جلوس التلاميذ في الصّف، فيتوجّه تلميذ إلى الخارج، فحركة إنتقاله تفرض الإنتباه لأنّها مغايرة لوضع الصّفّ.
الخاتمة:
نظرية الظاهراتية مبدأها: الإدراك ينتج عن تفاعل بين الإنسان المُدرِك والموضوع المُدرَك. فلا ذات دون موضوع، ولا موضوع دون ذات. وهكذا يغدو وعي الإنسان فعلاً موجّهًا نحو الخارج، ولا يُفه إلاّ من خلال موضوعه. فالوعي حسب هيسرل: "هو دائمًا وعي لشيء ما".
البرهان: إنّ هذه النظريّة تتبنّى نظريّة الشكل وتعتبرها صحيحة من ناحية دور الموضوع، لكنّها ناقصة من ناحية دور الإنسان لذلك ركّزت النظريّة الظاهرتية على دور الإنسان المُدرِك وخصوصًا على بنيته النفسيّة والبيولوجيّة، أي أنّها اعتبرت الإدراك الحسّي إدراكًا ذاتيًا (Subjective) يرتبط بميول الإنسان وحاجاته وأفضليّاته في لحظة الإدراك كما أنّه يرتبط (الإدراك الذاتي) بإمكانات الحواسّ ووضع الجسم كمنطلق للإدراك. فالإدراك الحسّي ليس معرفة عقليّة بل وعي عفويّ متلازم مع الوضع النفسيّ والبيولوجيّ. أمثلة: في كلّ مرّة تمرّ بالشارع نفسه نرى أشياء مختلفة عن كلّ مرّة تبعًا لحاجاتنا أو لما نبحث عنه، مع أنّ الشارع كموضوع هو نفسه. إنّ الإنسان يرى الحركة الظاهريّة للشمس مع أنّها ثابتة وهو المتحرّك وذلك لأنّ الإنسان يعتبر نفسه ثابتًا لأنّه مركز الإدراك ونقطة إنطلاقه.
الموضوع – قول :
“ ان الذاكرة ظاهرة بيولوجية بالماهيّة وظاهرة بسيكولوجية بالعَرَض“
أ- إشرح هذا القول مبيَناً إشكاليته.
ب - ناقش هذا الموقف لريبو على ضوء مواقف أخرى بحثت في طبيعة الذاكرة .
ج- هل يصح برأيك اعتبار ذاكرة الفرد نتاجا مجتمعيا ؟ علّل رأيك .
الإجابات المقترحة:
المقدمة
إن الإنسان يتميز بقدرته على تمثّل أبعاد الزمان فهو يعيش الحاضر كما يستدعي أو يموضع الماضي وهذا ما يسمى الذاكرة وهي القدرة على استعادة الماضي مع معرفتنا أنه ماضي .
يبحث هذا القول في مسألة طبيعة الذاكرة وحفظ الذكريات و بعلاقة الذكريات واختزانها بالبعد الجسماني البيولوجي وهي مسائل فلسفية خلافية استدعت إجابات متنوعة.
الإشكالية
هل الذاكرة هي من طبيعةعضوية ؟ أم هي قدرة عقلية و نفسية ؟ هل تعتمد الذاكرة على الدماغ فقط أم تحتاج الى غير ذلك ؟
الشرح
يحاول الماديون تفسير الذاكرة تفسيرا ماديا وربطها بخلايا الدماغ. إن موقف ريبو في هذا القول تأسس على حجج استقرائية وعلمية. فملاحظات ريبو على حالات معينة مقترنة بضعف الذاكرة أو بفقدانها جعلته يعتبر أن اتلاف بعض الخلايا في الجملة العصبية نتيجة حادث ما يؤدي مباشرة الى فقدان جزئي أوكلي للذاكرة وجعلته يستنتج أن الذاكرة هي وظيفة عامة لللجهاز العصبي أساسها الخاصية التي تمتلكها العناصر المادية في الإحتفاظ بالتغيرات الواردة عليها كالثني في الورقة .
لقد تأثرت النظرية المادية بالفكرة الديكارتية القائلة بأن الذاكرة تكمن في ثنايا الجسم وأن الذكريات تترك أثر في المخ كما تترك الذبذبات الصوتية على أسطوانات التسجيل ، وكأن المخ وعاء يستقبل ويختزن مختلف الذكريات.
لذا يرى ريبو أن الذكريات مسجلة في خلايا القشرة الدماغية نتيجة الآثار التي تتركها المدركات في هذه الخلايا .
و الذكريات الراسخة هي تلك التي استفادت من تكرار طويل لذا فلا عجب إذا أبدا أن يبدأ تلاشي الذكريات من الذكريات الحديثة الى القديمة بل ومن العقلية إلى الحركية بحيث أننا ننسى الألقاب ثم الأوصاف فالأفعال والحركات .
ولقد استطاع ريبو أن يحدد مناطق معينة لكل نوع من مستفيدا مما أثبتته بعض تجارب بروكا من أن نزيفا دمويا في قاعدة التلفيف من ناحية الجهة الشمالية يولد مرض الحبسة .
ولكن النظريات المادية الحديثة من مثل: ( الترميز الغائي أو الو ظيفي للدماغ- الترميز الكهربائي - الترميز البيوكيميائي ) تعترف بتعقيد وصعوبة سبر أغوار الدماغ لدى الإنسان مما يجعلها فرضيات تحتاج الى الكثير من الأدلة …إن مجموع هذه الفرضيات لم تكشف بكيفية قاطعة عن نوعية العلاقة الموجودة بين الذاكرة والمعطيات المختلفة للدماغ .
المناقشة
بخلاف ريبو يبين برغسون أن وظيفة الدماغ لاتتجاوز المحافظة على الآليات الحركية .أما الذكريات فتبقى أحوال نفسية محضة.
يرى برغسون أن الذاكرة المادية التي يشير إليها ريبو هي ذاكرة عادة و ذلك لكونها تتحصل بالطريقة نفسها التي تكتسب بها العادات (التكرار الآلي في مثال حفظ القصيدة ) . أما الذاكرة الحقيقية فهي من طبيعة نفسية محضة وهي مستقلة عن الدماغ ولا تتأثر باضطراباته . إنها الذاكرة الحقة التي غاب على الماديين إدراك طبيعتها لأنها مرتبطة بالجسم وهي ليست موجودة فيه…. إنها ديمومة نفسية أي روح . ويبين برغسون أن الذكريات مختزنة بأكملها في القمع المقلوب-شبيه اللاوعي. والذكريات مفتوحة على الحاضر من خلال نافذة الوعي الذي يسهم في التكيف وفي استدعاء الذكريات المناسبة للوضعيات وللحلول المطلوبة في الراهن.
وفي موقف ثالث مجاوز لكل من ريبو وبرغسون يرى ميرلوبونتي أن برغسون لايقدم لنا أي حل للمشكل عندما استبدل الأثار الفيزيولوجية المخزنة في الدماغ بآثار نفسية أو صور عقلية مخزنة في اللاوعي . بالتالي فإن هذا النقد يشير بوضوح إلى أن مسالة الإختزان برمتها قد اعتبرت مسألة مزيفة تنم عن وعي خاطئ في تفسير التذكر.
الرأي والتعليل:
إذا كان ريبو أعاد الذاكرة الى الدماغ ، وإذا كان برغسون أرجعها الى النفس فإن هولفاكس في النظرية الاجتماعية يرجعها الى المجتمع .يقول هولفاكس : ( ليس هناك ما يدعو للبحث عن موضوع الذكريات وأين تحفظ إذ أنني أتذكرها من خارج….فالزمرة الاجتماعية التي انتسب إليها هي التي تقدم إلي جميع الوسائل لإعادة بنائها) إن ذكرياتنا ليست استعادة لحوادث الماضي بل هي تجديد لبنائها وفقا لتجربة الجماعة.
واعتبر جانيه أن الذاكرة لها طابع اجتماعي ولايوجد ماضي محفوظ في الذاكرة الفردية . فالإنسان الفرد لوحده ليس عنده ذاكرة وليس محتاجا لها . ( سلوك القصة والذاكرة المابين فردية… أتذكر لأجل الاخر …لكي أروي له )…. إن الماضي يعاد بناؤه على ضوء المنطق الاجتماعي .
لكن برادين يرد على أصحاب هذه النظرية يقول : ان المجتمع لايفكر في مكاننا ، ولهذا يجب أن نحذر من الخلط بين الذاكرة والقوالب المساعدة على التذكر ، ان الذكريات أفكار وهي بناء الماضي بفضل العقل .
الموضوع - قول
” تظهر في الإدراك العفوي الأول الاشكال الأفضل والأقوى حسب عوامل موضوعية صرف “.
أ- إشرح هذا القول مبيَناً إشكاليته.
ب- ناقش موقف غيوم من مسألة طبيعة الإدراك على ضوء
تفسيرات ومواقف أخرى بحثت في المسألة عينها .
ج- برأيك هل بالإمكان الإنطلاق من مبدأ واحد في تفسير عملية الإدراك ؟ علّل إجابتك.
الإجابات المقترحة:
المقدمة
يتعامل الإنسان ويتفاعل مع عالمه الخارجي بما فيه من أشياء مادية وأفراد يشكلون محيطه الاجتماعي
و يحاول فهم وتفسير وتأويل ما يحيط به من خلال الإدراك.
يطرح هذا القول مسألة طبيعة الإدراك وعلاقته بالموضوعات المدركة وما تتلبسه من أشكال.
الإشكالية:
أما الاشكالية التي يبحثها القول فهي تتمحور في التساؤل التالي:
ما هي طبيعة الادراك؟ ما هي القوانين التي تحكم العملية الإدراكية و ما هو موقع قوانين الشكل من مسألة الادراك؟ وهل أن آلية الادراك العفوي والمباشر بمقدورها أن تمنع مداخلة العقل في عملية الادراك؟ وما هو دور الذات المدركة في عملية الادراك؟
الشرح
يعتمد غيوم في هذا القول موقفاً بنيوياً واضحاً يقدم بنية الموضوع على العناصر كما يقدم الموضوعات والاشكال المدركة على الوعي المدرك.
وعبارته «الإدراك العفوي الأول» تشير إلى ما يتلقفه الوعي المدرك مباشرة وبعفوية تامة من بنى كلية لموضوعات الخارج ، وهي بنى كلانية تخضع لقوانين الشكل الأفضل والأقوى. وتبعاً لتلك القوانين يهمش غيوم دور الذات الواعية في عملية الادراك ليعطي للشكل الأمثل أولية وفعالية في جذب انتباه الوعي المدرك بطريقة عفوية.
كذلك يرى غيوم أن الإدراك يتوقف على عوامل موضوعية ألا وهي ( الشكل العام للأشياء ) أي صورته وبنيته التي يتميز بها وحجته في ذلك أن تغير الشكل يؤدي بالضرورة التي تغير إدراكنا له.
وهكذا تعطي هذه الأطروحة الأهمية إلى البنية الكلية وبهذا المعني قال بول غيوم: الإدراك ليس تجميعا للإحساسات بل أنه يتم دفعة واحدة.
ومن الأمثلة التي توضح لنا أهمية البنية والشكل أن المثلث ليس مجرد ثلاثة أضلاع بل حقيقية تكمن في الشكل والصورة التي تكمن عليها الأضلاع ضف إلى ذالك أننا ندرك شكل اٌلإنسان بطريقة أوضح عندما نركز على الوجه ككل بدل التركيز على وضعية العينين والشفتين والأنف وهذه الأطروحة ترى أن هناك قواعد تتحكم في الإدراك من أهمها التشابه ( الإنسان يدرك أرقام الهاتف إذا كانت متشابه ) قوانين الشكل).
لكن لماذا يشدد غيوم على التماسك البنيوي للموضوع المدرك؟
يعتبر غيوم أن عناصر الموضوع لها دلالات خاصة ومتميزة حين تكون مندمجة في البنية الكلية. أما في حالة انفكاكها عن الكل المتوحد فأنها تختلف في تعبيراتها وظهوراتها. هذا يعني أن العنصر المنفرد والمستقل سيفقد خصائصه ومحدداته الفردانية حين يندمج في الشكل الكلي.
ولعل خاصية العفوية التي ينسبها غيوم إلى الوعي المدرك تشير بوضوح إلى ما يوليه هذا الفيلسوف الغشطالتي من أهمية قصوى للاشكال الثابتة والأبدية. إنها الاشكال الجاهزة سلفاً والقادرة باستمرار على أن تفرض نفسها على إدراكاتنا. فالإدراك بهذا الشكل يرتد إلى مجرد انتباه عفوي وانشداد تلقائي إلى هذه الأشكال الثابتة.
وفي هذا يوافق غيوم أنداده من فلاسفة الشكل فيسلب الذات فعاليتها ويقصر دور الوعي المنتبه على لعب دور المرآة التي تعكس فقط ما يحصل في الخارج.
وعلينا أن لا ننسى أن غيوم نفسه هو الذي أعطى المثال عن المبادلة بين الشكل والأرضية. فالدائرة الحمراء المتواجدة على أرضية صفراء تفرض نفسها على الوعي المنتبه. لكن الوعي المنتبه يستطيع أن يقوم بمبادلة مؤقتة وعابرة بين الشكل والأرضية. هذا يعني أن الانتباه العفوي هو الذي يحدد إدراكنا للأمور تبعاً لما يسميه غيوم قانون الشكل الأمثل. فكل تركيز مصطنع وضاغط على عملية الادراك سرعات ما يتوارى لتعود الاشكال الأساسية = (الثابتة والأبدية) لكي تفرض نفسها على الوعي مجدداً.
أما تشديد غيوم الآخر على المؤثرات والعوامل الموضوعية فهو يرتبط بالمنطلق الغشطالتي الآخر الذي يقدم الموضوع المدرك على الذات المدركة. فالمعلوم أن فلاسفة الشكل يعطون الأولية للموضوعات بحيث تصبح الذات المدركة غير فاعلة وغير دينامية في عملية الادراك. فالموضوع، ومن منطلق قوانين الشكل، هو الذي يفرض نفسه على الوعي من دون مداخلة فاعلة من جهة العقل. فالإدراك ينطلق من العفوية، وعدم مداخلة العقل، بأكثر مما ينطلق من المسالك العقلية البرهانية والمنطقية.
المناقشة
بخلاف فلاسفة الغشطالت يميز العقلانيون من مثل ديكارت وآلان بين لحظتين أساسيت
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى