الخبرة القضائية
الجمعة 19 أغسطس - 22:00
خطــــــة المذكــــرة
مقدمـــــة
الفصل الأول: ماهية الخبرة القضائية
المبحث الأول : مفهوم الخبرة القضائية
المطلب الأول: تعريف الخبرة القضائية وتطورها التاريخي في التشريع الجزائري
الفرع الأول : تعريف الخبرة القضائية
الفرع الثاني :التطور التاريخي للخبرة القضائية في التشريع الجزائري
المطلب الثاني :أنواع الخبرة القضائية وتصنيف الخبراء
الفرع الأول :أنواع الخبرة القضائية
الفرع الثاني : تصنيف الخبراء
المبحث الثاني : خصائص الخبرة القضائية وتمييزها عن المفاهيم المشابهة لها
المطلب الأول :خصائص الخبرة القضائية
الفرع الأول : الصفة الفنية للخبرة القضائية
الفرع الثاني : الصفة الإجرائية للخبرة القضائية
الفرع الثالث: الصفة الإختيارية للخبرة الفنية
الفرع الرابع : الصفة التبعية للخبرة القضائية
المطلب الثاني : تمييز الخبرة عن المفاهيم المشابهة لها
الفرع الأول: الخبرة والتحقيق
الفرع الثاني : الخبرة والمعاينة
الفرع الثالث: الخبرة والشهادة
المبحث الثالث: القواعد المنظمة لإعتماد الخبراء القضائيون
المطلب الأول : شروط التسجيل في قائمة الخبراء
الفرع الأول: تعريف الخبير
الفرع الثاني:الشروط الواجب توافرها في الترشح لمهنة الخبير وفقا للمرسوم التنفيذي 95/310
الفرع الثالث : إعداد قائمة الخبراء سنويا
المطلب الثاني :شطب إسم الخبير من القائمة
الفرع الأول: الشطب بسبب الأخطاء المهنية
الفرع الثاني : الشطب بسبب عقوبات جزائية مخلة بالشرف
الفرع الثالث : تقرير الشطب
الفصل الثاني : إجراءات الخبرة القضائية
المبحث الأول : تعيين الخبير القضائي
المطلب الأول: سلطة تعيين الخبير القضائي
الفرع الأول : طلب تعيين خبير قضائي
الفرع الثاني: سلطة المحكمة في الإستجابة لطلب الخصوم في تعيين الخبير
المطلب الثاني: الحكم المتضمن تعيين خبير
الفرع الأول : بيانات الحكم المتضمن تعيين خبير
الفرع الثاني : إستئناف الحكم القاضي بالخبرة
المطلب الثالث: القواعد المنظمة لأداء الخبير مهامه
الفرع الأول: دعوة الخبير بمباشرة مهمته
الفرع الثاني : بداية عمل الخبير
المبحث الثاني : رد الخبير وتنحيه وإستبداله
المطلب الأول : رد الخبير
الفرع الأول: طلب الرد وإجراءاته
الفرع الثاني:أسباب رد الخبير.
الفرع الثالث: الفصل في طلب الرد
المطلب الثاني: حق الخبير في التنحي عن مباشرة المهمة
المطلب الثالث : إستبدال الخبير
المبحث الثالث:تقرير الخبرة ومناقشته
المطلب الأول: تحرير التقرير وإيداعه
الفرع الأول: تحرير التقرير ومشتملاته
الفرع الثاني : إيداع تقرير الخبرة
المطلب الثاني : مناقشة التقرير وقوته في الإثبات
الفرع الأول: مناقشة التقرير
الفرع الثاني : قوة التقرير في الإثبات وسلطة المحكمة تجاهه
المطلب الثالث: تقدير أتعاب الخبراء
الفرع الأول:كيفية تقدير أتعاب الخبراء
الفرع الثاني : معارضة الخبراء والأطراف أمر التقدير
الفرع الثالث : جزاء تسلم الخبير أتعابه من الخصوم مباشرة
الفصل الثالث: صور الخبرة القضائية
المبحث الأول: الخبرة القضائية في المواد الجزائية
المطلب الأول: الخبرة القضائية في الطب الشرعي
الفرع الأول: تعريف الطب الشرعي
الفرع الثاني: مجالات الطب الشرعي
المطلب الثاني : الخبرة القضائية في التزوير
الفرع الأول : أساليب التزوير
الفرع الثاني : إثبات التزوير
المبحث الثاني : الخبرة القضائية في المواد المدنية
المطلب الأول: الخبرة القضائية في النزاعات العقارية
المطلب الثاني : الخبرة القضائية في الأضرار المادية لحوادث المرور
المبحث الثالث: الخبرة القضائية في المواد الإدارية
المطلب الأول: الخبرة القضائية في المنازعات الضريبية
الفرع الأول: إجراءات الخبرة في المنازعات الضريبية
الفرع الثاني : أهمية الخبرة في المنازعات الضريبية
المطلب الثاني: الخبرة القضائية في قضايا نزع الملكية
الفرع الأول: تعريف نزع الملكية
الفرع الثاني : مجالات الخبرة في قضايا نزع الملكية
خـــــــاتمة
إن التطور الإنساني وما لحقه من إنجازات مختلفة في جميع الميادين العلمية وما آلت إليه وحققته من إختراعات حديثة ، أدى إلى تشابك مصالح الأفراد وتضاربها تجاريا، إجتماعيا إقتصاديا….،الشئئ الذي أدى إلى تطورطبيعة النزاعات المعروضة على القضاءكنتيجة حتمية لذلك.
ولما كان العدل أساسا منوطا بجهاز القضاء الذي هو رسالة نبيلة تسهر الدول على إرساء دعائمها . ومن ثمة فإذا إعترضت القاضي أثناء فصله في الدعوى مسائل ذات طبيعة فنية تقنية أو علمية ….…خارجة عن إختصاصه أو مداركه فقد أجازت له مختلف التشريعات المقارنة الإستعانة بأهل الفن والصنعة والخبرة ممن يتميزون بالإستقامة والعلم والمعرفة .
ولقد نظمت التشريعات المعاصرة على إختلاف مشاربها الخبرة القضائية نظرا لأهميتها القصوى في تحقيق العدالة بين الأفراد ومساهمتها في تطبيق القانون تطبيقا سليما وذلك سواء في المسائل المدنية أو الجزائية أو الإدارية على حد السواء .
فالخبرة القضائية وسيلة من وسائل الإثبات وإجراء من إجراءات التحقيق التي يأمر بها القاضي فلها قواعدها وفنياتها وخصوصياتها التي لابد من تعلمها وتطويرها والإهتمام بها ولذلك إعتنى المشرع الجزائري كغيره من المشرعين بهذا الموضوع ونظمه في المواد 47 إلى 55 من قانون الإجراءات المدنية وكذا في المواد 143 إلى 156 من قانون الإجراءات الجزائية وفي المادة 86 من قانون الإجراءات الجبائية ، وأيضا حدد تنظيم مهنة الخبير القضائي بمقتضى المرسوم التنفيذي رقم 95/310 المؤرخ في: 10/10/1995
ونظرا لأهمية موضوع الخبرة القضائية ، فقد أثرنا تناولها بالدراسة والبحث فكان إختيارنا
-1-
لموضوع الخبرة القضائية في التشريع الجزائري ودورها في القضاء وليس محل صدفة أو فضول في الكتابة وإنما الدافع يرجع إلى أهمية الموضوع وعلاقته بجل القوانين العام منها والخاص ، وكذا تنوع موضوعاته وتعدد مجالته وعدم تعميم فكرة التخصص ضمن سلك القضاء جعل القاضي ملزما باللجوء إلى أهل الخبرة ، الأمر الذي دفعنا إلى الولوج ضمن خبايا هذا الموضوع ونظرا كذلك إلى أن الخبرة أضحت بالمكانة التي تتطلب منا البحث فيها وتعريفها وتحديد قواعدها والأشخاص القائمين بها وبسط محتواها ومغزاها للقارئ بصفة عامة ورجال القانون بصفة خاصة .
وفي هذا الإطار فإن هذا الموضوع يطرح عدة تساؤلات تتمثل في ماهية الخبرة القضائية ، ومن هم الخبراء المعتمدين لدى المحاكم والمجالس ؟وماهي الحالات التي يجب إجراء خبرة قضائية ؟ وماهي إجراءاتها ؟ وهل هي ملزمة للقاضي ؟.وللإجابة عن هذه التساؤلات إتبعنا المنهج التالي :
الفصل الأول تناولنا فيه ماهية الخبرة القضائية ، وذلك في ثلاثة مباحث ، الأول فيه مفهوم الخبرة القضائية ، أما الثاني فقد تناولنا خصائص الخبرة القضائية وميزنا بينها وما قد يشابهها من معاينة وشهادة وتحقيق .أما في الثالث فتطرقنا إلى القواعد المنظمة لإعتماد الخبراء القضائيين .
اما الفصل الثاني فتطرقنا إلى إجراءات الخبرة القضائية وقسمنا هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث كذلك ، فقد تعرضنا في المبحث الأول إلى كيفية تعيين الخبير وفي الثاني عالجنا مسائل رد وإستبدال وتنحي الخبير عن مهامه ، وفي الثالث تناولنا مناقشة تقرير الخبرة ومدى إلزاميتها .
وأخيرا وفي الفصل الثالث تكلمنا عن صور الخبرة القضائية وتناولنا بعض نماذج عن الخبرات القضائية ذات الأهمية البالغة وذلك في ثلاثة مباحث ، سواء في المواد المدنية أو الجزائية أو الإدارية مبرزين دورها في مساعدة القضاء على تحقيق العدالة .
-2-
مقدمـــــة
الفصل الأول: ماهية الخبرة القضائية
المبحث الأول : مفهوم الخبرة القضائية
المطلب الأول: تعريف الخبرة القضائية وتطورها التاريخي في التشريع الجزائري
الفرع الأول : تعريف الخبرة القضائية
الفرع الثاني :التطور التاريخي للخبرة القضائية في التشريع الجزائري
المطلب الثاني :أنواع الخبرة القضائية وتصنيف الخبراء
الفرع الأول :أنواع الخبرة القضائية
الفرع الثاني : تصنيف الخبراء
المبحث الثاني : خصائص الخبرة القضائية وتمييزها عن المفاهيم المشابهة لها
المطلب الأول :خصائص الخبرة القضائية
الفرع الأول : الصفة الفنية للخبرة القضائية
الفرع الثاني : الصفة الإجرائية للخبرة القضائية
الفرع الثالث: الصفة الإختيارية للخبرة الفنية
الفرع الرابع : الصفة التبعية للخبرة القضائية
المطلب الثاني : تمييز الخبرة عن المفاهيم المشابهة لها
الفرع الأول: الخبرة والتحقيق
الفرع الثاني : الخبرة والمعاينة
الفرع الثالث: الخبرة والشهادة
المبحث الثالث: القواعد المنظمة لإعتماد الخبراء القضائيون
المطلب الأول : شروط التسجيل في قائمة الخبراء
الفرع الأول: تعريف الخبير
الفرع الثاني:الشروط الواجب توافرها في الترشح لمهنة الخبير وفقا للمرسوم التنفيذي 95/310
الفرع الثالث : إعداد قائمة الخبراء سنويا
المطلب الثاني :شطب إسم الخبير من القائمة
الفرع الأول: الشطب بسبب الأخطاء المهنية
الفرع الثاني : الشطب بسبب عقوبات جزائية مخلة بالشرف
الفرع الثالث : تقرير الشطب
الفصل الثاني : إجراءات الخبرة القضائية
المبحث الأول : تعيين الخبير القضائي
المطلب الأول: سلطة تعيين الخبير القضائي
الفرع الأول : طلب تعيين خبير قضائي
الفرع الثاني: سلطة المحكمة في الإستجابة لطلب الخصوم في تعيين الخبير
المطلب الثاني: الحكم المتضمن تعيين خبير
الفرع الأول : بيانات الحكم المتضمن تعيين خبير
الفرع الثاني : إستئناف الحكم القاضي بالخبرة
المطلب الثالث: القواعد المنظمة لأداء الخبير مهامه
الفرع الأول: دعوة الخبير بمباشرة مهمته
الفرع الثاني : بداية عمل الخبير
المبحث الثاني : رد الخبير وتنحيه وإستبداله
المطلب الأول : رد الخبير
الفرع الأول: طلب الرد وإجراءاته
الفرع الثاني:أسباب رد الخبير.
الفرع الثالث: الفصل في طلب الرد
المطلب الثاني: حق الخبير في التنحي عن مباشرة المهمة
المطلب الثالث : إستبدال الخبير
المبحث الثالث:تقرير الخبرة ومناقشته
المطلب الأول: تحرير التقرير وإيداعه
الفرع الأول: تحرير التقرير ومشتملاته
الفرع الثاني : إيداع تقرير الخبرة
المطلب الثاني : مناقشة التقرير وقوته في الإثبات
الفرع الأول: مناقشة التقرير
الفرع الثاني : قوة التقرير في الإثبات وسلطة المحكمة تجاهه
المطلب الثالث: تقدير أتعاب الخبراء
الفرع الأول:كيفية تقدير أتعاب الخبراء
الفرع الثاني : معارضة الخبراء والأطراف أمر التقدير
الفرع الثالث : جزاء تسلم الخبير أتعابه من الخصوم مباشرة
الفصل الثالث: صور الخبرة القضائية
المبحث الأول: الخبرة القضائية في المواد الجزائية
المطلب الأول: الخبرة القضائية في الطب الشرعي
الفرع الأول: تعريف الطب الشرعي
الفرع الثاني: مجالات الطب الشرعي
المطلب الثاني : الخبرة القضائية في التزوير
الفرع الأول : أساليب التزوير
الفرع الثاني : إثبات التزوير
المبحث الثاني : الخبرة القضائية في المواد المدنية
المطلب الأول: الخبرة القضائية في النزاعات العقارية
المطلب الثاني : الخبرة القضائية في الأضرار المادية لحوادث المرور
المبحث الثالث: الخبرة القضائية في المواد الإدارية
المطلب الأول: الخبرة القضائية في المنازعات الضريبية
الفرع الأول: إجراءات الخبرة في المنازعات الضريبية
الفرع الثاني : أهمية الخبرة في المنازعات الضريبية
المطلب الثاني: الخبرة القضائية في قضايا نزع الملكية
الفرع الأول: تعريف نزع الملكية
الفرع الثاني : مجالات الخبرة في قضايا نزع الملكية
خـــــــاتمة
إن التطور الإنساني وما لحقه من إنجازات مختلفة في جميع الميادين العلمية وما آلت إليه وحققته من إختراعات حديثة ، أدى إلى تشابك مصالح الأفراد وتضاربها تجاريا، إجتماعيا إقتصاديا….،الشئئ الذي أدى إلى تطورطبيعة النزاعات المعروضة على القضاءكنتيجة حتمية لذلك.
ولما كان العدل أساسا منوطا بجهاز القضاء الذي هو رسالة نبيلة تسهر الدول على إرساء دعائمها . ومن ثمة فإذا إعترضت القاضي أثناء فصله في الدعوى مسائل ذات طبيعة فنية تقنية أو علمية ….…خارجة عن إختصاصه أو مداركه فقد أجازت له مختلف التشريعات المقارنة الإستعانة بأهل الفن والصنعة والخبرة ممن يتميزون بالإستقامة والعلم والمعرفة .
ولقد نظمت التشريعات المعاصرة على إختلاف مشاربها الخبرة القضائية نظرا لأهميتها القصوى في تحقيق العدالة بين الأفراد ومساهمتها في تطبيق القانون تطبيقا سليما وذلك سواء في المسائل المدنية أو الجزائية أو الإدارية على حد السواء .
فالخبرة القضائية وسيلة من وسائل الإثبات وإجراء من إجراءات التحقيق التي يأمر بها القاضي فلها قواعدها وفنياتها وخصوصياتها التي لابد من تعلمها وتطويرها والإهتمام بها ولذلك إعتنى المشرع الجزائري كغيره من المشرعين بهذا الموضوع ونظمه في المواد 47 إلى 55 من قانون الإجراءات المدنية وكذا في المواد 143 إلى 156 من قانون الإجراءات الجزائية وفي المادة 86 من قانون الإجراءات الجبائية ، وأيضا حدد تنظيم مهنة الخبير القضائي بمقتضى المرسوم التنفيذي رقم 95/310 المؤرخ في: 10/10/1995
ونظرا لأهمية موضوع الخبرة القضائية ، فقد أثرنا تناولها بالدراسة والبحث فكان إختيارنا
-1-
لموضوع الخبرة القضائية في التشريع الجزائري ودورها في القضاء وليس محل صدفة أو فضول في الكتابة وإنما الدافع يرجع إلى أهمية الموضوع وعلاقته بجل القوانين العام منها والخاص ، وكذا تنوع موضوعاته وتعدد مجالته وعدم تعميم فكرة التخصص ضمن سلك القضاء جعل القاضي ملزما باللجوء إلى أهل الخبرة ، الأمر الذي دفعنا إلى الولوج ضمن خبايا هذا الموضوع ونظرا كذلك إلى أن الخبرة أضحت بالمكانة التي تتطلب منا البحث فيها وتعريفها وتحديد قواعدها والأشخاص القائمين بها وبسط محتواها ومغزاها للقارئ بصفة عامة ورجال القانون بصفة خاصة .
وفي هذا الإطار فإن هذا الموضوع يطرح عدة تساؤلات تتمثل في ماهية الخبرة القضائية ، ومن هم الخبراء المعتمدين لدى المحاكم والمجالس ؟وماهي الحالات التي يجب إجراء خبرة قضائية ؟ وماهي إجراءاتها ؟ وهل هي ملزمة للقاضي ؟.وللإجابة عن هذه التساؤلات إتبعنا المنهج التالي :
الفصل الأول تناولنا فيه ماهية الخبرة القضائية ، وذلك في ثلاثة مباحث ، الأول فيه مفهوم الخبرة القضائية ، أما الثاني فقد تناولنا خصائص الخبرة القضائية وميزنا بينها وما قد يشابهها من معاينة وشهادة وتحقيق .أما في الثالث فتطرقنا إلى القواعد المنظمة لإعتماد الخبراء القضائيين .
اما الفصل الثاني فتطرقنا إلى إجراءات الخبرة القضائية وقسمنا هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث كذلك ، فقد تعرضنا في المبحث الأول إلى كيفية تعيين الخبير وفي الثاني عالجنا مسائل رد وإستبدال وتنحي الخبير عن مهامه ، وفي الثالث تناولنا مناقشة تقرير الخبرة ومدى إلزاميتها .
وأخيرا وفي الفصل الثالث تكلمنا عن صور الخبرة القضائية وتناولنا بعض نماذج عن الخبرات القضائية ذات الأهمية البالغة وذلك في ثلاثة مباحث ، سواء في المواد المدنية أو الجزائية أو الإدارية مبرزين دورها في مساعدة القضاء على تحقيق العدالة .
-2-
رد: الخبرة القضائية
الجمعة 19 أغسطس - 22:01
الفــــــرع الأول : بيانات الحكم المتضمن تعيين خبير :
لقد حدد المشرع الجزائري على غرار غيره البيانات الأساسية التي يشتمل عليها الحكم بتعيين خبير وذلك في نص المادتين :47و 49 من قانون الإجراءات المدنية وهي :
- تعيين الخبير أوالخبراء تحديدا كافيا إسما ولقبا ، الإختصاص والعنوان .
- يجب على المحكمة تحديد وتوضيح المهمة التي تجرى فيها الخبرة والنقط التقنية التي تحتاج إلى شرح وذلك بكل دقة ووضوح تسهيلا لعمل الخبير .
- يجب على المحكمة تحديد المهلة التي يستوجب عل الخبير تقديم تقريره فيها .
(1) مولاي ملياني بغدادي ، المرجع السابق ، ص 68.
(2)قرار صادر بتاريخ :24/06/2003 ، تحت رقم 297062 ، مجلة قضائية 2003، عدد 2 ، 114.
-19-
- إذا كان الخبراء أكثر من واحد يجب أن يذكر في منطوق الحكم وجوب قيام الخبراء المعنيين بجميع إجراءات الخبرة سوية ، وأن يقدموا تقريرا واحدا معا، وفي حالة الإختلاف في آرائهم وجب على كل خبير الإدلاء برأيه مسببا إياه .
- تحديد المبلغ الواجب أداؤه أو دفعه وتعيين الخصم المكلف بدفعها .
- وجوب أن يتضمن منطوق الحكم على أن يحلف الخبير غير المقيد بالجدول اليمين القانونية أمام السلطة التي يحددها الحكم مالم يعف من اليمين بإتفاق الخصوم طبقا لنص المادة 50 من قانون الإجراءات المدنية .
كما أنه يجب أن يصدر الحكم القاضي بإجراء خبرة في شكل كتابي وهذا ما أكدته المادة 121 من قانون الإجراءات المدنية ، ويتم توقيع الحكم المتضمن الخبرة من قبل القاضي وكذا أمين الضبط ، وإذا تعلق الأمر بالقرار الصادر عن المجلس القضائي من طرف رئيس الجلسة وكذا المستشار المقرر.
الفرع الثاني: إستئناف الحكم القاضي بالخبرة :
يجوز للخصوم إستئناف الحكم القاضي بإجراء الخبرة أمام المجلس القضائي إذا شابه نقص أو عيب من العيوب ، ويشترط في الطاعن أن تكون طرفا في النزاع أثناء قيامه أمام المحكمة ، وأن تتوافر فيه الشروط الواردة في المادة 459 ق ا م ويشترط في الحكم أن يكون قابلا للإستئناف وفقا لنص المادة 106 ق ا م .
وتحدد مهلة الإستئناف بشهر واحد إذا كان صادرا عن قاضي الموضوع وتسري هذه المهلة إبتداءا من تاريخ تبليغ الحكم إلى الخصم المطلوب تبليغه إن كان الحكم حضوريا ، أو من تاريخ إنقضاء مهلة المعارضة إذا كان الحكم غيابيا (1)
ولكن الإشكال يثور في الحياة العملية حين يصدر القاضي الحكم قبل الفصل في الموضوع بتعيين خبير ، فمتى يكون تحضيريا ومتى يكون تمهيديا قابلا للإستئناف .؟ فالحكم التحضيري ولكونه لايمس بحقوق الأطراف ولايفصل في أي جانب من جوانب النزاع وأكثر من ذلك لايستشف منه حتى رأي القاضي في الموضوع ، فإن المشرع جعله غير قابل للإستئناف منفردا، وجعل إستئنافه لايكون إلا على الحكم القطعي إعمالا لنص المادة 106 ق ا م أمام إجتهاد المحكمة العليا فيما يخص عدم قابلية إستئناف الأحكام التحضيرية فقد أكده القرار الصادر بتاريخ : 17/11/1998 بقولها : " إستئناف حكم تحضيري - قاعدة عدم قبول الإستئناف من النظام العام ".(2)
فقاعدة عدم جواز إستئناف الحكم التحضيري من النظام العام ، يسوغ للقاضي إثارتها من تلقاء ذاته . عكس الحكم التمهيدي الذي يستشف منه قليلا أو كثيرا عما ستقضي به المحكمة ، ويتعرض لمصير النزاع، فضلا على أنه ينبئ عن وجهة نظر معينة بالنسبة للمحكمة (3) مما يسمح إستئنافه دون الحكم القطعي .
(1) مولاي ملياني بغدادي ، المرجع السابق ، ص 86 .
(2) قرار صادر بتاريخ :17/11/1998 تحت رقم 33496، مجلة قضائية 89، عدد 01، ص 160.
(3)حمدي باشا عمر، دراسات قانونية مختلفة ، دار هومة ، الجزائر ، ط 2002 ، ص 228.
-20-
ونلاحظ أن هذه التفرقة بين الحكم التحضيري والتمهيدي ليست لها أي أثر قانوني في المجال الجزائي، لأن الحكمين غير قابلين للإستئناف إلا مع الحكم القطعي إعمالا لنص المادة 427 من قانون الإجراءات الجزائية(1) وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ :13/05/1982 بقولها : " لايجوز الطعن في القرار الذي أمر بحكم تمهيدي بتعيين خبير إلا بعد الفصل في الموضوع ".(2)
وكذلك القرار المؤرخ في:22/02/1999 بقولها :" يعرضون قرارهم للنقض قضاة المجلس الذين قضوا بقبول إستئنافي النيابة العامة والطرف المدني في الحكم التحضيري الصادر عن محكمة أول درجة رغم عدم جوازه على حاله قبل الفصل في الموضوع ." (3)
المطلب الثالث : القواعد المنظمة لأداء الخبير لمهامه :
الفرع الأول : دعوة الخبير لمباشرة مهمته :
بمجرد صدور الحكم القاضي بتعيين الخبير وجب إشعاره بالمهمة الموكولة إليه وذلك من أجل البدء سريعا في مهامه ولأنه لايمكن له بأي حال من الأحوال البدء بالمهمة إلا بعد إعلامه بها وقبوله لهذه المهمة وكذا الإطمئنان إلى عدم تقديم طلب الرد ضده من أحد الخصوم،، وبعد ذلك يمكن له مباشرة أداء مهامه بداية بإستدعاء الخصوم .
أولا: إعلام الخبير بمهمته : لايستطيع الخبير البدء في مهمة دون أن يكون قد علم بتكليفه بها أصلا وإذا كان المشرع الجزائري لم يوضح بنص قانوني الطرف الملزم بدعوة الخبير لأداء مهمته وذلك على خلاف غيره من المشرعيين كالمشرع المصري .
ويدعى الخبير في الجزائر لأداء مهامه حسب ما يدعى عليه التعارف لدى المحاكم من طرف الخصم الذي طلب إجراء الخبرة أو من يهمه التعجيل ويقوم يإيداع المبلغ الذي يحدده القاضي كمصاريف مؤقتة للخبرة لدى أمانة ضبط المحكمة المختصة ، وبمجرد إعلام الخبير بالمهمة المسندة إليه فإن عليه أن يبادر في أقرب الآجال بإبلاغ القاضي بقبوله أو رفضه المهمة المسندة إليه مع إمكانية إطلاعه على الملف والوثائق المرفقة وذلك في المحكمة التي أصدرت الحكم القاضي بالخبرة ، ويكون غالبا قبول الخبير بمهمته قبولا ضمنيا وذلك بمبادرة هذا الأخير بالإتصال بالأطراف أو الإنتقال إلى المحكمة المختصة للإطلاع على الوثائق أو زيارة العين محل الخبرة .
ثانيا : إستدعاء الخبير للخصوم: بعد تعيين الخبير وإطلاعه على المستندات والأوراق في الدعوى وجب عليه تحديد تاريخ لبدء أعماله كي لايتجاوز المهلة القانونية والتي نص عليهــا
(1) المادة 427 ق اج :" لايقبل إستئناف الأحكام التحضيرية أو التمهيدية أوالتي فصلت في مسائل عارضة أو دفوع إلا بعد الحكم الصادر في الموضوع وفي الوقت نفسه مع إستئناف ذلك الحكم ."
(2) قرار مؤرخ بتاريخ :13/05/1982 تحت رقم 189350، نشرة القضاة ، عدد 01، سنة 1983، ص 115
(3)قرار مؤرخ بتاريخ22/02/1999 تحت رقم 187081، غير منشور .
-21-
قانون الإجراءات المدنية في المادة 53 منه بقولها :" يجب على الخبير أن يخطر الخصوم بالأيام والساعات التي سيقوم فيها إجراء أعمال الخبرة ، وفي غير حالات الإستعجال يرسل هذا الإخطار إلى الخصوم قبل اليوم المحدد بخمسة أيام على الأقل بكتاب موصى عليه بعلم وصل إما إلى موطنهم الحقيقي أو محل إقامتهم إو إلى موطنهم المختار ويثبت الخبير في تقريره أقوالا وملاحظات الخصوم ."
وبعد إستدعاء الخصوم يجب على الخبير في هذا الإستدعاء أن يخطر الخصوم جميعا بالأيام والساعات التي سيقوم فيها بإجراء أعمال الخبرة ، أو بأول إجتماع بهم أو باللقاء الذي يعترف فيه بجوهر الموضوع وعليه أن يحدد في الإستدعاء رزنامة عمله وكذا الوثائق والمستندات التي يتوجب إحضارها معهم يوم الإجتماع .
مع الملاحظة أن المشرع الجزائري لم ينص صراحة على بطلان عمل الخبير جزاء على عدم دعوته للخصوم لحضور عمليات الخبرة ، مما يتعين تطبيق القواعد العامة للبطلان وهي مخالفة الإجراءات المقررة قانونا لاينتج عنها البطلان ، إلا إذا ترتب عليها ضرر لمن يتمسك بالمخالفة .
وبناءا على ما تقدم يكون البطلان نسبيا إذا حصل الإستدعاء بطريق غير الوارد في أحكام المادة 53 ق ا م ولا يتمسك به إلا من أغفل الخبير دعوته لحضور عمليات الخبرة ، ويجب التمسك به أمام محكمة الموضوع ، ويكون البطلان مطلقا إذا لم يتم الإخطار للخصوم نهائيا، ولقد أكدت المحكمة العليا هذا في قرارها الصادر بتاريخ :03/01/1993 بقولها:" من المقرر قانونا أنه يستوجب على الخبير أن يخطر الخصوم بالأيام و الساعات التي يتم فيها إجراء أعمال الخبرة .
ومن المستقر عليه قضاءا أنه إذا تسبب عدم الإخطار المذكور في منع الأطراف من تقديم ملاحظاتهم وطلباتهم ، فإن ذلك يؤدي حتما إلى بطلان إجراءات الخبرة .
ولما ثبت في قضية الحال ، أن إجراءات الخبرة تمت بحضور كل الأطراف بما فيها وزارة الدفاع الوطني –الطاعنة- التي تم تمثيلها بضابطين ولم يقدما أي ملاحظة فإن ذلك يعني أن اعمال الخبرة تمت بطريقة قانونية ويتعين تأييد القرار المطعون فيه ."(1)
إلا أنه تجدر الملاحظة وأنه إذا كانت المادة 53 من قانون الإجراءات المدنية توجب على الخبير أن يخطر الخصوم باليوم والوقت الذي يقوم فيهما بإجراء الخبرة فإن الأمر خلاف ذلك في المواد الجزائية ، حيث أن الخبير غير ملزم بإستدعاء المتهم لحضور عملية الخبرة التي يجريها على الضحية . وهذا ما أكدته المحكمة العليا في العديد من قراراتها منها القرار المؤرخ في : 01/01/1967 والذي جاء فيه :" لايوجد أي إلتزام بإستدعاء الأطراف لحضور العمليات التي يقوم بها الخبراء المعينون من طرف القضاء الجزائي ."(2)
الفرع الثاني : بداية عمل الخبير :
إذا تم إشعار الخبير بنسخة من الحكم القاضي بتعيينه وتم إيداع مبلغ الأمانة المحكوم بها في أمانة المحكمة ، وحلف اليمين في حالة ما إذا كان غير مقيد في قائمة الخبراء المعتمدين لدى المحاكم وجب عليه أن يبدأ عمله متبعا الخطوات التي يراها مناسبة في حدود النقاط التي حددها الحكم القاضي بتعيينه .
(1) قرار صادر بتاريخ 03/01/1993 تحت رقم92010، مجلة قضائية سنة 94، عدد 03، ص 184.
(2) قرار جزائي مؤرخ في 02/05/1967 ، النشرة السنوية للعدالة ، سنة 1966، عدد 06 ، ص 347
-22-
أولا: تسليم الوثائق للخبير : لايكفي أن تسلم للخبير نسخة من حكم تعيينه وأن يقبل المهمة ويحدد تاريخا لبدئها بعد الإتصال بالخصوم ، بل على الأطراف تسليمه كل الوثائق التي لها علاقة بالدعوى فأصل الع..... والأحكام النهائية السابقة لنفس الموضوع وكل مستند يرى أنه ذا فائدة لمصلحته ، كما لهم أن يتقدموا خطيا بالملاحظات والمطالب التي يرونها مناسبة لعملية الخبرة .
ويكون تسليم الوثائق للخبير إستنادا إلى طلبه أو رغبة الأطراف في ذلك أو بناء ا على أمر المحكمة ويمضي الخبير وصلا بإستلام المستندات والملفات ليس لها إلا لهدف مساعدته في أداء مهمته وذلك بالمعلومات التي يستقيها من مصادرها .
ثانيا : واجبات الخبير وقت أدائه للمهمة : لايستطيع القاضي إلزام الخبير بطريقة معينة لأداء مهامه ، فالخبير بحكم إختصاصه أدرى بالطرق المثلى والسبل القصيرة للوصول إلى الهدف المرجو من الخبرة إلا أنه على الخبير مجموعة مبادئ أقرها الفقه والقضاء يجب عليه الإلتزام بها أثناء سير الخبرة .
- على الخبير إستدعاء كافة الأطراف بصفة قانونية كما سبق التطرق إلى ذلك .
- على الخبير القيام شخصيا بتنفيذ المهمة المكلف بها .
- على الخبير تدوين ملاحظات وأقوال الخصوم كل على حدى .
- على الخبير الإجابة على الأسئلة التقنية المكلف بالإجابة عنها بكل دقة ووضوح .
- كما يتمتع بالحرية التامة في إنجاز مهمته والأبحاث التي يقوم بها وكذا التحقيقات يجب أن تستمد بطرق شرعية يسمح بها القانون .
- إذا كان الخبير قد كلف بمعاينة وجب عليه الإنتقال إليها والقيام بنفسه بما كلفته المحكمة به .
- إذا كلف بالإطلاع على الدفاتر والحسابات التجارية وجب عليه الإنتقال إلى مكان تواجدها والإطلاع عليها .
- لايجوز للخبير بأي حال من الأحوال تقييم أقوال أي من الشهود أو التعليق عليها ولا التطرق للوقائع القانونية لأن أمرها متروك للقاضي .
-23-
المبحث الثاني : رد الخبير وتنحيه وإستبداله :
بعد تعرضنا لإجراءات تعيين الخبير وتوصلنا إلى أن ندبه ضروري في بعض الحالات ومستحب في حالات أخرى وذلك راجع إلى السلطة التقديرية للقاضي ، ولذلك فإنه يحق لهذا الأخير رد أو إستبدال الخبير من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الخصوم إذا وجدت الأسباب القانونية لذلك ، كما يجب للخبير أن يرفض المهمة الموكولة إليه أو يتنحى منها لأسبابه الخاصة .
المطـــــلب الأول: رد الخبيــــــر :
الفرع الأول : طلب الرد وإجراءاته :
تنص المادة 52 من ق ا م على أنه :" على الخصم الذي يرغب في رد الخبير الذي عينته المحكمة من تلقاء نفسها أن يقدم طلب الرد خلال ثمانية أيام تسري من تاريخ تبليغه بهذا التعيين ويكون الطلب موقعا منه أو من وكيله ، ويتضمن أسباب الرد ويفصل في طلب الرد دون تأخير .
ولايقبل الرد إلا إذا كان مبنيا على سبب قرابة قريبة أو على سبب جدي ."
إن رد الخبير هو إجراء خوله المشرع لأطراف الخصومة للوقوف في وجه الخبير الذي عينته المحكمة من تلقاء نفسها وإزاحته أو تبديله بغيره إذا كان يخشى منه تحيزا أو محاباة لأحد الخصوم ، ويعود للمحكمة تقدير ا لأسباب إذا كانت مؤسسة ولها ما يبررها وللمحكمة رفض طلب الرد (1) إذا لم يكن مستندا على أي سبب وجيه أو خطير .
وإذا كان الخبير شخصا معنويا، جاز طلب رده هو بذاته ، أو طلب رد الأشخاص الطبيعيين الذين عينهم القاضي لإنجاز المهمة موضوع الخبرة ، وتشترط المادة 52 ق ا م أن يقع رد الخبراء في أجل ثمانية أيام من تبليغ قرار التعيين ، كما أنه يشترط في طلب الرد الشروط التالية : (2)
- يجب أن يكون طالب الرد خصما في النزاع المطروح أمام المحكمة التي عينت الخبير ولايجوز لغير الخصوم رد الخبير .
- أن يكون الخبير المراد رده قد ندبته المحكمة من تلقاء نفسها فإن كان الخبير قد إتفق الخصوم على ندبه فلا يجوز لأحدهم رده إلا إذا كان سبب الرد قد حدث بعد ندبه .
- أن يقدم الخصم الذي يرغب في رد الخبير الذي ندبته المحكمة من تلقاء نفسها طلب الرد خلال 08 أيام من تاريخ تبليغه بهذا الندب أي بمنطوق الحكم القاضي بتعيينه لإنجاز الخبرة
- أن يوقع طلب الرد من الخصم الراغب في رد الخبير ، أو وكيله القانوني أو محاميه .
- أن يتضمن طلب الرد الأسباب والمبررات التي دفعت الخصم إلى طلب رد الخبير مع إرفاقها بالأدلة والوثائق التي تؤيدها .
(1) مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص 89.
(2) مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص 91.
-24-
- ويجب أن يذكر في العريضة التي تقدم للمحكمة المختصة إسم ولقب وعنوان الخبير إذا كان شخصا طبيعيا ، أما إذا كان شخصا معنويا فيذكر في العريضة القسم المعني بالرد أو الأشخاص القائمين به والذين يعنيهم ويذكر أسمائهم في طلب الرد، وكذا أسماء وألقاب الخصوم وعنوانهم .
ويسمع القاضي المختص الذي يقدم إليه طلب الرد كلا من الخبير محل الرد والخصوم الآخرين ، لأن طلب الرد لابد وأن يرد فيه أحد الأسباب الواردة في أحكام المادة 52 من ق ا م أي بسبب قرابة قريبة أو إلى أي سبب جدي آخر، وعلى هذا الأساس يكون من حق الخبير والخصم الآخر الإجابة على الأسباب الواردة في عريضة الرد المقدمة للقاضي للفصل فيها ، كما أنه لابد أن نشير إلى أنه إذا كان الخبير لايزال لم يبدأ بعد في تنفيذ مهمته وجب عليه عدم البدء فيها . أما إذا كان قد بدأ في إنجازها وجب عليه التوقف عن تنفيذ ها لحين الفصل في طلب الرد .(1)
الفرع الثاني : أسباب رد الخبير :
لقد خول المشرع لأطراف الخصومة رد الخبير وذلك إذا توافر عنصر القرابة القريبة وكذا أي سبب جدي وذلك وفقا لنص المادة 52 ق ا م :" لايقبل الرد إذا كان مبنيا على قرابة أو أي سبب جدي ." وما يلاحظ أن المشرع الجزائري لم يذكر هذه الأسباب على سبيل الحصر بل ذكرهما بصفة عامة ، وعلى هذا الأساس، فإنه يجوز رد الخبير في إحدى الحالات التالية: (2)
- إذا كانت له أو لزوجته مصلحة شخصية في النزاع .
- إذا كانت ثمة قرابة أو نسب أو مصاهرة بين الخبير أو زوجته وبين أحد الخصوم .
- إذا كان للخبير مصلحة في النزاع أو لزوجته أو للأشخاص الذين يكون وصيا أو قيما عليهم.
- إذا كانت للخبير علاقة تبعية مع أحد الخصوم .
- إذا كان الخبير قد سبق له وأن قام بإجراء خبرة في نفس القضية وأعطى رأيه فيها.
فإذا توافرت حالة من الحالات السابقة أو أكثر - لكون يجوز رد الخبير لأي سبب غير الأسباب المشار إليها آنفا ، إذا كان السبب من القوة بحيث يستنتج منه أن الخبير لايمكنه أن يقوم بالمهمة الموكلة إليه بدون ميل أو محاباة أو تحيز – جاز للخصم الذي يرغب في رد الخبير الذي عينته المحكمة من تلقاء نفسها أن يقدم طلب الرد ضمن الشروط والإجراءات الواردة في المادة 52 ق ا م .
الفرع الثالث : الفصل في طلب الرد:
إذا توافرت شروط رد الخبير وقام الخصم الراغب في ذلك بتقديم طلب رد الخبير للمحكمة المختصة خلال المدة القانونية وطبقا لأحكام المادة 52 من ق ا م وجب على المحكمة المختصة الفصل في الطلب دون تأخير .
(1) مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص91.
(2) مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص93.
-25-
فيجوز للقاضي الذي يفصل في طلب رد الإستجابة للخصم الذي قدمه ، أو عدم الإستجابة له ، فإذا كانت أسباب الرد الواردة في الطلب لها ما يبررها وإقتنع القاضي بصحتها وجب عليه فورا أن يأمر برد الخبير وأن يحكم بذلك ، أما إذا كانت الأسباب المذكورة في عريضة طلب الرد غير مؤكدة أو كانت كيدية أو وهمية أو لا أساس لها من الصحة رفض القاضي طلب رد الخبير لعدم توافر أحد العنصرين الواردين في أحكام المادة 52 ق ا م .
المطلب الثاني : حق الخبير في التنحي عن مباشرة المهمة :
لقد نصت المادة 11 من المرسوم التنفيذي 95/310 المؤرخ في :10/10/1995 على أنه :" يتعين على الخبير القضائي أن يقدم طلبا مسببا للطعن في الحالتين الآتيتين مع مراعاة الحالات الأخرى المنصوص عليها قانونا :
1- حين لايستطيع أداء مهمته في ظروف تقيد حرية عمله أو من شأنها أن تضر بصفته خبيرا قضائيا .
2- إذا سبق له أن إطلع على القضية في نطاق آخر ."
وإستنادا لهذه المادة بعد إحاطة علم الخبير بندبه وفقا للأوضاع المتقدم عرضها يبدي الخبير موقفه من القرار القاضي بذلك ، ويكون هذا الموقف إما بقبول المهمة المسندة إليه وإما رفضها (1) والغالب أن الخبير يعلن عن رفضه لإجراء الخبرة بوجه صريح ويكون ذلك إما شفهيا أو كتابيا ، كما يحدث أن يعبر الخبير عن هذا الموقف ضمنيا ويكون ذلك بإمتناعه عن الإمتثال أمام الجهة القضائية صاحب الإختصاص لحلف اليمين مثلا .
فقد توجد لدى الخبير المندوب في قضية جارية أمام المحكمة أسباب تجعله يتنحى من أداء المهمة الموكلة إليه وذلك في الحالات التي ذكرتها المادة 11 من المرسوم التنفيذي رقم 95/310 وكذا الحالات التي ذكرتها المادة 51 من ق ا م بقولها :" إذا رفض الخبير القيام بالعمل الذي كلف به أو حصل مانع له…" رغم أن المشرع لم ينص صراحة على تنحي الخبير عن مهامه بل أدمج هذه الحالة الأخيرة في المادة 51 والتي تتكلم عن إستبدال الخبير ، فكان على المشرع أن ينص صراحة على إمكانية التنحي للخبير عن القيام بمهامه إذا توافرت أسباب تستند على أحد أسباب الرد أو لأي سبب جدي آخر يقدمه الخبير .
ومهما يكن من أمر فإن القانون لايلزم الخبير القيام بالمهمة أو إجباره عليها بل فقط يلزمه بإخبار المحكمة التي عينته بقبوله أو عدم قبوله مع ذكر الأسباب وذلك إجتنابا لعقابه .
ورغم أن القانون الجزائري لم يحدد أسباب معينة تسمح للخبير تقديم طلب إعفائه من المهمة ، إلا أنه قد جرى العرق والعادة في الحياة العملية وأنه وبمجرد تقديم الطلب مع ذكر الأسباب في أقرب وقت ممكن تقرر المحكمة إعفاء الخبير إذا رأت أن الأسباب التي أبداها هذا الأخير سائغة ومقبولة ولها ما يبررها ، أما إذا كان الطلب خاليا من كل عذر شرعي أو كان بغرض عرقلة السير الحسن للعدالة ، فترفضه وفي هذه الحالة يبقى الخبير مكلفا بالمهمة فإذا رفضها يجوز الحكم عليه بجميع ما أضاعه من المصروفات وإذا إقتضى الأمر بالتعويضات ويستبدل بغيره .(2)
(1) بطاهر تواتي ، المرجع السابق ، ص 50.
(2) مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص103.
-26-
فإذا لم يؤد الخبير مهامه ولم يكن قد أعفي منها جاز للمحكمة التي ندبته أن تحكم عليه بكل المصروفات التي تسبب في إنفاقها بلا فائدة ، وبالتعويضات إن كان لها محل وذلك بغير الإخلال بالحزاءات التأديبية (1) وهذا وفقا للقواعد العامة .
كما أن المادة 19 من المرسوم التنفيذي رقم 95/310 نصت على أنه وفي حالة رفض الخبير القضائي القيام بمهامه في الأجال المحددة بعد إعذاره دون سبب شرعي فإنه يتعرض لعقوبات الإنذار ، التوبيخ ، التوقيف ، الشطب النهائي ، وهذا دون المساس بالمتابعات المدنية وكذا الجزائية المحتملة .
المطلب الثالـــث : إستبــــــدال الخبيـــر :
لقد نصت المادة 51 ق ا م على إستبدال الخبير بقولها:" إذا رفض الخبيرالقيام بالعمل الذي كلف به أوحصل مانع له إستبدل بغيره بموجب أمر يصدر في ذيل طلب تبديله."
ويقابل هذا النص المادة 86-5 من قانون الضرائب المباشرة بقولها :" في حالة ما إذا رفض خبير المهمة المسندة إليه أو لم يؤديها يعين خبيرا آخر بدلا منه ."
ومن خلال هاتين المادتين فإنه يتضح لنا أنه يجوز للخصم الذي يهمه الأمر تقديم طلب إستبدال الخبير بغيره وذلك إذا توافرت إحدى الحالات التالية :
- إذا رفض الخبير القيام بالمهمة الموكلـة إليــه .
- إذا قبل الخبير المهمة ثم لم يقم بها أو لم ينجزها في المهلة المحددة لها .
- إذا حصل للخبير مانع من الموانع وهي حالات كثيرة ، بحيث يصبح من غير الممكن قيامه بإنجاز العمل المسند إليه ، كالوفاة أو الشطب إسمه من قائمة الخبراء بعد تعيينه أو إعتقاله …..الخ .
فالمشرع الجزائري لم يحدد الأسباب على سبيل الحصر بل تركها للظروف والملابسات (2) التي تخص كل قضية ، فإذا توافرت إحدى الحالات المذكورة جاز للخصم الذي يهمه الأمر تقديم عريضة إستبدال الخبير مع ذكره في طلبه ما يلي :
- أسماء الأطراف وألقابهم وعناوينهم ووظائفهم وموجز عن وقائع الدعوى .
- تاريخ الحكم الصادر بندب الخبير محل الإستبدال .
- الأسباب التي دعت إلى طلب إستبداله بغيره .
وتقدم عريضة إستبدال الخبير إلى رئيس المحكمة المختصة موقعة من الطالب نفسه أو من وكيله القانوني أو محاميه ، ويصدر رئيس المحكمة أمرا على ذيل العريضة يندب فيه خبيرا آخر مكان الخبير المستبدل ليقوم بنفس المهمة التي كانت قد أسندت إلى الخبير الأول ولايجوز إستئناف الأمر على ذيل العريضة الصادر بندب الخبير الثاني لأنه ليس حكما ولا أمر إستعجاليا .(3)
(1) عدلي أمير خالد، الإرشادات العلمية في إجراءات المرافعات والإثبات في كافة الدعاوى المدنية ، دار الفكر الجامعي ، مصر ، ص 285.
(2) حكم بتاريخ : 18/03/2003 تحت رقم 53/03 عن محكمة قالمة، جاء في إحدى حيثياته :" حيث ثبت للمحكمة بعد الإطلاع على وثائق
الملف أن الخبير ريفي أحمد أعد محضر معاينة لصالح المدعى عليها إستظهرت به في الدعوى وعليه فإن طلب المدعي بإستبدال الخبيرريفي أحمد
مؤسس قانونا طبقا للمادة 52 ق ا م يتعين الإستجابة له وتعيين الخبير هدوري مختار ، خبيرا بدلا عنه وتسند إليه نفس المهام القاضي بشأنها
الحكم التحضيري المؤرخ في: 18/01/2005 ."
(3)مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص 102.
-27-
كما إن إستبدال الخبير يتبعه بالضرورة تبليغ الأطراف لهذا الإجراء حتى يتمكنوا من إستعمال حقهم القانوني في الرد طبقا للمادة 52 ق ا م وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ :21/07/1992 بقولها :" إن القرار المطعون فيه جاء غير مؤسس لقضائه بتحميل مسؤولية الطلاق للعارض وذلك بناء على ما تضمنه تقرير الخبرة الطبية التي إستند إليها الحكم المستأنف المصادق عليه بالقرار المنتقد .
إن الخبرة التي أستندت المحكمة أمر بتنفيذها للدكتور مجدي الطيب العامل بمستشفى قسنطينة بتاريخ : 21/03/1989 بواسطة أمرعلى ذيل العريضة بإستبدال خبير ولم يبلغ مضمون هذا الأمر للطاعن الحالي من طرف المحكمة الآمرة بذلك التعيين ولم تخطر بتاريخ القيام بأعمال هذه الخبرة من طرف الخبير وفقا لأحكام المادتين 52-53 من ق ا م .
إن هذا الإغفال قد حال دون قيام العارض في الدفاع عن حقه مما أدى إلى تحمله مسؤولية الطلاق مما ينتج عليه بطلان هذه الخبرة لعدم مراعاتها الإجراءات المشار إليها."(1)
المبحــث الثالث : تقرير الخبرة ومناقشتـــه :
متى أنجز الخبيرمهمته تعين عليه أن يقدم تقريرا يضمنه نتائج أعماله وأن يقوم بتوضيح الأوجه التي إستند إليها في تبرير رأيه بدقة ، ثم يقوم بإيداعها مرفقة بجميع الوثائق المسلمة إليه إلى كتابة ضبط المحكمة وهذا لمناقشتها والحكم فيها فيما بعد ، ومن حق الخبير أن يتلقى مقابل القيام بأعماله بدلا نقديا عنها يحدده القاضي ويحدد من يلزم بدفعه .
المطلب الأول: تحرير التقرير وإيداعه :
الفرع الأول : تحرير التقرير ومشتملاته :
إن تقرير الخبير هو وثيقة تهدف إلى تنوير القاضي وتمكينه من الوصول إلى القضاء العادل ، وعليه فيجب أن يكون تحريره دقيقا واضحا . إلا أن المشرع الجزائري لم يوضح الشكل أوالكيفية التي يتم بها تحرير التقرير الذي يقدمه الخبير للمحكمة عند الإنتهاء من المهمة المعين من أجلها ، إلا أنه في حالة تعدد الخبراء فقد نص على وجوب تقديمهم لتقرير واحد معا وفي حالة إختلافهم يجب أن يتم بيانهم لأرائهم في ذات التقرير مع التسبيب .
وأمام غياب نص في قانون الإجراءات المدنية يبين كيفية تحرير تقرير الخبرة فقد أوجد العرف القضائي والتقاليد المهنية بعض القواعد الهامة التي يجب على الخبير إحترامها عند تحريره لتقرير الخبرة ، وعلى هذا الأساس فإن تقرير الخبرة يشتمل على قسم أول يمثل جزء وصفي يهدف بصفة أساسية وجوهرية إلى السماح للمحكمة بالتأكد من سلامة إجراءات الخبرة وشرعيتها وذلك مراعيا للبيانات التالية:
- إسمه ولقبه وعنوان مكتبه بالضبط .
(1)قرار مؤرخ بتاريخ 21/07/1992 تحت رقم 84194 غير منشور .
-28-
- أسماء وألقاب وعناوين الأطراف .
- أسماء وكلاء ممثلي الأطراف ومحاميهم وعناوينهم .
- تحديد منطوق الحكم القاضي بتعيينه حرفيا مع الإشارة إلى تاريخ القضية .
ويتبع الخبير ذلك بوصف كامل وشامل ودقيق للعمليات والإجراءات التي تمت كما يعرض ملخص للأبحاث التي قام بها من أبحاث ودراسات وتجارب وعرض أقوال وملاحظات …. إلخ .
والقسم الثاني من التقرير يكون الجزء الأساسي والجوهري من الخبرة ويعتبر بحق العمود الفقري لأنه هو الذي يجب أن تنتظم فيه وتتوافق إجابة الخبير مع الأسئلة المطروحة من المحكمة للإجابة عنها ، حيث يتضمن ما توصل إليه من جراء التحقيقات والأبحاث التي قام بها خلال قيامه بالخبرة ويقدم فيه رأيه عن الأسئلة المطروحة عليه ، والإشارة إلى المصادر التي إستقى منها معلوماته والإطلاع على كل الوثائق المقدمة إليه ، فإذا إنتهى الخبير من تحرير تقريره وأصبح جاهزا فإن عليه توقيعه وتأريخـه .(1)
ويجوز للخبير تحرير تقرير في محل النزاع أو مكتبه الخاص وليس هناك داع لحضور الخصوم أو لإخطارهم وقت تحرير التقرير ولا لوضع إمضاءاتهم عليه ، إلا إذا كان مشتملا على إجراءات أو أقوال جديدة لم يتضمنها محضر الأعمال .(2)
بعد تحرير الخبير لتقريره ، وجب عليه إيداعه وجميع الوثائق والمستندات لدى كتابة ضبط المحكمة وتضم تلك الوثائق التي يكون قد تسلمها من نفس المحكمة وبإذنها أو التي تسلمها من الخصوم من تلقاء أنفسهم أو بناء على طلبه وبمناسبة تأدية مهمته ، كما يجب على الخبير إرفاق تقريره بمختلف الوثائق التي تساعد على توضيح وتفسير مذكراته وما توصل إليه من نتائج لإنارة المحكمة .
الفرع الثاني : إيداع تقرير الخبرة :
تنتهي عمليات الخبرة بتقرير يعده الخبير بنتائج مهمته ويودعه عند بلوغ الأجل الذي حدده له القاضي ، ولم يوضح القانون الشكل والكيفية التي يتم بها تحرير التقرير الذي يقدمه الخبير للمحكمة ، فقد يكون شفويا أو كتابيا وفقا لما تحدده طبيعة المأمورية (3)غير أن العرف القضائي والتقاليد المهنية قد أرست بعض القواعد الهامة التي يجب على الخبير ذكرها وإحترامها عند كتابة وتحريره لتقريره الكتابي المقدم للمحكمة كما سبق ذكره .
فالأصل أن تقرير الخبرة يكون كتابيا ، حيث يقوم الخبير بإعداد تقريره الكتابي وإيداعه لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة ، ولكن يمكن أن يكون التقرير شفويا في بعض الحالات نذكر منها :
- إذا كان القاضي حاضرا أثناء إجراء الخبرة فيمكن أن يقدم الخبير تقريره شفاهيا ويتم تحرير محضر بهذا التقرير يودع لدى كتابة الضبط .
- إذا طلب القاضي من الخبير أن يقدم تقرير شفاهة أثناء الجلسة وذلك بالنظر إلى طبيعة المهمة وهذا ما جاء في نص كل من المادتين 49/4 ق ا م وكذا 155 ق ا ج .
(1) مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص ، ص 143،144
(2) همام محمد محمود زهران ، المرجع السابق ، ص 382 .
(3)د/ أحسن بوسقيعة ، المرجع السابق ، ص 119.
-29-
فبعد قيام الخبير بتحرير تقريره بالصفة والشكل المحددان قانونا فإن عليه رفعه إلى المحكمة التي عينته وذلك عن طريق إيداعه مع محاضر أعماله مرفوقا بجميع الوثائق والمستندات المسلمة له من قبل المحكمة أو الخصوم أو تلك الوثائق التي تساعد على توضيح ما توصل إليه من نتائج وخلاصات وذلك مقابل محضر إيداع يسلم له من رئيس أمناء الضبط المختص من نفس المحكمة .
المطلب الثاني : مناقشة التقرير وقوته في الإثبات :
يعتبر تقرير الخبير دليلا من أدلة الإثبات فيصبح لمن قدم التقرير لمصلحته أن يحتج به لإثبات إدعائه أو دفاعه ، فله أن يتمسك بكافة الحجج والأسانيد التي بني عليها الخبير تقريره ومن حق الخصوم الآخرين الدفع ببطلان عمل الخبير ، إذ شابه عيب شكلي لإهدار قيمته في الإثبات ، كما لهم مناقشة وإظهار وجه الخطأ في البيانات التي أوردها الخبير في تقريره أو محاضر أعماله ودحض الحجج والأسانيد التي بني عليها التقرير ويجوز له أن يطلب من المحكمة إستدعاء الخبير لمناقشته .(1) .
الفــرع الأول : مناقشـــــة التقريــــــــر :
متى أنجز الخبيرالمهمة المكلف بها وجب عليه تقديم تقريرا مؤرخا وموقعا منه إلى كتابة ضبط المحكمة التي عينته ، ووضع تقرير الخبرة لدى المحكمة يعد بمثابة نهاية لمهمة الخبير، فلا يمكنه تقديم أي تقرير آخر تكميلي أو إضافي مالم تأمر المحكمة بذلك ، غير أنه يجوز عند الإقتضاء وذلك بعد الإتصال بالمحكمة وأخذ موافقتها أن يقوم بتصحيح بعض الأخطاء المادية التي وقعت في التقرير أو بعض الإغفالات والتي لاتؤثر في التقرير من حيث الجوهر وإرفاق وثائق أو معلومات إستقاها الخبير بعد وضع التقرير (2) .
كما يجب التنويه إلى أن تقرير الخبرة له طابع السرية إذ يجب أن يحتفظ به على أصول الأحكام لدى المحاكم ولايجوز أن يطلع عليه إلا الخصوم أو محاميهم .
ويجب على المحكمة أن تسمح للخصوم الإطلاع على تقرير الخبرة ، والحكمة من وجوب إخطار الخصوم بإيداع التقرير هي تمكينهم من الإطلاع عليها ومراجعتها وإعداد ملاحظات عليها ، وهذا ما نصت عليه المادة 49/04 من قانون الإجراءات المدنية والتي أوجبت تبليغ الأطراف بمضمون التقرير قبل النداء على الدعوى ، فهو حق من حقوق الدفاع ، فعلى المحكمة أن تفسح لهم واسع المجال للدفاع عن مصالحهم وذلك مهما أتيحت لهم من فرص لإبداد أقوالهم وملاحظاتهم أمام الخبير أثناء القيام بإنجاز الخبرة وإلا كان حكم المحكمة معيبا ، كما يجوز للأطراف الخصومة طلب إستدعاء الخبير لمناقشته أمام المحكمة فإذا رأى القاضي أن العناصر التي بني عليها الخبير تقريره غير وافية فله أن يعيد المأمورية للخبير لإستيفاء ما شاب تقريره من نقص أو غموض .
(1) عبد الحكيم فودة، موسوعة الإثبات في المواد المدنية والتجارية والشرعية ، ج3 دار المطبوعات الجامعية ، مصر ،، ص 1069.
(2) مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص153.
-30-
وتفاديا لمناقشة تقائص الخبرة أمام جهات الحكم في جلسة علنية فقد أوجب المشرع وفي المادة 154ق ا جزائية أن على قاضي التحقيق أن يستدعي من يعنيهم الأمر من أطراف الخصومة ويحيطهم علما بما إنتهى إليه الخبراء من نتائج ، ويتلقى أقوالهم بشأنها ويحدد لهم أجلا لإبداء ملاحظاتهم عنها أو تقديم طلبات خلاله ولاسيما فيما يخص إجراء أعمال خبرة تكميلية أو القيام بخبرة مضادة .
فوجوب تبليغ نتائج الخبرة إلى الأطراف إلزامي وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ : 16/12/1986:" إن الدفع بعدم تبليغ الخبرة إلى المتهم من المسائل التي تثار أمام قاضي التحقيق ، فكان على الطاعن أن يثير ذلك أمام قاضي التحقيق أو أمام غرفة الإتهام ، فما جاء به قرار غرفة الإتهام الذي إكتسب قوة الشئ المقضي فيه ، غطى كل ما شاب الإجراءات من عيوب .(1)
إذا فمناقشة تقرير الخبرة تستدعي إبلاغ الأطراف بمضمونها حتى يتسنى لهم إبداء ملاحظاتهم وأن يتمسكوا بالبطلان إذا رأو وان الخبرة قد شابها عيب من عيوب الإبطال، كما أنه للمحكمة مناقشة الخبرة وذلك بإستدعاء الخبير أمامها للحصول منه على التوضيحات والمعلومات الضرورية ولها آن تسأله عن كل غموض أو لبس وللمحكمة أن تحكم بتعيين خبير آخر لإبداء رأيه شفاهة في الجلسة وتقوم المحكمة بذلك من تلقاء نفسها وإما بناء على طلب أحد الخصوم .
الفرع الثاني : قــوة التقرير في الإثبــات وسلطة المحكمة تجاهــه:
بعد مناقشة الخبرة فإن للمحكمة الحكم على تقرير الخبير ، ولكن على القاضي قبل الحكم القيام بدراسة الخبرة دراسة وافية ومعمقة وما جاء به الخصوم من دفوع بشأن الخبرة والرد على التقرير كما يجب أن تشمل دراسته جميع الجوانب الشكلية والموضوعية من التقرير المقدم وكذا الإنتقادات الموجهة إليه من الخصوم .
ولقد بينت المادة 54 من ق ا م وكذا المادتين 155 و 156 من ق ا ج بعض المواقف التي قد يأخذ بها القاضي وهو يتمحص في تقرير الخبرة ، وبعدها فإن له أن يأخذ أحد الأحكام التالية :
- إذا إقتنع القاضي برأي الخبير وبالنتائج التي خلص إليها في تقريره ورأت المحكمة أنه مناسب ومتناسق مع بعضه وأجاب على جميع الأسئلة المطروحة عليه أن يتبنى رأي الخبير لأن القاضي هو صاحب الرأي الأول والأخير في الدعوى ، ورأي الخبير لايعد وأن يكون رأيا إستشاريا ، وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ :19/01/1985 بقولها :" من المقرر قانونا أن القضاء بتفضيل خبرة عن أخرى يخضع للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع التي خولها لهم القانون ، ومن ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وإنعدام الأساس القانوني في غير محله ويتعين رده .(2)
لقد حدد المشرع الجزائري على غرار غيره البيانات الأساسية التي يشتمل عليها الحكم بتعيين خبير وذلك في نص المادتين :47و 49 من قانون الإجراءات المدنية وهي :
- تعيين الخبير أوالخبراء تحديدا كافيا إسما ولقبا ، الإختصاص والعنوان .
- يجب على المحكمة تحديد وتوضيح المهمة التي تجرى فيها الخبرة والنقط التقنية التي تحتاج إلى شرح وذلك بكل دقة ووضوح تسهيلا لعمل الخبير .
- يجب على المحكمة تحديد المهلة التي يستوجب عل الخبير تقديم تقريره فيها .
(1) مولاي ملياني بغدادي ، المرجع السابق ، ص 68.
(2)قرار صادر بتاريخ :24/06/2003 ، تحت رقم 297062 ، مجلة قضائية 2003، عدد 2 ، 114.
-19-
- إذا كان الخبراء أكثر من واحد يجب أن يذكر في منطوق الحكم وجوب قيام الخبراء المعنيين بجميع إجراءات الخبرة سوية ، وأن يقدموا تقريرا واحدا معا، وفي حالة الإختلاف في آرائهم وجب على كل خبير الإدلاء برأيه مسببا إياه .
- تحديد المبلغ الواجب أداؤه أو دفعه وتعيين الخصم المكلف بدفعها .
- وجوب أن يتضمن منطوق الحكم على أن يحلف الخبير غير المقيد بالجدول اليمين القانونية أمام السلطة التي يحددها الحكم مالم يعف من اليمين بإتفاق الخصوم طبقا لنص المادة 50 من قانون الإجراءات المدنية .
كما أنه يجب أن يصدر الحكم القاضي بإجراء خبرة في شكل كتابي وهذا ما أكدته المادة 121 من قانون الإجراءات المدنية ، ويتم توقيع الحكم المتضمن الخبرة من قبل القاضي وكذا أمين الضبط ، وإذا تعلق الأمر بالقرار الصادر عن المجلس القضائي من طرف رئيس الجلسة وكذا المستشار المقرر.
الفرع الثاني: إستئناف الحكم القاضي بالخبرة :
يجوز للخصوم إستئناف الحكم القاضي بإجراء الخبرة أمام المجلس القضائي إذا شابه نقص أو عيب من العيوب ، ويشترط في الطاعن أن تكون طرفا في النزاع أثناء قيامه أمام المحكمة ، وأن تتوافر فيه الشروط الواردة في المادة 459 ق ا م ويشترط في الحكم أن يكون قابلا للإستئناف وفقا لنص المادة 106 ق ا م .
وتحدد مهلة الإستئناف بشهر واحد إذا كان صادرا عن قاضي الموضوع وتسري هذه المهلة إبتداءا من تاريخ تبليغ الحكم إلى الخصم المطلوب تبليغه إن كان الحكم حضوريا ، أو من تاريخ إنقضاء مهلة المعارضة إذا كان الحكم غيابيا (1)
ولكن الإشكال يثور في الحياة العملية حين يصدر القاضي الحكم قبل الفصل في الموضوع بتعيين خبير ، فمتى يكون تحضيريا ومتى يكون تمهيديا قابلا للإستئناف .؟ فالحكم التحضيري ولكونه لايمس بحقوق الأطراف ولايفصل في أي جانب من جوانب النزاع وأكثر من ذلك لايستشف منه حتى رأي القاضي في الموضوع ، فإن المشرع جعله غير قابل للإستئناف منفردا، وجعل إستئنافه لايكون إلا على الحكم القطعي إعمالا لنص المادة 106 ق ا م أمام إجتهاد المحكمة العليا فيما يخص عدم قابلية إستئناف الأحكام التحضيرية فقد أكده القرار الصادر بتاريخ : 17/11/1998 بقولها : " إستئناف حكم تحضيري - قاعدة عدم قبول الإستئناف من النظام العام ".(2)
فقاعدة عدم جواز إستئناف الحكم التحضيري من النظام العام ، يسوغ للقاضي إثارتها من تلقاء ذاته . عكس الحكم التمهيدي الذي يستشف منه قليلا أو كثيرا عما ستقضي به المحكمة ، ويتعرض لمصير النزاع، فضلا على أنه ينبئ عن وجهة نظر معينة بالنسبة للمحكمة (3) مما يسمح إستئنافه دون الحكم القطعي .
(1) مولاي ملياني بغدادي ، المرجع السابق ، ص 86 .
(2) قرار صادر بتاريخ :17/11/1998 تحت رقم 33496، مجلة قضائية 89، عدد 01، ص 160.
(3)حمدي باشا عمر، دراسات قانونية مختلفة ، دار هومة ، الجزائر ، ط 2002 ، ص 228.
-20-
ونلاحظ أن هذه التفرقة بين الحكم التحضيري والتمهيدي ليست لها أي أثر قانوني في المجال الجزائي، لأن الحكمين غير قابلين للإستئناف إلا مع الحكم القطعي إعمالا لنص المادة 427 من قانون الإجراءات الجزائية(1) وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ :13/05/1982 بقولها : " لايجوز الطعن في القرار الذي أمر بحكم تمهيدي بتعيين خبير إلا بعد الفصل في الموضوع ".(2)
وكذلك القرار المؤرخ في:22/02/1999 بقولها :" يعرضون قرارهم للنقض قضاة المجلس الذين قضوا بقبول إستئنافي النيابة العامة والطرف المدني في الحكم التحضيري الصادر عن محكمة أول درجة رغم عدم جوازه على حاله قبل الفصل في الموضوع ." (3)
المطلب الثالث : القواعد المنظمة لأداء الخبير لمهامه :
الفرع الأول : دعوة الخبير لمباشرة مهمته :
بمجرد صدور الحكم القاضي بتعيين الخبير وجب إشعاره بالمهمة الموكولة إليه وذلك من أجل البدء سريعا في مهامه ولأنه لايمكن له بأي حال من الأحوال البدء بالمهمة إلا بعد إعلامه بها وقبوله لهذه المهمة وكذا الإطمئنان إلى عدم تقديم طلب الرد ضده من أحد الخصوم،، وبعد ذلك يمكن له مباشرة أداء مهامه بداية بإستدعاء الخصوم .
أولا: إعلام الخبير بمهمته : لايستطيع الخبير البدء في مهمة دون أن يكون قد علم بتكليفه بها أصلا وإذا كان المشرع الجزائري لم يوضح بنص قانوني الطرف الملزم بدعوة الخبير لأداء مهمته وذلك على خلاف غيره من المشرعيين كالمشرع المصري .
ويدعى الخبير في الجزائر لأداء مهامه حسب ما يدعى عليه التعارف لدى المحاكم من طرف الخصم الذي طلب إجراء الخبرة أو من يهمه التعجيل ويقوم يإيداع المبلغ الذي يحدده القاضي كمصاريف مؤقتة للخبرة لدى أمانة ضبط المحكمة المختصة ، وبمجرد إعلام الخبير بالمهمة المسندة إليه فإن عليه أن يبادر في أقرب الآجال بإبلاغ القاضي بقبوله أو رفضه المهمة المسندة إليه مع إمكانية إطلاعه على الملف والوثائق المرفقة وذلك في المحكمة التي أصدرت الحكم القاضي بالخبرة ، ويكون غالبا قبول الخبير بمهمته قبولا ضمنيا وذلك بمبادرة هذا الأخير بالإتصال بالأطراف أو الإنتقال إلى المحكمة المختصة للإطلاع على الوثائق أو زيارة العين محل الخبرة .
ثانيا : إستدعاء الخبير للخصوم: بعد تعيين الخبير وإطلاعه على المستندات والأوراق في الدعوى وجب عليه تحديد تاريخ لبدء أعماله كي لايتجاوز المهلة القانونية والتي نص عليهــا
(1) المادة 427 ق اج :" لايقبل إستئناف الأحكام التحضيرية أو التمهيدية أوالتي فصلت في مسائل عارضة أو دفوع إلا بعد الحكم الصادر في الموضوع وفي الوقت نفسه مع إستئناف ذلك الحكم ."
(2) قرار مؤرخ بتاريخ :13/05/1982 تحت رقم 189350، نشرة القضاة ، عدد 01، سنة 1983، ص 115
(3)قرار مؤرخ بتاريخ22/02/1999 تحت رقم 187081، غير منشور .
-21-
قانون الإجراءات المدنية في المادة 53 منه بقولها :" يجب على الخبير أن يخطر الخصوم بالأيام والساعات التي سيقوم فيها إجراء أعمال الخبرة ، وفي غير حالات الإستعجال يرسل هذا الإخطار إلى الخصوم قبل اليوم المحدد بخمسة أيام على الأقل بكتاب موصى عليه بعلم وصل إما إلى موطنهم الحقيقي أو محل إقامتهم إو إلى موطنهم المختار ويثبت الخبير في تقريره أقوالا وملاحظات الخصوم ."
وبعد إستدعاء الخصوم يجب على الخبير في هذا الإستدعاء أن يخطر الخصوم جميعا بالأيام والساعات التي سيقوم فيها بإجراء أعمال الخبرة ، أو بأول إجتماع بهم أو باللقاء الذي يعترف فيه بجوهر الموضوع وعليه أن يحدد في الإستدعاء رزنامة عمله وكذا الوثائق والمستندات التي يتوجب إحضارها معهم يوم الإجتماع .
مع الملاحظة أن المشرع الجزائري لم ينص صراحة على بطلان عمل الخبير جزاء على عدم دعوته للخصوم لحضور عمليات الخبرة ، مما يتعين تطبيق القواعد العامة للبطلان وهي مخالفة الإجراءات المقررة قانونا لاينتج عنها البطلان ، إلا إذا ترتب عليها ضرر لمن يتمسك بالمخالفة .
وبناءا على ما تقدم يكون البطلان نسبيا إذا حصل الإستدعاء بطريق غير الوارد في أحكام المادة 53 ق ا م ولا يتمسك به إلا من أغفل الخبير دعوته لحضور عمليات الخبرة ، ويجب التمسك به أمام محكمة الموضوع ، ويكون البطلان مطلقا إذا لم يتم الإخطار للخصوم نهائيا، ولقد أكدت المحكمة العليا هذا في قرارها الصادر بتاريخ :03/01/1993 بقولها:" من المقرر قانونا أنه يستوجب على الخبير أن يخطر الخصوم بالأيام و الساعات التي يتم فيها إجراء أعمال الخبرة .
ومن المستقر عليه قضاءا أنه إذا تسبب عدم الإخطار المذكور في منع الأطراف من تقديم ملاحظاتهم وطلباتهم ، فإن ذلك يؤدي حتما إلى بطلان إجراءات الخبرة .
ولما ثبت في قضية الحال ، أن إجراءات الخبرة تمت بحضور كل الأطراف بما فيها وزارة الدفاع الوطني –الطاعنة- التي تم تمثيلها بضابطين ولم يقدما أي ملاحظة فإن ذلك يعني أن اعمال الخبرة تمت بطريقة قانونية ويتعين تأييد القرار المطعون فيه ."(1)
إلا أنه تجدر الملاحظة وأنه إذا كانت المادة 53 من قانون الإجراءات المدنية توجب على الخبير أن يخطر الخصوم باليوم والوقت الذي يقوم فيهما بإجراء الخبرة فإن الأمر خلاف ذلك في المواد الجزائية ، حيث أن الخبير غير ملزم بإستدعاء المتهم لحضور عملية الخبرة التي يجريها على الضحية . وهذا ما أكدته المحكمة العليا في العديد من قراراتها منها القرار المؤرخ في : 01/01/1967 والذي جاء فيه :" لايوجد أي إلتزام بإستدعاء الأطراف لحضور العمليات التي يقوم بها الخبراء المعينون من طرف القضاء الجزائي ."(2)
الفرع الثاني : بداية عمل الخبير :
إذا تم إشعار الخبير بنسخة من الحكم القاضي بتعيينه وتم إيداع مبلغ الأمانة المحكوم بها في أمانة المحكمة ، وحلف اليمين في حالة ما إذا كان غير مقيد في قائمة الخبراء المعتمدين لدى المحاكم وجب عليه أن يبدأ عمله متبعا الخطوات التي يراها مناسبة في حدود النقاط التي حددها الحكم القاضي بتعيينه .
(1) قرار صادر بتاريخ 03/01/1993 تحت رقم92010، مجلة قضائية سنة 94، عدد 03، ص 184.
(2) قرار جزائي مؤرخ في 02/05/1967 ، النشرة السنوية للعدالة ، سنة 1966، عدد 06 ، ص 347
-22-
أولا: تسليم الوثائق للخبير : لايكفي أن تسلم للخبير نسخة من حكم تعيينه وأن يقبل المهمة ويحدد تاريخا لبدئها بعد الإتصال بالخصوم ، بل على الأطراف تسليمه كل الوثائق التي لها علاقة بالدعوى فأصل الع..... والأحكام النهائية السابقة لنفس الموضوع وكل مستند يرى أنه ذا فائدة لمصلحته ، كما لهم أن يتقدموا خطيا بالملاحظات والمطالب التي يرونها مناسبة لعملية الخبرة .
ويكون تسليم الوثائق للخبير إستنادا إلى طلبه أو رغبة الأطراف في ذلك أو بناء ا على أمر المحكمة ويمضي الخبير وصلا بإستلام المستندات والملفات ليس لها إلا لهدف مساعدته في أداء مهمته وذلك بالمعلومات التي يستقيها من مصادرها .
ثانيا : واجبات الخبير وقت أدائه للمهمة : لايستطيع القاضي إلزام الخبير بطريقة معينة لأداء مهامه ، فالخبير بحكم إختصاصه أدرى بالطرق المثلى والسبل القصيرة للوصول إلى الهدف المرجو من الخبرة إلا أنه على الخبير مجموعة مبادئ أقرها الفقه والقضاء يجب عليه الإلتزام بها أثناء سير الخبرة .
- على الخبير إستدعاء كافة الأطراف بصفة قانونية كما سبق التطرق إلى ذلك .
- على الخبير القيام شخصيا بتنفيذ المهمة المكلف بها .
- على الخبير تدوين ملاحظات وأقوال الخصوم كل على حدى .
- على الخبير الإجابة على الأسئلة التقنية المكلف بالإجابة عنها بكل دقة ووضوح .
- كما يتمتع بالحرية التامة في إنجاز مهمته والأبحاث التي يقوم بها وكذا التحقيقات يجب أن تستمد بطرق شرعية يسمح بها القانون .
- إذا كان الخبير قد كلف بمعاينة وجب عليه الإنتقال إليها والقيام بنفسه بما كلفته المحكمة به .
- إذا كلف بالإطلاع على الدفاتر والحسابات التجارية وجب عليه الإنتقال إلى مكان تواجدها والإطلاع عليها .
- لايجوز للخبير بأي حال من الأحوال تقييم أقوال أي من الشهود أو التعليق عليها ولا التطرق للوقائع القانونية لأن أمرها متروك للقاضي .
-23-
المبحث الثاني : رد الخبير وتنحيه وإستبداله :
بعد تعرضنا لإجراءات تعيين الخبير وتوصلنا إلى أن ندبه ضروري في بعض الحالات ومستحب في حالات أخرى وذلك راجع إلى السلطة التقديرية للقاضي ، ولذلك فإنه يحق لهذا الأخير رد أو إستبدال الخبير من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الخصوم إذا وجدت الأسباب القانونية لذلك ، كما يجب للخبير أن يرفض المهمة الموكولة إليه أو يتنحى منها لأسبابه الخاصة .
المطـــــلب الأول: رد الخبيــــــر :
الفرع الأول : طلب الرد وإجراءاته :
تنص المادة 52 من ق ا م على أنه :" على الخصم الذي يرغب في رد الخبير الذي عينته المحكمة من تلقاء نفسها أن يقدم طلب الرد خلال ثمانية أيام تسري من تاريخ تبليغه بهذا التعيين ويكون الطلب موقعا منه أو من وكيله ، ويتضمن أسباب الرد ويفصل في طلب الرد دون تأخير .
ولايقبل الرد إلا إذا كان مبنيا على سبب قرابة قريبة أو على سبب جدي ."
إن رد الخبير هو إجراء خوله المشرع لأطراف الخصومة للوقوف في وجه الخبير الذي عينته المحكمة من تلقاء نفسها وإزاحته أو تبديله بغيره إذا كان يخشى منه تحيزا أو محاباة لأحد الخصوم ، ويعود للمحكمة تقدير ا لأسباب إذا كانت مؤسسة ولها ما يبررها وللمحكمة رفض طلب الرد (1) إذا لم يكن مستندا على أي سبب وجيه أو خطير .
وإذا كان الخبير شخصا معنويا، جاز طلب رده هو بذاته ، أو طلب رد الأشخاص الطبيعيين الذين عينهم القاضي لإنجاز المهمة موضوع الخبرة ، وتشترط المادة 52 ق ا م أن يقع رد الخبراء في أجل ثمانية أيام من تبليغ قرار التعيين ، كما أنه يشترط في طلب الرد الشروط التالية : (2)
- يجب أن يكون طالب الرد خصما في النزاع المطروح أمام المحكمة التي عينت الخبير ولايجوز لغير الخصوم رد الخبير .
- أن يكون الخبير المراد رده قد ندبته المحكمة من تلقاء نفسها فإن كان الخبير قد إتفق الخصوم على ندبه فلا يجوز لأحدهم رده إلا إذا كان سبب الرد قد حدث بعد ندبه .
- أن يقدم الخصم الذي يرغب في رد الخبير الذي ندبته المحكمة من تلقاء نفسها طلب الرد خلال 08 أيام من تاريخ تبليغه بهذا الندب أي بمنطوق الحكم القاضي بتعيينه لإنجاز الخبرة
- أن يوقع طلب الرد من الخصم الراغب في رد الخبير ، أو وكيله القانوني أو محاميه .
- أن يتضمن طلب الرد الأسباب والمبررات التي دفعت الخصم إلى طلب رد الخبير مع إرفاقها بالأدلة والوثائق التي تؤيدها .
(1) مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص 89.
(2) مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص 91.
-24-
- ويجب أن يذكر في العريضة التي تقدم للمحكمة المختصة إسم ولقب وعنوان الخبير إذا كان شخصا طبيعيا ، أما إذا كان شخصا معنويا فيذكر في العريضة القسم المعني بالرد أو الأشخاص القائمين به والذين يعنيهم ويذكر أسمائهم في طلب الرد، وكذا أسماء وألقاب الخصوم وعنوانهم .
ويسمع القاضي المختص الذي يقدم إليه طلب الرد كلا من الخبير محل الرد والخصوم الآخرين ، لأن طلب الرد لابد وأن يرد فيه أحد الأسباب الواردة في أحكام المادة 52 من ق ا م أي بسبب قرابة قريبة أو إلى أي سبب جدي آخر، وعلى هذا الأساس يكون من حق الخبير والخصم الآخر الإجابة على الأسباب الواردة في عريضة الرد المقدمة للقاضي للفصل فيها ، كما أنه لابد أن نشير إلى أنه إذا كان الخبير لايزال لم يبدأ بعد في تنفيذ مهمته وجب عليه عدم البدء فيها . أما إذا كان قد بدأ في إنجازها وجب عليه التوقف عن تنفيذ ها لحين الفصل في طلب الرد .(1)
الفرع الثاني : أسباب رد الخبير :
لقد خول المشرع لأطراف الخصومة رد الخبير وذلك إذا توافر عنصر القرابة القريبة وكذا أي سبب جدي وذلك وفقا لنص المادة 52 ق ا م :" لايقبل الرد إذا كان مبنيا على قرابة أو أي سبب جدي ." وما يلاحظ أن المشرع الجزائري لم يذكر هذه الأسباب على سبيل الحصر بل ذكرهما بصفة عامة ، وعلى هذا الأساس، فإنه يجوز رد الخبير في إحدى الحالات التالية: (2)
- إذا كانت له أو لزوجته مصلحة شخصية في النزاع .
- إذا كانت ثمة قرابة أو نسب أو مصاهرة بين الخبير أو زوجته وبين أحد الخصوم .
- إذا كان للخبير مصلحة في النزاع أو لزوجته أو للأشخاص الذين يكون وصيا أو قيما عليهم.
- إذا كانت للخبير علاقة تبعية مع أحد الخصوم .
- إذا كان الخبير قد سبق له وأن قام بإجراء خبرة في نفس القضية وأعطى رأيه فيها.
فإذا توافرت حالة من الحالات السابقة أو أكثر - لكون يجوز رد الخبير لأي سبب غير الأسباب المشار إليها آنفا ، إذا كان السبب من القوة بحيث يستنتج منه أن الخبير لايمكنه أن يقوم بالمهمة الموكلة إليه بدون ميل أو محاباة أو تحيز – جاز للخصم الذي يرغب في رد الخبير الذي عينته المحكمة من تلقاء نفسها أن يقدم طلب الرد ضمن الشروط والإجراءات الواردة في المادة 52 ق ا م .
الفرع الثالث : الفصل في طلب الرد:
إذا توافرت شروط رد الخبير وقام الخصم الراغب في ذلك بتقديم طلب رد الخبير للمحكمة المختصة خلال المدة القانونية وطبقا لأحكام المادة 52 من ق ا م وجب على المحكمة المختصة الفصل في الطلب دون تأخير .
(1) مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص91.
(2) مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص93.
-25-
فيجوز للقاضي الذي يفصل في طلب رد الإستجابة للخصم الذي قدمه ، أو عدم الإستجابة له ، فإذا كانت أسباب الرد الواردة في الطلب لها ما يبررها وإقتنع القاضي بصحتها وجب عليه فورا أن يأمر برد الخبير وأن يحكم بذلك ، أما إذا كانت الأسباب المذكورة في عريضة طلب الرد غير مؤكدة أو كانت كيدية أو وهمية أو لا أساس لها من الصحة رفض القاضي طلب رد الخبير لعدم توافر أحد العنصرين الواردين في أحكام المادة 52 ق ا م .
المطلب الثاني : حق الخبير في التنحي عن مباشرة المهمة :
لقد نصت المادة 11 من المرسوم التنفيذي 95/310 المؤرخ في :10/10/1995 على أنه :" يتعين على الخبير القضائي أن يقدم طلبا مسببا للطعن في الحالتين الآتيتين مع مراعاة الحالات الأخرى المنصوص عليها قانونا :
1- حين لايستطيع أداء مهمته في ظروف تقيد حرية عمله أو من شأنها أن تضر بصفته خبيرا قضائيا .
2- إذا سبق له أن إطلع على القضية في نطاق آخر ."
وإستنادا لهذه المادة بعد إحاطة علم الخبير بندبه وفقا للأوضاع المتقدم عرضها يبدي الخبير موقفه من القرار القاضي بذلك ، ويكون هذا الموقف إما بقبول المهمة المسندة إليه وإما رفضها (1) والغالب أن الخبير يعلن عن رفضه لإجراء الخبرة بوجه صريح ويكون ذلك إما شفهيا أو كتابيا ، كما يحدث أن يعبر الخبير عن هذا الموقف ضمنيا ويكون ذلك بإمتناعه عن الإمتثال أمام الجهة القضائية صاحب الإختصاص لحلف اليمين مثلا .
فقد توجد لدى الخبير المندوب في قضية جارية أمام المحكمة أسباب تجعله يتنحى من أداء المهمة الموكلة إليه وذلك في الحالات التي ذكرتها المادة 11 من المرسوم التنفيذي رقم 95/310 وكذا الحالات التي ذكرتها المادة 51 من ق ا م بقولها :" إذا رفض الخبير القيام بالعمل الذي كلف به أو حصل مانع له…" رغم أن المشرع لم ينص صراحة على تنحي الخبير عن مهامه بل أدمج هذه الحالة الأخيرة في المادة 51 والتي تتكلم عن إستبدال الخبير ، فكان على المشرع أن ينص صراحة على إمكانية التنحي للخبير عن القيام بمهامه إذا توافرت أسباب تستند على أحد أسباب الرد أو لأي سبب جدي آخر يقدمه الخبير .
ومهما يكن من أمر فإن القانون لايلزم الخبير القيام بالمهمة أو إجباره عليها بل فقط يلزمه بإخبار المحكمة التي عينته بقبوله أو عدم قبوله مع ذكر الأسباب وذلك إجتنابا لعقابه .
ورغم أن القانون الجزائري لم يحدد أسباب معينة تسمح للخبير تقديم طلب إعفائه من المهمة ، إلا أنه قد جرى العرق والعادة في الحياة العملية وأنه وبمجرد تقديم الطلب مع ذكر الأسباب في أقرب وقت ممكن تقرر المحكمة إعفاء الخبير إذا رأت أن الأسباب التي أبداها هذا الأخير سائغة ومقبولة ولها ما يبررها ، أما إذا كان الطلب خاليا من كل عذر شرعي أو كان بغرض عرقلة السير الحسن للعدالة ، فترفضه وفي هذه الحالة يبقى الخبير مكلفا بالمهمة فإذا رفضها يجوز الحكم عليه بجميع ما أضاعه من المصروفات وإذا إقتضى الأمر بالتعويضات ويستبدل بغيره .(2)
(1) بطاهر تواتي ، المرجع السابق ، ص 50.
(2) مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص103.
-26-
فإذا لم يؤد الخبير مهامه ولم يكن قد أعفي منها جاز للمحكمة التي ندبته أن تحكم عليه بكل المصروفات التي تسبب في إنفاقها بلا فائدة ، وبالتعويضات إن كان لها محل وذلك بغير الإخلال بالحزاءات التأديبية (1) وهذا وفقا للقواعد العامة .
كما أن المادة 19 من المرسوم التنفيذي رقم 95/310 نصت على أنه وفي حالة رفض الخبير القضائي القيام بمهامه في الأجال المحددة بعد إعذاره دون سبب شرعي فإنه يتعرض لعقوبات الإنذار ، التوبيخ ، التوقيف ، الشطب النهائي ، وهذا دون المساس بالمتابعات المدنية وكذا الجزائية المحتملة .
المطلب الثالـــث : إستبــــــدال الخبيـــر :
لقد نصت المادة 51 ق ا م على إستبدال الخبير بقولها:" إذا رفض الخبيرالقيام بالعمل الذي كلف به أوحصل مانع له إستبدل بغيره بموجب أمر يصدر في ذيل طلب تبديله."
ويقابل هذا النص المادة 86-5 من قانون الضرائب المباشرة بقولها :" في حالة ما إذا رفض خبير المهمة المسندة إليه أو لم يؤديها يعين خبيرا آخر بدلا منه ."
ومن خلال هاتين المادتين فإنه يتضح لنا أنه يجوز للخصم الذي يهمه الأمر تقديم طلب إستبدال الخبير بغيره وذلك إذا توافرت إحدى الحالات التالية :
- إذا رفض الخبير القيام بالمهمة الموكلـة إليــه .
- إذا قبل الخبير المهمة ثم لم يقم بها أو لم ينجزها في المهلة المحددة لها .
- إذا حصل للخبير مانع من الموانع وهي حالات كثيرة ، بحيث يصبح من غير الممكن قيامه بإنجاز العمل المسند إليه ، كالوفاة أو الشطب إسمه من قائمة الخبراء بعد تعيينه أو إعتقاله …..الخ .
فالمشرع الجزائري لم يحدد الأسباب على سبيل الحصر بل تركها للظروف والملابسات (2) التي تخص كل قضية ، فإذا توافرت إحدى الحالات المذكورة جاز للخصم الذي يهمه الأمر تقديم عريضة إستبدال الخبير مع ذكره في طلبه ما يلي :
- أسماء الأطراف وألقابهم وعناوينهم ووظائفهم وموجز عن وقائع الدعوى .
- تاريخ الحكم الصادر بندب الخبير محل الإستبدال .
- الأسباب التي دعت إلى طلب إستبداله بغيره .
وتقدم عريضة إستبدال الخبير إلى رئيس المحكمة المختصة موقعة من الطالب نفسه أو من وكيله القانوني أو محاميه ، ويصدر رئيس المحكمة أمرا على ذيل العريضة يندب فيه خبيرا آخر مكان الخبير المستبدل ليقوم بنفس المهمة التي كانت قد أسندت إلى الخبير الأول ولايجوز إستئناف الأمر على ذيل العريضة الصادر بندب الخبير الثاني لأنه ليس حكما ولا أمر إستعجاليا .(3)
(1) عدلي أمير خالد، الإرشادات العلمية في إجراءات المرافعات والإثبات في كافة الدعاوى المدنية ، دار الفكر الجامعي ، مصر ، ص 285.
(2) حكم بتاريخ : 18/03/2003 تحت رقم 53/03 عن محكمة قالمة، جاء في إحدى حيثياته :" حيث ثبت للمحكمة بعد الإطلاع على وثائق
الملف أن الخبير ريفي أحمد أعد محضر معاينة لصالح المدعى عليها إستظهرت به في الدعوى وعليه فإن طلب المدعي بإستبدال الخبيرريفي أحمد
مؤسس قانونا طبقا للمادة 52 ق ا م يتعين الإستجابة له وتعيين الخبير هدوري مختار ، خبيرا بدلا عنه وتسند إليه نفس المهام القاضي بشأنها
الحكم التحضيري المؤرخ في: 18/01/2005 ."
(3)مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص 102.
-27-
كما إن إستبدال الخبير يتبعه بالضرورة تبليغ الأطراف لهذا الإجراء حتى يتمكنوا من إستعمال حقهم القانوني في الرد طبقا للمادة 52 ق ا م وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ :21/07/1992 بقولها :" إن القرار المطعون فيه جاء غير مؤسس لقضائه بتحميل مسؤولية الطلاق للعارض وذلك بناء على ما تضمنه تقرير الخبرة الطبية التي إستند إليها الحكم المستأنف المصادق عليه بالقرار المنتقد .
إن الخبرة التي أستندت المحكمة أمر بتنفيذها للدكتور مجدي الطيب العامل بمستشفى قسنطينة بتاريخ : 21/03/1989 بواسطة أمرعلى ذيل العريضة بإستبدال خبير ولم يبلغ مضمون هذا الأمر للطاعن الحالي من طرف المحكمة الآمرة بذلك التعيين ولم تخطر بتاريخ القيام بأعمال هذه الخبرة من طرف الخبير وفقا لأحكام المادتين 52-53 من ق ا م .
إن هذا الإغفال قد حال دون قيام العارض في الدفاع عن حقه مما أدى إلى تحمله مسؤولية الطلاق مما ينتج عليه بطلان هذه الخبرة لعدم مراعاتها الإجراءات المشار إليها."(1)
المبحــث الثالث : تقرير الخبرة ومناقشتـــه :
متى أنجز الخبيرمهمته تعين عليه أن يقدم تقريرا يضمنه نتائج أعماله وأن يقوم بتوضيح الأوجه التي إستند إليها في تبرير رأيه بدقة ، ثم يقوم بإيداعها مرفقة بجميع الوثائق المسلمة إليه إلى كتابة ضبط المحكمة وهذا لمناقشتها والحكم فيها فيما بعد ، ومن حق الخبير أن يتلقى مقابل القيام بأعماله بدلا نقديا عنها يحدده القاضي ويحدد من يلزم بدفعه .
المطلب الأول: تحرير التقرير وإيداعه :
الفرع الأول : تحرير التقرير ومشتملاته :
إن تقرير الخبير هو وثيقة تهدف إلى تنوير القاضي وتمكينه من الوصول إلى القضاء العادل ، وعليه فيجب أن يكون تحريره دقيقا واضحا . إلا أن المشرع الجزائري لم يوضح الشكل أوالكيفية التي يتم بها تحرير التقرير الذي يقدمه الخبير للمحكمة عند الإنتهاء من المهمة المعين من أجلها ، إلا أنه في حالة تعدد الخبراء فقد نص على وجوب تقديمهم لتقرير واحد معا وفي حالة إختلافهم يجب أن يتم بيانهم لأرائهم في ذات التقرير مع التسبيب .
وأمام غياب نص في قانون الإجراءات المدنية يبين كيفية تحرير تقرير الخبرة فقد أوجد العرف القضائي والتقاليد المهنية بعض القواعد الهامة التي يجب على الخبير إحترامها عند تحريره لتقرير الخبرة ، وعلى هذا الأساس فإن تقرير الخبرة يشتمل على قسم أول يمثل جزء وصفي يهدف بصفة أساسية وجوهرية إلى السماح للمحكمة بالتأكد من سلامة إجراءات الخبرة وشرعيتها وذلك مراعيا للبيانات التالية:
- إسمه ولقبه وعنوان مكتبه بالضبط .
(1)قرار مؤرخ بتاريخ 21/07/1992 تحت رقم 84194 غير منشور .
-28-
- أسماء وألقاب وعناوين الأطراف .
- أسماء وكلاء ممثلي الأطراف ومحاميهم وعناوينهم .
- تحديد منطوق الحكم القاضي بتعيينه حرفيا مع الإشارة إلى تاريخ القضية .
ويتبع الخبير ذلك بوصف كامل وشامل ودقيق للعمليات والإجراءات التي تمت كما يعرض ملخص للأبحاث التي قام بها من أبحاث ودراسات وتجارب وعرض أقوال وملاحظات …. إلخ .
والقسم الثاني من التقرير يكون الجزء الأساسي والجوهري من الخبرة ويعتبر بحق العمود الفقري لأنه هو الذي يجب أن تنتظم فيه وتتوافق إجابة الخبير مع الأسئلة المطروحة من المحكمة للإجابة عنها ، حيث يتضمن ما توصل إليه من جراء التحقيقات والأبحاث التي قام بها خلال قيامه بالخبرة ويقدم فيه رأيه عن الأسئلة المطروحة عليه ، والإشارة إلى المصادر التي إستقى منها معلوماته والإطلاع على كل الوثائق المقدمة إليه ، فإذا إنتهى الخبير من تحرير تقريره وأصبح جاهزا فإن عليه توقيعه وتأريخـه .(1)
ويجوز للخبير تحرير تقرير في محل النزاع أو مكتبه الخاص وليس هناك داع لحضور الخصوم أو لإخطارهم وقت تحرير التقرير ولا لوضع إمضاءاتهم عليه ، إلا إذا كان مشتملا على إجراءات أو أقوال جديدة لم يتضمنها محضر الأعمال .(2)
بعد تحرير الخبير لتقريره ، وجب عليه إيداعه وجميع الوثائق والمستندات لدى كتابة ضبط المحكمة وتضم تلك الوثائق التي يكون قد تسلمها من نفس المحكمة وبإذنها أو التي تسلمها من الخصوم من تلقاء أنفسهم أو بناء على طلبه وبمناسبة تأدية مهمته ، كما يجب على الخبير إرفاق تقريره بمختلف الوثائق التي تساعد على توضيح وتفسير مذكراته وما توصل إليه من نتائج لإنارة المحكمة .
الفرع الثاني : إيداع تقرير الخبرة :
تنتهي عمليات الخبرة بتقرير يعده الخبير بنتائج مهمته ويودعه عند بلوغ الأجل الذي حدده له القاضي ، ولم يوضح القانون الشكل والكيفية التي يتم بها تحرير التقرير الذي يقدمه الخبير للمحكمة ، فقد يكون شفويا أو كتابيا وفقا لما تحدده طبيعة المأمورية (3)غير أن العرف القضائي والتقاليد المهنية قد أرست بعض القواعد الهامة التي يجب على الخبير ذكرها وإحترامها عند كتابة وتحريره لتقريره الكتابي المقدم للمحكمة كما سبق ذكره .
فالأصل أن تقرير الخبرة يكون كتابيا ، حيث يقوم الخبير بإعداد تقريره الكتابي وإيداعه لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة ، ولكن يمكن أن يكون التقرير شفويا في بعض الحالات نذكر منها :
- إذا كان القاضي حاضرا أثناء إجراء الخبرة فيمكن أن يقدم الخبير تقريره شفاهيا ويتم تحرير محضر بهذا التقرير يودع لدى كتابة الضبط .
- إذا طلب القاضي من الخبير أن يقدم تقرير شفاهة أثناء الجلسة وذلك بالنظر إلى طبيعة المهمة وهذا ما جاء في نص كل من المادتين 49/4 ق ا م وكذا 155 ق ا ج .
(1) مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص ، ص 143،144
(2) همام محمد محمود زهران ، المرجع السابق ، ص 382 .
(3)د/ أحسن بوسقيعة ، المرجع السابق ، ص 119.
-29-
فبعد قيام الخبير بتحرير تقريره بالصفة والشكل المحددان قانونا فإن عليه رفعه إلى المحكمة التي عينته وذلك عن طريق إيداعه مع محاضر أعماله مرفوقا بجميع الوثائق والمستندات المسلمة له من قبل المحكمة أو الخصوم أو تلك الوثائق التي تساعد على توضيح ما توصل إليه من نتائج وخلاصات وذلك مقابل محضر إيداع يسلم له من رئيس أمناء الضبط المختص من نفس المحكمة .
المطلب الثاني : مناقشة التقرير وقوته في الإثبات :
يعتبر تقرير الخبير دليلا من أدلة الإثبات فيصبح لمن قدم التقرير لمصلحته أن يحتج به لإثبات إدعائه أو دفاعه ، فله أن يتمسك بكافة الحجج والأسانيد التي بني عليها الخبير تقريره ومن حق الخصوم الآخرين الدفع ببطلان عمل الخبير ، إذ شابه عيب شكلي لإهدار قيمته في الإثبات ، كما لهم مناقشة وإظهار وجه الخطأ في البيانات التي أوردها الخبير في تقريره أو محاضر أعماله ودحض الحجج والأسانيد التي بني عليها التقرير ويجوز له أن يطلب من المحكمة إستدعاء الخبير لمناقشته .(1) .
الفــرع الأول : مناقشـــــة التقريــــــــر :
متى أنجز الخبيرالمهمة المكلف بها وجب عليه تقديم تقريرا مؤرخا وموقعا منه إلى كتابة ضبط المحكمة التي عينته ، ووضع تقرير الخبرة لدى المحكمة يعد بمثابة نهاية لمهمة الخبير، فلا يمكنه تقديم أي تقرير آخر تكميلي أو إضافي مالم تأمر المحكمة بذلك ، غير أنه يجوز عند الإقتضاء وذلك بعد الإتصال بالمحكمة وأخذ موافقتها أن يقوم بتصحيح بعض الأخطاء المادية التي وقعت في التقرير أو بعض الإغفالات والتي لاتؤثر في التقرير من حيث الجوهر وإرفاق وثائق أو معلومات إستقاها الخبير بعد وضع التقرير (2) .
كما يجب التنويه إلى أن تقرير الخبرة له طابع السرية إذ يجب أن يحتفظ به على أصول الأحكام لدى المحاكم ولايجوز أن يطلع عليه إلا الخصوم أو محاميهم .
ويجب على المحكمة أن تسمح للخصوم الإطلاع على تقرير الخبرة ، والحكمة من وجوب إخطار الخصوم بإيداع التقرير هي تمكينهم من الإطلاع عليها ومراجعتها وإعداد ملاحظات عليها ، وهذا ما نصت عليه المادة 49/04 من قانون الإجراءات المدنية والتي أوجبت تبليغ الأطراف بمضمون التقرير قبل النداء على الدعوى ، فهو حق من حقوق الدفاع ، فعلى المحكمة أن تفسح لهم واسع المجال للدفاع عن مصالحهم وذلك مهما أتيحت لهم من فرص لإبداد أقوالهم وملاحظاتهم أمام الخبير أثناء القيام بإنجاز الخبرة وإلا كان حكم المحكمة معيبا ، كما يجوز للأطراف الخصومة طلب إستدعاء الخبير لمناقشته أمام المحكمة فإذا رأى القاضي أن العناصر التي بني عليها الخبير تقريره غير وافية فله أن يعيد المأمورية للخبير لإستيفاء ما شاب تقريره من نقص أو غموض .
(1) عبد الحكيم فودة، موسوعة الإثبات في المواد المدنية والتجارية والشرعية ، ج3 دار المطبوعات الجامعية ، مصر ،، ص 1069.
(2) مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص153.
-30-
وتفاديا لمناقشة تقائص الخبرة أمام جهات الحكم في جلسة علنية فقد أوجب المشرع وفي المادة 154ق ا جزائية أن على قاضي التحقيق أن يستدعي من يعنيهم الأمر من أطراف الخصومة ويحيطهم علما بما إنتهى إليه الخبراء من نتائج ، ويتلقى أقوالهم بشأنها ويحدد لهم أجلا لإبداء ملاحظاتهم عنها أو تقديم طلبات خلاله ولاسيما فيما يخص إجراء أعمال خبرة تكميلية أو القيام بخبرة مضادة .
فوجوب تبليغ نتائج الخبرة إلى الأطراف إلزامي وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ : 16/12/1986:" إن الدفع بعدم تبليغ الخبرة إلى المتهم من المسائل التي تثار أمام قاضي التحقيق ، فكان على الطاعن أن يثير ذلك أمام قاضي التحقيق أو أمام غرفة الإتهام ، فما جاء به قرار غرفة الإتهام الذي إكتسب قوة الشئ المقضي فيه ، غطى كل ما شاب الإجراءات من عيوب .(1)
إذا فمناقشة تقرير الخبرة تستدعي إبلاغ الأطراف بمضمونها حتى يتسنى لهم إبداء ملاحظاتهم وأن يتمسكوا بالبطلان إذا رأو وان الخبرة قد شابها عيب من عيوب الإبطال، كما أنه للمحكمة مناقشة الخبرة وذلك بإستدعاء الخبير أمامها للحصول منه على التوضيحات والمعلومات الضرورية ولها آن تسأله عن كل غموض أو لبس وللمحكمة أن تحكم بتعيين خبير آخر لإبداء رأيه شفاهة في الجلسة وتقوم المحكمة بذلك من تلقاء نفسها وإما بناء على طلب أحد الخصوم .
الفرع الثاني : قــوة التقرير في الإثبــات وسلطة المحكمة تجاهــه:
بعد مناقشة الخبرة فإن للمحكمة الحكم على تقرير الخبير ، ولكن على القاضي قبل الحكم القيام بدراسة الخبرة دراسة وافية ومعمقة وما جاء به الخصوم من دفوع بشأن الخبرة والرد على التقرير كما يجب أن تشمل دراسته جميع الجوانب الشكلية والموضوعية من التقرير المقدم وكذا الإنتقادات الموجهة إليه من الخصوم .
ولقد بينت المادة 54 من ق ا م وكذا المادتين 155 و 156 من ق ا ج بعض المواقف التي قد يأخذ بها القاضي وهو يتمحص في تقرير الخبرة ، وبعدها فإن له أن يأخذ أحد الأحكام التالية :
- إذا إقتنع القاضي برأي الخبير وبالنتائج التي خلص إليها في تقريره ورأت المحكمة أنه مناسب ومتناسق مع بعضه وأجاب على جميع الأسئلة المطروحة عليه أن يتبنى رأي الخبير لأن القاضي هو صاحب الرأي الأول والأخير في الدعوى ، ورأي الخبير لايعد وأن يكون رأيا إستشاريا ، وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ :19/01/1985 بقولها :" من المقرر قانونا أن القضاء بتفضيل خبرة عن أخرى يخضع للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع التي خولها لهم القانون ، ومن ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وإنعدام الأساس القانوني في غير محله ويتعين رده .(2)
رد: الخبرة القضائية
الجمعة 19 أغسطس - 22:02
فإذا لم يؤد الخبير مهامه ولم يكن قد أعفي منها جاز للمحكمة التي ندبته أن تحكم عليه بكل المصروفات التي تسبب في إنفاقها بلا فائدة ، وبالتعويضات إن كان لها محل وذلك بغير الإخلال بالحزاءات التأديبية (1) وهذا وفقا للقواعد العامة .
كما أن المادة 19 من المرسوم التنفيذي رقم 95/310 نصت على أنه وفي حالة رفض الخبير القضائي القيام بمهامه في الأجال المحددة بعد إعذاره دون سبب شرعي فإنه يتعرض لعقوبات الإنذار ، التوبيخ ، التوقيف ، الشطب النهائي ، وهذا دون المساس بالمتابعات المدنية وكذا الجزائية المحتملة .
المطلب الثالـــث : إستبــــــدال الخبيـــر :
لقد نصت المادة 51 ق ا م على إستبدال الخبير بقولها:" إذا رفض الخبيرالقيام بالعمل الذي كلف به أوحصل مانع له إستبدل بغيره بموجب أمر يصدر في ذيل طلب تبديله."
ويقابل هذا النص المادة 86-5 من قانون الضرائب المباشرة بقولها :" في حالة ما إذا رفض خبير المهمة المسندة إليه أو لم يؤديها يعين خبيرا آخر بدلا منه ."
ومن خلال هاتين المادتين فإنه يتضح لنا أنه يجوز للخصم الذي يهمه الأمر تقديم طلب إستبدال الخبير بغيره وذلك إذا توافرت إحدى الحالات التالية :
- إذا رفض الخبير القيام بالمهمة الموكلـة إليــه .
- إذا قبل الخبير المهمة ثم لم يقم بها أو لم ينجزها في المهلة المحددة لها .
- إذا حصل للخبير مانع من الموانع وهي حالات كثيرة ، بحيث يصبح من غير الممكن قيامه بإنجاز العمل المسند إليه ، كالوفاة أو الشطب إسمه من قائمة الخبراء بعد تعيينه أو إعتقاله …..الخ .
فالمشرع الجزائري لم يحدد الأسباب على سبيل الحصر بل تركها للظروف والملابسات (2) التي تخص كل قضية ، فإذا توافرت إحدى الحالات المذكورة جاز للخصم الذي يهمه الأمر تقديم عريضة إستبدال الخبير مع ذكره في طلبه ما يلي :
- أسماء الأطراف وألقابهم وعناوينهم ووظائفهم وموجز عن وقائع الدعوى .
- تاريخ الحكم الصادر بندب الخبير محل الإستبدال .
- الأسباب التي دعت إلى طلب إستبداله بغيره .
وتقدم عريضة إستبدال الخبير إلى رئيس المحكمة المختصة موقعة من الطالب نفسه أو من وكيله القانوني أو محاميه ، ويصدر رئيس المحكمة أمرا على ذيل العريضة يندب فيه خبيرا آخر مكان الخبير المستبدل ليقوم بنفس المهمة التي كانت قد أسندت إلى الخبير الأول ولايجوز إستئناف الأمر على ذيل العريضة الصادر بندب الخبير الثاني لأنه ليس حكما ولا أمر إستعجاليا .(3)
(1) عدلي أمير خالد، الإرشادات العلمية في إجراءات المرافعات والإثبات في كافة الدعاوى المدنية ، دار الفكر الجامعي ، مصر ، ص 285.
(2) حكم بتاريخ : 18/03/2003 تحت رقم 53/03 عن محكمة قالمة، جاء في إحدى حيثياته :" حيث ثبت للمحكمة بعد الإطلاع على وثائق
الملف أن الخبير ريفي أحمد أعد محضر معاينة لصالح المدعى عليها إستظهرت به في الدعوى وعليه فإن طلب المدعي بإستبدال الخبيرريفي أحمد
مؤسس قانونا طبقا للمادة 52 ق ا م يتعين الإستجابة له وتعيين الخبير هدوري مختار ، خبيرا بدلا عنه وتسند إليه نفس المهام القاضي بشأنها
الحكم التحضيري المؤرخ في: 18/01/2005 ."
(3)مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص 102.
-27-
كما إن إستبدال الخبير يتبعه بالضرورة تبليغ الأطراف لهذا الإجراء حتى يتمكنوا من إستعمال حقهم القانوني في الرد طبقا للمادة 52 ق ا م وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ :21/07/1992 بقولها :" إن القرار المطعون فيه جاء غير مؤسس لقضائه بتحميل مسؤولية الطلاق للعارض وذلك بناء على ما تضمنه تقرير الخبرة الطبية التي إستند إليها الحكم المستأنف المصادق عليه بالقرار المنتقد .
إن الخبرة التي أستندت المحكمة أمر بتنفيذها للدكتور مجدي الطيب العامل بمستشفى قسنطينة بتاريخ : 21/03/1989 بواسطة أمرعلى ذيل العريضة بإستبدال خبير ولم يبلغ مضمون هذا الأمر للطاعن الحالي من طرف المحكمة الآمرة بذلك التعيين ولم تخطر بتاريخ القيام بأعمال هذه الخبرة من طرف الخبير وفقا لأحكام المادتين 52-53 من ق ا م .
إن هذا الإغفال قد حال دون قيام العارض في الدفاع عن حقه مما أدى إلى تحمله مسؤولية الطلاق مما ينتج عليه بطلان هذه الخبرة لعدم مراعاتها الإجراءات المشار إليها."(1)
المبحــث الثالث : تقرير الخبرة ومناقشتـــه :
متى أنجز الخبيرمهمته تعين عليه أن يقدم تقريرا يضمنه نتائج أعماله وأن يقوم بتوضيح الأوجه التي إستند إليها في تبرير رأيه بدقة ، ثم يقوم بإيداعها مرفقة بجميع الوثائق المسلمة إليه إلى كتابة ضبط المحكمة وهذا لمناقشتها والحكم فيها فيما بعد ، ومن حق الخبير أن يتلقى مقابل القيام بأعماله بدلا نقديا عنها يحدده القاضي ويحدد من يلزم بدفعه .
المطلب الأول: تحرير التقرير وإيداعه :
الفرع الأول : تحرير التقرير ومشتملاته :
إن تقرير الخبير هو وثيقة تهدف إلى تنوير القاضي وتمكينه من الوصول إلى القضاء العادل ، وعليه فيجب أن يكون تحريره دقيقا واضحا . إلا أن المشرع الجزائري لم يوضح الشكل أوالكيفية التي يتم بها تحرير التقرير الذي يقدمه الخبير للمحكمة عند الإنتهاء من المهمة المعين من أجلها ، إلا أنه في حالة تعدد الخبراء فقد نص على وجوب تقديمهم لتقرير واحد معا وفي حالة إختلافهم يجب أن يتم بيانهم لأرائهم في ذات التقرير مع التسبيب .
وأمام غياب نص في قانون الإجراءات المدنية يبين كيفية تحرير تقرير الخبرة فقد أوجد العرف القضائي والتقاليد المهنية بعض القواعد الهامة التي يجب على الخبير إحترامها عند تحريره لتقرير الخبرة ، وعلى هذا الأساس فإن تقرير الخبرة يشتمل على قسم أول يمثل جزء وصفي يهدف بصفة أساسية وجوهرية إلى السماح للمحكمة بالتأكد من سلامة إجراءات الخبرة وشرعيتها وذلك مراعيا للبيانات التالية:
- إسمه ولقبه وعنوان مكتبه بالضبط .
(1)قرار مؤرخ بتاريخ 21/07/1992 تحت رقم 84194 غير منشور .
-28-
- أسماء وألقاب وعناوين الأطراف .
- أسماء وكلاء ممثلي الأطراف ومحاميهم وعناوينهم .
- تحديد منطوق الحكم القاضي بتعيينه حرفيا مع الإشارة إلى تاريخ القضية .
ويتبع الخبير ذلك بوصف كامل وشامل ودقيق للعمليات والإجراءات التي تمت كما يعرض ملخص للأبحاث التي قام بها من أبحاث ودراسات وتجارب وعرض أقوال وملاحظات …. إلخ .
والقسم الثاني من التقرير يكون الجزء الأساسي والجوهري من الخبرة ويعتبر بحق العمود الفقري لأنه هو الذي يجب أن تنتظم فيه وتتوافق إجابة الخبير مع الأسئلة المطروحة من المحكمة للإجابة عنها ، حيث يتضمن ما توصل إليه من جراء التحقيقات والأبحاث التي قام بها خلال قيامه بالخبرة ويقدم فيه رأيه عن الأسئلة المطروحة عليه ، والإشارة إلى المصادر التي إستقى منها معلوماته والإطلاع على كل الوثائق المقدمة إليه ، فإذا إنتهى الخبير من تحرير تقريره وأصبح جاهزا فإن عليه توقيعه وتأريخـه .(1)
ويجوز للخبير تحرير تقرير في محل النزاع أو مكتبه الخاص وليس هناك داع لحضور الخصوم أو لإخطارهم وقت تحرير التقرير ولا لوضع إمضاءاتهم عليه ، إلا إذا كان مشتملا على إجراءات أو أقوال جديدة لم يتضمنها محضر الأعمال .(2)
بعد تحرير الخبير لتقريره ، وجب عليه إيداعه وجميع الوثائق والمستندات لدى كتابة ضبط المحكمة وتضم تلك الوثائق التي يكون قد تسلمها من نفس المحكمة وبإذنها أو التي تسلمها من الخصوم من تلقاء أنفسهم أو بناء على طلبه وبمناسبة تأدية مهمته ، كما يجب على الخبير إرفاق تقريره بمختلف الوثائق التي تساعد على توضيح وتفسير مذكراته وما توصل إليه من نتائج لإنارة المحكمة .
الفرع الثاني : إيداع تقرير الخبرة :
تنتهي عمليات الخبرة بتقرير يعده الخبير بنتائج مهمته ويودعه عند بلوغ الأجل الذي حدده له القاضي ، ولم يوضح القانون الشكل والكيفية التي يتم بها تحرير التقرير الذي يقدمه الخبير للمحكمة ، فقد يكون شفويا أو كتابيا وفقا لما تحدده طبيعة المأمورية (3)غير أن العرف القضائي والتقاليد المهنية قد أرست بعض القواعد الهامة التي يجب على الخبير ذكرها وإحترامها عند كتابة وتحريره لتقريره الكتابي المقدم للمحكمة كما سبق ذكره .
فالأصل أن تقرير الخبرة يكون كتابيا ، حيث يقوم الخبير بإعداد تقريره الكتابي وإيداعه لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة ، ولكن يمكن أن يكون التقرير شفويا في بعض الحالات نذكر منها :
- إذا كان القاضي حاضرا أثناء إجراء الخبرة فيمكن أن يقدم الخبير تقريره شفاهيا ويتم تحرير محضر بهذا التقرير يودع لدى كتابة الضبط .
- إذا طلب القاضي من الخبير أن يقدم تقرير شفاهة أثناء الجلسة وذلك بالنظر إلى طبيعة المهمة وهذا ما جاء في نص كل من المادتين 49/4 ق ا م وكذا 155 ق ا ج .
(1) مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص ، ص 143،144
(2) همام محمد محمود زهران ، المرجع السابق ، ص 382 .
(3)د/ أحسن بوسقيعة ، المرجع السابق ، ص 119.
-29-
فبعد قيام الخبير بتحرير تقريره بالصفة والشكل المحددان قانونا فإن عليه رفعه إلى المحكمة التي عينته وذلك عن طريق إيداعه مع محاضر أعماله مرفوقا بجميع الوثائق والمستندات المسلمة له من قبل المحكمة أو الخصوم أو تلك الوثائق التي تساعد على توضيح ما توصل إليه من نتائج وخلاصات وذلك مقابل محضر إيداع يسلم له من رئيس أمناء الضبط المختص من نفس المحكمة .
المطلب الثاني : مناقشة التقرير وقوته في الإثبات :
يعتبر تقرير الخبير دليلا من أدلة الإثبات فيصبح لمن قدم التقرير لمصلحته أن يحتج به لإثبات إدعائه أو دفاعه ، فله أن يتمسك بكافة الحجج والأسانيد التي بني عليها الخبير تقريره ومن حق الخصوم الآخرين الدفع ببطلان عمل الخبير ، إذ شابه عيب شكلي لإهدار قيمته في الإثبات ، كما لهم مناقشة وإظهار وجه الخطأ في البيانات التي أوردها الخبير في تقريره أو محاضر أعماله ودحض الحجج والأسانيد التي بني عليها التقرير ويجوز له أن يطلب من المحكمة إستدعاء الخبير لمناقشته .(1) .
الفــرع الأول : مناقشـــــة التقريــــــــر :
متى أنجز الخبيرالمهمة المكلف بها وجب عليه تقديم تقريرا مؤرخا وموقعا منه إلى كتابة ضبط المحكمة التي عينته ، ووضع تقرير الخبرة لدى المحكمة يعد بمثابة نهاية لمهمة الخبير، فلا يمكنه تقديم أي تقرير آخر تكميلي أو إضافي مالم تأمر المحكمة بذلك ، غير أنه يجوز عند الإقتضاء وذلك بعد الإتصال بالمحكمة وأخذ موافقتها أن يقوم بتصحيح بعض الأخطاء المادية التي وقعت في التقرير أو بعض الإغفالات والتي لاتؤثر في التقرير من حيث الجوهر وإرفاق وثائق أو معلومات إستقاها الخبير بعد وضع التقرير (2) .
كما يجب التنويه إلى أن تقرير الخبرة له طابع السرية إذ يجب أن يحتفظ به على أصول الأحكام لدى المحاكم ولايجوز أن يطلع عليه إلا الخصوم أو محاميهم .
ويجب على المحكمة أن تسمح للخصوم الإطلاع على تقرير الخبرة ، والحكمة من وجوب إخطار الخصوم بإيداع التقرير هي تمكينهم من الإطلاع عليها ومراجعتها وإعداد ملاحظات عليها ، وهذا ما نصت عليه المادة 49/04 من قانون الإجراءات المدنية والتي أوجبت تبليغ الأطراف بمضمون التقرير قبل النداء على الدعوى ، فهو حق من حقوق الدفاع ، فعلى المحكمة أن تفسح لهم واسع المجال للدفاع عن مصالحهم وذلك مهما أتيحت لهم من فرص لإبداد أقوالهم وملاحظاتهم أمام الخبير أثناء القيام بإنجاز الخبرة وإلا كان حكم المحكمة معيبا ، كما يجوز للأطراف الخصومة طلب إستدعاء الخبير لمناقشته أمام المحكمة فإذا رأى القاضي أن العناصر التي بني عليها الخبير تقريره غير وافية فله أن يعيد المأمورية للخبير لإستيفاء ما شاب تقريره من نقص أو غموض .
(1) عبد الحكيم فودة، موسوعة الإثبات في المواد المدنية والتجارية والشرعية ، ج3 دار المطبوعات الجامعية ، مصر ،، ص 1069.
(2) مولاي ملياني بغدادي المرجع السابق ، ص153.
-30-
وتفاديا لمناقشة تقائص الخبرة أمام جهات الحكم في جلسة علنية فقد أوجب المشرع وفي المادة 154ق ا جزائية أن على قاضي التحقيق أن يستدعي من يعنيهم الأمر من أطراف الخصومة ويحيطهم علما بما إنتهى إليه الخبراء من نتائج ، ويتلقى أقوالهم بشأنها ويحدد لهم أجلا لإبداء ملاحظاتهم عنها أو تقديم طلبات خلاله ولاسيما فيما يخص إجراء أعمال خبرة تكميلية أو القيام بخبرة مضادة .
فوجوب تبليغ نتائج الخبرة إلى الأطراف إلزامي وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ : 16/12/1986:" إن الدفع بعدم تبليغ الخبرة إلى المتهم من المسائل التي تثار أمام قاضي التحقيق ، فكان على الطاعن أن يثير ذلك أمام قاضي التحقيق أو أمام غرفة الإتهام ، فما جاء به قرار غرفة الإتهام الذي إكتسب قوة الشئ المقضي فيه ، غطى كل ما شاب الإجراءات من عيوب .(1)
إذا فمناقشة تقرير الخبرة تستدعي إبلاغ الأطراف بمضمونها حتى يتسنى لهم إبداء ملاحظاتهم وأن يتمسكوا بالبطلان إذا رأو وان الخبرة قد شابها عيب من عيوب الإبطال، كما أنه للمحكمة مناقشة الخبرة وذلك بإستدعاء الخبير أمامها للحصول منه على التوضيحات والمعلومات الضرورية ولها آن تسأله عن كل غموض أو لبس وللمحكمة أن تحكم بتعيين خبير آخر لإبداء رأيه شفاهة في الجلسة وتقوم المحكمة بذلك من تلقاء نفسها وإما بناء على طلب أحد الخصوم .
الفرع الثاني : قــوة التقرير في الإثبــات وسلطة المحكمة تجاهــه:
بعد مناقشة الخبرة فإن للمحكمة الحكم على تقرير الخبير ، ولكن على القاضي قبل الحكم القيام بدراسة الخبرة دراسة وافية ومعمقة وما جاء به الخصوم من دفوع بشأن الخبرة والرد على التقرير كما يجب أن تشمل دراسته جميع الجوانب الشكلية والموضوعية من التقرير المقدم وكذا الإنتقادات الموجهة إليه من الخصوم .
ولقد بينت المادة 54 من ق ا م وكذا المادتين 155 و 156 من ق ا ج بعض المواقف التي قد يأخذ بها القاضي وهو يتمحص في تقرير الخبرة ، وبعدها فإن له أن يأخذ أحد الأحكام التالية :
- إذا إقتنع القاضي برأي الخبير وبالنتائج التي خلص إليها في تقريره ورأت المحكمة أنه مناسب ومتناسق مع بعضه وأجاب على جميع الأسئلة المطروحة عليه أن يتبنى رأي الخبير لأن القاضي هو صاحب الرأي الأول والأخير في الدعوى ، ورأي الخبير لايعد وأن يكون رأيا إستشاريا ، وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ :19/01/1985 بقولها :" من المقرر قانونا أن القضاء بتفضيل خبرة عن أخرى يخضع للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع التي خولها لهم القانون ، ومن ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وإنعدام الأساس القانوني في غير محله ويتعين رده .(2)
(1) قرار مؤرخ بتاريخ 16/12/1986، ملف رقم 346غير منشور
(2) قرار مؤرخ بتاريخ 19/01/1985 تحت رقم 33801، مجلة قضائية 1989، عدد04، ص 22.
-31-
وكذلك ماأكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ:22/01/1981 بقولها:" إن الخبرة كغيرها من أدلة الإثبات خاضعة لتقدير قضاة الموضوع ." (1)
- للمحكمة إذا رأت نقصا في التقرير فإنه على القاضي أن يستدعي الخبير للمناقشة أو أن تعيد المهمة للخبير كي يرد على النقص الموجه إلى تقريره وذلك بإستكمال الغموض واللبس والنقص الموجود فيه .
- كما للمحكمة أن تصادق على الخبرة جزئيا وهذا أيضا يوجب عليها أن تعلل حكمها ويجب أن أن يكون ذلك صراحة لاغموض فيها ولا لبس فيه .
- للمحكمة رفض الخبرة بصفة كلية إذا رأت وجود عيب فيها أو نقص فادح ولذلك يأمر القاضي بإعادة خبرة ثانية أو مضادة ، وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ :15/05/1984 بقولها :" يجوز لقضاة الإستئناف أن يستبعدوا ما ورد في تقرير الخبرة الطبية من أنه لاتوجد أي صلة بين وفاة الضحية والجروح التي تلقتها من المتهم على شرط أن يعللوا عدم أخذهم برأي الطبيب الخبير وإلا تعرض قضــاؤهم للنقض " .(2)
فسلطة المحكمة في تقدير رأي الخبير واسعة وهذا ما تضمنته المادة 54 أخيرة من قانون الإجراءات المدنية بقولها "…والقاضي غير ملزم برأي الخبير . " وأكدته العديد من قرارات المحكمة العليا والتي أكدت في مجملها على أن الخبرة تعد من أدلة الإثبات وأنها خاضعة لتقدير قضاة الموضوع مقابل للمناقشة والتمحيص ، فهو لايفيد لزوما القضاة ، وأن الأخذ بالخبرة أمر موكول ومتروك لإجتهاد القضاة فلهم أن يقضوا بها ولهم أن يرفضوها على شرط أن يصدروا قرارا مسببا .
إذا فالمبدأ هو ان القاضي غير ملزم برأي الخبير بنص القانون وكذا مختلف إجتهادات المحكمة العليا ، إلا أنه هناك ضوابط على القاضي التقييد بها عند تقدير نتائج الخبرة ومنها تجنب ما يكاد أن يصادف العمل القضائي من غموض ولبس وتناقض وإكتسابه قدر أدنى من المنطق الفقهي والسند القانوني .(3) وتطبيقا لهذا المعنى يتعين على القاضي بعد مناقشة الخبرة التي أمر بها أن يقرر رفضها أو قبولها ، وقد قضت المحكمة العليا في إحدى قراراتها بالنقض على أساس أن المجلس القضائي بعدما إستبعد تقرير الخبرة وندب خبيرا ثانيا للقيام بنفس المهمة أخذ يقـــــرر تعويضات على أساس نتــائج الخبرة الأولى .(4)
كما أنه من الضوابط التي يتقيد بها القاضي عند تقرير نتائج الخبرة تسبيبه لقراره وهذا ما أكدته العديد من قرارات المحكمة العليا ومنها على الخصوص أن المجلس القضائي يكون ملزما بعرض الأسباب التي على أساسها إستبعد تقرير خبرة إعتمدته محكمة الدرجة الأولى أو ذلك القرار الذي أعتبر تقرير الخبرة مشوبا بالغموض وإمتنع عن الإفصاح عن طبيعة هذا العيب .(5)
(1)قرار مؤرخ بتاريخ 22/01/1981 تحت رقم 22641 فير منشور.
(2) قرار مؤرخ بتاريخ 15/05/1984 تحت رقم28616 مجلة قضائية 1990، عدد 01 ، ص 272
(3) بطاهر تواتي ، المرجع السابق ، ص 104 .
(4) قرار مؤرخ بتاريخ 24/12/1990 تحت رقم 71668 غير منشور.
(5)بطاهر تواتي ، المرجع السابق ، ص106
-32-
المطلب الثالث : تقدير أتعاب الخبراء :
عند إنتهاء الخبير مهمته ، وبعد أن تتم مناقشتها والحكم فيها فإن له ا لحق في إستيفاء مقابل ذلك لأن الخبير قام بعمل معين بمقتضى حكم قضائي إستحق أتعابا نتيجة لذلك العمل وقد نظم المشرع الجزائري تقدير الأتعاب وتقادمها في المواد (44-45-226-227-228) من قانون الإجراءات المدنية وكذا الأمر 66-224 المؤرخ في: 22 جويلية 1966 المتضمن المصاريف القضائية المعدل بالأمر 69-07 المؤرخ في: 18 سبتمبر 1969 وكذا المادة 310 من القانون المدني . إلى جانب قانون الضرائب المباشرة والذي يحدد ترتيبات ترسم بموجبها الأوضاع التي يتعين وفقها إنجاز وتقديم كشف المصاريف (م 86-9 من قانون الإجراءات الجبائية ).
الفـــرع الأول : كيفيــــة تقديـــر أتعــاب الخبــــراء :
بعد إنتهاء الخبير من مهمته يقدم تقريره إلى المحكمة مرفقا إياه بمذكرة فيها أتعابه تتضمن بيانا يشمل على عدد أيام العمل والساعات التي قضاها في إنجاز عمله وأيضا عدد الإنتقالات التي قام بها إلى محل النزاع أومحل الخبرة .
ولايمكن كمبدأ عام للمحكمة أن تسلم الخبير المبلغ الذي قدره في مذكرة أتعابه بصفة إجمالية دون تفصيل لتلك الأتعاب ويتوجب مراجعة المبلغ . آخذا بعين الإعتبار المجهودات التي قام بها وما تقتضيه طبيعة المهمة ، كما يجب على المحكمة التي سبق لها وأن أمرت للخبير بمبلغ مسبق من أتعابه أن تراعي ذلك وتحكم بالمبالغ المتبقية له في ذمة الخصوم وذلك في نفس الحكم إذ أمكن تقدير تلك الأتعاب كي يتسنى للخبير عند الحاجة تنفيذ الحكم وإستيفاء أتعابه الباقية في ذمة من حكم عليه بها وهو المستفاد من نص المادتين : 226 و 227 ق ا م .
حيث أن أتعاب الخبير يؤشر على النسخة من الأمر الصادر بتقديرها بالصيغة التنفيذية بمعرفة كاتب الجلسة ، بينما إذا تعذر تحديدها فعندئذ يكون بموجب أمر من القاضي ويرفق بمستندات الدعوى وذلك بناءا على طلب الخبير لتقدير أتعابه ومصاريفه .
ويلزم بأتعاب الخبير كقاعدة عامة الطرف الذي طلب الخبرة في أول الأمر ، ثم يتولى دفعها الخصم الذي خسر الدعوى ، وكذلك على الخصم الذي قضت المحكمة بإلزامه بمصروفات الدعوى .
الفــرع الثاني : معارضــة الخبـراء أو الأطراف أمر التقديــــر:
إذا أصدرت المحكمة أمرا بتقدير أتعاب الخبير فإن هذا التقدير لايعد حكما نهائيا غير قابل للمناقشة أو المعارضة فإذا لم يرض الخبير تقدير الأتعاب جاز له أن يعارض في هذا الأمر خلال ثلاثة أيام من تاريخ تبليغه به وهذا ما نصت عليه المادة 228 ق ا م ويكون القرار الصادر في هذه المعارضة غير قابل لأي طعن .
-33-
وكما يجوز للخبير التظلم أو المعارضة فإن المشرع لم يغفل الأطراف إذا جاز لهم رفع معارضة في تحديد المصاريف خلال ثمانية أيام من تاريخ تبليغ الحكم أو الأمر الصادر بتحديد المصروفات إذا كان الحكم نهائيا ، وإذا كان الحكم الفاصل في النزاع قابلا للإستئناف ، فلا يجوز للخصوم المنازعة في تحديد المصروفات بغير طريق الإستئناف وهذا ما نصت عليه المادة 230 ق ا م .
وتحصل المعارضة بتقديم تقرير للقاضي المختص والذي قام بتحديد وتقدير أتعاب ومصاريف الدعوى ويتم الفصل في المعارضة في أقرب وقت ممكن .
الفــرع الثالث : جـزاء تسلم الخبيـر أتعابـه من الخصــوم مباشرة :
لقد منع القانون الخبير من تسلم أي مبلغ مهما كان مباشرة من يد أحد الخصوم وبأي صفة كانت وذلك بموجب المادة 45 من ق ا م بقولها :" لايجوز صرف المبلغ المودع على ذمة إجراءات التحقيق إلا بمعرفة قلم الكتاب وتحت رقابة القاضي والمبلغ المقرر إيداعه لحساب أتعاب ومصروفات الخبراء والشهود لايمكن بأي حال من الأحوال أداؤه مباشرة من الخصوم إلى الخبراء أو الشهود .
وإذا قبل خبير من خبراء الجدول أي مبلغ على هذا الوجه جاز شطب إسمه من جدول الخبراء. ولايجوز للخبير بأي حال من الأحوال أن يستلم أتعابه القانونية إلا بمعرفة قلم الكتاب وتحت رقابة القاضي المختص ، وكذا منع المشرع ذلك من أجل تفادي إبتزاز أموال الخصوم من طرف الخبراء قبل أن تحدد أو تقرر المحكمة أتعاب هؤلاء .
وخلاصة القول : أن الخبير بغض النظر عن كون رأيه مجرد رأي إستشاري وخاضع للسلطة التقديرية للقاضي ، إلا أنه يمكن أن نعتبره قاضي تقني أو فني وذلك من خلال ما يجب أن يتميز به من نزاهة وإستقامة وحسن خلق وما يبذله في إجراء الخبرة من جهة وعناية من أجل الوصول إلى حل المسائل المطروحة عليه من طرف القاضي فإستعانة القضاء بالخبراء ليس حكرا على نوع معين من القضايا ، فقد أصبحت لها الأهمية البالغة وذلك في المسائل المدنية والجنائية على حد السواء ، وتظهر أهمية الخبرة بشكل كبير في الحالة التي يحتاج فيها الفصل في الدعوى التأكد من أمور ذات خصوصية بحيث لايتسنى ذلك إلا بالإستعانة لمن لهم خبرة أو معرفة فنية أو علمية . كل هذا يزيد من قيمة الخبير وحجية التقرير الذي يعده مما يؤدي إلى إرساء الحق ونشر العدالة .
-34-
الفصل الثالث : صور الخبرة القضائيــة
إن تنوع وتضارب مصالح الأفراد وذلك في مختلف الميادين سواء التجارية أو الإقتصادية أو الإجتماعية جعلت ضرورة اللجوء إلى الخبرة كوسيلة إثبات يستعين بها القضاء ضرورة حتمية وهذا لإسهامها في تحقيق العدالة ، فإذا عرضت على القاضي أثناء تأديته لوظيفته القضائية مسائل غامضة تحتاج لشرح أو توضيح من ذي إختصاص علمي أو فني في ميدان العمران أو الطب أو المحاسبة أو غيرها من الإختصاصات المختلفة الكثيرة والتي لايستطيع القاضي الإلمام بها لخروجها عن تكوينه القانوني ، ففي هذه الحالة أجاز القانون للقاضي الإستعانة بمن لهم الإختصاص المطلوب . ولعل مجال الخبرة متنوع في العديد من المجالات إلا اننا سنقتصر دراستنا على بعض الخبرات ذات الأهمية والمتداولة بكثرة في الحياة العملية مع إبراز دورها في المساهمة في تحقيق العدالة ومساعدة القضاء على الوصول إلى الحقيفة وذلك على النحـو التالي :
الخبرة القضائية في الطب الشرعــــــــي .
الخبرة القضائية في التزويـــــــــــــــــــر .
الخبرة القضائية في النزاعــات العقارية.
الخبرة القضائية في الأضرار المادية لحوادث المرور .
الخبرة القضائية في المنازعات الضريبية .
الخبرة القضائية في قضايا نزع الملكيــــة .
-35-
المبحث الأول : الخبرة القضائية في المسائل الجزائية:
إن العديد من النزاعات الجزائية تستدعي إجراء الخبرة ، وذلك لما تتميز به من دقة وطبيعة تقنية ، حيث لايستطيع القاضي من خلال ثقافته القانونية أن يصل إلى هل هذه القضايا دون الإستعانة بأشخاص مختصين في هذه الميادين وضرورة إجراء هذه الخبرات تزيد من حجيتها وإلتزام القاضي الأخذ بها خدمة للقضاء، ولعل من أهم الخبرات في هذا المجال الطب الشرعي وكذا التزوير .
المطلب الأول : الخبرة القضائية في الطب الشرعي :
إن تطور جميع ميادين العلوم أثر كثيرا على القضاء وأوجد طرقا تساعد القاضي على توخي العدل بصورة أوضح وأسهل ، ولقد ساهمت العلوم الطبية مما شهدته من تطور واضح في مساعدة القضاء على تتبع الحقائق ، وذلك في مختلف الميادين سواء الجنائية أو المدنية .
وقبل التكلم عن بعض مجالات الإستعانة بالخبراء الطبيين ودورهم في تنوير القضاء بمختلف معارفهم وجب علينا تعريف مصطلح الطب الشرعي أولا .
الفرع الأول : تعريف الطب الشرعي :
لقد وجدت عدة تعريفات للطب الشرعي إلا أنها لاتخرج من كونها واحدة ، فيعرف الطب الشرعي على أنه فرع من فروع الطب مختص في تطبيق العلوم الطبية خدمة للكثير من المسائل القضائية التي لايستطيع القاضي البت فيها بعيدا عنه (1) كما يمكن تعريفه على أنه ذلك العلم الذي يسخر المعارف الطبية لفائدة الإجراءات القانونية (2) ، كما عرفته الدكتورة فتيحة مراح على أنه :" إختصاص وسيط بين المهنة الطبية والهيئة الإجتماعية ، فهو يصل بين الطب والقانون بتقديم كل المعلومات الطبية الكافية للإدارات خاصة منها العدالة أو هو إستعمال المعارف الطبية والبيولوجية عند تطبيق القوانين المنظمة لحقوق وواجبات الأشخاص الذين يعيشون في المجتمع .(3)
الفرع الثاني : مجالات الطب الشرعي :
إن مجالات الطب الشرعي كثيرة ومتنوعة فقد يستعين القضاء بالأطباء الشرعيين في المسائل الجنائية أو المدنية على حد سواء وذلك في العديد من الحالات والمجالات…فهدفها يتجلى في إنارة الطريق أمام العدالة لإصدار أحكام مبنية على أسس علمية وطبية ، فقد يستعين بها القضــاء في الكشف الطبــي عن المصابيــــن وبيــــان وصف
الإصابـة وسببها ونوعهــا وتاريــــــخ حدوثها والآلة المستعملة في إحداثها ومـــــدى العاهة
(1) حسين علي شحرور، الطب الشرعي مبادئ وحقائق ، بيروت ، بدون تاريخ ، ص 13
(2) يحي بن لعلى ، المرجع السابق ، ص 15 .
(3) د/ مراح فتيحة ، محاضرات في الطب الشرعي ألقيت على الطلبة القضاة بالمدرسة العليا للقضاء ، الدفعة 14 لسنة 2003 .
-36-
المستديمة التي نتجت عنها . أو في حالة تشريح جثث المتوفين لمعرفة سبب الوفاة وكيفية حدوثها ومدى علاقة الوفاة بالإصابة التي توجد بالجثة . وقد تكون في حالة تحديد نوع الإصابة وسببها ودرجة العجز في حالات الضرب والجرح كما تبين حالات الإجهاض العمدية من غيرها وكذا حالة خاصة بالجرائم الجنسية كالإغتصاب وهتك العرض والفعل المخل بالحياء ، كما يستعان بالمجال الطبي في المسائل المدنية في العديد من القضايا التي يتطلب الفصل فيها إجراء خبرة قضائية ومن ذلك حالات الإختلاف بين الزوجين على وجود أو عدم وجود غشاء البكارة ليلة الدخول إذا كانت شرطا واردا في العقد أو في الحالة التي يكون فيها أحد الدفوع متعلقا بمسألة عقم الزوج أو الزوجة ، إضافة إلى حالة الحجر للسفه أو الجنون ، وكذا التقارير الطبية لتحديد العجز الدائم أو الجزئي عند إصابة أحد العمال بجروح أثناء العمل والنظر في خطورة الأمراض المهنية والإستعانة بخبير طبي لتقدير الضرر وبالتالي الحكم بالتعويض العادل .
وفي هذا الإطار جاء في حكم صادر عن محكمة بسكرة بتاريخ :18/03/2005 وفي إحدى حيثياته ما يلي:" حيث أنه إتضح للمحكمة من خلال تفحصها للشهادة الطبية المحررة من قبل الطبيب الشرعي بأن الضحية قد تضررت نتيجة الحادث المذكور أعلاه …… وأنها تحتاج لإجراء خبرة طبية .
وحيث أنه ولما الأمر كذلك يتعين القول بأن طلب المدعى والرامي إلى التعويض عما أصابه من ضرر نتيجة لحادث مرور مؤسس قانونا ، غير أنه ولما كان تحديد ضده الأضرار هو من الأمور الفنية التي تستدعي اللجوء لأهل الخبرة والإختصاص فإنه لايسوغ المحكمة إلا القضاء بتعيين خبير طبيب تسند له مهمة فحص المدعى (م.و) فحصا دقيقا والتأكد من الإصابات التي تعرض لها جراء حادث المرور الذي وقع لها بتاريخ :13/12/2003 وعلى ضوء هذا الفحص تحديد مدة عجزه الكلي المؤقت ونسبة عجزه الجزئي الدائم وضرر التألم والضرر الإجمالي إن وجد …." (1)
المطلب الثاني : الخبرة القضائية في حالات التزوير :
الفــرع الأول: أســـاليب التزويــــــــر :
إن التزايد المستمر في جرائم التزوير كشف عن أنواع متعددة للتزوير سواء بالحذف أو النقصان وهي لاتخرج عن خمسة طرق (2) أولها وضع إمضاءات أو أختام وبصمات مزورة كما لو وقع شخص على محرر بإمضاء أو ختم أو بصمة غير إمضائه أو ختمه وثانيها تغيير المحررات أو الأختام أو الإمضاءات أو زيادة الكلمات وتشمل هذه الطريقة سائر الأساليب المستعملة للتغيير المادي للمحررات بعد تمام تحريرها ، أما الثالثة منها فهي وضع أسماء وصور أشخاص مزورة موضع أشخاص آخرين أو معهم ، أما الطريقتين الرابعة والخامسة فهي التقليد أي تحرير محرر كتابة على غرار كتابة شخص آخر بهدف إيهام أنه هو من قام بالكتابة ، أما الإصطناع فهو إنشاء محرر كامل الأجزاء على غرار أصل موجود أو خلق محرر على غير مثال سابق ويصطحب في الغالب بوضع إمضاء مزور.
(1) حكم صادر عن محكمة بسكرة تاريخ 18/3/2005 تحت رقم 78/05
(2) أحمد أبو الرؤوس ، جرائم التزييف والتزوير ، دار الطبع ، الإسكنديرية 1990، ص ،ص 65،66
-37-
فجريمة التزوير من الجرائم النموذجية وذلك من وجهة نظر الخبراء إذ تلعب في إكتشافها الخبرة الفنية دورا كبيرا ولقد قضت المحكمة العليا في قرارها (1) الصادر بتاريخ :07/10/1997 بقولها:"إن المجلس لما قضى بإدانة المتهم بجنحة تزييف وثائق عربة بناء على خبرة ثالثة.تثبت تزوير رقم الهيكل العربة وإستبدالها، فإنهم قد طبقوا القانون تطبيقا سليما(1)
الفـــرع الثاني : إثبـــــات التزويـــــر :
إن تطور وسائل وأساليب التزوير عرف بالمقابل تطور كبير لوسائل الكشف وفضح التزوير وبالأخص ما يتعلق منها بالطرق التحليل الكيميائي للحبر والورق والفحص المجهري بالعدسة المكبرة للبحث عن آثار التغيير والكشط والمحو والتصوير الفوتوغرافي بتقنياته المختلفة من بينها الأشعة فوق البنفسجية ويمكن أيضا أن يفضح التزوير بملاحظة خفية مثل شكل الرقعة الملونة ووجود مسافات غير ملونة بمثابة طيات مثل التلوين المفتعل ودراسة حواف الأوراق الملحقة وفحصها تحت المجهر بالأشعة فوق البنفسجية بواسطة إختبارات كيميائية، أما عن تزوير الإمضاءات فهو شائع بوجه خاص في الصكوك البنكية ويفضح تزويرها بالكشف عن بقايا الفحص في حالة النقل بالورق الشفاف (2)
وعلى إعتبار أن إثبات التزوير من العمليات الفنية التي تستدعي اللجوء إلى أهل المعرفة والفن وهذا ما اكدته المحكمة العليا في قرارها (3) الصادر بتاريخ :12/05/1997 بقولها :" من المقرر قانونا أن التزوير في قضية الحال هي مسألة فنية تتطلب لمعاينتها مهارة خاصة فإن المحضر المحجز من قبل إدارة الجمارك لايعد من قبيل المعاينات المادية المنصوص عليها قانونا وإنما مجرد إستنتاج لايلزم القضاة. ومن ثمة فإن القضاة لما قضوا في دعوى الحال إعتمادا على نتائج الخبرة التي أمروا بها والتي لم تبد إدارة الجمارك أية ملاحظة بشأنها ، فإنهم كما فعلوا لم يخالفوا القانون ." وكذلك ما جاء به قرار (4) غرفة الإتهام عن مجلس قضاء بسكرة الصادر بتاريخ :31/01/2005 والذي جاء في إحدى حيثياته ما يلي :" حيث أن التحقيق في موضوع مطابقة بصمة الضحية وإمضائها مع تلك الموضوعة على النسخة الأصلية لعقد التنازل يتطلب اللجوء إلى خبرة فنية حول مضاهاة الخطوط والبصمات تنجز بمخبر متخصص ، وعليه قبل الفصل في الموضوع الأمر بإجراء تحقيق تكميلي تحدد له المهام التالية :
- إجراء خبرة فنية حول مقارنة البصمات الموجودة على العقد مع بصمات الشاكية التي أخذ نموذج عنها بكيفية تسمح بإستغلالها .
- إجراء خبرة فنية حول مضاهاة الخطوط بين توقيع الشاكية الموجود على العقد التوثيقي إن وجد ونموذج إمضائها.
- سماع الموثق الذي حرر العقد حول الوقائع .
- تبليغ نتائج الخبرة للأطراف ."
(1) قرار صادر بتاريخ 7/10/1997 تحت رقم 157244، مجلة قضائية عدد خاص ، ج 2، سنة 2002، ص 277.
(2) يحي بن لعلى ، المرجع السابق ، ص 160 .
(3) قرار صادر بتاريخ 12/05/1997 تحت رقم 143802، مجلة قضائية 1998، عدد 01، ص 229.
(4) قرار صادر عن غرفة الإتهام لمجلس قضاء بسكرة بتاريخ 31/01/2005 تحت رقم 104/05.
-38-
وعلى العموم فإن لجوء القاضي الجزائي إلى الخبرة كلما قامت في الدعوى مسألة يتطلب حلها معلومات خاصة لايأنس القاضي من نفسه الكفاية العلمية أو الفنية هو السبب الأساسي الذي أجازت التشريعات من أجله تدخل الخبراء في مجال الدعوى الجنائية فمهما بلغت خبرة القاضي وإتسعت معلوماته وثقافته إلا أنه لايمكن أن يصل إلى الحد الذي يكون فيه عارفا بالمسائل الفنية بنفس الدرجة لدى الإخصائيين والفنيين الذين يكون مجال عملهم هو تلك الميادين الخاصة لإثبات حالة يلزم فيها معرفة خاصة نظرية أو تجريبية ويتجلى بوضوح دور الخبراء في مجال الدعوى الجنائية تطبيق مبدأ شخصية العقوبة تحقيقا للعدالة ولذلك إستوجب موضوع الإثبات في الدعوى الجنائية إثبات الإسناد المادي للفعل وما أحاط بالجريمة من ظروف مختلفة ، فكما ساهمت العلوم في تطور العمليات الإجرامية ، فإنها ساهمت في تطوير الخبرة ووسائلها مما أضفى عليها أهمية كبرى وجعل دورها أكثر انجلاء للعيان . وصفوة القول بأن العدالة لم تعد تستطيع الإستغناء عن الخبراء والذين يوصفون على أنهم أعوان القضاء وينتدبون لحل نقط التحقيق الغامضة .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى