- soprano
- الجنس :
عدد المساهمات : 51 نقاط التميز : 5512 تاريخ التسجيل : 11/01/2010 العمر : 34 الموقع : omaria
التلوث
الجمعة 14 مايو - 15:39
تلوث البيئة
تلوث البيئة Environmental Pollution
لقد خلق الله أدم واستخلفه في الأرض ليعمرها وهيأ له بيئة نظيفة خالية من التلوث ولكن أبناء أدم على مر العصور لوثوا البيئة المحيطة بهم عن قصد أو عن غير قصد فمنذ أن عرفوا النار استخدموها لأغراضهم مثل الطهي وصهر المعادن والإنارة والتدفئة وحرق الغابات وما إلى ذلك بدأت البيئة المحيطة بهم تتلوث ولكن هذا التلوث كان محدوداً لا يتعد المحيط الذي يعيشون فيه وسرعان ما تنقي البيئة ذاتها ومع التطور الصناعي و المدنية بدأ التلوث البيئي يشكل خطرا على صحة الإنسان وحياته. وفي حوالي 1960 بدأ الانتباه لظاهرة تلوث البيئة يأخذ طريقاً جدياً. وذلك لوجود أدلة تشير أن تلوث البيئة بدأ يأخذ شكلاً حرجاً يهدد جميع الكائنات على سطح الكره الأرضية.
علم البيئة وصحة البيئة Ecology, Environmental Health
حتى يمكن أن نفهم تلوث البيئة وماذا تعني مشاكل تلوث البيئة ينبغي أن نلقي نظرة على علم البيئة Ecology وهو العلم الذي يدرس الكائنات الحية وعلاقتها بالبيئة المحيطة بهم. وعلم البيئة علم قديم ولكنه لم يظهر للعيان إلا في القرن التاسع عشر وفي النصف الأخير من القرن العشرين حيث تطور بشكل سريع ومفاجئ.
علم البيئة يهتم بالعلاقة المعقدة بين الحيـاة و اللاحياة . مصطلح biosphere ( الغلاف الجوي ) يشير إلى العالم الحي ويتكون من عدة انظمه بيئية ecosystems . النظام البيئي ecosystem يوفر أو يهئ الظروف المناسبة للنباتات والحيوانات لتعيش, ويجدد العناصر اللازمة لإبقائهم أحياء ( التوازن البيئي ) وعلى هذا الأساس تتكون دورة الحياة من أربعة عناصر.
أولاً: يوجد ضوء الشمس, الماء, الأوكسجين, وثاني أكسيد الكربون والمركبات العضوية وبعض مركبات غذائية تحتاجها النباتات للنمو. ( العناصر غير الحية ).
ثانياً: النباتات سواء البرية أو المائية والتي بعملية التمثيل الضوئي تحول ثاني أكسيد الكربون والماء إلى كربوهيدرات التي تحتاجها النباتات نفسها أو كائنات حية أخرى في النظام البيئي وعلى هذا فإن النبات كائن منتج.
ثالثاً: المستهلك الذي يعتمد على المنتج ( النبات ) الحيوانات أكلة الأعشاب Herbivores ( مثل البقر والماعز) هي مستهلك أولي لهذه النباتات لأنها تتغذى عليها بصفة رئيسية, الحيوانات أكلة اللحوم Carnivores ( مثل الإنسان و الحيوانات الأخرى أكلة اللحوم ) هي مستهلك ثانوي لأنها تأكل الحيوانات أكلة الأعشاب.
رابعاً: المحلل أو المكسر decomposer وهي كائنات حية مثل البكتريا والفطريات والحشرات وهي تحلل المنتجات الميتة إلى عناصرها الكيميائية و إعادتها للنظام البيئي ليتم إعادة استخدامها ثانية.
النظام البيئي يتكون من دورة حياة التي يتحول فيها فضلات الحيوانات إلى غذاء للتربة والبكتريا. والبكتريا تنتج مواد غذائية للنبات والحيوانات التي تستهلك النباتات.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض الأنظمة البيئية تتكون من دورة حياة معقده ومتفرعة. هذا التعقيد يساعد على حفظ النظام البيئي في حالة كسر الدورة أو تغيبر مسارها تنشأ علاقة جديدة لتحافظ عليها.
ومن الجدير بالتذكير أن الحياة المدنية أصبحت تقطع أو تعيق دورة الحياة أنفة الذكر وهو ما يعرف بصناعة الإنسان المواد السامة وإلقاءها في دورة الحياة man-made toxic agents والتي سوف تلوث البيئة وتسممها ويرتد أثرها الضار عليه.
مثال ذلك استخراج الإنسان البترول من الأرض واستخدامه كوقود للسيارات والآلات الأخرى مخلفاً غازات كيميائية سامة أو ملوثة في الهواء وهو ما يعرف بتلوث الهواء.
ومثال آخر استخدم الإنسان الزئبق لأغراض عديدة مثل صناعة الدهانات وبعض الصناعات الصيدلية ، وألقى الزئبق أو فضلاته في البيئة وتنتقل بعدة طرق إلى الهواء والماء والتربة محدثاً أضراراً جسيمة للإنسان عندما يتعرض لهذه البيئة الملوثة .
ويعتقد أن المشاكل البيئية هي خلاصة ثلاث تفاعلات أو تداخلات:-
1- الزيادة في استخدام المنتجات والتقنية التي تولد تلوثاً كثيراً.
2- سوء استخدام الموارد.
3- زيادة معدل النمو السكاني.
صحة البيئة:
لقد عرفت علاقة الصحة بالبيئة من قديم الزمان عندما ربط الإنسان بين انتشار الأمراض والبيئة. في القرن السابع عشر اكتشفت الكائنات الدقيقة التي تسبب أمراضاً معدية وهذا قاد إلى تفعيل صحة البيئة لتحد من انتشار الأمراض مثل الكوليرا ، التيفوئيد ، الملاريا ، وأمراض معدية أخرى. هذا التفعيل في دور صحة البيئة مثل الإصحاح البيئي انعكس اليوم على هيئة برامج. مثل تأمين مياه شرب نقية، وبسترة الحليب أو اللبن، وتحضير الطعام بطرق صحية، وشبكات الصرف الصحي.
المواد الكيميائية التي تعتبر من خاصية المدنية الحديثة أصبحت مصدراً خطيراً لتلوث البيئة. ما يزيد على مليوني مادة كيميائية عرفت حتى اليوم وفي كل عام ما يزيد على ألف مادة كيميائية تكتشف بواسطة المصانع الكيميائية ومئات من هذه المواد الكيميائية تستخدم تجارياً. ولا يعرف معلومات كافية عن تأثير معظم هذه المواد الكيميائية على الصحة.
يوجد قائمة بالأمراض التي يشك أو يعتقد في أنها نتيجة لوجود المواد الكيميائية في البيئة. وعلى ذلك مشاكل الرئة وانتفاخها emphysema لها علاقة بتلوث الهواء، التسمم بالرصاص له علاقة بالرصاص الموجود في الدهانات أو المضاف إلى البنزين، أمراض القلب وأول أكسيد الكربون، تلف الأعصاب الدائم والزئبق ، والكثير من الكيماويات التي من المحتمل لها علاقة بالسرطان . وهناك علاقة مثلاً بين نوع من سرطان الرئة mesothelioma وغبار الاسبستوس asbestos . نوع من سرطان الكبد وجد له علاقة بالعمال الذين يعملون في تحويل Vinyl chloride إلى Polyvinyl chloride ( مادة بلاستيكية لصناعة الملابس، وأغلفة الأطعمة، الألعاب، الدهانات، outo seatcovers ، وغيرها ) .
من تلك المليوني مادة كيميائية حوالي 6000 فحصت للسرطان وحوالي 1000 مادة كيميائية ثبت أنها تسبب أمراضاً في الحيوانات وفقط 200 مادة كيميائية التي ثبت أنها تسبب سرطان الإنسان. مما سبق يتضح أن العالم الصناعي أدخل مواد كيميائية كثيرة ووجدت طريقها إلى البيئة لتحدث التلوث الذي يضر بالإنسان.
دور عمليات تحويل الطاقة في تلويث الهواء
تعاني المجتمعات المعاصرة مشاكل بيئية عدة ناجمة عن تلوث التربة والمياه والهواء بسبب أنشطة الإنسان، فضلاً عن عناصر أخرى مثل الإشعاعات والضجيج وغيرها، التي تؤثر على نحو مباشر أو غير مباشر في صحة الإنسان ومحيطه البيئي. تراوح خطورة هذه المشاكل بحسب نوعية التلوث ودرجة تركيزه ومناطق وجوده. ويعد تلوث الهواء من أهم وأخطر المشاكل التي تواجهها كل المجتمعات، وبخاصة الصناعية، وذلك لأسباب عدّة منها:
1 - انتقال الهواء الملوث بحسب اتجاه الرياح وسرعتها من منطقة إلى أخرى وأحياناً لمسافات تقدر بمئات الكيلومترات، وبالتالي فإن إمكان تفادي الهواء الملوث أو حصره يصبح غير ممكن عملياً.
2 - الكمية الكبيرة من الهواء التي تدخل جسم الإنسان يومياً والتي تبلغ نحو 15 كلغ مقابلة بـ 2.5 كلغ من المياه 1.5 كلغ من المأكولات.
هذا التأثير المباشر والشامل لتلوث الهواء قد دفع الكثير من الحكومات والجمعيات والمنظمات العالمية والأهلية، وأحياناً تحت ضغط الرأي العام، إلى اتخاذ خطوات وتدابير تهدف إلى الحد من تلوث الهواء، وبالتالي السيطرة على مراكز هذا التلوث ومصادره على مختلف أنواعها. وقد أظهرت مجمل الدراسات والقياسات التي أجريت في شتى أنحاء العالم أن معظم الملوثات الهوائية ينتج من عمليات الاحتراق المستعملة في مختلف القطاعات الصناعية إضافة إلى قطاع النقل. وعمليات الاحتراق هذه هي الوسيلة التقليدية لتحويل الطاقة من حالٍ إلى أخرى وتحديداً من طاقة حرارية مخزونة داخل الوقود إلى طاقات ميكانيكية أو كهربائية وغيرها.
أولاً: أسباب تلوث الهواء
تعود أسباب تلوث الهواء تحديداً إلى المصادر التالية:
1 - قطاع النقل والمواصلات على أنواعها
يعد هذا القطاع مصدر نحو 70 في المئة من الغازات الملوثة الموجودة في الهواء. وهذه النسبة المرتفعة سببها التزايد الهائل في إنتاج واستعمال السيارات والآليات الذي بدأ بعد الحرب العالمية الثانية.
وبالتالي فإن تزايد عدد السيارات يعني زيادة في كمية الغازات المنبعثة من عوادم هذه السيارات. وتحدد كمية الغازات الصادرة من قطاع النقل بحسب نوع الآليات وحجم المحركات ونوعية الوقود المستعملة. أما أهم الملوثات الهوائية الصادرة من قطاع النقل فهي غاز أول أكسيد الكربون (CO) الناتج من عمليات الحرق غير الكاملة، وأكسيدات النيتروجين (NOx) والغازات الهيدروكربونية (HC). هذا إضافة إلى مادة الرصاص الصادرة من احتراق بعض أنواع الوقود التي تحوي هذه المادة بتركيبتها.
2 - مراكز الاحتراق الثابتة
تشمل هذه المراكز بوجه أساسي المحطات الحرارية لتوليد الطاقة الكهربائية وسائر المراكز الصناعية التي تستعمل الوقود في مراحل الانتاج، مثل معامل الصلب والحديد والإسمنت وغيرها. وبالتقدير العام، فإن محطات الكهرباء الحرارية تستهلك ربع الإنتاج العالمي من مواد الطاقة، وبالتالي فإن نسبة مماثلة من الغازات والملوثات الهوائية مصدرها هذه المحطات. وأهم الملوثات الصادرة من محطات الكهرباء هي غاز ثاني أكسيد الكربون وأكسيدات النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت والجزيئات على أنواعها.
3 - المراكز والتجمعات الصناعة
تستهلك المراكز والتجمعات الصناعية قسماً كبيراً من الطاقة والمواد الأولية وبخاصة في البلدان المتطورة. ويعد هذا القطاع السبب الرئيسي لتلوث الأرض والتربة والمياه وتزايد النفايات الكيميائية والخطرة، إضافة إلى تلوث الهواء إذا شملت عملية الإنتاج حرق الوقود.
4 - العوامل الطبيعية
إضافة إلى المصادر المذكورة أعلاه، الملازمة لتطور حياة الإنسان وتقدمها، هناك مصادر أخرى طبيعية لتلوث الهواء منها البراكين التي تطلق كميات هائلة من الغازات، وبخاصة الكبريت، إلى الجو. ومن المصادر الطبيعية الأخرى الغبار والأتربة المثارة بسبب الرياح، وبخاصة الرياح في المناطق الصحراوية والجافة.
ثانياً: مصادر وتأثير الملوثات الهوائية
يتبين لنا من التفصيل المذكور أعلاه أن معظم التلوث الذي يصيب الهواء مصدره مراكز تحويل الطاقة، سواء الثابتة منها مثل محطات توليد الكهرباء، أو المتحركة كالسيارات والآليات ووسائل النقل الأخرى. كما وان هنالك بعض أنواع الملوثات الهوائية التي تنتج من مصادر أخرى مثل غازات الكلوروفلوروكربون المعروفة بـ (CFC) التي تصدر من أجهزة التبريد بوجه رئيسي. هذه الغازات تتفاعل مع غاز الأوزون الموجود في طبقة الستراتوسفير فتحلله إلى غازات أخرى، وبالتالي تؤدي إلى تلاشي طبقة الأوزون التي تعد سداً واقياً لجو الأرض من الإشعاعات فوق البنفسجية (Ultraviolet) الواردة من الشمس. لقد ربط العديد من الأبحاث والدراسات الطبية أخيراً بصورة مؤكدة بين تلاشي طبقة الأوزون وبين التزايد في معدل الإصابات بسرطان الجلد في الكثير من البلدان.
1 - تأثير قطاع الكهرباء في البيئة
إن إنتاج الطاقة الكهربائية بواسطة المعامل الحرارية يؤدي إلى انبعاث أنواع عدة من الغازات الملوثة ذات الانعكاسات السلبية على الصعيدين المحلي والعالمي. تعتمد كمية هذه الغازات على نوعية الوقود المستعملة، سواء أكانت مادة الفيول أويل أم كانت مادة الفحم الحجري أم مادة الغاز الطبيعي، على العناصر الكيميائية التي تدخل في تركيبتها.
أما الغاز الطبيعي، فيتركب بوجه أساسي من الميتان 87 في المئة، إضافة إلى النيتروجين 4,5 في المئة، وأول أكسيد الكربون 5 في المئة.
يعتمد تأثير النفط الخام، ومادة الفيول أويل تحديداً، في البيئة بوجه أساسي على نسبة الكبريت الموجودة فيه التي تتحول بفعل الاحتراق إلى غاز ثاني أكسيد الكبريت وغيره من الغازات الكبريتية ذات التأثير السلبي في البيئة كما أشرنا أعلاه. إن جودة الفيول أويل، وبالتالي سعره، تتوقف على نسبة الكبريت هذه. فالنوعية الجيدة التي تم تكريرها مرات عدة تحوي نحو 0,3 في المئة كبريتاً بينما الأنواع ذات الجودة المتدنية فهي تصل النسبة فيها إلى نحو 4 في المئة.
لقد أجريت عام 1995 قياسات قام بها فريق عمل في كلية الهندسة والعمارة في الجامعة الأميركية في بيروت وبتمويل من المجلس الوطني للبحوث العلمية، وهي أجريت مداورة على مدار السنة في مناطق تعاني تلوث الهواء، وتحديداً مناطق الجية والذوق وشكا، وكان هدف هذه القياسات تحديد معدل تركيز غاز ثاني أكسيد الكبريت بوجه تقريبي. إضافة إلى معدل التركيز هذا، فقد أخذت كذلك المواصفات المناخية السائدة في المنطقة خلال فترة القياس، كالحرارة والضغط الجوي وسرعة الرياح، مع الإشارة إلى حالة الطقس في الأيام الثلاثة السابقة ليوم القياس، وذلك لتأثير هذه العوامل المناخية المباشر في عملية تشتت الغازات في الهواء، وبالتالي في نسبة تركيز ثاني أكسيد الكبريت وغيره من الملوثات في المناطق القريبة من هذه المعامل.
2 - تأثير قطاع النقل في البيئة
على الصعيد العالمي يعد قطاع النقل على مختلف أنواعه البرية والبحرية والجوية مصدراً لنحو70 في المئة من الغازات الملوثة الموجودة في الهواء، وبخاصة غاز أول أكسيد الكربون والغازات الهيدروكربونية وغاز الأوزون. إضافة إلى هذه الغازات يؤدي احتراق البنـزين الذي يحوي مادة الرصاص في تركيبته إلى انبعاث هذه المادة من عوادم السيارات بتركيز يؤدي التعرض الطويل له إلى حالات سمومة قد تكون فتاكة وبخاصة لدى الأطفال، وذلك بحسب العديد من الدراسات الطبية التي أجريت حول هذا الموضوع.
وإذا ما تفحصنا قطاع النقل في لبنان فهناك ما يزيد على 1,3 مليون سيارة وآلية مسجلة بحسب المصادر الرسمية وقد أظهرت إحصاءات أجريت العام الماضي أن نحو 6 في المئة فقط من هذه السيارات تستعمل مادة البنـزين الخالي من الرصاص. وهذا الرقم قليل جداً إذا ما قوبل بالأرقام الواردة من الدول المتطورة التي أصبحت تزيد على40 في المئة، علماً أن العديد من هذه الدول قد منعت استعمال البنـزين الحاوي مادة الرصاص على نحو شامل. وهذا المنع جاء تدريجياً ورافقته تدابير عدة لتشجيع السكان على استعمال البنـزين الخالي من الرصاص، التي سوف نأتي على ذكرها لاحقاً.
إن تركيز مادة الرصاص في الهواء يبلغ مستويات مرتفعة جداً في أثناء ساعات الازدحام، وبالتالي فإن المناطق المجاورة للشوارع المزدحمة معرضة لتأثيراته على نحو مباشر وبخاصة خلال فترات سكون الهواء.
أما بالنسبة إلى غاز الأوزون، فهو في طبقات الهواء السفلى أو التروبوسفير (Troposphere) يعد من الملوثات الفرعية التي تنتج من التفاعلات الكيميائية بين بعض الملوثات الرئيسية الصادرة من قطاع النقل، مثل أول أكسيد الكربون وأكسيدات النيتروجين والغازات الهيدروكربونية. وتعتمد سرعة هذه التفاعلات على إشعاعات الشمس، وبالتالي فإن كثافة غاز الأوزون في الهواء تصل إلى الحد الأقصى خلال فترة الظهيرة وما بعدها لتعود وتنخفض بعد غياب الشمس.
لقد أجريت الصيف المنصرم (1996) قياسات تقديرية لكثافة غاز الأوزون في مدينة بيروت، وقد أظهرت النتائج الأولية ان تصنيف الهواء كان "غير صحي" خلال أيام الحر والرطوبة الشديدة، حيث تكون التفاعلات الكيميائية التي تنتج هذه المادة على أشدها. أما خلال موجة الأمطار الأولى خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر فقد كان تصنيف الهواء "عادي".
ثالثاً: سبل المعالجة
لقد عمدت البلدان الصناعية إلى وضع سلسلة من الإجراءات والتدابير الآيلة إلى التخفيف من تلوث الهواء. ومن أهم الخطوات والمقترحات لقطاعي الصناعة والنقل ما يلي:
1 - قطاع الكهرباء والصناعات الثقيلة
تشمل سبل المعالجة على هذا الصعيد ما يلي:
أ - التخفيف من استهلاك الطاقة الكهربائية على الصعيد العام. ذلك أن الحد من الاستهلاك يؤدي إلى حرق كميات أقل من الوقود، وبالتالي انبعاث كميات أقل من الملوثات الهوائية. إن معدل استهلاك الطاقة الكهربائية للفرد في لبنان يزيد بنسبة ملحوظة على مثيلاتها في معظم البلدان العربية، وبالتالي فإن الترشيد في الاستهلاك يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في التلوث ، إضافة إلى المنافع الاقتصادية الأخرى. أما السبل والدوافع الآيلة إلى تحقيق ذلك فهي تبدأ بتوعية المواطن ومن ثم ضبط الجباية، ذلك أن الاستهلاك العالي للكهرباء سببه في بعض الأحيان عدم دفع ثمن هذه الكهرباء. وقد أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان في غير مناسبة أن الجباية الحالية تغطي نحو 40 في المئة من الطاقة المنتجة فقط.
ب - اعتماد سياسة بيئية في مشاريع إعادة تأهيل القطاع الكهربائي يقوم على مبدأ زيادة الطاقة المنتجة بإقامة معامل جديدة ذات ضرر بيئي محدود ومن ثم العمل على تجهيز المعامل القائمة بأجهزة لتخفيف التلوث. ويمكن تحقيق ذلك خلال مرحلة ما قبل حرق الوقود، أي باستعمال وقود ذات نسب منخفضة من الكبريت أو استعمال أجهزة لتنقية الدخان من الملوثات قبل بعثه إلى الهواء. والشائع في هذا المضمار استعمال أجهزة لتنقية الدخان في الجزيئات وثاني أكسيد الكربون (Flue Gas Desulfurization Systems). هذه الأجهزة عالية الكلفة إلا أنها ذات جدوى اقتصادية أفضل من استعمال الوقود ذات الكبريت المنخفض والغالي الثمن في الوقت نفسه. وهذا التحليل مستند إلى دراسة علمية اقتصادية أجريت بتمويل من المجلس الوطني للبحوث العلمية.
ج - التحول إلى استعمال مصادر طاقة نظيفة ومتجددة، وهي متوافرة بكثرة في لبنان. فالأنهار لدينا تصب في البحر من دون أي إفادة منها، وبخاصة خلال فصل الشتاء، وبالتالي فإن إنشاء سدود وبرك اصطناعية واستعمالها لتوليد الطاقة الكهربائية يخفف من الاعتماد على الفيول أويل وبالتالي يخفف من تلوث الهواء. أما بالنسبة إلى مصادر الطاقة المتجددة، وتحديداً الطاقة الشمسية، فهي متوافرة معظم أيام السنة وبنسبة إشعاعات عالية. وقد اتجه معظم بلدان المنطقة إلى الإفادة من حرارة الشمس لتسخين المياه في المساكن. أما في لبنان وفي غياب التشريعات والتحفيزات الملائمة لتشجيع المواطن، فإن انتشار أجهزة تسخين المياه بالطاقة الشمسية ما زال محدوداً جداً. وقد أثبتت دراسات أجريت أخيراً. إن الاعتماد على الطاقة الشمسية يؤدي إلى خفض في استهلاك الطاقة الكهربائية بنسبة لا تقل عن 15 في المائة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الخلايا الفوتوفولتية التي تحول الطاقة الشمسية إلى كهرباء مباشرة، فقد أصبحت ذات فاعلية تحويل تبلغ 18 في المائة، وبالتالي بدأ العمل على تسويقها في الكثير من البلدان. وهناك مناطق عديدة في لبنان يمكنها الإفادة من سرعة الرياح لتوليد الطاقة بكمية ونوعية جيدتين.
د - استحداث أسهم أو سندات تلويث الهواء وتوزيعها على مختلف القطاعات الصناعية. هذه الوسيلة، على الرغم من غرابة اسمها، قد استحدثت أخيراً في بعض المقاطعات الأميركية من قبل وكالة حماية البيئة (Environmental Protection Agency) خلال السنوات الماضية وأدت إلى خفض ملحوظ في تلوث الهواء. تقوم هذه العملية على مبدأ إعطاء المؤسسات الصناعية، بما فيها قطاع الكهرباء، سندات تسمح لها بنفت معدل سنوي محدود من الملوثات يراعي المعايير المحلية. وبإمكان هذه المؤسسات بيع هذه السندات لمؤسسات أخرى قائمة أو جديدة. أما جدوى هذه العملية التجارية فتتجلى في أمرين: الأول ان السلطات المحلية تفرض كرسم انتقال 5 في المائة أو أكثر من قيمة السند، أي أن معدل التلوث ينخفض 5 في المائة عند كل عملية بيع أو شراء، والأمر الثاني أن المردود المالي العائد من بيع هذه السندات يمكن استعماله لتغطية نفقات تركيب أجهزة تنقية أو للبدء بمشاريع أخرى لا تسبب تلوثاً.
هـ - حظر استعمال بعض أنواع الوقود الرديء ذي الضرر العالي مثل مادة البتروكوك، وكذلك منع استعمال المواد المسببة لأمراض سرطانية مثل مادة الأميانت في بعض الصناعات مثل الإترنيت. هذه المادة المستعملة في لبنان في مناطق عدة قد منع استعمالها في الكثير من البلدان بعد ما تم إيجاد البدائل ذات الضرر البيئي والصحي المحدود.
2 - قطاع النقل
تشمل التدابير على هذا الصعيد ما يلي:
أ - تخفيف استعمال السيارات والآليات، وبالتالي خفض كمية الغازات المنبعثة إلى الهواء. ويمكن تحقيق ذلك عن طريق تخفيف الازدحام الذي تعانيه الكثير من المناطق وتحديداً منطقة بيروت ومداخلها. وذلك إما بإنشاء شبكة حديثة من الطرق كما هو حاصل حالياً أو بالاعتماد على وسائل النقل العام، شرط توافرها. لقد عمد بعض الدول الأوروبية في هذا الصدد إلى منع السيارات الخاصة من دخول مناطق الوسط التجاري وفرض تسعيرة عالية لمواقف السيارات، وذلك لتشجيع المواطن على استعمال النقل العام. كذلك أقيم بعض الأوتوسترادات ووضع فقط بخدمة السيارات التي تحوي 3 ركاب وما فوق.
ب - التشجيع على استعمال البنـزين الخالي من الرصاص. وهذه المشكلة أصبحت شبه محلولة في الكثير من البلدان المتطورة التي تحولت إلى ذلك تدريجاً. وقد رافق هذا التحول تدابير عدة لتشجيع السكان، منها توافر البنـزين الخالي من الرصاص بسعر أقل من الأنواع الأخرى. كذلك قامت السلطات بتغطية تكاليف تعديل محركات السيارات القديمة لتصبح قادرة على استعمال البنـزين الخالي من الرصاص. ومن ثم عمد في الكثير من الأحيان إلى زيادة الرسوم على السيارات التي تستعمل مادة الرصاص. أما في لبنان حيث سعر البنـزين الخالي من الرصاص محلياً أغلى من الأنواع الأخرى، فقد دلت إحصاءات أجريت العام الماضي أن نسبة 6 في المائة تقريباً من السائقين يستعملون البنـزين الخالي من الرصاص وهي نسبة ضئيلة جداً، وبالتالي فإن خطر التعرض واستنشاق مادة الرصاص السامة قائم في معظم الشوارع المكتظة.
ج - تجهيز عوادم السيارات بالمحول الحفازي أو الحفازCatalyzer) ) الذي يحول بعض الغازات الضارة الناجمة عن الاحتراق مثل أول أكسيد الكربون وأكسيدات النيتروجين والغازات الهيدروكربونية إلى مواد أخرى أقل ضرراً، مثل بخار الماء وثاني أكسيد الكربون، وذلك بحسب التفاعلات الكيميائية التالية:
2CO + 2NO ------------ 2CO2 + N2
4HC + 10NO ---------- 4CO2 + 2H2O + 5N2
2CO + O2 -------------- 2CO2
4HC+ 5O2 ------------- 4CO2 + 2H2O.
إن معظم السيارات الحديثة يكون عادة مجهزاً بهذه الحفازات ومعداً لاستعمال البنـزين الخالي من الرصاص، أي أن هذه السيارات لها أضرار محدودة جداً على البيئة، لكن استعمال البنـزين الحاوي مادة الرصاص لتحريك هذه السيارات كما هو حاصل في لبنان، فهو أمر يؤدي إلى تلف الحفاز وبالتالي انبعاث كل أنواع الغازات والسموم من العوادم.
إن وضع أي من هذه التدابير موضع التنفيذ يؤدي إلى تحسين نوعية الهواء في المناطق المزدحمة والصناعية. ويجب في الوقت نفسه وضع سلسلة من المعايير والمقاييس المحلية تراعي خصوصية البلد وتمنع تزايد تلوث الهواء وبخاصة في المناطق الصناعية. كذلك فإن وضع التشريعات اللازمة لتنظيم العمل بهذه المعايير وإنشاء أجهزة ونقاط قياس ومراقبة تلوث الهواء لهي خطوات يجب اتخاذها.
إن تردي نوعية الهواء في بعض المناطق اللبنانية مشكلة يمكن معالجتها والحد من أضرارها عن طريق إعطائها الاهتمام الرسمي اللازم وتأمين الميزانية اللازمة لتغطية النفقات المترتبة. وتتجه الأنظار في هذا الصدد إلى نتائج مؤتمر أصدقاء لبنان حيث قدمت الحكومة مشاريع ذات منفعة بيئية تزيد قيمتها على 100 مليون دولار لخفض تلوث قطاع الطاقة، إضافة إلى مئات الملايين لمشاريع تأهيل الطرق ومشاريع الري وحماية الشاطئ وغيرها. والأهم من ذلك فإن نجاح المعالجة يستدعي أن يغير المواطن اللبناني من بعض عاداته الاجتماعية وبخاصة لناحية الترشيد والتخفيف من هدر الطاقة وتحديداً في قطاعي النقل والكهرباء.
- soprano
- الجنس :
عدد المساهمات : 51 نقاط التميز : 5512 تاريخ التسجيل : 11/01/2010 العمر : 34 الموقع : omaria
رد: التلوث
الثلاثاء 18 مايو - 13:51
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى