- achwak
- الجنس :
عدد المساهمات : 4671 نقاط التميز : 11993 تاريخ التسجيل : 24/03/2011 العمر : 47
اليوم الأهم في حياته السياسية..
الخميس 7 فبراير - 18:25
وصف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، في أول خطاب له بـ"باماكو"، قرار الحرب بـ"اليوم الأهم في حياته السياسية" باعتباره يمثل يوم عودة فرنسا إلى "مستعمراتها الإفريقية القديمة" بعد مرور نصف قرن من تحرر آخر مستعمرة فيها وهي الجزائر، وبالمقابل سارعت أمريكا إلى الإعلان عن سعيها لإقامة قاعدة" أفريكوم" في النيجر هذا العام، ممّا جعل المراقبين يتساءلون عن مستقبل العرب والأفارقة في ظل عودة الإستعمار القديم تحت غطاء محاربة "المتشددين الإسلاميين" ؟.
◄ حرب الكبار وتطلعات الصغار؟
قدّرت فرنسا تكاليف حربها على شمال مالي حيث يعيش التوارق والعرب الماليين بـ450 مليون دولار، وطلبت دعمًا لحربها، فجاء الرد من الجزائر ليس بفتح أجوائها لطيرانها الحربي فقط وإنما أيضا بالدّعم المالي المقدّر بـ 50 مليون دولار أي ما يقابل 20 % من المبلغ المطلوب، وليس عن طريق البرلمان وإنما إجراء حكومي ليس له علاقة باحترام إرادة الشعب الجزائري، ولو أن هذا المبلغ وجه لدعم سكان الجنوب لتحوّلت المنطقة إلى جنة لأهلها وأبعدت أبناءها عن التطرف الديني والوقوع في شباك دعاة إنفصال الصحراء عن الجزائر.
والعارفون بالشأن الجزائري يقولون بأن تنازل الرئيس عن بعض صلاحياته كوزير للدفاع للسيد عبد المالك قنايزية الذي جاء متزامنًا مع فتح تحقيق حول ما حدث في عين آمناس بقاعدة الحياة بولاية إليزي مؤشر على وجود خلاف حقيقي حول مرشح رئاسيات 2014م، لأن الانتصار للحرب في مالي سيكون لصالح العهدة الرابعة، وما يوضح ذلك الحملة التنظيفية لأمناء أحزاب الائتلاف الحكومي بالإستقالة أو نزع الثقة والتي يراد منها إبعادهم من المشهد السياسي لأن التقارير المقدمة حولهم تؤكد"نية البعض" في الترشح للرئاسيات، وعندما يطالب قادة في جبهة التحرير رئيس الجمهورية بترشيح أمين جديد لحزبهم فهذا دليل آخر على فقدان هذا الحزب لاستقلاليته في إتخاذ القرار، كما أن إلتزام هذه الأحزاب بعدم إدانة التدخل الفرنسي في مالي يؤكد دعمها لمرشح السلطة، ولا يستبعد المراقبون بأن يتم توزيع أحزاب التحالف الرئاسي جغرافيًا بحيث يكون أمين عام جبهة التحرير الوطني من الشرق الجزائري، والمرشّح الأوفر حظًا هو عبد الرزاق بوحارة بإعتباره من الثلث الرئاسي في مجلس الأمة على أن يكون أمين التجمع الوطني الديمقراطي من الغرب مع إدماج حزب إسلامي من الوسط وإهمال الجنوب الجزائري الذي قد يكون مرشحه القادم رئيس الحكومة المستقيل أحمد بن بيتور.
مأساة النخب السياسية والثقافية في الجزائر هي أنها لا تفكر في مستقبلها وإنما في تموقع أصحابها داخل السلطة: إنهم يتصارعون كـ "الديكة" على رئاسة الأحزاب المساندة للسلطة، وهم يشبهون في مواقفهم فتات موائد الأمراء في عهد ملوك الطوائف بالأندلس التي تحوّلت إلى أكلة مميزة لدى الإسبان الذين أطلقوا عليها إسم "البايلا" وهي خليط من اللحوم الحمراء والبيضاء والأسماك والطيور والخضر والروز.
◄ السلطة السادسة
لأول مرة في تاريخ الحروب تختفي الصورة وتعوّض بالكلمات بالرغم من أننا في عصر الصورة، فهل هناك ما تخفيه فرنسا في حربها على شمال مالي الترقي العربي؟ عندما احتل الصحافيون البريطانيون مقصورة إلى جانب مقصورات الحكومة والقضاء واللوردات أطلق عليهم إسم "السلطة الرابعة" التي تحولوا إلى سلطة"رأي عام"، وعندما إحتلت أمريكا أفغانستان ثم العراق وأرادت إخفاء جرائمها منعت الصحافة من تغطيتها، ولجأت إلى فريق من الصحافيين لمرافقة جيوشها أطلقت عليه اسم "السلطة الخامسة" وهو ينقل الأخبار ويوزعها حسب وجهة نظرها، فهل تريد فرنسا الاقتداء بها بإنشاء "سلطة سادسة"؟ للتعتيم الإعلامي حول ما يحدث في شمال مالي.
يبدو أن الجماعات المسلّحة التي كانت تحارب العرب والتوارق في شمال مالي أصبحت أشباحًا ولهذا فضلت فرنسا عدم تصوير ما تقوم به طائراتها من قتل وتشريد للسكان الأصليين إلى جانب ما تقوم به جيوشها من قتل وتنكيل لمن تشتم فيهم رائحة العرب والتوارق، إنها صور بشعة وفظيعة لمواطنين ماليين يسحلون في الشوارع وتنهب بيوتهم ومتاجرهم، وكأن الحرب التي ت.....ها فرنسا بجيوش إفريقية جاءت للإنتقام من المسلمين، إن الصورة تشبه تلك الصور التي عشناها خلال الثورة الجزائرية 1954- 1962م عندما كانت الجيوش الفرنسية تستعين بالأفارقة لقتل الجزائريين وسحلهم في القرى والمداشر.
لا أحد يستطيع أن يقنعنا بأن فرنسا قد تحقق نصرًا على من تسميهم "المتشددين الإسلاميين"لأنها بإنتهاكها لحقوق الإنسان في مالي أعطت شرعية للمقاومة وربما يتمكن المسلحون من كسب عطف ودعم المواطنين الذين بدأوا يقتنعون بأنه لا فرق بين أعمال المسلحين وما تقوم به الجيوش الفرنسية الإفريقية، وإذا قامت ديمقراطية حقيقية في مالي التي يدين 90 % من سكانها بالإسلام و5 % بالمسيحية و5 % " وثنيون" فإن الإسلاميين سيصلون إلى السلطة في مالي، فهل تستطيع فرنسا أن تمنع الماليين من ممارسة حقهم في إختيار من يمثلهم؟.
إن محاربة العنف أو التطرف لا يعني قتل أصحابه أو إستئصالهم وإنما يتطلب نزع الفكرة والأسباب المولدة لها من الأذهان، فالحروب لا تحرر الأذهان ولكنها تزيدها ظلامًا وحقدًا، ولم نجد في تاريخ الحروب أن شعبًا تحرر من أفكاره المسبقة بل إن ما تركته من جروح لدى الشعوب أكثر ممّا تركته الجماعات المتطرفة من ضحايا بين هذه الشعوب.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى