- achwak
- الجنس :
عدد المساهمات : 4671 نقاط التميز : 11973 تاريخ التسجيل : 24/03/2011 العمر : 47
وضعية النقد الأدبي في الجزائر..
السبت 9 فبراير - 16:46
حرب معلنة وحالة من التشنّج على ''الفايسبوك'' بين النقّاد وروائيي الجيل الجديد..
برزت، في الآونة الأخيرة، حالة من الغليان، وردود أفعال متضاربة، ومتشنّجة. وشاهدنا حالة من الهستيريا بخصوص النقد الأدبي في الجزائر، من زاوية تناوله لرواية الجيل الجديد. فالنقاد من جهة يتّهمون الجيل الجديد بالعجز عن بلوغ مرحلة روائية مقبولة إبداعيا، بينما يرى الجيل الجديد أن ''نقد النقاد'' لا يتعدّى كونه تحاملا على ما كتبه هذا الجيل من أعمال روائية، ولا يرى في محاولات النقاد سوى ضرب من ضروب السعي لتكسير منجزه الإبداعي. فالعلاقة بين النقد والروائيين أضحت مضطربة وغير سوية، ونشبت حرب معلنة على ''الفايسبوك'' بين نقاد يريدون التحلي بالصرامة العلمية، وروائيين من الجيل الجديد يردّون ''الصاع صاعين'' كما يقال، فرفضوا الاعتراف بنقد أدبي يقوم على ''الرفض أو التجاهل''.
الدكتور السعيد بوطاجين
قررت الانسحاب من الفضاء النقدي
يتصور سعيد بوطاجين أنّ النقد الذي يتخذ موقفا من العمل الأدبي آيل إلى الانحسار لعدة أسباب موضوعية. وقال في تصريح ل''الخبر'': ''ثمّة تجاوزات كثيرة تجعل النقد مرتبكا، وخاصة في ظلّ ما يسوّق حاليّا من آراء ومواقف مضادة للفعل النقدي، وتحديدا ما له علاقة بالجانب الأكاديمي، أو بالنقد الواعي الذي يصدر عن معرفة بالشأن الجمالي والسردي واللساني والمعجمي. لنقل إنّنا نكنّ عداوة للموقف النقدي الذي يتأسّس على أساس قادر على القراءة والتمييز، وهذا ما يتجلّى في تصريحات بعض الكتّاب الذين يدعون إلى تحييد النقد الجامعي، وفي التهجّم على الكفاءات المكرّسة وطنيا وعربيا''.
وأضاف: ''الوضع الإبداعي الحالي لا يشجّع على اتخاذ الموقف، لا إيجابا ولا سلبا. وليس هناك مبررات للاستمرار في الكتابة عن أدب يريد من الآخر أن يكون ذيلا له، أو صدى باهتا لصوت الكاتب، كيفما كان هذا الكاتب''، مضيفا أن ''الكتابة تريد أن تبتلع كلّ شيء تخطّه على الورق، ودون أدنى ملاحظة. وذاك ما ترسّخ في الأذهان. ما يعني أنّ المنجز السردي اكتمل فنيا وبنائيا ولم يبق سوى التهليل له، وبكلّ العلامات المتوفرة لدى القارئ المنبّه. ومن ثمّ وجب التفكير جديا في نقد موالٍ، أو متواطئ، نقد لا يبصر سوى إيجابيات المبدعين على تبايناتهم. إنّ هذا النقد الاشتراكي هو الكفيل بتجاوز الجدل الحالي الذي لا أساس له ولا رأس''. وحسب المتحدث، فإنّ الناقد ليس ملزما، لا أخلاقيا ولا أكاديميا، بتزكية الخطأ والفشل، كما إن موضوعيته لا تسمح له بنكران عبقرية الكاتب وجهده، بيد أنّ المداهنات ليست حلاّ، وهي كثيرة، إن لم تكن قاعدة حلت محلّ الاستثناء''. وعليه كشف بوطاجين أنه منسحب، وبرر ذلك قائلا: ''لست مستعدا حاليا لكتابة أيّ مقال نقديّ يكشف عن فقر هذا أو ذاك، ما لم تتوفر ''الظروف الأمنية'' المناسبة للحديث عن إيجابياتنا وسلبياتنا. لقد أصبحت بعض الكتابات أشبه ما تكون بالكتب السماوية، لذلك لا يمكن المساس بقداستها. إنّنا نكرّر أخطاء السابقين بتنويعات أخرى. لقد قتلنا الأب وخلقنا أبوّة أكثر شمولية''.
محمد ساري
الجيل الجديد لا يقبل أي وجهة نظر
يرى الكاتب محمد ساري أنه في حال محاولة أحد الأكاديميين كسر القوقعة ليطل على الصحافة بآرائه، مثلما فعل حبيب مونسي مؤخرا، حينما تكلّم عن الرواية الجديدة مرتكزا على قراءاته النظرية لتقييم النصوص الروائية، ارتفعت أصوات كثيرة ناقمة لتسكته، وعبر كلام اخترق جميع أصول الحوار الثقافي والفكري.
وقال ساري: ''لقد وجدت هذه الأصوات الناقمة، والمادحة أيضا، قناة الفايسبوك كجسر لتمرّر عبره كل ما هبّ دبّ من الكلام. صحيح أنّ الفايسبوك وسيلة ديمقراطية يستخدمها الجميع، بلا رقابة، للتعبير عن آرائهم، ولكن هناك مجالات أدبية وفكرية لا يدخلها إلا الراسخون في العلم. وقد شارك في الحملة من لم يقرأ في حياته كتابا نقديا ولا رواية. وهذه ظاهرة سلبية تسيء إلى المعرفة النقدية والحوار الحضاري معا''، مضيفا ''وقد رأينا أيضا الحملة الشرسة عند الإعلان عن القائمتين الطويلة والقصيرة لجائزة البوكر العربية، وتكلم الناس كما لو أنهم أمام مقابلة لكرة القدم، يناصرون فريقهم وإن كان من أضعف الفرق، بل هناك من حوّل الجائزة إلى صراع سياسي وحملة مشرقية ضد الجزائر دون حتى قراءة النصوص الروائية محل التمييز.. هذا مقبول إلى حدّ ما في الرياضة ولكنه مضرّ في مسائل الفكر والأدب. أظن أنّ للصحف إمكانية إعادة هيبة النقد الأدبي بفتح ملاحق أدبية تسنَد للمتخصِّصين الذين سيقومون بغربلة ما يُنشَر من نقد وإبداع''.
إبراهيم صحراوي
النقد مجرّد إخوانيات
أصبح النقد اليوم، والأدبي منه خصوصا، حسب الأستاذ إبراهيم صحراوي، مجرد إخوانيات في معظمه، خصوصا ما يصل منه إلى الجمهور العريض عبر وسائل الإعلام والوسائط المختلفة. وتحدث صحراوي عن هذا الوضع بقوله: ''الواقع أن الإخوانيات ليست جديدة فيه، بل الجديد هو غلبتها عليه واستئثارها به ما جعله مجرد أحكام قيمية وانطباعات شخصية تفتقر إلى الحدّ الأدنى من المقبولية. ويعود ذلك إلى أسباب عدّة: منها انعدام الكفاءة النقدية عند كثير ممن يزعمون أنفسهم نقادا، ذلك أن ممارسة النقد الأدبي تستلزم مثل غيرها في المجالات الأخرى مستوى معرفيا مُعينا يؤمِّن حدّا أدنى من الاطلاع على النظريات والمناهج وتطبيقاتها، وهناك عدم تقبُّل النقد من المعنيين به في كلّ المستويات وضيق صدورهم بالملاحظات المُسجَّلة على أعمالهم غرورا وانتفاخا، وإذا كان هذا مفهوما إلى حدٍّ ما من الكتاب المُكرَّسين فإنّه غير مفهوم البتة من المبتدئين في الكتابة والمتطفِّلين عليها، الذين كثيرا ما يتهرّبون من النقاش وينحرفون به بدعاوى الإقصاء والغرور والتكبُّر وهيمنة الشيوخ..الخ، لتغطية عجزهم وعدم رسوخ قدمهم في المجال''.
لأجل هذا كلِّه انصرف النقاد الحقيقيون، الأكاديميون منهم خصوصا، حسب صحراوي، إلى النشر في المجلات والدوريات المُتخصِّصة المُحكّمة أو الثقافية العامّة، أو حتى اليوميات العربية المشرقية والخليجية أو المهاجرة، التي تُفرد صفحات واسعة لهذا النوع من الكتابة، ولكلّ أنواع ومجالات الفكر الأخرى، وتُثمِّنه، ماديا ومعنويا، معتبرا أنه لا يمكن، بأيّ حال من الأحوال، الإشارة إلى الانفجار الكبير في وسائل الاتصال الاجتماعي، وعلى رأسها الفايسبوك وتويتر، التي ألغت الحواجز بين النقد والكلام العادي الفارغ، الذي هو جعجعة لفظية وثرثرة لا غير، إضافة إلى إلغائها الحواجز بين الأفراد أنفسهم.
فيصل الأحمر
النقد الجامعي يفتقر إلى الشجاعة
يسود عندنا نمطان رئيسيان من النقد، هما النقد الجامعي والنقد الصحفي غير المتخصص.. وهذا يجعلنا نفتقد إلى النمط النقدي الهام الذي هو النقد الصحفي المتخصص، وهذا هام وضروري لحركيته، فهو دوري، ولقدرته على تقديم النصوص وإعطاء أحكام غير سطحية ولا جاهزة ولا متحيّزة حول النصوص.
يميل النقد الجامعي إلى أمرين كلاهما سيء بالنسبة للرواية الجديدة عندنا.. الأول هو تسليط المناهج الغربية. ولهذا السلوك دور سيء جدا هو إدخال جميع النصوص في قوالب جاهزة مفرغة من الحياة، يصبح النقد بحكمها استعادة معلومات وتكرارا للمحفوظات تحت قعقعة الأسماء الغربية المشهورة في النقد، بدلا من لعب دوره الحقيقي الذي هو استكشاف منابع الجمال ومواطن الجدة والجودة والتميز في هذه النصوص الجديدة، التي يفترض أنها لم تأت إلا لأنها أتت بجديد. ووسط هذا الغموض المفهومي الكبير، تترعرع الرواية الجديدة بحيوية كبيرة باحثة لنفسها عن مكان إلى جانب رواد كبار في السن يملكون ركاما من النصوص متفاوتة المستوى، ويملكون، خاصة، جمهورا صحفيا وجامعيا يحتفي بأعمالهم كلها، ويهلل لكل ما يصدر دون تمييز ولا غربلة. يحاول الروائيون أنفسهم أن يجدوا صدى معينا لأعمالهم، من خلال العلاقات الشخصية والمبادرات الفردية، وخصوصا على الأنترنت وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
عبد الرزاق بوكبة
نعاني من منظومة جامعية متقوقعة
إننا نعاني من منظومة جامعية متقوقعة، ومنظومة نشر وتوزيع فوضوية، ومنظومة إعلام مميّعة، كل ذلك في ظلّ قطائع سلبية بين هذه المنظومات تجعل أي مشروع نقدي بلا جدوى، وهو المعطى الذي أسّس لظاهرة ''الحرفة'' الروائية في الجزائر، إما إلى فرنسا أو إلى المشرق العربي. وهي ظاهرة أسست لظاهرة موازية تتمثل في استحواذ الأسماء القليلة التي تلمع هناك على الرقعة النقدية هنا، في إطار عقدة الانبهار التي باتت تتحكم فينا.
إن قليلا من التأمل في ما ''تحظى'' به الرواية من اهتمام نقدي عندنا، يجعلنا نلمس تشبّع هذا النقد بالأمراض التي باتت تنخر المنظومة الجزائرية، سياسيا واجتماعيا، من جهوية ومحاباة على حساب المعايير الفنية، باستثناء بعض الفرديات النزيهة والمهمومة بالسؤال النقدي المتعالي عن هذه الخلفيات، والتي تجد نفسها غالبا محاصرة ومطوقة بالتهميش.
خليل حشلاف (روائي)
الناقد يريد أن يثني القراء عن قراءة الرواية
لابد من عودة الناقد المتابع لكل ما يكتب من أعمال، سواء تناسب ذلك مع ذوقه أم لا، أسوة بما يكتب في الشرق والغرب، وأن لا يكون الناقد من عبدة الأصنام. ليس هناك كاتب كبير في السن وله أفضال على الثقافة والأدب، فالفن لا يحتاج إلى مجاملات. وقد ظل هذا المثال يلمع في ذهني عن النقد الموضوعي المتابع لكل جديد. والظاهرة الأخرى، والغربية، هي ممارسة النقد التقييمي بحدة على الكتّاب الشباب، كما ألاحظ أن هناك هجمة لا أعرف إن كانت مقصودة على الرواية الجديدة. كل يوم يخرج علينا أحدهم ويذكر عيوب هذه الرواية من وجهة نظره، دون أن يعين الكاتب واسم الرواية. أليس هذا نوعا من التعميم حين يقول للقراء ''حذار، إنه روائي شاب غير ناضج، لا تقرأه''. ما هي مواصفات الرواية الناضجة التي تليق بكم؟ أليس هذا النوع من التقييم الذي يسقط في التعميم، يبرئ الجميع ويتهم الجميع هو كارثة ووبال على الرواية الشبابية.
عبد الباقي قربوعة (روائي)
النقد أصبح يكتفي بالمعتاد والمبتذل
إن الناقد يشعر بالغربة والمغامرة حينما ينوي الخروج عن النمطية المألوفة في رسم تشكيل الساحة الثقافية وتصنيفها، خصوصا ما يعني المُنتج الأدبي الذي تطرحه الروائية، ويكتفي بالحيز المعتاد والمبتذل على أنه هو الواجهة الرسمية للرواية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كأن النقد يكتفي بمن نزح إليه من النصوص إلحاحا بحركة أشبه بالزئبقية، ويقتصر على ما وصل إليه بضغوط خارج النص كالمحاباة والخدمات المشتركة والمتبادلة، ومنها تشابه الأمزجة، خصوصا القناعات الأخلاقية المختلفة، في مناورة لإبراز تكتل من المبدعين يصب في مصلحة أو إيديولوجية واحدة، كل هذه التفاصيل تحدد موقفا مشوها للمنتج الأدبي، وترسم صورة كاذبة ومغلوطة لمستوى الكتابة.
قلولي بن ساعد (كاتب وناقد)
هناك من يتخذ النقد وسيلة للابتزاز
هناك انسياق في الكتابة النقدية نحو ما هو مضر بالممارسة النقدية، وهو نوع من الوأد، لإقصاء أي عملية تجديد أو مساءلة جذرية داخل فضاء ثقافي بدأت تتسع الهوة فيه بين النخب الثقافية المتجذرة في تربتها المنتمية إلى عصرها، وبين تكتلات فئوية وجهوية مسيطرة، اتخذت من الإبداع والنقد وسيلة ابتزاز تتجاوز في مداها وتصوراتها الوجه الحقيقي للإبداع والمكابدات الإبداعية والفكرية الخالصة، التي يسعى إليها الكتاب والنقاد الجديرون بالاحترام فعلا، لما يحملون من هموم ومحبة جارفة للكتابة والحياة، تقاوم بعناد، وتحافظ بإصرار على قيم الوجود والكتابة والاختلاف.
منى بشلم (قاصة وروائية)
هناك ميل للرفض أو التجاهل
تطفو للساحة الأدبية ظاهرة غير مسبوقة، في مقاربة الرواية الجديدة، وهي أن النقد يقابلها بالرفض، أو التجاهل، من ذلك مثلا الرفض الذي قوبلت به الرواية الجديدة في فرنسا من قِبل النقد الأكاديمي آنذاك، حتى أنها وسمت باللارواية. فقصور الأداة النقدية هو سبب الانتقاد الذي وجّه لها. هذا ما وجدته في مطلع هذا الموسم الأدبي، حين قرأت نقدا لاذعا وجّه لرواية صدرت حديثا من صحفي عاب على مؤلفها ما كان يجب أن يشيد به. في هذه الحالة نحن نتحدث عن افتقاد الخلفية المعرفية أو غيابها أساسا، وهنا يقصر النقد عن أداء مهمته في كشف وتأويل جماليات الرواية. وهناك الحالة العكسية وهي أن يمتلك الناقد من المعرفة النقدية ما يجعله يستصغر ما يقرأه من روايات محلية، في حين أن عليه أن يكون متناغما معها، مسايرا لها، باحثا عن خصوصياتها.
برزت، في الآونة الأخيرة، حالة من الغليان، وردود أفعال متضاربة، ومتشنّجة. وشاهدنا حالة من الهستيريا بخصوص النقد الأدبي في الجزائر، من زاوية تناوله لرواية الجيل الجديد. فالنقاد من جهة يتّهمون الجيل الجديد بالعجز عن بلوغ مرحلة روائية مقبولة إبداعيا، بينما يرى الجيل الجديد أن ''نقد النقاد'' لا يتعدّى كونه تحاملا على ما كتبه هذا الجيل من أعمال روائية، ولا يرى في محاولات النقاد سوى ضرب من ضروب السعي لتكسير منجزه الإبداعي. فالعلاقة بين النقد والروائيين أضحت مضطربة وغير سوية، ونشبت حرب معلنة على ''الفايسبوك'' بين نقاد يريدون التحلي بالصرامة العلمية، وروائيين من الجيل الجديد يردّون ''الصاع صاعين'' كما يقال، فرفضوا الاعتراف بنقد أدبي يقوم على ''الرفض أو التجاهل''.
الدكتور السعيد بوطاجين
قررت الانسحاب من الفضاء النقدي
يتصور سعيد بوطاجين أنّ النقد الذي يتخذ موقفا من العمل الأدبي آيل إلى الانحسار لعدة أسباب موضوعية. وقال في تصريح ل''الخبر'': ''ثمّة تجاوزات كثيرة تجعل النقد مرتبكا، وخاصة في ظلّ ما يسوّق حاليّا من آراء ومواقف مضادة للفعل النقدي، وتحديدا ما له علاقة بالجانب الأكاديمي، أو بالنقد الواعي الذي يصدر عن معرفة بالشأن الجمالي والسردي واللساني والمعجمي. لنقل إنّنا نكنّ عداوة للموقف النقدي الذي يتأسّس على أساس قادر على القراءة والتمييز، وهذا ما يتجلّى في تصريحات بعض الكتّاب الذين يدعون إلى تحييد النقد الجامعي، وفي التهجّم على الكفاءات المكرّسة وطنيا وعربيا''.
وأضاف: ''الوضع الإبداعي الحالي لا يشجّع على اتخاذ الموقف، لا إيجابا ولا سلبا. وليس هناك مبررات للاستمرار في الكتابة عن أدب يريد من الآخر أن يكون ذيلا له، أو صدى باهتا لصوت الكاتب، كيفما كان هذا الكاتب''، مضيفا أن ''الكتابة تريد أن تبتلع كلّ شيء تخطّه على الورق، ودون أدنى ملاحظة. وذاك ما ترسّخ في الأذهان. ما يعني أنّ المنجز السردي اكتمل فنيا وبنائيا ولم يبق سوى التهليل له، وبكلّ العلامات المتوفرة لدى القارئ المنبّه. ومن ثمّ وجب التفكير جديا في نقد موالٍ، أو متواطئ، نقد لا يبصر سوى إيجابيات المبدعين على تبايناتهم. إنّ هذا النقد الاشتراكي هو الكفيل بتجاوز الجدل الحالي الذي لا أساس له ولا رأس''. وحسب المتحدث، فإنّ الناقد ليس ملزما، لا أخلاقيا ولا أكاديميا، بتزكية الخطأ والفشل، كما إن موضوعيته لا تسمح له بنكران عبقرية الكاتب وجهده، بيد أنّ المداهنات ليست حلاّ، وهي كثيرة، إن لم تكن قاعدة حلت محلّ الاستثناء''. وعليه كشف بوطاجين أنه منسحب، وبرر ذلك قائلا: ''لست مستعدا حاليا لكتابة أيّ مقال نقديّ يكشف عن فقر هذا أو ذاك، ما لم تتوفر ''الظروف الأمنية'' المناسبة للحديث عن إيجابياتنا وسلبياتنا. لقد أصبحت بعض الكتابات أشبه ما تكون بالكتب السماوية، لذلك لا يمكن المساس بقداستها. إنّنا نكرّر أخطاء السابقين بتنويعات أخرى. لقد قتلنا الأب وخلقنا أبوّة أكثر شمولية''.
محمد ساري
الجيل الجديد لا يقبل أي وجهة نظر
يرى الكاتب محمد ساري أنه في حال محاولة أحد الأكاديميين كسر القوقعة ليطل على الصحافة بآرائه، مثلما فعل حبيب مونسي مؤخرا، حينما تكلّم عن الرواية الجديدة مرتكزا على قراءاته النظرية لتقييم النصوص الروائية، ارتفعت أصوات كثيرة ناقمة لتسكته، وعبر كلام اخترق جميع أصول الحوار الثقافي والفكري.
وقال ساري: ''لقد وجدت هذه الأصوات الناقمة، والمادحة أيضا، قناة الفايسبوك كجسر لتمرّر عبره كل ما هبّ دبّ من الكلام. صحيح أنّ الفايسبوك وسيلة ديمقراطية يستخدمها الجميع، بلا رقابة، للتعبير عن آرائهم، ولكن هناك مجالات أدبية وفكرية لا يدخلها إلا الراسخون في العلم. وقد شارك في الحملة من لم يقرأ في حياته كتابا نقديا ولا رواية. وهذه ظاهرة سلبية تسيء إلى المعرفة النقدية والحوار الحضاري معا''، مضيفا ''وقد رأينا أيضا الحملة الشرسة عند الإعلان عن القائمتين الطويلة والقصيرة لجائزة البوكر العربية، وتكلم الناس كما لو أنهم أمام مقابلة لكرة القدم، يناصرون فريقهم وإن كان من أضعف الفرق، بل هناك من حوّل الجائزة إلى صراع سياسي وحملة مشرقية ضد الجزائر دون حتى قراءة النصوص الروائية محل التمييز.. هذا مقبول إلى حدّ ما في الرياضة ولكنه مضرّ في مسائل الفكر والأدب. أظن أنّ للصحف إمكانية إعادة هيبة النقد الأدبي بفتح ملاحق أدبية تسنَد للمتخصِّصين الذين سيقومون بغربلة ما يُنشَر من نقد وإبداع''.
إبراهيم صحراوي
النقد مجرّد إخوانيات
أصبح النقد اليوم، والأدبي منه خصوصا، حسب الأستاذ إبراهيم صحراوي، مجرد إخوانيات في معظمه، خصوصا ما يصل منه إلى الجمهور العريض عبر وسائل الإعلام والوسائط المختلفة. وتحدث صحراوي عن هذا الوضع بقوله: ''الواقع أن الإخوانيات ليست جديدة فيه، بل الجديد هو غلبتها عليه واستئثارها به ما جعله مجرد أحكام قيمية وانطباعات شخصية تفتقر إلى الحدّ الأدنى من المقبولية. ويعود ذلك إلى أسباب عدّة: منها انعدام الكفاءة النقدية عند كثير ممن يزعمون أنفسهم نقادا، ذلك أن ممارسة النقد الأدبي تستلزم مثل غيرها في المجالات الأخرى مستوى معرفيا مُعينا يؤمِّن حدّا أدنى من الاطلاع على النظريات والمناهج وتطبيقاتها، وهناك عدم تقبُّل النقد من المعنيين به في كلّ المستويات وضيق صدورهم بالملاحظات المُسجَّلة على أعمالهم غرورا وانتفاخا، وإذا كان هذا مفهوما إلى حدٍّ ما من الكتاب المُكرَّسين فإنّه غير مفهوم البتة من المبتدئين في الكتابة والمتطفِّلين عليها، الذين كثيرا ما يتهرّبون من النقاش وينحرفون به بدعاوى الإقصاء والغرور والتكبُّر وهيمنة الشيوخ..الخ، لتغطية عجزهم وعدم رسوخ قدمهم في المجال''.
لأجل هذا كلِّه انصرف النقاد الحقيقيون، الأكاديميون منهم خصوصا، حسب صحراوي، إلى النشر في المجلات والدوريات المُتخصِّصة المُحكّمة أو الثقافية العامّة، أو حتى اليوميات العربية المشرقية والخليجية أو المهاجرة، التي تُفرد صفحات واسعة لهذا النوع من الكتابة، ولكلّ أنواع ومجالات الفكر الأخرى، وتُثمِّنه، ماديا ومعنويا، معتبرا أنه لا يمكن، بأيّ حال من الأحوال، الإشارة إلى الانفجار الكبير في وسائل الاتصال الاجتماعي، وعلى رأسها الفايسبوك وتويتر، التي ألغت الحواجز بين النقد والكلام العادي الفارغ، الذي هو جعجعة لفظية وثرثرة لا غير، إضافة إلى إلغائها الحواجز بين الأفراد أنفسهم.
فيصل الأحمر
النقد الجامعي يفتقر إلى الشجاعة
يسود عندنا نمطان رئيسيان من النقد، هما النقد الجامعي والنقد الصحفي غير المتخصص.. وهذا يجعلنا نفتقد إلى النمط النقدي الهام الذي هو النقد الصحفي المتخصص، وهذا هام وضروري لحركيته، فهو دوري، ولقدرته على تقديم النصوص وإعطاء أحكام غير سطحية ولا جاهزة ولا متحيّزة حول النصوص.
يميل النقد الجامعي إلى أمرين كلاهما سيء بالنسبة للرواية الجديدة عندنا.. الأول هو تسليط المناهج الغربية. ولهذا السلوك دور سيء جدا هو إدخال جميع النصوص في قوالب جاهزة مفرغة من الحياة، يصبح النقد بحكمها استعادة معلومات وتكرارا للمحفوظات تحت قعقعة الأسماء الغربية المشهورة في النقد، بدلا من لعب دوره الحقيقي الذي هو استكشاف منابع الجمال ومواطن الجدة والجودة والتميز في هذه النصوص الجديدة، التي يفترض أنها لم تأت إلا لأنها أتت بجديد. ووسط هذا الغموض المفهومي الكبير، تترعرع الرواية الجديدة بحيوية كبيرة باحثة لنفسها عن مكان إلى جانب رواد كبار في السن يملكون ركاما من النصوص متفاوتة المستوى، ويملكون، خاصة، جمهورا صحفيا وجامعيا يحتفي بأعمالهم كلها، ويهلل لكل ما يصدر دون تمييز ولا غربلة. يحاول الروائيون أنفسهم أن يجدوا صدى معينا لأعمالهم، من خلال العلاقات الشخصية والمبادرات الفردية، وخصوصا على الأنترنت وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
عبد الرزاق بوكبة
نعاني من منظومة جامعية متقوقعة
إننا نعاني من منظومة جامعية متقوقعة، ومنظومة نشر وتوزيع فوضوية، ومنظومة إعلام مميّعة، كل ذلك في ظلّ قطائع سلبية بين هذه المنظومات تجعل أي مشروع نقدي بلا جدوى، وهو المعطى الذي أسّس لظاهرة ''الحرفة'' الروائية في الجزائر، إما إلى فرنسا أو إلى المشرق العربي. وهي ظاهرة أسست لظاهرة موازية تتمثل في استحواذ الأسماء القليلة التي تلمع هناك على الرقعة النقدية هنا، في إطار عقدة الانبهار التي باتت تتحكم فينا.
إن قليلا من التأمل في ما ''تحظى'' به الرواية من اهتمام نقدي عندنا، يجعلنا نلمس تشبّع هذا النقد بالأمراض التي باتت تنخر المنظومة الجزائرية، سياسيا واجتماعيا، من جهوية ومحاباة على حساب المعايير الفنية، باستثناء بعض الفرديات النزيهة والمهمومة بالسؤال النقدي المتعالي عن هذه الخلفيات، والتي تجد نفسها غالبا محاصرة ومطوقة بالتهميش.
خليل حشلاف (روائي)
الناقد يريد أن يثني القراء عن قراءة الرواية
لابد من عودة الناقد المتابع لكل ما يكتب من أعمال، سواء تناسب ذلك مع ذوقه أم لا، أسوة بما يكتب في الشرق والغرب، وأن لا يكون الناقد من عبدة الأصنام. ليس هناك كاتب كبير في السن وله أفضال على الثقافة والأدب، فالفن لا يحتاج إلى مجاملات. وقد ظل هذا المثال يلمع في ذهني عن النقد الموضوعي المتابع لكل جديد. والظاهرة الأخرى، والغربية، هي ممارسة النقد التقييمي بحدة على الكتّاب الشباب، كما ألاحظ أن هناك هجمة لا أعرف إن كانت مقصودة على الرواية الجديدة. كل يوم يخرج علينا أحدهم ويذكر عيوب هذه الرواية من وجهة نظره، دون أن يعين الكاتب واسم الرواية. أليس هذا نوعا من التعميم حين يقول للقراء ''حذار، إنه روائي شاب غير ناضج، لا تقرأه''. ما هي مواصفات الرواية الناضجة التي تليق بكم؟ أليس هذا النوع من التقييم الذي يسقط في التعميم، يبرئ الجميع ويتهم الجميع هو كارثة ووبال على الرواية الشبابية.
عبد الباقي قربوعة (روائي)
النقد أصبح يكتفي بالمعتاد والمبتذل
إن الناقد يشعر بالغربة والمغامرة حينما ينوي الخروج عن النمطية المألوفة في رسم تشكيل الساحة الثقافية وتصنيفها، خصوصا ما يعني المُنتج الأدبي الذي تطرحه الروائية، ويكتفي بالحيز المعتاد والمبتذل على أنه هو الواجهة الرسمية للرواية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كأن النقد يكتفي بمن نزح إليه من النصوص إلحاحا بحركة أشبه بالزئبقية، ويقتصر على ما وصل إليه بضغوط خارج النص كالمحاباة والخدمات المشتركة والمتبادلة، ومنها تشابه الأمزجة، خصوصا القناعات الأخلاقية المختلفة، في مناورة لإبراز تكتل من المبدعين يصب في مصلحة أو إيديولوجية واحدة، كل هذه التفاصيل تحدد موقفا مشوها للمنتج الأدبي، وترسم صورة كاذبة ومغلوطة لمستوى الكتابة.
قلولي بن ساعد (كاتب وناقد)
هناك من يتخذ النقد وسيلة للابتزاز
هناك انسياق في الكتابة النقدية نحو ما هو مضر بالممارسة النقدية، وهو نوع من الوأد، لإقصاء أي عملية تجديد أو مساءلة جذرية داخل فضاء ثقافي بدأت تتسع الهوة فيه بين النخب الثقافية المتجذرة في تربتها المنتمية إلى عصرها، وبين تكتلات فئوية وجهوية مسيطرة، اتخذت من الإبداع والنقد وسيلة ابتزاز تتجاوز في مداها وتصوراتها الوجه الحقيقي للإبداع والمكابدات الإبداعية والفكرية الخالصة، التي يسعى إليها الكتاب والنقاد الجديرون بالاحترام فعلا، لما يحملون من هموم ومحبة جارفة للكتابة والحياة، تقاوم بعناد، وتحافظ بإصرار على قيم الوجود والكتابة والاختلاف.
منى بشلم (قاصة وروائية)
هناك ميل للرفض أو التجاهل
تطفو للساحة الأدبية ظاهرة غير مسبوقة، في مقاربة الرواية الجديدة، وهي أن النقد يقابلها بالرفض، أو التجاهل، من ذلك مثلا الرفض الذي قوبلت به الرواية الجديدة في فرنسا من قِبل النقد الأكاديمي آنذاك، حتى أنها وسمت باللارواية. فقصور الأداة النقدية هو سبب الانتقاد الذي وجّه لها. هذا ما وجدته في مطلع هذا الموسم الأدبي، حين قرأت نقدا لاذعا وجّه لرواية صدرت حديثا من صحفي عاب على مؤلفها ما كان يجب أن يشيد به. في هذه الحالة نحن نتحدث عن افتقاد الخلفية المعرفية أو غيابها أساسا، وهنا يقصر النقد عن أداء مهمته في كشف وتأويل جماليات الرواية. وهناك الحالة العكسية وهي أن يمتلك الناقد من المعرفة النقدية ما يجعله يستصغر ما يقرأه من روايات محلية، في حين أن عليه أن يكون متناغما معها، مسايرا لها، باحثا عن خصوصياتها.
- اميرة احلامي
- الجنس :
عدد المساهمات : 77 نقاط التميز : 4552 تاريخ التسجيل : 27/02/2013 العمر : 23
رد: وضعية النقد الأدبي في الجزائر..
السبت 2 مارس - 18:42
الله بارك فيك شكراااااااااااااااااااا
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى