- achwak
- الجنس :
عدد المساهمات : 4671 نقاط التميز : 11974 تاريخ التسجيل : 24/03/2011 العمر : 47
سوناطراك والخليفة والـ“26 مليار” أشهر فضائح الفساد منذ الاستقلال خمسون عاما من النهب
الثلاثاء 26 نوفمبر - 14:32
تعددت قضايا الفساد والنتيجة واحدة، لا حديث عن العقاب، والفاعلون يسرحون ويمرحون بل ويجدون متسعا من الوقت لإعادة ضخ ما نهبوه في مشاريع جعلت منهم أثرياء يتحكمون في بطون وجيوب المواطنين. من قضية 26 مليار دولار التي فجرها عبد الحميد براهيمي بداية التسعينات، إلى قنبلة سوناطراك، مرورا بفضيحة القرن مجموعة “الخليفة”، كلها قضايا يتساءل الجزائريون عن سر حفظ ملفاتها في أدراج السلطة التي تظل بتصرفها هذا مشاركا رئيسيا في ما ارتكبوه بحق مال الشعب.
“فضيحة القرن”
إمبراطورية بطلها “الخليفة” والـ75 حراميا
لم تكن قضية الخليفة مجرد “فضيحة قرن” بل “مسلسل القرن” ليس من حيث طول المتابعة القضائية، بل بسبب ما تخفيه في ثناياها من أسرار لا يعرفها إلا المتهم الرئيسي المحصن في بريطانيا، وهو ما يجعل الملف أقرب إلى غرفة الأرشيف المنسي منه إلى غرفة الاتهام أو قاعة الجلسات التي يقف فيها المتهمون والمتورطون مهما كان ثقل أسمائهم، لكن ما الذي يحدث وحدث لتصل قضية بنك خاص إلى مستوى الفضيحة المالية التي تهز بلدا بأكمله؟
عندما فكر الشاب عبد المؤمن خليفة أن يدخل عالم المال والأعمال، لم يكن وحيدا بل سانده ودفعه أناس يدركون أن الوقت قد حان ليظهر للجزائريين أن الخلطة السحرية لنجاح الشباب متوفرة ولو ولدت بعيدا عن رحم السلطة. واستطاع الصيدلي القاطن في الشراقة بالعاصمة أن يضخ ملايير الشعب والمؤسسات في حسابات بنكه الأزرق، ويرسم لهم أحلاما وردية قوامها أرباح ونسبة فوائد خيالية، سرعان ما تبخرت واندثرت رائحتها لتدخل جيبه وجيوب من حوله ومن يدعمه.
كانت البداية في سنة 2002 عندما بدأت أسوار إمبراطورية الفساد تنهار، ومعها تنكشف فضيحة من العيار الثقيل، أبطالها وزراء ومسؤولون كبار وإطارات لم يلعقوا أصابع الخليفة التي مرغت في “عسل خزينة الدولة”، بل غرفوا منها الكثير، ولم تستثن لا عالم السياسة ولا الرياضة ولا الاقتصاد وبلغ مداها إلى التربية والصحافة.
متهمون أم كباش فداء؟
بعد سنوات من التحقيق والتحقيق المضاد، خرجت الفضيحة للعيان أمام مجلس قضاء البليدة، وفي 2007 مثل المتهمون الـ 75المتورطون في فضيحة الخليفة بنك، في غياب المتهم الرئيس عبد المومن خليفة الذي تمكن من الفرار بحماية عالية جدا، وهو يحمل في حقيبته الملايير وفي حسابات أخرى بمختلف العملات.
وحتى إن أدين المتهمون أمام محكمة جنايات البليدة يومها في “مسرحية قضائية” كما وصفها الكثير من المتتبعين، إلا أن احتمال رفع العقوبات المسلطة عليهم شهر مارس 2007، خاصة الصادرة بحقهم أحكام موقوفة التنفيذ، وحتى المستفيدين من البراءة من خلال النظر فيها بعد الاستئناف يبقى مجرد وهم وسراب.
وحتى إن أعيد فتح ملف فضيحة القرن، فإن غياب المتهم الرئيس الذي يكتنز جزءا كبيرا من خيوط القضية، يبقى مجرد فصل آخر من سيناريو مخرج بطريقة ساذجة لا يتقبلها مجنون فما بالك بعاقل.
وإن أدين عبد المؤمن خليفة بعقوبة الإعدام غيابيا، فإن المتهمين الذي ورطهم معه يواجهون تهم “تكوين جمعية أشرار، السرقة الموصوفة، النصب والاحتيال، خيانة الأمانة، والتزوير في محررات رسمية”، لكن في غياب امتثال من وفر لهم كل الإمكانيات والوقت الكافي ليعيثوا في مال الشعب فسادا كما شاؤوا.
وكانت بداية اكتشاف فضيحة القرن مع بنك الجزائر الذي وقف على عجز مالي بـ3.2 مليار دينار أي حوالي 400 مليون دولار في الصندوق الرئيسي لبنك الخليفة، وهو ما كان جليا بالنسبة لشاب ي..... بنكا ويصرف الملايير على الجميع، واتجه لفتح خطوط جوية تحمل اسم “الخليفة للطيران”، وفرعا آخرا للبناء بنفس التسمية، واقتحم مجال القنوات الفضائية.
بداية النهاية
وكان بنك الخليفة الجزء الرئيسي فيما سمي بـ“إمبراطورية الفساد”، حيث كان عبد المؤمن خليفة (38 سنة حينها) يتقرب من الجميع، بل يتقرب من بنكه ووكالاته ووزراء وأبنائهم ومديري شركات وهيئات عمومية، تحصلوا على عمولات ورشاوى وسيارات مقابل إيداعهم كل أموال الموظفين في حسابات جديدة في بنكه، وأن ينسوا إيداعها في البنوك العمومية.
وجعل عبد المؤمن خليفة من الخليج وجهته الاستثمارية الأولى وفرنسا قاعدة خلفية لإمبراطوريته، وصار يقيم الحفلات بمناسبة وبغيرها، وصار أشهر من نار على علم بفضل ملايير ضخت له بلا رقيب ولا حسيب ولا ضمان ولا رهن ولا هم يحزنون.
وبسرعة اشتهر الخليفة في الجزائر وفي فرنسا التي جعل من إقامته الفاخرة في “كان” مكانا لحفلات يحضرها نجوم الفن والسينما، حتى أنه أغدق على مشاهير الفن الفرنسيين وفي مقدمتهم “جيرار دوبارديو” بما لم يكن يحلم به من قبل.
وصارت طائرته الخاصة تطير ما بين الجزائر وكل أنحاء العالم حتى توغل في فرنسا بشكل لافت، ليصبح ممولا رئيسيا لنادي مرسيليا لكرة القدم بأجور الشعب الجزائري، وكل يصفق بما فيهم وزراء المالية وقتها، وفي مقدمتهم مراد مدلسي الذي لم يتعب نفسه ليبحث عن “السر” الكامن وراء الملايير التي تضخ لبنك جديد تأسس بعقد موثق مزور.
وبدأت بوادر سقوط مجموعة الخليفة سنة 2002 عندما اتخذت السلطات الجزائرية قرارا بتجميد عمليات الخليفة بنك إثر اكتشاف اختلاسات وتعاملات مشبوهة.
وترسخت هذه الحقيقة بعد أن أوقفت عناصر الأمن الجزائري سنة 2003 الذراع الأيمن للخليفة ومرافقيه في مطار هواري بومدين وهما يحاولان الهروب بحوالي 2 مليون يورو. ليتم بعدها وفي نفس السنة إعلان إفلاس مجمع الخليفة الذي كان رأس ماله يساوي مليار دولار، وضاعت معه أحلام آلاف الزبائن وتبخرت أموالهم ومنهم من مات بالسكتة القلبية من طول انتظار تعويضه.
وكانت السلطات القضائية الفرنسية حينها قد فتحت من جانبها تحقيقا بشأن الخليفة، وأصدرت محكمة نونتير الفرنسية مذكرة توقيف ضده لاتهامه بالفساد أوقف على إثرها في بريطانيا. ومنذ توقيفه سنة 2007 مازال عبد المومن خليفة في بريطانيا.
“بي.أر.سي”.. 178 مليار دينار في مهب الريح
لا يزال ملف فضيحة تبديد 178 مليار دينار من سوناطراك أو ما يعرف بقضية “بي آر سي” تطرح الجدل، بالنظر إلى كونها واحدة من أثقل وأخطر قضايا الفساد التي غرقت فيها الجزائر لسنوات. ورغم تورط وزير الطاقة السابق شكيب خليل في القضية التي تم فيها إبرام صفقات مشبوهة والحصول على عمولات بالملايير، إلا أنه أفلت منها كالشعرة من العجين.
وتوصلت التحقيقات والخبرة إلى أن الأموال المختلسة تمت بتواطؤ إطارات بشركة “بي أر سي” على رأسهم المدير العام، وذلك في صفقات عقدت مع الشركة الأمريكية التي تحصلت على امتيازات في الفوز من قبل المدير العام المتهم الذي مكنها من الظفر بـ72 صفقة بين 2001 و2005، ما يعادل 4% من قيمة صفقات سوناطراك، منها صفقات بقيمة 57 مليار دينار بالنسبة لوزارة الطاقة و130 مليار دينار في مشاريع عقدت صفقاتها مع وزارة الدفاع الوطني.
كانت البداية مع شركة “براون روث أند كوندور” التي تم حلها بأمر العام 2007، بعد فضيحة الجوسسة التي فصلت فيها المحكمة العسكرية وأدانت المتهم الرئيسي رفقة ضابطين بالجيش بـ30 شهرا حبسا نافذا.
وخلصت نتائج الخبرة إلى أن حجم الخسائر قدر بأكثر من 178 مليار دينار من خلال 72 صفقة مختلفة حازت عليها “بي أر سي” بين 2001 و2005، منها صفقات بقيمة 130 مليار دينار أبرمتها الشركة الأمريكية مع وزارة الدفاع الوطني تتعلق بمشاريع إنجاز المستشفيات العسكرية بالبليدة وقسنطينة، وهي المشاريع التي تم تضخيم أغلب فواتيرها.
ويفيد ملف الفضيحة أن قيمة الصفقات المبرمة مع وزارة الطاقة والمناجم 57 مليار دينار، منها صفقة مشروع إنجاز مقر وزارة الطاقة والمناجم بواد حيدرة بالعاصمة الذي يعد “أهم” صفقة استفادت منها الشركة الأمريكية التي عرفت كيف تمنح الجميع حصته من الكعكة حتى تظفر بملايير الجزائر.
كما ظفرت الشركة المحظوظة جدا بالمشاريع المتعلقة بإنجاز مراكز الخدمات الاجتماعية لشركة سوناطراك كقرى سياحية، منها تلك التي يتم إنجازها بمدينة زرالدة في العاصمة. بالإضافة إلى فواتير الإقامة بفندق الشيراتون التي فاقت تكاليفها الخيال.
ويشير ملف القضية الذي طرح على العدالة وأغرق الجزائر لسنوات في خانة الفساد، إلى أنه تم رفع المخالفات إنجاز بعض مشاريع التنقيب عن البترول، منها منح صفقة بقيمة 47 مليون دولار خاصة بتجهيزات النفط في حقول الاستغلال بمنطقة “ورد النوس” بورڤلة، منحت لشركة “أتمان لاتوي” الأمريكية التي يملكها ويديرها ملياردير إسرائيلي يدعى “بيتي شتاينماتز”، وهو رجل أعمال كون ثروته من تجارة الماس.
الأكثر من هذا كله، فقد بعثت شرطة التحقيقات الدولية “أف بي أي” مؤخرا، تحقيقاتها حول شركة “براون روت أند كوندور” بعد حوالي سبع سنوات من طي محكمة بئر مراد رايس بالعاصمة ملف الشركة المختلطة الجزائرية الأمريكية، ما يعني أن التحقيقات في فضيحة سوناطراك2 والإيقاع بالوزير السابق شكيب خليل باتت مسألة وقت، بعد أن بدأت كل الأوراق تنكشف.
رئيس الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد لـ “الخبر”
“السلطة تحمي الفاسدين”
يرى رئيس الجمعية الجزائرية لمحاربة الفساد جيلالي حجاج أن فضائح الفساد في الجزائر لا ترتبط بالبحبوحة المالية فحسب، لأن الفساد معشش منذ وقت طويل، كما أن حماية السلطة لعدد من الفاسدين يزيد الوضع تأزما، في غياب استقلالية تامة للقضاء وتفعيل دور الهيئات الخاصة بمحاربة الفساد.
هل ارتبط ظهور قضايا الفساد بالجزائر بالبحبوحة المالية، أم أنها قضايا لا تبرز في ظروف مالية محددة؟
ما ميز أحداث السنوات الأخيرة في الجزائر هو الانفجار الذي لم يسبق له مثيل لقضايا الفساد على جميع المستويات وفي جميع القطاعات دون استثناء. هذا الانفجار يرتبط ارتباطا وثيقا بتدفقات عائدات النفط الضخمة دون انقطاع. وهذه الفضائح تؤججها ميزانيات ضخمة وزعتها الحكومة تحت ستار ما يسمى برامج التحفيز الاقتصادي.
في المقابل، سمحت هذه الميزانيات ببروز مافيا قوية من الفساد الكبير والجريمة المنظمة عبر الوطن والتي تبقى في تنامٍ مستمر. وقد تسارعت شبكات أعمالها في غياب تام لأجهزة الرقابة والقمع. وإذا أخذنا برامج الحكومة الثلاثة وهو ما يسمى الانتعاش الاقتصادي والبنية التحتية، فقد تم رصد ما يقارب من 500 مليار دولار، وهذه مبالغ رهيبة.
كل هذا هو النظام العام المضخم بالميزانيات، واستفادت جميع القطاعات الرئيسية من هذا النظام العام: الأشغال العمومية والسكن، والمياه، والنقل، وهذه هي القطاعات التي يوجد فيها أكبر عدد ممكن من الصفقات والمزيد من الفساد. والمؤسف اليوم أن هذا ما يحدث في 60 و70% من الحالات، ويتم منح الصفقات للشركات الأجنبية، سواء كانت أوروبية أو آسيوية، والتي ثبت لدى كل المنظمات الدولية تورطها في الفساد.
هل سلكت هذه الفضائح الكبيرة مسلك العدالة وتوبع فيها المتهمون الحقيقيون؟
❊ تستحق العدالة الجزائرية أن يطلق عليها تسمية “بطل العالم” في بطء المتابعة، ومع أن المجتمع المدني ووسائل الإعلام تبقى المساهم الأكبر في كشف الشكاوى والمطالبة بفتح التحقيقات لإعلام الرأي العام بفضائح الفساد التي ظلت العنوان العريض لكل وسائل الإعلام لفترة طويلة، يبقى كل التصرف بيد الجهات الأمنية المختصة والعدالة.
لكن ولسوء الحظ، فإن الهدف من العدالة التي تسيطر عليها الحكومة لا يعني تطبيق القانون، وإنما منع سريان التحقيقات وسحب التحقيق القضائي، حيث تتلقى بعض الجهات النافذة الحماية. ولهذا يبقى الصمت دليل إدانة لهذه الشخصيات والأطراف الفاسدة وعلى أعلى مستوى.
الأكثر من هذا، فإن غياب عدالة مستقلة يجعل من العدالة مشلولة وتعاني من الاختلالات، وبالتالي لا يمكن ضمان التسيير الديمقراطي لمؤسسات الدولة ككل. ولهذا فضمان استقلال القضاء ينطوي على شرط النزاهة للقضاة وموظفي المحاكم. والوضع في الجزائر بعيد جدا عن هذه الحالة.
لماذا يستثنى من فضائح الفساد الرؤوس الكبيرة؟
فضائح الفساد الكبرى لم تكشف كل أسرارها، وتتوجه الحكومة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة على أرض الواقع من خلال استحداث مؤسسات مختصة في مكافحة الفساد، أفضى إلى ما يشبه الاقتتال الداخلي بين السلطة وعصابات الفساد الكبيرة.
واليوم يجب أن نعلم هناك نوعا من الحماية لأولئك الذين هم على علاقة بالسلطة وأصحاب القوة والنفوذ. والملاحظ في السنوات الأخيرة أن المحكمة العليا أصبحت مقبرة لقضايا الفساد التي اشتبه فيها واتهم وزراء وإطارات، وكمثال عن ذلك فضيحة الخليفة، وفضيحة الوالي السابق للبليدة. والسلطة لديها دائما خيار التضحية بكباش الفداء.
هل هناك إرادة حقيقية للنظام في القضاء على الفساد؟
الإرادة السياسية لمكافحة الفساد لا تقاس أبدا بعدد الخطب والبيانات المتعلقة بمكافحة الفساد، بل بوضع استراتيجية وطنية واضحة مبنية على خطة عمل وجدول زمني دقيق. ولكن حتى الآن، لم يتم عمل شيء في هذا الاتجاه من قبل الحكومة الجزائرية.
الإرادة السياسية ليست كافية، والسلطة تقمع أي فرد من المجتمع المدني يحاول محاربة الفساد. وديوان المحاسبة غائب منذ سنوات، والمفتشية العامة للمالية كذلك. والهيئة الوطنية للوقاية ومكافحة الفساد أنشئت عام 2006 وهي تلتزم الصمت. وفي انتظار تفعيل أجهزة أخرى في نفس الاتجاه، يبقى الفساد ينخر الجزائر من كل جانب.
والحكومة لا تتظاهر فقط في محاربة الفساد شكليا، بل تعمد إلى قمع المنظمات السياسية والنشطاء الذين يدينون الفساد.
تكلفته قفزت إلى 16 مليار دولار
الطريق السيار.. “قضية دولة”
من الفضائح التي هزت البلاد خلال 15 سنة الماضية، ما يعرف بقضية الطريق السيار شرق-غرب الموصوف بمشروع القرن من طرف السلطات العمومية. فرغم انطلاق العمل في المشروع في 2005 إلا أن أقساطا منه لم تسلم بعد أو تخضع للصيانة، وهي التي لم تستغل إلا لفترة قصيرة مثلما يحصل في الشطر الواقع بإقليم ولاية البويرة.
يأتي اعتراف الوزير الحالي للأشغال العمومية فاروق شيعالي الخميس الماضي، والذي يقال إنه كان من أشد المعارضين لطريقة إدارة سلفه وزير النقل الحالي عمار غول، بسبب ما يمكن وصفه بالتجاوزات في منح الصفقات وأيضا التكلفة المرتفعة، ليؤكد أن القاعدة الشائعة في بلدنا هي إهدار المال العام لإرضاء القيادة رغم رداءة الجودة والنوعية.
فبحسب الوزير شيعالي، استهلك المشروع ما لا يقل عن 16 مليار دولار بعدما كنا نسمع عن 7 مليارات ثم 11 مليارا، قبل أن يرتفع الرقم إلى 13 مليارا ثم يقفز إلى 16، وكأن السلطات العمومية تحاول تهوين الرقم بتبريده والتستر عن المهدرين والمبذرين الذين كلما ضاقت بهم السبل وافتضح سوء تسييرهم للملف، لجأوا إلى حيلة إعادة المراجعة والتقييم دون محاسبة المقدرين وواضعي التقديرات الأولية.
وعندما سئل وزير الأشغال العمومية السابق عمار غول عن المتسبب في الارتفاع الصاروخي لتكلفة المشروع، أجاب في مقابلة صحفية مع الزميلة “الجزائر نيوز”، دافع من خلالها عن نفسه محتميا بمظلة المخابرات قائلا “لو كنت متورطا لما أبقتني المخابرات وزيرا”، وأن مجمل المشكلات والضجة التي رافقت إثارة قضية الطريق السيار، بدأت عندما خسر الأمريكيون والفرنسيون الصفقة التي آلت لليابانيين والصينيين.
واتهم الوزير السابق الأمريكيين الذين تقدموا للفوز بالصفقة عبر شركة “بيكتيل” التي يملكها نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني، والفرنسيين الذين دخلوا المنافسة بشركة “فينشي” المقربة من الرئيس الفرنسي السابق .....ولا ساركوزي، كما أوضح أنه بعد الكشف عن العروض، قام الفرنسيون والأمريكيون بإشعال حرب إعلامية ضد مسار منح الصفقة لليابانيين والصينيين.
وعلى الرغم من دخول إطارات السجن لسنوات وتحقيقات قامت بها المخابرات، تمسك غول بأقواله إنه لم يذهب من الغلاف المالي المرصود للمشروع أي سنتيم واحد، وإن الغلاف المالي للطريق السيار لم يوضع من قبل وزارة الأشغال العمومية ولكن قدمه وزير المالية في مجلس الوزراء الذي صادق عليه بحضور رئيس الجمهورية وهو المسؤول عنه سياسيا، مؤكدا على أن الطريق السيار خصص له 11 مليار دولار، “وهي أقل تكلفة مقارنة مع الطرق المنجزة في العالم”.
الجزائر: جلال بوعاتي
إنابات قضائية ومذكرة توقيف والبقية تأتي
فضائح سوناطراك في “الثلاجة”
أصبح الجزائريون ينامون ويصحون في الآونة الأخيرة على أخبار قضايا الفساد التي لم ير أغلبها النور بعد، وبقيت حبيسة أدراج المحاكم لأسباب مجهولة. فقضيتا سوناطراك1 و2 من “الفضائح” التي انفجرت ولم تصل بعد إلى أية نهاية رغم الضجة الإعلامية التي أحدثتهما، لدرجة أنهما أخرجتا الرئيس بوتفليقة عن صمته، والنائب العام لمجلس قضايا الجزائر الذي عقد مؤتمرا صحافيا على غير العادة في مهمة “تنوير الرأي العام”.
لم يلبث الجزائريون أن تجاوزوا فضيحة سوناطراك1 حتى ظهرت بوادر فضيحة أخرى في بيت البقرة الحلوب، ولكن هذه المرة بتفاصيل وأسماء ثقيلة جدا “زلزلت” بيت قصر المرادية، خاصة بعد ضلوع زميل الرئيس بوتفليقة في الثانوية بتلمسان، وزير الطاقة السابق شكيب خليل.
وقد شهدت الشركة التي تنجز 95% من صادرات المحروقات الجزائرية، سلسلة من فضائح الفساد منذ جانفي2010، بعد إقالة رئيسها ومديرها العام محمد مزيان الذي كان يتولى هذا المنصب منذ سبع سنوات.
وتمت إدانة مزيان بعد الاستئناف في ديسمبر 2011 بالسجن سنتين، إحداهما نافذة بتهمة الاختلاس، ثم أدين مسؤولون آخرون في الشركة الوطنية في هذه القضية التي أطلق عليها اسم “سوناطراك1”.
وفي تفاصيل الفضيحة الثانية لرئة الاقتصاد الجزائري، انطلق التحقيق في 10 فيفري 2010، حيث فتحت النيابة العامة لمجلس قضاء الجزائر تحقيقا حول فسادٍ شاب ع.....ا بين مجموعة إيني الإيطالية وسوناطراك، ووعد وزير الطاقة والمناجم الحالي يوسف يوسفي بإبداء “الصرامة” بحق كل شخص متورط فيها.
وفعلا أسقطت التحقيقات اسم وزير الطاقة السابق شكيب خليل وحملته على الاستقالة، ولم يسافر هذا الأخير إلى الولايات المتحدة إلا بعد البدء في تحقيق جديد في فيفري 2013، لتصدر ضده مذكرة توقيف دولية وهو يقيم في بلد لا يسّلم رعاياه.
وحسب ما تناقلته الصحف الإيطالية، فإن مجموعة “سايبام” حصلت في الجزائر على سبعة عقود قيمتها الإجمالية ثمانية مليار أورو. ومن أجل الحصول على تلك الع.....، دفعت المجموعة 197 مليون دولار رشاوى أدرجت في سجل نفقات وساطة من شركة “بارل بارتنرز ليميتد”، وهي الشركة المدرجة لقريب وزير الخارجية السابق فريد بجاوي.
وكانت الإنابات القضائية الموجودة في ملف قضية “سوناطراك1” قد تم ضمها إلى ملف “سوناطراك2”، ووجهت لعدد من الدول تطلب فيها معلومات حول بعض المشتبه في تورطهم في القضية على غرار إيطاليا وسويسرا وكندا، من أجل التحقيق في كل الأملاك العقارية والمنقولة بما فيها الحصص والأسهم التي يملكها المتهمون في الخارج، وجردها حسب تاريخ اقتنائها لكل المتهمين مع تحديد كيفية اقتناء ودفع ثمن الأملاك العقارية إن وجدت، وكذا الحسابات البنكية ورصيدها وملخص للعمليات الحسابية.
وإن كانت العدالة الجزائرية قد خرجت عن صمتها في هذه القضية بعقد مؤتمر صحافي نشطه النائب العام لمجلس قضاء الجزائر حول قضية سوناطراك2، إلا أن القضية لا زالت تسير بسرعة “السلحفاة”، وفي كل مرة تصدر فيها قرارات جديدة، بدأت بإصدار إنابات قضائية إلى إصدار مذكرة توقيف دولية ضد شكيب خليل، لتبقى القضية تسير في نفق مظلم، نهايتها قد تكون في ثلاجة بمكتب وزير العدل الطيب لوح.
الجزائر: رزيقة أدرغال
وفدها هو الأكبر في مؤتمر أممي ببنما
الجزائر ترفض مناقشة تقريرها حول الفساد في الجلسات العلنية
تدرس الدورة الخامسة لمؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي انطلقت أشغالها أمس ببنما، تقريرين جزائريين رسميين حول التدابير التي اتخذتها من أجل مكافحة الفساد على كل المستويات، بينما فرضت الجزائر عدم نشر التقريرين للرأي العام والاكتفاء بدراستهما ضمن لجان فرعية دون الجلسات العلنية.
تنقل إلى بنما وفد جزائري للمشاركة في المؤتمر يتكون من عشرة ممثلين: عن رئاسة الجمهورية ووزارة العدل ووزارة المالية وعن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، والديوان المركزي لمكافحة الفساد.
ويشكل الوفد الجزائري أكبر الوفود المشاركة في المؤتمر، وسجل أن القنوات الرسمية الجزائرية لم تعلن في أي بيان أن وفدا جزائريا يتوجه لبنما للمشاركة في المؤتمر الموصوف دوليا بـ “الهام”، علما أن الحكومة رفضت مشاركة ممثلين عن المجتمع المدني في المؤتمر إلى جانبها، لكن الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد أرسلت تقريرا مضادا للتقرير الرسمي ينتظر مناقشته.
ويشارك 1200 مندوب من 168 دولة في المؤتمر، ويشارك أيضا في أعمال هذه الدورة التي تعقد خلال الفترة من 25 إلى 29 من نوفمبر الجاري، برلمانيين ومنظمات حكومية ومنظمات المجتمع المدني وممثلي القطاع الخاص ووسائل الإعلام .وافتتح الدورة كل من رئيس بنما “ريكاردو مارتيلي” والمدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات “يوري فيدوتوف”.
ويناقش المشاركون جملة من المواضيع المتعلقة بمكافحة الفساد من بينها: كيفية تطبيق بنود معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وما يجب على الدول القيام به لمكافحة الآفة. وطرح مشاركة وفد موسع باسم الجزائر علامات استفهام كبيرة، غير أن رئيس الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد يؤكد أن “الجزائر يهمها أن تضبط مسار معالجة ملفها وفقا لمنظورها، كونها من البداية تحفظت على نشر التقرير الكامل للخبراء الأمميين الذين حلوا بالجزائر شهر ماي الفارط وصاغوا تقريرا لم يكن في مستوى تطلعات أعضاء المجتمع المدني، ولن يُدرس التقرير الخاص بالجزائر في الجلسات العلنية للمؤتمر وإنما يقتصر مناقشته على اللجان الفرعية، كما أن أعضاء المؤتمر لا يوجهون ملاحظات مباشرة بل يسوقونها بصفة عامة على مجمل الدول المشاركة.
وينبع تحفظ الجزائر إزاء تعاطي المنظمة الأممية مع ملفها من منطلق “عدم التدخل في الشؤون الداخلية”، ويقول حجاج إن “الدول المشاركة تعرف أن الجزائر متأخرة في تطبيق الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد”، وينتظر أن تعرف أشغال المؤتمر تغييرات جوهرية في بعض الملفات المطروحة بالنسبة لمكافحة الفساد وحتى الجريمة والمخدرات، ويتعلق الأمر بحماية المبلغين بالفساد من خلال إرساء تدابير يتعين على الدولِ المصادقةِ على الاتفاقية تنفيذُها، وطرح إشكال حماية المبلغين بحدة في الجزائر السنوات الماضية موازاة مع تنامي ملفات الفساد، علما أن الإرادة كانت من وزير العدل السابق محمد شرفي لاتخاذ تدابير بهذا الخصوص، لكنه عُزل عن الوزارة في التعديل الحكومي الأخير.
ولاحظ المشاركون في المؤتمر “نقصا في التعاون الدولي لمكافحة الفساد”، كما أن دولا غربية لا تساهم في التعاون القضائي مع الدول التي تستشري فيها قضايا الفساد.
الجزائر: محمد شراق
لغز بقيمة 26 مليار دولار
قبل أن يعرف الجزائريون قضية الخليفة وسلسلة فضائح سوناطراك، كانت قضية 26 مليار دولار التي فجرها الوزير الأول الأسبق عبد الحميد براهيمي بداية التسعينات، أشهر قضية فساد هزت الجزائر المستقلة، وشغلت الشارع لسنوات حتى بعد طي ملف التحقيق في القضية التي بقيت إلى اليوم لغزا محيرا.
وفي تفاصيل القضية الأكثر شهرة لدى الجزائريين، ألقى الوزير الأول الأسبق عبد الحميد براهيمي في 20 مارس 1990 محاضرة في كلية العلوم الاقتصادية في الخروبة، لم تكن مجرد محاضرة علمية عادية للطلبة لأن ما جاء فيها كان كفيلا بتحريك الرأي العام. إذ صرح أن الجزائر خسرت 26 مليار دولار على مدى 20 سنة في مبادلات تجارية بين الجزائر والخارج.
وتوّصل براهيمي إلى هذه النتيجة حسب ما جاء في المحاضرة بناء على تصريحات مسؤولين كبار في الدولة أكدوا أن الرشوة كانت تمثل 20% في عمليات التجارة الخارجية، حيث استنتج الإبراهيمي أنه إذا تم تحويل ملياريين كل سنة من أموال الدولة أخذت كعمولات ورشاوى، فالنتيجة هي أن الخزينة العمومية خسرت 26 مليار دولار ذهبت إلى وجهات مجهولة.
وأحدثت هذه التصريحات التي جاءت قبيل الانتخابات المحلية سنة 1990 “زلزالا” في الشارع الجزائري الذي فقد ثقته في النظام، وكان يعيش على صفيح ساخن بعد أحداث 5 أكتوبر 1988. وأمام ضخامة المبلغ لم يتقبل المواطن الحديث عن نهب أموال الشعب فيما كانت البلاد غارقة في المديونية، حتى إن لم يدعم صاحب الادعاء كلامه بالأدلة، إلا أن تصريحا يأتي على لسان مسؤول سبق أن تبوأ مركز الوزير الأول كفيل بأن يجعل أقواله في منأى عن الشك.
ولم يمر الرقم 26 مرور الكرام على النظام، إذ تم الإعلان عن لجنة تحقيق برلمانية للنظر في هذه التصريحات. واستمعت اللجنة إلى عبد الحميد براهيمي صاحب التصريحات، وكبار الشخصيات في الدولة ممن تعاقبوا على مراكز المسؤولية من سنة 1970 إلى سنة 1990، ومنهم مسؤولون في المديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الوطني والمخابرات ووزراء سابقون وإطارات في وزارات.
لكن لم يتم الكشف عن نتائج تحقيق اللجنة في التصريحات التي بقيت مجرد كلام، فيما بقي الشارع يتساءل عن مصير الأموال “المنهوبة” التي أصبحت عنوانا لأشهر أغنية تردد في الملاعب في بداية التسعينات “قولولي يا سامعين 26 مليار وين؟”.
الجزائر: سلمى حراز
الأستاذ بوجمعة غشير لـ “الخبر”
“حرية القضاة مقيدة”
أكد رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان الأستاذ بوجمعة غشير، أن القضاة ليسوا أحرارا في التعامل مع قضايا الفساد لأنهم حسب قوله يخضعون لتأثيرات خارجية سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة. فالقاضي يخضع لتأثيرات ربما تكون من مرؤوسه أو وزارة العدل، والمواطن قد ينسى القضية رغم الضجة الإعلامية التي أحدثتها في وسائل الإعلام، على غرار قضية الخليفة. وأبرز بوجمعة في الإطار نفسه أن “المماطلة” في الفصل في هذا النوع من القضايا يفقد مصداقية الإجراءات ويجعل “العدالة لا تتحقق”.
الجزائر: ر. أ
الأستاذ فاروق قسنطيني لـ “الخبر”
“الفصل في قضايا الفساد معقد للغاية”
قال رئيس اللجنة الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني في تصريح لـ“الخبر”، إن قضايا الفساد معقدة جدا لأن ملفاتها تحمل عدة متهمين وأطرافا كثيرة، وهو ما يجعلها تأخذ وقتا طويلا في العدالة. واستدل قسنطيني في هذا السياق بقضية الخليفة التي تعطلت كثيرا أمام المحكمة العليا، حيث فصلت فيها بعد 5 سنوات بالنقض في الحكم الصادر عن جنايات البليدة وإعادة الأطراف إلى المحاكمة من جديد، بينما مدة الفصل في القضايا أمام المحكمة لا تتجاوز العام والنصف كأقصى تقدير، مستغربا من المدة التي استغرقتها واصفا القضية “باللغز”. وأكد المتحدث في السياق ذاته أن للقضاة الحرية المطلقة في التعامل مع القضايا، وهم لا يتعرضون لأية ضغوطات، وإنما سبب وضع قضايا الفساد في أدراج المحاكم يرجع إلى المدة التي تستغرقها التحقيقات، خاصة في القضايا التي تضم إنابات قضائية وفيها متهمون أجانب.
“فضيحة القرن”
إمبراطورية بطلها “الخليفة” والـ75 حراميا
لم تكن قضية الخليفة مجرد “فضيحة قرن” بل “مسلسل القرن” ليس من حيث طول المتابعة القضائية، بل بسبب ما تخفيه في ثناياها من أسرار لا يعرفها إلا المتهم الرئيسي المحصن في بريطانيا، وهو ما يجعل الملف أقرب إلى غرفة الأرشيف المنسي منه إلى غرفة الاتهام أو قاعة الجلسات التي يقف فيها المتهمون والمتورطون مهما كان ثقل أسمائهم، لكن ما الذي يحدث وحدث لتصل قضية بنك خاص إلى مستوى الفضيحة المالية التي تهز بلدا بأكمله؟
عندما فكر الشاب عبد المؤمن خليفة أن يدخل عالم المال والأعمال، لم يكن وحيدا بل سانده ودفعه أناس يدركون أن الوقت قد حان ليظهر للجزائريين أن الخلطة السحرية لنجاح الشباب متوفرة ولو ولدت بعيدا عن رحم السلطة. واستطاع الصيدلي القاطن في الشراقة بالعاصمة أن يضخ ملايير الشعب والمؤسسات في حسابات بنكه الأزرق، ويرسم لهم أحلاما وردية قوامها أرباح ونسبة فوائد خيالية، سرعان ما تبخرت واندثرت رائحتها لتدخل جيبه وجيوب من حوله ومن يدعمه.
كانت البداية في سنة 2002 عندما بدأت أسوار إمبراطورية الفساد تنهار، ومعها تنكشف فضيحة من العيار الثقيل، أبطالها وزراء ومسؤولون كبار وإطارات لم يلعقوا أصابع الخليفة التي مرغت في “عسل خزينة الدولة”، بل غرفوا منها الكثير، ولم تستثن لا عالم السياسة ولا الرياضة ولا الاقتصاد وبلغ مداها إلى التربية والصحافة.
متهمون أم كباش فداء؟
بعد سنوات من التحقيق والتحقيق المضاد، خرجت الفضيحة للعيان أمام مجلس قضاء البليدة، وفي 2007 مثل المتهمون الـ 75المتورطون في فضيحة الخليفة بنك، في غياب المتهم الرئيس عبد المومن خليفة الذي تمكن من الفرار بحماية عالية جدا، وهو يحمل في حقيبته الملايير وفي حسابات أخرى بمختلف العملات.
وحتى إن أدين المتهمون أمام محكمة جنايات البليدة يومها في “مسرحية قضائية” كما وصفها الكثير من المتتبعين، إلا أن احتمال رفع العقوبات المسلطة عليهم شهر مارس 2007، خاصة الصادرة بحقهم أحكام موقوفة التنفيذ، وحتى المستفيدين من البراءة من خلال النظر فيها بعد الاستئناف يبقى مجرد وهم وسراب.
وحتى إن أعيد فتح ملف فضيحة القرن، فإن غياب المتهم الرئيس الذي يكتنز جزءا كبيرا من خيوط القضية، يبقى مجرد فصل آخر من سيناريو مخرج بطريقة ساذجة لا يتقبلها مجنون فما بالك بعاقل.
وإن أدين عبد المؤمن خليفة بعقوبة الإعدام غيابيا، فإن المتهمين الذي ورطهم معه يواجهون تهم “تكوين جمعية أشرار، السرقة الموصوفة، النصب والاحتيال، خيانة الأمانة، والتزوير في محررات رسمية”، لكن في غياب امتثال من وفر لهم كل الإمكانيات والوقت الكافي ليعيثوا في مال الشعب فسادا كما شاؤوا.
وكانت بداية اكتشاف فضيحة القرن مع بنك الجزائر الذي وقف على عجز مالي بـ3.2 مليار دينار أي حوالي 400 مليون دولار في الصندوق الرئيسي لبنك الخليفة، وهو ما كان جليا بالنسبة لشاب ي..... بنكا ويصرف الملايير على الجميع، واتجه لفتح خطوط جوية تحمل اسم “الخليفة للطيران”، وفرعا آخرا للبناء بنفس التسمية، واقتحم مجال القنوات الفضائية.
بداية النهاية
وكان بنك الخليفة الجزء الرئيسي فيما سمي بـ“إمبراطورية الفساد”، حيث كان عبد المؤمن خليفة (38 سنة حينها) يتقرب من الجميع، بل يتقرب من بنكه ووكالاته ووزراء وأبنائهم ومديري شركات وهيئات عمومية، تحصلوا على عمولات ورشاوى وسيارات مقابل إيداعهم كل أموال الموظفين في حسابات جديدة في بنكه، وأن ينسوا إيداعها في البنوك العمومية.
وجعل عبد المؤمن خليفة من الخليج وجهته الاستثمارية الأولى وفرنسا قاعدة خلفية لإمبراطوريته، وصار يقيم الحفلات بمناسبة وبغيرها، وصار أشهر من نار على علم بفضل ملايير ضخت له بلا رقيب ولا حسيب ولا ضمان ولا رهن ولا هم يحزنون.
وبسرعة اشتهر الخليفة في الجزائر وفي فرنسا التي جعل من إقامته الفاخرة في “كان” مكانا لحفلات يحضرها نجوم الفن والسينما، حتى أنه أغدق على مشاهير الفن الفرنسيين وفي مقدمتهم “جيرار دوبارديو” بما لم يكن يحلم به من قبل.
وصارت طائرته الخاصة تطير ما بين الجزائر وكل أنحاء العالم حتى توغل في فرنسا بشكل لافت، ليصبح ممولا رئيسيا لنادي مرسيليا لكرة القدم بأجور الشعب الجزائري، وكل يصفق بما فيهم وزراء المالية وقتها، وفي مقدمتهم مراد مدلسي الذي لم يتعب نفسه ليبحث عن “السر” الكامن وراء الملايير التي تضخ لبنك جديد تأسس بعقد موثق مزور.
وبدأت بوادر سقوط مجموعة الخليفة سنة 2002 عندما اتخذت السلطات الجزائرية قرارا بتجميد عمليات الخليفة بنك إثر اكتشاف اختلاسات وتعاملات مشبوهة.
وترسخت هذه الحقيقة بعد أن أوقفت عناصر الأمن الجزائري سنة 2003 الذراع الأيمن للخليفة ومرافقيه في مطار هواري بومدين وهما يحاولان الهروب بحوالي 2 مليون يورو. ليتم بعدها وفي نفس السنة إعلان إفلاس مجمع الخليفة الذي كان رأس ماله يساوي مليار دولار، وضاعت معه أحلام آلاف الزبائن وتبخرت أموالهم ومنهم من مات بالسكتة القلبية من طول انتظار تعويضه.
وكانت السلطات القضائية الفرنسية حينها قد فتحت من جانبها تحقيقا بشأن الخليفة، وأصدرت محكمة نونتير الفرنسية مذكرة توقيف ضده لاتهامه بالفساد أوقف على إثرها في بريطانيا. ومنذ توقيفه سنة 2007 مازال عبد المومن خليفة في بريطانيا.
“بي.أر.سي”.. 178 مليار دينار في مهب الريح
لا يزال ملف فضيحة تبديد 178 مليار دينار من سوناطراك أو ما يعرف بقضية “بي آر سي” تطرح الجدل، بالنظر إلى كونها واحدة من أثقل وأخطر قضايا الفساد التي غرقت فيها الجزائر لسنوات. ورغم تورط وزير الطاقة السابق شكيب خليل في القضية التي تم فيها إبرام صفقات مشبوهة والحصول على عمولات بالملايير، إلا أنه أفلت منها كالشعرة من العجين.
وتوصلت التحقيقات والخبرة إلى أن الأموال المختلسة تمت بتواطؤ إطارات بشركة “بي أر سي” على رأسهم المدير العام، وذلك في صفقات عقدت مع الشركة الأمريكية التي تحصلت على امتيازات في الفوز من قبل المدير العام المتهم الذي مكنها من الظفر بـ72 صفقة بين 2001 و2005، ما يعادل 4% من قيمة صفقات سوناطراك، منها صفقات بقيمة 57 مليار دينار بالنسبة لوزارة الطاقة و130 مليار دينار في مشاريع عقدت صفقاتها مع وزارة الدفاع الوطني.
كانت البداية مع شركة “براون روث أند كوندور” التي تم حلها بأمر العام 2007، بعد فضيحة الجوسسة التي فصلت فيها المحكمة العسكرية وأدانت المتهم الرئيسي رفقة ضابطين بالجيش بـ30 شهرا حبسا نافذا.
وخلصت نتائج الخبرة إلى أن حجم الخسائر قدر بأكثر من 178 مليار دينار من خلال 72 صفقة مختلفة حازت عليها “بي أر سي” بين 2001 و2005، منها صفقات بقيمة 130 مليار دينار أبرمتها الشركة الأمريكية مع وزارة الدفاع الوطني تتعلق بمشاريع إنجاز المستشفيات العسكرية بالبليدة وقسنطينة، وهي المشاريع التي تم تضخيم أغلب فواتيرها.
ويفيد ملف الفضيحة أن قيمة الصفقات المبرمة مع وزارة الطاقة والمناجم 57 مليار دينار، منها صفقة مشروع إنجاز مقر وزارة الطاقة والمناجم بواد حيدرة بالعاصمة الذي يعد “أهم” صفقة استفادت منها الشركة الأمريكية التي عرفت كيف تمنح الجميع حصته من الكعكة حتى تظفر بملايير الجزائر.
كما ظفرت الشركة المحظوظة جدا بالمشاريع المتعلقة بإنجاز مراكز الخدمات الاجتماعية لشركة سوناطراك كقرى سياحية، منها تلك التي يتم إنجازها بمدينة زرالدة في العاصمة. بالإضافة إلى فواتير الإقامة بفندق الشيراتون التي فاقت تكاليفها الخيال.
ويشير ملف القضية الذي طرح على العدالة وأغرق الجزائر لسنوات في خانة الفساد، إلى أنه تم رفع المخالفات إنجاز بعض مشاريع التنقيب عن البترول، منها منح صفقة بقيمة 47 مليون دولار خاصة بتجهيزات النفط في حقول الاستغلال بمنطقة “ورد النوس” بورڤلة، منحت لشركة “أتمان لاتوي” الأمريكية التي يملكها ويديرها ملياردير إسرائيلي يدعى “بيتي شتاينماتز”، وهو رجل أعمال كون ثروته من تجارة الماس.
الأكثر من هذا كله، فقد بعثت شرطة التحقيقات الدولية “أف بي أي” مؤخرا، تحقيقاتها حول شركة “براون روت أند كوندور” بعد حوالي سبع سنوات من طي محكمة بئر مراد رايس بالعاصمة ملف الشركة المختلطة الجزائرية الأمريكية، ما يعني أن التحقيقات في فضيحة سوناطراك2 والإيقاع بالوزير السابق شكيب خليل باتت مسألة وقت، بعد أن بدأت كل الأوراق تنكشف.
رئيس الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد لـ “الخبر”
“السلطة تحمي الفاسدين”
يرى رئيس الجمعية الجزائرية لمحاربة الفساد جيلالي حجاج أن فضائح الفساد في الجزائر لا ترتبط بالبحبوحة المالية فحسب، لأن الفساد معشش منذ وقت طويل، كما أن حماية السلطة لعدد من الفاسدين يزيد الوضع تأزما، في غياب استقلالية تامة للقضاء وتفعيل دور الهيئات الخاصة بمحاربة الفساد.
هل ارتبط ظهور قضايا الفساد بالجزائر بالبحبوحة المالية، أم أنها قضايا لا تبرز في ظروف مالية محددة؟
ما ميز أحداث السنوات الأخيرة في الجزائر هو الانفجار الذي لم يسبق له مثيل لقضايا الفساد على جميع المستويات وفي جميع القطاعات دون استثناء. هذا الانفجار يرتبط ارتباطا وثيقا بتدفقات عائدات النفط الضخمة دون انقطاع. وهذه الفضائح تؤججها ميزانيات ضخمة وزعتها الحكومة تحت ستار ما يسمى برامج التحفيز الاقتصادي.
في المقابل، سمحت هذه الميزانيات ببروز مافيا قوية من الفساد الكبير والجريمة المنظمة عبر الوطن والتي تبقى في تنامٍ مستمر. وقد تسارعت شبكات أعمالها في غياب تام لأجهزة الرقابة والقمع. وإذا أخذنا برامج الحكومة الثلاثة وهو ما يسمى الانتعاش الاقتصادي والبنية التحتية، فقد تم رصد ما يقارب من 500 مليار دولار، وهذه مبالغ رهيبة.
كل هذا هو النظام العام المضخم بالميزانيات، واستفادت جميع القطاعات الرئيسية من هذا النظام العام: الأشغال العمومية والسكن، والمياه، والنقل، وهذه هي القطاعات التي يوجد فيها أكبر عدد ممكن من الصفقات والمزيد من الفساد. والمؤسف اليوم أن هذا ما يحدث في 60 و70% من الحالات، ويتم منح الصفقات للشركات الأجنبية، سواء كانت أوروبية أو آسيوية، والتي ثبت لدى كل المنظمات الدولية تورطها في الفساد.
هل سلكت هذه الفضائح الكبيرة مسلك العدالة وتوبع فيها المتهمون الحقيقيون؟
❊ تستحق العدالة الجزائرية أن يطلق عليها تسمية “بطل العالم” في بطء المتابعة، ومع أن المجتمع المدني ووسائل الإعلام تبقى المساهم الأكبر في كشف الشكاوى والمطالبة بفتح التحقيقات لإعلام الرأي العام بفضائح الفساد التي ظلت العنوان العريض لكل وسائل الإعلام لفترة طويلة، يبقى كل التصرف بيد الجهات الأمنية المختصة والعدالة.
لكن ولسوء الحظ، فإن الهدف من العدالة التي تسيطر عليها الحكومة لا يعني تطبيق القانون، وإنما منع سريان التحقيقات وسحب التحقيق القضائي، حيث تتلقى بعض الجهات النافذة الحماية. ولهذا يبقى الصمت دليل إدانة لهذه الشخصيات والأطراف الفاسدة وعلى أعلى مستوى.
الأكثر من هذا، فإن غياب عدالة مستقلة يجعل من العدالة مشلولة وتعاني من الاختلالات، وبالتالي لا يمكن ضمان التسيير الديمقراطي لمؤسسات الدولة ككل. ولهذا فضمان استقلال القضاء ينطوي على شرط النزاهة للقضاة وموظفي المحاكم. والوضع في الجزائر بعيد جدا عن هذه الحالة.
لماذا يستثنى من فضائح الفساد الرؤوس الكبيرة؟
فضائح الفساد الكبرى لم تكشف كل أسرارها، وتتوجه الحكومة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة على أرض الواقع من خلال استحداث مؤسسات مختصة في مكافحة الفساد، أفضى إلى ما يشبه الاقتتال الداخلي بين السلطة وعصابات الفساد الكبيرة.
واليوم يجب أن نعلم هناك نوعا من الحماية لأولئك الذين هم على علاقة بالسلطة وأصحاب القوة والنفوذ. والملاحظ في السنوات الأخيرة أن المحكمة العليا أصبحت مقبرة لقضايا الفساد التي اشتبه فيها واتهم وزراء وإطارات، وكمثال عن ذلك فضيحة الخليفة، وفضيحة الوالي السابق للبليدة. والسلطة لديها دائما خيار التضحية بكباش الفداء.
هل هناك إرادة حقيقية للنظام في القضاء على الفساد؟
الإرادة السياسية لمكافحة الفساد لا تقاس أبدا بعدد الخطب والبيانات المتعلقة بمكافحة الفساد، بل بوضع استراتيجية وطنية واضحة مبنية على خطة عمل وجدول زمني دقيق. ولكن حتى الآن، لم يتم عمل شيء في هذا الاتجاه من قبل الحكومة الجزائرية.
الإرادة السياسية ليست كافية، والسلطة تقمع أي فرد من المجتمع المدني يحاول محاربة الفساد. وديوان المحاسبة غائب منذ سنوات، والمفتشية العامة للمالية كذلك. والهيئة الوطنية للوقاية ومكافحة الفساد أنشئت عام 2006 وهي تلتزم الصمت. وفي انتظار تفعيل أجهزة أخرى في نفس الاتجاه، يبقى الفساد ينخر الجزائر من كل جانب.
والحكومة لا تتظاهر فقط في محاربة الفساد شكليا، بل تعمد إلى قمع المنظمات السياسية والنشطاء الذين يدينون الفساد.
تكلفته قفزت إلى 16 مليار دولار
الطريق السيار.. “قضية دولة”
من الفضائح التي هزت البلاد خلال 15 سنة الماضية، ما يعرف بقضية الطريق السيار شرق-غرب الموصوف بمشروع القرن من طرف السلطات العمومية. فرغم انطلاق العمل في المشروع في 2005 إلا أن أقساطا منه لم تسلم بعد أو تخضع للصيانة، وهي التي لم تستغل إلا لفترة قصيرة مثلما يحصل في الشطر الواقع بإقليم ولاية البويرة.
يأتي اعتراف الوزير الحالي للأشغال العمومية فاروق شيعالي الخميس الماضي، والذي يقال إنه كان من أشد المعارضين لطريقة إدارة سلفه وزير النقل الحالي عمار غول، بسبب ما يمكن وصفه بالتجاوزات في منح الصفقات وأيضا التكلفة المرتفعة، ليؤكد أن القاعدة الشائعة في بلدنا هي إهدار المال العام لإرضاء القيادة رغم رداءة الجودة والنوعية.
فبحسب الوزير شيعالي، استهلك المشروع ما لا يقل عن 16 مليار دولار بعدما كنا نسمع عن 7 مليارات ثم 11 مليارا، قبل أن يرتفع الرقم إلى 13 مليارا ثم يقفز إلى 16، وكأن السلطات العمومية تحاول تهوين الرقم بتبريده والتستر عن المهدرين والمبذرين الذين كلما ضاقت بهم السبل وافتضح سوء تسييرهم للملف، لجأوا إلى حيلة إعادة المراجعة والتقييم دون محاسبة المقدرين وواضعي التقديرات الأولية.
وعندما سئل وزير الأشغال العمومية السابق عمار غول عن المتسبب في الارتفاع الصاروخي لتكلفة المشروع، أجاب في مقابلة صحفية مع الزميلة “الجزائر نيوز”، دافع من خلالها عن نفسه محتميا بمظلة المخابرات قائلا “لو كنت متورطا لما أبقتني المخابرات وزيرا”، وأن مجمل المشكلات والضجة التي رافقت إثارة قضية الطريق السيار، بدأت عندما خسر الأمريكيون والفرنسيون الصفقة التي آلت لليابانيين والصينيين.
واتهم الوزير السابق الأمريكيين الذين تقدموا للفوز بالصفقة عبر شركة “بيكتيل” التي يملكها نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني، والفرنسيين الذين دخلوا المنافسة بشركة “فينشي” المقربة من الرئيس الفرنسي السابق .....ولا ساركوزي، كما أوضح أنه بعد الكشف عن العروض، قام الفرنسيون والأمريكيون بإشعال حرب إعلامية ضد مسار منح الصفقة لليابانيين والصينيين.
وعلى الرغم من دخول إطارات السجن لسنوات وتحقيقات قامت بها المخابرات، تمسك غول بأقواله إنه لم يذهب من الغلاف المالي المرصود للمشروع أي سنتيم واحد، وإن الغلاف المالي للطريق السيار لم يوضع من قبل وزارة الأشغال العمومية ولكن قدمه وزير المالية في مجلس الوزراء الذي صادق عليه بحضور رئيس الجمهورية وهو المسؤول عنه سياسيا، مؤكدا على أن الطريق السيار خصص له 11 مليار دولار، “وهي أقل تكلفة مقارنة مع الطرق المنجزة في العالم”.
الجزائر: جلال بوعاتي
إنابات قضائية ومذكرة توقيف والبقية تأتي
فضائح سوناطراك في “الثلاجة”
أصبح الجزائريون ينامون ويصحون في الآونة الأخيرة على أخبار قضايا الفساد التي لم ير أغلبها النور بعد، وبقيت حبيسة أدراج المحاكم لأسباب مجهولة. فقضيتا سوناطراك1 و2 من “الفضائح” التي انفجرت ولم تصل بعد إلى أية نهاية رغم الضجة الإعلامية التي أحدثتهما، لدرجة أنهما أخرجتا الرئيس بوتفليقة عن صمته، والنائب العام لمجلس قضايا الجزائر الذي عقد مؤتمرا صحافيا على غير العادة في مهمة “تنوير الرأي العام”.
لم يلبث الجزائريون أن تجاوزوا فضيحة سوناطراك1 حتى ظهرت بوادر فضيحة أخرى في بيت البقرة الحلوب، ولكن هذه المرة بتفاصيل وأسماء ثقيلة جدا “زلزلت” بيت قصر المرادية، خاصة بعد ضلوع زميل الرئيس بوتفليقة في الثانوية بتلمسان، وزير الطاقة السابق شكيب خليل.
وقد شهدت الشركة التي تنجز 95% من صادرات المحروقات الجزائرية، سلسلة من فضائح الفساد منذ جانفي2010، بعد إقالة رئيسها ومديرها العام محمد مزيان الذي كان يتولى هذا المنصب منذ سبع سنوات.
وتمت إدانة مزيان بعد الاستئناف في ديسمبر 2011 بالسجن سنتين، إحداهما نافذة بتهمة الاختلاس، ثم أدين مسؤولون آخرون في الشركة الوطنية في هذه القضية التي أطلق عليها اسم “سوناطراك1”.
وفي تفاصيل الفضيحة الثانية لرئة الاقتصاد الجزائري، انطلق التحقيق في 10 فيفري 2010، حيث فتحت النيابة العامة لمجلس قضاء الجزائر تحقيقا حول فسادٍ شاب ع.....ا بين مجموعة إيني الإيطالية وسوناطراك، ووعد وزير الطاقة والمناجم الحالي يوسف يوسفي بإبداء “الصرامة” بحق كل شخص متورط فيها.
وفعلا أسقطت التحقيقات اسم وزير الطاقة السابق شكيب خليل وحملته على الاستقالة، ولم يسافر هذا الأخير إلى الولايات المتحدة إلا بعد البدء في تحقيق جديد في فيفري 2013، لتصدر ضده مذكرة توقيف دولية وهو يقيم في بلد لا يسّلم رعاياه.
وحسب ما تناقلته الصحف الإيطالية، فإن مجموعة “سايبام” حصلت في الجزائر على سبعة عقود قيمتها الإجمالية ثمانية مليار أورو. ومن أجل الحصول على تلك الع.....، دفعت المجموعة 197 مليون دولار رشاوى أدرجت في سجل نفقات وساطة من شركة “بارل بارتنرز ليميتد”، وهي الشركة المدرجة لقريب وزير الخارجية السابق فريد بجاوي.
وكانت الإنابات القضائية الموجودة في ملف قضية “سوناطراك1” قد تم ضمها إلى ملف “سوناطراك2”، ووجهت لعدد من الدول تطلب فيها معلومات حول بعض المشتبه في تورطهم في القضية على غرار إيطاليا وسويسرا وكندا، من أجل التحقيق في كل الأملاك العقارية والمنقولة بما فيها الحصص والأسهم التي يملكها المتهمون في الخارج، وجردها حسب تاريخ اقتنائها لكل المتهمين مع تحديد كيفية اقتناء ودفع ثمن الأملاك العقارية إن وجدت، وكذا الحسابات البنكية ورصيدها وملخص للعمليات الحسابية.
وإن كانت العدالة الجزائرية قد خرجت عن صمتها في هذه القضية بعقد مؤتمر صحافي نشطه النائب العام لمجلس قضاء الجزائر حول قضية سوناطراك2، إلا أن القضية لا زالت تسير بسرعة “السلحفاة”، وفي كل مرة تصدر فيها قرارات جديدة، بدأت بإصدار إنابات قضائية إلى إصدار مذكرة توقيف دولية ضد شكيب خليل، لتبقى القضية تسير في نفق مظلم، نهايتها قد تكون في ثلاجة بمكتب وزير العدل الطيب لوح.
الجزائر: رزيقة أدرغال
وفدها هو الأكبر في مؤتمر أممي ببنما
الجزائر ترفض مناقشة تقريرها حول الفساد في الجلسات العلنية
تدرس الدورة الخامسة لمؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي انطلقت أشغالها أمس ببنما، تقريرين جزائريين رسميين حول التدابير التي اتخذتها من أجل مكافحة الفساد على كل المستويات، بينما فرضت الجزائر عدم نشر التقريرين للرأي العام والاكتفاء بدراستهما ضمن لجان فرعية دون الجلسات العلنية.
تنقل إلى بنما وفد جزائري للمشاركة في المؤتمر يتكون من عشرة ممثلين: عن رئاسة الجمهورية ووزارة العدل ووزارة المالية وعن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، والديوان المركزي لمكافحة الفساد.
ويشكل الوفد الجزائري أكبر الوفود المشاركة في المؤتمر، وسجل أن القنوات الرسمية الجزائرية لم تعلن في أي بيان أن وفدا جزائريا يتوجه لبنما للمشاركة في المؤتمر الموصوف دوليا بـ “الهام”، علما أن الحكومة رفضت مشاركة ممثلين عن المجتمع المدني في المؤتمر إلى جانبها، لكن الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد أرسلت تقريرا مضادا للتقرير الرسمي ينتظر مناقشته.
ويشارك 1200 مندوب من 168 دولة في المؤتمر، ويشارك أيضا في أعمال هذه الدورة التي تعقد خلال الفترة من 25 إلى 29 من نوفمبر الجاري، برلمانيين ومنظمات حكومية ومنظمات المجتمع المدني وممثلي القطاع الخاص ووسائل الإعلام .وافتتح الدورة كل من رئيس بنما “ريكاردو مارتيلي” والمدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات “يوري فيدوتوف”.
ويناقش المشاركون جملة من المواضيع المتعلقة بمكافحة الفساد من بينها: كيفية تطبيق بنود معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وما يجب على الدول القيام به لمكافحة الآفة. وطرح مشاركة وفد موسع باسم الجزائر علامات استفهام كبيرة، غير أن رئيس الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد يؤكد أن “الجزائر يهمها أن تضبط مسار معالجة ملفها وفقا لمنظورها، كونها من البداية تحفظت على نشر التقرير الكامل للخبراء الأمميين الذين حلوا بالجزائر شهر ماي الفارط وصاغوا تقريرا لم يكن في مستوى تطلعات أعضاء المجتمع المدني، ولن يُدرس التقرير الخاص بالجزائر في الجلسات العلنية للمؤتمر وإنما يقتصر مناقشته على اللجان الفرعية، كما أن أعضاء المؤتمر لا يوجهون ملاحظات مباشرة بل يسوقونها بصفة عامة على مجمل الدول المشاركة.
وينبع تحفظ الجزائر إزاء تعاطي المنظمة الأممية مع ملفها من منطلق “عدم التدخل في الشؤون الداخلية”، ويقول حجاج إن “الدول المشاركة تعرف أن الجزائر متأخرة في تطبيق الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد”، وينتظر أن تعرف أشغال المؤتمر تغييرات جوهرية في بعض الملفات المطروحة بالنسبة لمكافحة الفساد وحتى الجريمة والمخدرات، ويتعلق الأمر بحماية المبلغين بالفساد من خلال إرساء تدابير يتعين على الدولِ المصادقةِ على الاتفاقية تنفيذُها، وطرح إشكال حماية المبلغين بحدة في الجزائر السنوات الماضية موازاة مع تنامي ملفات الفساد، علما أن الإرادة كانت من وزير العدل السابق محمد شرفي لاتخاذ تدابير بهذا الخصوص، لكنه عُزل عن الوزارة في التعديل الحكومي الأخير.
ولاحظ المشاركون في المؤتمر “نقصا في التعاون الدولي لمكافحة الفساد”، كما أن دولا غربية لا تساهم في التعاون القضائي مع الدول التي تستشري فيها قضايا الفساد.
الجزائر: محمد شراق
لغز بقيمة 26 مليار دولار
قبل أن يعرف الجزائريون قضية الخليفة وسلسلة فضائح سوناطراك، كانت قضية 26 مليار دولار التي فجرها الوزير الأول الأسبق عبد الحميد براهيمي بداية التسعينات، أشهر قضية فساد هزت الجزائر المستقلة، وشغلت الشارع لسنوات حتى بعد طي ملف التحقيق في القضية التي بقيت إلى اليوم لغزا محيرا.
وفي تفاصيل القضية الأكثر شهرة لدى الجزائريين، ألقى الوزير الأول الأسبق عبد الحميد براهيمي في 20 مارس 1990 محاضرة في كلية العلوم الاقتصادية في الخروبة، لم تكن مجرد محاضرة علمية عادية للطلبة لأن ما جاء فيها كان كفيلا بتحريك الرأي العام. إذ صرح أن الجزائر خسرت 26 مليار دولار على مدى 20 سنة في مبادلات تجارية بين الجزائر والخارج.
وتوّصل براهيمي إلى هذه النتيجة حسب ما جاء في المحاضرة بناء على تصريحات مسؤولين كبار في الدولة أكدوا أن الرشوة كانت تمثل 20% في عمليات التجارة الخارجية، حيث استنتج الإبراهيمي أنه إذا تم تحويل ملياريين كل سنة من أموال الدولة أخذت كعمولات ورشاوى، فالنتيجة هي أن الخزينة العمومية خسرت 26 مليار دولار ذهبت إلى وجهات مجهولة.
وأحدثت هذه التصريحات التي جاءت قبيل الانتخابات المحلية سنة 1990 “زلزالا” في الشارع الجزائري الذي فقد ثقته في النظام، وكان يعيش على صفيح ساخن بعد أحداث 5 أكتوبر 1988. وأمام ضخامة المبلغ لم يتقبل المواطن الحديث عن نهب أموال الشعب فيما كانت البلاد غارقة في المديونية، حتى إن لم يدعم صاحب الادعاء كلامه بالأدلة، إلا أن تصريحا يأتي على لسان مسؤول سبق أن تبوأ مركز الوزير الأول كفيل بأن يجعل أقواله في منأى عن الشك.
ولم يمر الرقم 26 مرور الكرام على النظام، إذ تم الإعلان عن لجنة تحقيق برلمانية للنظر في هذه التصريحات. واستمعت اللجنة إلى عبد الحميد براهيمي صاحب التصريحات، وكبار الشخصيات في الدولة ممن تعاقبوا على مراكز المسؤولية من سنة 1970 إلى سنة 1990، ومنهم مسؤولون في المديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الوطني والمخابرات ووزراء سابقون وإطارات في وزارات.
لكن لم يتم الكشف عن نتائج تحقيق اللجنة في التصريحات التي بقيت مجرد كلام، فيما بقي الشارع يتساءل عن مصير الأموال “المنهوبة” التي أصبحت عنوانا لأشهر أغنية تردد في الملاعب في بداية التسعينات “قولولي يا سامعين 26 مليار وين؟”.
الجزائر: سلمى حراز
الأستاذ بوجمعة غشير لـ “الخبر”
“حرية القضاة مقيدة”
أكد رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان الأستاذ بوجمعة غشير، أن القضاة ليسوا أحرارا في التعامل مع قضايا الفساد لأنهم حسب قوله يخضعون لتأثيرات خارجية سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة. فالقاضي يخضع لتأثيرات ربما تكون من مرؤوسه أو وزارة العدل، والمواطن قد ينسى القضية رغم الضجة الإعلامية التي أحدثتها في وسائل الإعلام، على غرار قضية الخليفة. وأبرز بوجمعة في الإطار نفسه أن “المماطلة” في الفصل في هذا النوع من القضايا يفقد مصداقية الإجراءات ويجعل “العدالة لا تتحقق”.
الجزائر: ر. أ
الأستاذ فاروق قسنطيني لـ “الخبر”
“الفصل في قضايا الفساد معقد للغاية”
قال رئيس اللجنة الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني في تصريح لـ“الخبر”، إن قضايا الفساد معقدة جدا لأن ملفاتها تحمل عدة متهمين وأطرافا كثيرة، وهو ما يجعلها تأخذ وقتا طويلا في العدالة. واستدل قسنطيني في هذا السياق بقضية الخليفة التي تعطلت كثيرا أمام المحكمة العليا، حيث فصلت فيها بعد 5 سنوات بالنقض في الحكم الصادر عن جنايات البليدة وإعادة الأطراف إلى المحاكمة من جديد، بينما مدة الفصل في القضايا أمام المحكمة لا تتجاوز العام والنصف كأقصى تقدير، مستغربا من المدة التي استغرقتها واصفا القضية “باللغز”. وأكد المتحدث في السياق ذاته أن للقضاة الحرية المطلقة في التعامل مع القضايا، وهم لا يتعرضون لأية ضغوطات، وإنما سبب وضع قضايا الفساد في أدراج المحاكم يرجع إلى المدة التي تستغرقها التحقيقات، خاصة في القضايا التي تضم إنابات قضائية وفيها متهمون أجانب.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى