- قطر الندى
- الجنس :
عدد المساهمات : 1101 نقاط التميز : 5606 تاريخ التسجيل : 19/04/2011 العمر : 32 الموقع : https://www.facebook.com/editaccount.php?ref=mb&drop
درس السعادة للمقبلين على بكالوريا 2012
الثلاثاء 17 مايو - 19:02
السعادة |
· من الدلالات إلى الإشكالية · السعادة إرضاء للبدن أن للعقل أم للقلب ؟ - من الدلالات إلى الإشكالية: إن لفظ السعادة يختلف مدلوله باختلاف تمثل الناس له فمنهم من يربط السعادةبالمال، أو بالصحة، بالسلطة أو العرف و الأخلاق أو في انسجام الأسرة. مفهوم السعادة إذن يتضمن الأبعاد التالية: هناك البعد المادي و البعد الاجتماعيو البعد المعنوي، و على هذا الأساس فإن السعادة تتجلى في ثلاث مستويات: · المستوى المادي و يتمثل في الإشباع و تلبية مختلف الحاجات في جميع أشكالها. · و هناك المستوى المعنوي العقلي و يتجلى في التسيير و التدبير. · و هناك المستوى الوجداني الشعوري و يتمثل في الرضا الذي يشعر به الفرد عندإنجازه لعمل ما. و في هذا الإطار يمكن طرح التساؤلات التالية: · هل تعتبر السعادة وليدة الصدفة ؟ أم أنها نتيجة مجهود لابد من بذله ؟ · هل السعادة ممكنة في الأرض أم أنها لا تتحقق إلا في العالم الآخر ؟ · و هل يمكن قيام سعادة فردية في غياب السعادة الجماعية ؟ إن الإجابة عن هذه التساؤلات مرتبط بمفهوم الحكمة كما حددها الفلاسفة المسلمون،و لهذا سنعالج مفهوم السعادة من خلال مواقفهم. رجوع السعادةإرضاء للبدن أن للعقل أم للقلب ؟ لقد حدد الفلاسفة المسلمون لفظة سعادة من خلال التأكيد على مسألتين أساسيتين: ضبط مفهوم اللذة هل هي جسدية أم عقلية مع تحديد أيهما أفضل، يقول الأصفهاني « اللذةهي إدراك المشتهى و الشهوة انبعاث النفس لنيل ما تتشوقه » أما من حيث المفاضلة فإناللذة العقلية أفضل من اللذة الجسدية المحتقرة لأن هذه الأخيرة يشارك فيها الحيوانو الإنسان و لهذا فالسعادة لا ترتبط بالمستوى الحسي للذة بل إن أشرفها هي تلكالمرتبطة باللذة العقلية. إن تفضيل اللذة العقلية على اللذة الحسية سيجعل من السعادة خيرا على الإطلاقلأنها خالية من المنفعة و لا تلحق أي ضرر، و لهذا فهي تطلب لذاتها دون أن يتضررمنها أي شخص بخلاف المجالات الحسية التي قد تلحق الضرر بالآخرين. إن هذا الموقف يرتبط بالتصور العام للفلاسفة المسلمين الذين ميزوا في الإنسانبين ما هو جسدي و ما هو عقلي و اعتبروا أن الجانب العقلي هو الجانب الأرقى لأنهيتسم بالطهارة، و بالتالي فإن الإنسـان لا يمكنـه أن يحقـق السعـادة إلا مـن خـلالانفصـاله مـن خـلال شهـواته و نـزواته و رذائله و هذا الموقف عـامة نجده لدىالفـلاسفة اليـونان و خصـوصا عند سقـراط و أفلاطون، و على هذا الأساس يربط الفرابيالشقاء الإنساني بذلك التداخل الحاصل بين النفس الطـاهرة و دنـاسة البـدن، والإنسان في نظره يقترب من السعادة كلما استطاع أن يطهـر نفسه و يفصلها عن كلالشهوات لأنه لا يجني من هذه الأخيرة إلا الشر و الشقاء. و في نفس السياق يؤكد "ابن مسكويه" على ضرورة تهذيب الأخلاق و ذلك عن طريق الفصلالمحقق للنفس عن الجسد لأنهما من طبيعتين مختلفتين و متناقضتين، فالنفس في نظرهعبارة عن جوهر بسيط غير محسوس، أما الجسد فطبيعته مادية و لهذا فالنفس أشرف و أرقـىمـن الجسـد و تتمثل فضيلتها في طلب العلم و المعرفة و كلما ازداد اشتياق النفسللعلوم و المعارف كلمـا تحقق السعـادة و اكتمـال الإنسان و تجـرده عن كل ما هومحسوس و ابتعـاده عن العامة و البسطـاء و من ثم تظهر المعادلة التالية لدى الفلاسفةالمسلميـن و العـرب: اتبـاع الجسد و إشباع الشهـوات و اللذات الحسية نجـده لـدىالعـالة و البسطـاء أما اتبـاع العقـل و تطهيـر النفس من النـزوات و طلب العلـم والمعـرفة و تحصيل السعادة نجده لـدى العلماء و الراسخين. نستنتج من هذا أن ارتباط العقل أو النفس بالعلوم أو المعارف يؤدي إلى تحصيلالحكمة التي هي أسمى تجليات العقل البشري، و هي الطريق الوحيد الذي يمكن من تحقيقالسعادة إلا أن السؤال الذي يطرح في هذا المجال هو: كيف يمكن تحقيق هذه السعـادة ؟و ما هـي الأدوات التي تعتمد لتحقيقهـا ؟. فبما أن السعادة النظرية يتحدد موضوعها في الوجود بصفة عامة أي البحث في الوجودالإلهي بطبيعتها و صفاتها و وجود العالم و الوجود الإنساني فهناك طريقان منهجيانلتحقيق السعادة: طريق أهل البرهان و النظر العقلي و هم الفلاسفة و طريق أهل العرفانو هم المتصوفة؛ · فبالنسبة للفلاسفة يتم تحقيق السعادة فلسفيا عن طريق الانتقال من العالم السفليإلى العالم العلوي أي عالم العقول المنفصلة عن الماديات و هذه المرتبة لا يحققهاإلا الفلاسفة. · أما بالنسبة لأهل العرفان أي المتصوفة فإنهـم يحققـون السعادة عـن طـريقالإشـراق و الحضرة الإلهية و الأساس هو مجاهدة الجسد و كبح الرغبات و الابتعاد عنالدنيا، إن طريق السعادة لديهم لا يتم بالعقل و إنما يتم بالباطن عن طريق إشراقالنور الإلهي في قلب المتصوفة. إلا أن السؤال المطروح و الذي يفرض نفسه هو هل يمكن أن تتحقق السعادة في التجربةالفردية فقط أم أن لها بعدا اجتماعيا ؟ |
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى