- منتديات العماريةالمدير الفنى للمنتدى
- الجنس :
عدد المساهمات : 6535 نقاط التميز : 16181 تاريخ التسجيل : 18/04/2009 العمر : 35 الموقع : http://bit.ly/Llerty
مهام مهنة المحاماة
الخميس 17 فبراير - 11:48
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
مهام مهنة المحاماة
إن
الكلام في موضوع مهام مهنة المحاماة أو ما يطلق عليه عموما بمهام الدفاع،
يستدعي النظر إلى مهنة المحاماة من خلال جانبها الطبيعي أو الغرائ f8 زي أو
الإنساني بوجه عام وكذلك من جانبها التنظيمي أو القانوني، وذلك على اعتبار
أن المحاماة مهنة ورسالة ووظيفة.
فهي مهنة لأنها علاقة تقوم بين
المحامي وزبونه على أسس من الشرف والكرامة والمروءة والأخلاق الإنسانية
النبيلة التي تربط الإنسان بأخيه الإنسان لتكوين مجتمع تسوده روابط وعلاقات
ترسخ من أسسه وتقوي فيه روح التضامن والأخلاق، وقد تبث في التاريخ أن مهنة
المحاماة مرت عبر عصوره من مراحل مختلفة منها تلك التي كان يعرف فيها
المحامي باسم الصديق، ثم تلك التي أصبح يعرف فيها باسم الخطيب ثم بعدها تلك
التي أصبح يعرف فيها باسم الخطيب الصديق وكل هذه عبارات مستوحاة من نوع
العلاقة التي تربط بين المحامي وزبونه وتجعل منها مهنة حرة ومستقلة يعتمد
عليها الخصوم أمام المحاكم وفي أوقات الشدائد والكروب وقد تبث في التاريخ
أيضا أن العرب في الجاهلية وقبل مجيء الإسلام، كانت تعرف هذا النمط من
التآزر والتضامن بين أفراد المجتمع إذ أن من أعرافهم آنذاك ما كان يعرف
بالأعراف القبلية وكان مضمونها يقوم على عدة مبادئ وأقوال منها "أنصر أخاك
ظالما أو مظلوما" وهذه المقولة أو هذا المبدأ كان يلجأ إليه الأعراب آنذاك
عندما تظهر لديهم جريمة ولا يعرفون مرتكبها فتجتمع القبائل لحل لغزها
وعندما يشتد النقاش بينهم حولها ويخشى كل منهم من أن تنسب هذه الجريمة لابن
قبيلته، واستمر العمل بهذا المبدأ إلى عهد الإسلام وقد تبث أنه جاء من
زمرة الأحاديث النبوية الشريفة، إلا أن المقصود به عند النبي "صلى الله
عليه وسلم" قد يخالف المراد به عن الأعراب.
وقد
تبث أيضا عن العرب قبل الإسلام بعد انتهاء حرب الفجار أن تأسس في دار "عبد
الله بن جذعان التميمي" حلف كان أعضاؤه هم بنوا هاشم وبنوا المطلب أبناء
عبد مناف وبنوا أسد ابن عبد العزى وبنوا زهرة ابن كلاب وبنوا تيم بن مرة،
وتحالفوا فيما بينهم على تكوين حلف أي حزب لا يجد بمكة مظلوما من أهلها أو
من غيرهم إلا قاموا حتى ترد إليه مظلمته وقد حضر هذا الحلف "رسول الله صلى
الله عليه وسلم" وهو صبي ولما نزل عليه الوحي وشرفه الله بالرسالة قال عليه
الصلاة والسلام "لقد شهدت مع عمومتي حلف في دار عبد الله بن جذعان ما أحب
لي فيه حمر النعم (أي رد العدوان وإعادة الحق إلى نصابه) ولو دعيت به في
الإسلام لأجبت".
أما في الوقت
الحاضر فإن علاقة المحامي بزبونه وإن كانت منظمة بمقتضى قواعد قانونية تجعل
منها مهنة فإنها مع ذلك تقوم على جانب إنساني غرائزي وطبيعي في الإنسان
مرده إلى روح الفطرة الاجتماعية فيه، وإلى مبدأ التكافل والتضامن لنصرة
المظلوم وإلى الرغبة في العيش المنظم لذلك فإنها مهنة ولكنها ليست ككل
المهن، فهي من أشرف المهن وأجلها وقد تكلم عنها كثير من المفكرون ورجال
السياسية قديما وحديثا وتمنى لو كان محاميا منهم "فولتير" والمغفور له
"الحسن الثاني" طيب الله تراه عندما سئل مرة: "لو لم تكونوا ملكا فماذا
تريدون أن تكونوا؟ "فأجابه أن أكون محاميا" وارد في المجلة المغربية لقانون
واقتصاد التنمية العدد 25 سنة 1991 ص: 28.
وهي
رسالة لأنها قديمة قدم الإنسان والمجتمع، فلا يمكن الكلام عن المجتمع بدون
إنسان ولا يمكن الكلام عن الإنسان بدون الكلام عن المبادئ والأخلاق والمثل
التي جاءت مهنة المحاماة لتكريسها في أجل مظاهرها والذي هو نصرة المظلوم
والدفاع عن تنظيم المجتمع.
فالإنسان
أناني بطبعه وعاجز عن العيش بمفرده ومن تم كان لا بد له من تكوين علاقات
بغيره من الإنسان وعلاقات بالجماعة التي يعيش بينها.
ولما
كانت هذه العلاقات لا تقوم وتستقر إلا بوضع نظام أو ضابط يحكمها وينأى بها
عن الأنانية التي تميز الكائن الحي عموما وعن النزوات التي غالبا ما ينشئ
عنها الصراع والتنافس بين بني البشر، فإن المحاماة رسالة تحمل للإنسان سبل
الوصول إلى هذه الضوابط من أجل الحل السليم لكل صراع أو نزاع ينشئ بين
الإنسان والإنسان قد ينشئ عنه تفكيك المجتمع وذلك لما لأهلها من دراية
علمية بمختلف فروع القانون والمساطر المنظمة له ولما لهم من ثقافة في مختلف
مناحي الحياة جعلت منهم الأداة التي يمكن باستعمالها الوصول إلى العدل،
فهي بهذا المعنى رسالة من أجل الإنسانية ومن أجل المجتمع ومن أجل القانون
ومن أجل العدل ومن أجل الحضارة.
ولما
كان القانون أسمى تعبير عن إرادة الأمة ولا يمكن احترام القانون إلا بجهاز
يكفل له هذا الاحترام ولما كان لمرفق العدالة دوره في تطبيق وتكريس
محتويات القاعدة القانونية، فإن المحاماة كان لها دورها في هذا الاحترام
وفي هذا التطبيق عندما يلجأ إليها الجمهور، إما للاستشارة وإما للتمثيل
أمام القضاء أثناء الخصومة. والمحامون خلال مزاولتهم لمهامهم إنما يرغبون
بذلك في تنظيم المجتمع وتفعيل النصوص القانونية من أجل تحقيق عدالة يحس بها
الجميع وتساهم في بناء حضارة تقوم على مبادئ من الإنسانية والقانون
والعدالة، فأية حضارة للشعوب إذا لم تكن لديها عدالة وأية عدالة إذا لم تكن
لديها محاماة، فالمحاماة بهذا التعبير هي أداة العدالة قبل أن يكون القضاء
أداة لها تمشيا مع ما انتهى إليه الأستاذ "إدريس فجر" وهو قاض من قضاة
المغرب في عرضه خلال ندوة المهن القانونية الحرة أيام 23-24 نوفمبر 1990
وهو منشور بالمجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية العدد 25 السنة 1991
الصفحة 51 من أن "العمل القضائي الجيد صانعه القاضي ومهندسه المحامي" إذ أن
عمل المهندس عادة ما يكون سابقا لعمل الصانع أو البناء. ولعل هذا الرأي قد
يستدعي بعض التساؤل حول ما إذا كانت مهنة المحاماة سابقة للقضاء من حيث
النشأة؟ إلا أن الجواب على هذا السؤال يقتضي تدخل ذوي الخبرات والكفاءات
العليا في هذا الميدان وفي مجال التأريخ. ومع ذلك فإنه يمكن التشكيك في هذه
المسألة لا سيما إذا رجعنا إلى عصر البريطورات وهم أول قضاة ظهروا في
التاريخ كانت مهمتهم الحكم بين الناس فيما يشجر بينهم ولكن هذا الحكم لم
يكن بالمجان وإنما كان بمقابل وذلك على غرار ما عليه الحال في مجال التحكيم
حاليا وكذلك إذا أخذنا بعين الاعتبار أن مهنة المحاماة تقوم أساسا على
إعطاء الاستشارة وتمثيل الخصوم عند نشوء النزاع بينهم. ومن أهدافها توفير
الخدمات للجمهور بالمجان في بعض الحالات لذلك فمن المعتقد أن تكون مهمة
الإفتاء هذه قد تحولت إلى إصدار أحكام وتطورت معه مهمة الحامي إلى حكم ثم
إلى بريطور ثم إلى قاضي بدون مقابل لذا فإنه في اعتقادي مسألة ظهور ال 2e8
محاماة قبل القضاء مسألة واردة ويمكن تحقيقها.
والمحاماة
وظيفة لأنها تساعد وتساهم وتشارك في تحقيق العدل ولأنها وسيلة لتحقيق
العدل وقد عرفها المشرع المغربي بأنها مهنة تساعد القضاء ولعل عبارة مهنة
الواردة في هذا المقام جاءت لتؤكد استقلال المحامين وحريتهم أثناء مزاولتهم
لمهامهم لقول النص "المحاماة مهنة حرة ومستقلة تساعد القضاء" وك d18 ذلك
لنوعية العلاقة التي تجمع بين المحامي وزبونه والتي سبق الكلام عنها في
معرض هذا الموضوع.
وقد اعتبرها
مجلس الدولة الفرنسي سنة 1948 مرفقا عاما تخلت عنه الدولة لأفراده، وكذلك
قرار محكمة النقض المصرية الذي سار على هذا النسق واعتبرها ترعى الصالح
العام وتحقق الصالح الخاص. وهذا غير بعيد عما تبنته المذاهب الفردية
والمذهب الليبرالي منه الذي اعتبر من مجموع المصالح الخاصة تتحقق المصالح
العامة وأقر مبدأ حرية العمل.
وهي
وظيفة لأنها ترعى الصالح العام إلى جانب الصالح الخاص الذي يجعل منها مهنة
وهي وظيفة كذلك لأنها جزء من أسرة القضاء والقضاء مرفق عام والجزء تابع
للكل في أحكامه ومبادئه وقواعده.
وكون
مهنة المحاماة مهنة حرة ومستقلة لا ينأى بها عن اعتبارها جزء من أسرة
القضاء وذلك بصريح المادة الأولى من ظ 14/10/96 ولا يحول دون اعتبارها
وظيفة من وظائف القضاء شأنها في ذلك شأن قضاء النيابة العامة، ورجالها
يعتبرون قبل أن يكونوا محامون قضاة وجب أن يكون لهم ما لرجال القضاء وبشقيه
الجالس والواقف من حقوق ومن امتيازات نظرا لما في ذلك من اعتراف بنبل شرف
مهنتهم وبدورها في المجتمع كرسالة تسهر عبر القرون من أجل تحقيق نظام
للقضاء عادل ومنصف، وتسعى إلى تحقيق مجتمع منظم ومتحضر.
واعتبارها
وظيفة لا يحد من اعتبارها مهنة فهي توفيق بين حقين متضاربين أولهما حق
المجتمع والقانون وثانيهما حق المتقاضي وهذا دور قلما يوجد من بين صانعي
القرار القضائي من يقوم به بل ولا يوجد من يقوم به داخل المجتمع ككل. إلا
أن المحاماة تقوم بهذا الدور من بابه الأوسع وهو ما يجعل منها رسالة عبر
العصور وعبر الزمان. ولا ينكر أحد ما للتوفيق بين المصلحتين العامة والخاصة
من أهمية في تحقيق التوازن داخل المجتمع، ما تبدله مختلف الدول من مجهودات
من أجل الوصول إلى هذا الهدف، وما تضاربت الإيديولوجيات والتيارات
الفلسفية والسياسية عبر الزمن إلا من أجل تحقيق هذه الغاية.
فالمحاماة
إذن بهذا الاعتبار وظيفة ومهنة ورسالة ترقى بالمجتمع إلى مصاف الرقي
والنبل والحضارة وتجعل من علاقات أفراده علاقات مثالية ومنظمة، وذلك من
خلال مساعدتها للقضاء ومشاركتها لرجاله في إدارة مرفق العدالة، ورجالها
بهذا المنظور يقومون من خلال سلوكهم المهني المتخلق بمهام مستقاة من مختلف
مناحي الحياة البشرية وليس من مجرد القوانين المنظمة لمهنتهم نظرا لما تزخر
به هذه المهنة من أعراف وتقاليد مختلفة ويصعب حصرها، وكذلك لما يستدعيه
عملهم وواجبهم الإنساني وتمسكهم بالأخلاق والمثل العليا وهم بهذا الاعتبار
لا يقلون أهمية عن صناع القرار القضائي داخل مرفق العدالة وفي اعتبارهم
خبراء للخبراء، وفي هذا الاتجاه ذهب الأستاذ "ادريس فجر" في بحثه حول
المحاماة ومساعدة القضاء وقد سبق الإشارة إلى مراجعه إلى أن "... في حين أن
المحامي باعتباره صاحب مهنة حرة مستقلة فهو يبحث عن الحقيقة بكل الوسائل
وتراه يلعب دور ضابط الشرطة أو يتقمص شخصية الخبير وربما يقوم ببعض
التداريب...".
استثناؤه من هذه
القاعدة وهو الحالة التي يكون فيها للمحامي نشاط مواز لمهنة المحاماة، كما
لو كان عضوا أو رئيسا لهيئة سياسية أو اجتماعية معينة أو منظمة أو جمعية
يكون لها هدف إما سياسي وإما اجتماعي وإما اقتصادي أو غيره. فإنه في هذه
الحالة لا يمكن اعتبار نشاطه هذا من قبيل مهام مهنة المحاماة ولكن يجب أن
يلحق بالتنظيم الذي ينتمي إليه وذلك إعمالا لمبدأ التعليل والترجيح. ومهما
كان القول فإن مهام مهنة المحاماة كثيرة ومتنوعة ومتداخلة أحيانا بل
ومستجدة تساير الواقع والحياة اليومية للإنسان وتستدعي منه الاجتهاد
والإبداع لمسايرة واقع القضاء والمجتمع وإن كانت بعض النصوص والمساطر
أحيانا تقف حائلا دونه ودون تحقيق هذه الغاية فإنه مع ذلك مجتهد في ميدانه.
مهام مهنة المحاماة
إن
الكلام في موضوع مهام مهنة المحاماة أو ما يطلق عليه عموما بمهام الدفاع،
يستدعي النظر إلى مهنة المحاماة من خلال جانبها الطبيعي أو الغرائ f8 زي أو
الإنساني بوجه عام وكذلك من جانبها التنظيمي أو القانوني، وذلك على اعتبار
أن المحاماة مهنة ورسالة ووظيفة.
فهي مهنة لأنها علاقة تقوم بين
المحامي وزبونه على أسس من الشرف والكرامة والمروءة والأخلاق الإنسانية
النبيلة التي تربط الإنسان بأخيه الإنسان لتكوين مجتمع تسوده روابط وعلاقات
ترسخ من أسسه وتقوي فيه روح التضامن والأخلاق، وقد تبث في التاريخ أن مهنة
المحاماة مرت عبر عصوره من مراحل مختلفة منها تلك التي كان يعرف فيها
المحامي باسم الصديق، ثم تلك التي أصبح يعرف فيها باسم الخطيب ثم بعدها تلك
التي أصبح يعرف فيها باسم الخطيب الصديق وكل هذه عبارات مستوحاة من نوع
العلاقة التي تربط بين المحامي وزبونه وتجعل منها مهنة حرة ومستقلة يعتمد
عليها الخصوم أمام المحاكم وفي أوقات الشدائد والكروب وقد تبث في التاريخ
أيضا أن العرب في الجاهلية وقبل مجيء الإسلام، كانت تعرف هذا النمط من
التآزر والتضامن بين أفراد المجتمع إذ أن من أعرافهم آنذاك ما كان يعرف
بالأعراف القبلية وكان مضمونها يقوم على عدة مبادئ وأقوال منها "أنصر أخاك
ظالما أو مظلوما" وهذه المقولة أو هذا المبدأ كان يلجأ إليه الأعراب آنذاك
عندما تظهر لديهم جريمة ولا يعرفون مرتكبها فتجتمع القبائل لحل لغزها
وعندما يشتد النقاش بينهم حولها ويخشى كل منهم من أن تنسب هذه الجريمة لابن
قبيلته، واستمر العمل بهذا المبدأ إلى عهد الإسلام وقد تبث أنه جاء من
زمرة الأحاديث النبوية الشريفة، إلا أن المقصود به عند النبي "صلى الله
عليه وسلم" قد يخالف المراد به عن الأعراب.
وقد
تبث أيضا عن العرب قبل الإسلام بعد انتهاء حرب الفجار أن تأسس في دار "عبد
الله بن جذعان التميمي" حلف كان أعضاؤه هم بنوا هاشم وبنوا المطلب أبناء
عبد مناف وبنوا أسد ابن عبد العزى وبنوا زهرة ابن كلاب وبنوا تيم بن مرة،
وتحالفوا فيما بينهم على تكوين حلف أي حزب لا يجد بمكة مظلوما من أهلها أو
من غيرهم إلا قاموا حتى ترد إليه مظلمته وقد حضر هذا الحلف "رسول الله صلى
الله عليه وسلم" وهو صبي ولما نزل عليه الوحي وشرفه الله بالرسالة قال عليه
الصلاة والسلام "لقد شهدت مع عمومتي حلف في دار عبد الله بن جذعان ما أحب
لي فيه حمر النعم (أي رد العدوان وإعادة الحق إلى نصابه) ولو دعيت به في
الإسلام لأجبت".
أما في الوقت
الحاضر فإن علاقة المحامي بزبونه وإن كانت منظمة بمقتضى قواعد قانونية تجعل
منها مهنة فإنها مع ذلك تقوم على جانب إنساني غرائزي وطبيعي في الإنسان
مرده إلى روح الفطرة الاجتماعية فيه، وإلى مبدأ التكافل والتضامن لنصرة
المظلوم وإلى الرغبة في العيش المنظم لذلك فإنها مهنة ولكنها ليست ككل
المهن، فهي من أشرف المهن وأجلها وقد تكلم عنها كثير من المفكرون ورجال
السياسية قديما وحديثا وتمنى لو كان محاميا منهم "فولتير" والمغفور له
"الحسن الثاني" طيب الله تراه عندما سئل مرة: "لو لم تكونوا ملكا فماذا
تريدون أن تكونوا؟ "فأجابه أن أكون محاميا" وارد في المجلة المغربية لقانون
واقتصاد التنمية العدد 25 سنة 1991 ص: 28.
وهي
رسالة لأنها قديمة قدم الإنسان والمجتمع، فلا يمكن الكلام عن المجتمع بدون
إنسان ولا يمكن الكلام عن الإنسان بدون الكلام عن المبادئ والأخلاق والمثل
التي جاءت مهنة المحاماة لتكريسها في أجل مظاهرها والذي هو نصرة المظلوم
والدفاع عن تنظيم المجتمع.
فالإنسان
أناني بطبعه وعاجز عن العيش بمفرده ومن تم كان لا بد له من تكوين علاقات
بغيره من الإنسان وعلاقات بالجماعة التي يعيش بينها.
ولما
كانت هذه العلاقات لا تقوم وتستقر إلا بوضع نظام أو ضابط يحكمها وينأى بها
عن الأنانية التي تميز الكائن الحي عموما وعن النزوات التي غالبا ما ينشئ
عنها الصراع والتنافس بين بني البشر، فإن المحاماة رسالة تحمل للإنسان سبل
الوصول إلى هذه الضوابط من أجل الحل السليم لكل صراع أو نزاع ينشئ بين
الإنسان والإنسان قد ينشئ عنه تفكيك المجتمع وذلك لما لأهلها من دراية
علمية بمختلف فروع القانون والمساطر المنظمة له ولما لهم من ثقافة في مختلف
مناحي الحياة جعلت منهم الأداة التي يمكن باستعمالها الوصول إلى العدل،
فهي بهذا المعنى رسالة من أجل الإنسانية ومن أجل المجتمع ومن أجل القانون
ومن أجل العدل ومن أجل الحضارة.
ولما
كان القانون أسمى تعبير عن إرادة الأمة ولا يمكن احترام القانون إلا بجهاز
يكفل له هذا الاحترام ولما كان لمرفق العدالة دوره في تطبيق وتكريس
محتويات القاعدة القانونية، فإن المحاماة كان لها دورها في هذا الاحترام
وفي هذا التطبيق عندما يلجأ إليها الجمهور، إما للاستشارة وإما للتمثيل
أمام القضاء أثناء الخصومة. والمحامون خلال مزاولتهم لمهامهم إنما يرغبون
بذلك في تنظيم المجتمع وتفعيل النصوص القانونية من أجل تحقيق عدالة يحس بها
الجميع وتساهم في بناء حضارة تقوم على مبادئ من الإنسانية والقانون
والعدالة، فأية حضارة للشعوب إذا لم تكن لديها عدالة وأية عدالة إذا لم تكن
لديها محاماة، فالمحاماة بهذا التعبير هي أداة العدالة قبل أن يكون القضاء
أداة لها تمشيا مع ما انتهى إليه الأستاذ "إدريس فجر" وهو قاض من قضاة
المغرب في عرضه خلال ندوة المهن القانونية الحرة أيام 23-24 نوفمبر 1990
وهو منشور بالمجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية العدد 25 السنة 1991
الصفحة 51 من أن "العمل القضائي الجيد صانعه القاضي ومهندسه المحامي" إذ أن
عمل المهندس عادة ما يكون سابقا لعمل الصانع أو البناء. ولعل هذا الرأي قد
يستدعي بعض التساؤل حول ما إذا كانت مهنة المحاماة سابقة للقضاء من حيث
النشأة؟ إلا أن الجواب على هذا السؤال يقتضي تدخل ذوي الخبرات والكفاءات
العليا في هذا الميدان وفي مجال التأريخ. ومع ذلك فإنه يمكن التشكيك في هذه
المسألة لا سيما إذا رجعنا إلى عصر البريطورات وهم أول قضاة ظهروا في
التاريخ كانت مهمتهم الحكم بين الناس فيما يشجر بينهم ولكن هذا الحكم لم
يكن بالمجان وإنما كان بمقابل وذلك على غرار ما عليه الحال في مجال التحكيم
حاليا وكذلك إذا أخذنا بعين الاعتبار أن مهنة المحاماة تقوم أساسا على
إعطاء الاستشارة وتمثيل الخصوم عند نشوء النزاع بينهم. ومن أهدافها توفير
الخدمات للجمهور بالمجان في بعض الحالات لذلك فمن المعتقد أن تكون مهمة
الإفتاء هذه قد تحولت إلى إصدار أحكام وتطورت معه مهمة الحامي إلى حكم ثم
إلى بريطور ثم إلى قاضي بدون مقابل لذا فإنه في اعتقادي مسألة ظهور ال 2e8
محاماة قبل القضاء مسألة واردة ويمكن تحقيقها.
والمحاماة
وظيفة لأنها تساعد وتساهم وتشارك في تحقيق العدل ولأنها وسيلة لتحقيق
العدل وقد عرفها المشرع المغربي بأنها مهنة تساعد القضاء ولعل عبارة مهنة
الواردة في هذا المقام جاءت لتؤكد استقلال المحامين وحريتهم أثناء مزاولتهم
لمهامهم لقول النص "المحاماة مهنة حرة ومستقلة تساعد القضاء" وك d18 ذلك
لنوعية العلاقة التي تجمع بين المحامي وزبونه والتي سبق الكلام عنها في
معرض هذا الموضوع.
وقد اعتبرها
مجلس الدولة الفرنسي سنة 1948 مرفقا عاما تخلت عنه الدولة لأفراده، وكذلك
قرار محكمة النقض المصرية الذي سار على هذا النسق واعتبرها ترعى الصالح
العام وتحقق الصالح الخاص. وهذا غير بعيد عما تبنته المذاهب الفردية
والمذهب الليبرالي منه الذي اعتبر من مجموع المصالح الخاصة تتحقق المصالح
العامة وأقر مبدأ حرية العمل.
وهي
وظيفة لأنها ترعى الصالح العام إلى جانب الصالح الخاص الذي يجعل منها مهنة
وهي وظيفة كذلك لأنها جزء من أسرة القضاء والقضاء مرفق عام والجزء تابع
للكل في أحكامه ومبادئه وقواعده.
وكون
مهنة المحاماة مهنة حرة ومستقلة لا ينأى بها عن اعتبارها جزء من أسرة
القضاء وذلك بصريح المادة الأولى من ظ 14/10/96 ولا يحول دون اعتبارها
وظيفة من وظائف القضاء شأنها في ذلك شأن قضاء النيابة العامة، ورجالها
يعتبرون قبل أن يكونوا محامون قضاة وجب أن يكون لهم ما لرجال القضاء وبشقيه
الجالس والواقف من حقوق ومن امتيازات نظرا لما في ذلك من اعتراف بنبل شرف
مهنتهم وبدورها في المجتمع كرسالة تسهر عبر القرون من أجل تحقيق نظام
للقضاء عادل ومنصف، وتسعى إلى تحقيق مجتمع منظم ومتحضر.
واعتبارها
وظيفة لا يحد من اعتبارها مهنة فهي توفيق بين حقين متضاربين أولهما حق
المجتمع والقانون وثانيهما حق المتقاضي وهذا دور قلما يوجد من بين صانعي
القرار القضائي من يقوم به بل ولا يوجد من يقوم به داخل المجتمع ككل. إلا
أن المحاماة تقوم بهذا الدور من بابه الأوسع وهو ما يجعل منها رسالة عبر
العصور وعبر الزمان. ولا ينكر أحد ما للتوفيق بين المصلحتين العامة والخاصة
من أهمية في تحقيق التوازن داخل المجتمع، ما تبدله مختلف الدول من مجهودات
من أجل الوصول إلى هذا الهدف، وما تضاربت الإيديولوجيات والتيارات
الفلسفية والسياسية عبر الزمن إلا من أجل تحقيق هذه الغاية.
فالمحاماة
إذن بهذا الاعتبار وظيفة ومهنة ورسالة ترقى بالمجتمع إلى مصاف الرقي
والنبل والحضارة وتجعل من علاقات أفراده علاقات مثالية ومنظمة، وذلك من
خلال مساعدتها للقضاء ومشاركتها لرجاله في إدارة مرفق العدالة، ورجالها
بهذا المنظور يقومون من خلال سلوكهم المهني المتخلق بمهام مستقاة من مختلف
مناحي الحياة البشرية وليس من مجرد القوانين المنظمة لمهنتهم نظرا لما تزخر
به هذه المهنة من أعراف وتقاليد مختلفة ويصعب حصرها، وكذلك لما يستدعيه
عملهم وواجبهم الإنساني وتمسكهم بالأخلاق والمثل العليا وهم بهذا الاعتبار
لا يقلون أهمية عن صناع القرار القضائي داخل مرفق العدالة وفي اعتبارهم
خبراء للخبراء، وفي هذا الاتجاه ذهب الأستاذ "ادريس فجر" في بحثه حول
المحاماة ومساعدة القضاء وقد سبق الإشارة إلى مراجعه إلى أن "... في حين أن
المحامي باعتباره صاحب مهنة حرة مستقلة فهو يبحث عن الحقيقة بكل الوسائل
وتراه يلعب دور ضابط الشرطة أو يتقمص شخصية الخبير وربما يقوم ببعض
التداريب...".
استثناؤه من هذه
القاعدة وهو الحالة التي يكون فيها للمحامي نشاط مواز لمهنة المحاماة، كما
لو كان عضوا أو رئيسا لهيئة سياسية أو اجتماعية معينة أو منظمة أو جمعية
يكون لها هدف إما سياسي وإما اجتماعي وإما اقتصادي أو غيره. فإنه في هذه
الحالة لا يمكن اعتبار نشاطه هذا من قبيل مهام مهنة المحاماة ولكن يجب أن
يلحق بالتنظيم الذي ينتمي إليه وذلك إعمالا لمبدأ التعليل والترجيح. ومهما
كان القول فإن مهام مهنة المحاماة كثيرة ومتنوعة ومتداخلة أحيانا بل
ومستجدة تساير الواقع والحياة اليومية للإنسان وتستدعي منه الاجتهاد
والإبداع لمسايرة واقع القضاء والمجتمع وإن كانت بعض النصوص والمساطر
أحيانا تقف حائلا دونه ودون تحقيق هذه الغاية فإنه مع ذلك مجتهد في ميدانه.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى