الإنقلاب العسكري الأول في الجزائر
الأحد 7 مارس - 9:32
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
في التاسع عشر من يونيو / حزيران تحل الذكرى الثانية والأربعون للانقلاب ( او التصحيح الثوري – أو كيفما تم الاتفاق على تسميته ) والذي قاده الكولونيل "هواري بومدين "على الرئيس الجزائري الأول بعد الاستقلال أحمد بن بلة .. لم يكن قد مضى على استقلال الجزائر – الأسطوري -أكثر من ثلاثة أعوام ، والبلاد تموج بشعور عارم بالانتصار وترنو نحو تحقيق الحد الأقصى من"بيان نوفمبر" الذي سطره "الآباء المؤسسون" لثورة 1954 عندما التفوا في ذات سقف "بالعالية" ليضعوا الخطوط العريضة "لثورة المليون ونصف المليون شهيد" التي تمكنت -بعد سبعة أعوام من المواجهة- من تحقيق جزء من ذلك الحلم العريض ..
كانت الجزائر حينها "قبلة الثوار " و قامة بن بلة تكاد تطاول نخل الصحراء شموخا كزعيم لبلد ثوري " جعل فرنسا الاستعمارية تتقهقر نحو الضفة الشمالية للأبيض المتوسط " ، وهو ما عزز من مكانتها في إطار ما يسمى بمعسكر "الجنوب" إن لم نقل " المعسكر الشرقي " .. الأمر الذي جلب مزيدا من المتاعب للرجل على المستوى الداخلي ،خاصة مع المؤسسة العسكرية التي كان يقودها الكولونيل بومدين ، في إطار ما يعرف بصراع "العسكر والساسة "، حيث ينتمي بن بلة لجيل السياسيين المخضرمين.. لم يكن بن بلة قائدا ميدانيا في الثورة ، بل قائد للعمل السياسي النضالي الى أن تم اختطاف طائرته رفقة عدد من الرفاق وتم اعتقالهم في فرنسا حتى تاريخ الاستقلال .. بينما على النقيض كان "بومدين" رجل الميدان والمواجهة العسكرية ..رجل يؤمن بالمعركة الفعلية أكثر مما يؤمن بنظرية الثورة !
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الإنقلاب العسكري الأول في الجزائر
--------------------------------------------------------------------------------
في التاسع عشر من يونيو / حزيران تحل الذكرى الثانية والأربعون للانقلاب ( او التصحيح الثوري – أو كيفما تم الاتفاق على تسميته ) والذي قاده الكولونيل "هواري بومدين "على الرئيس الجزائري الأول بعد الاستقلال أحمد بن بلة .. لم يكن قد مضى على استقلال الجزائر – الأسطوري -أكثر من ثلاثة أعوام ، والبلاد تموج بشعور عارم بالانتصار وترنو نحو تحقيق الحد الأقصى من"بيان نوفمبر" الذي سطره "الآباء المؤسسون" لثورة 1954 عندما التفوا في ذات سقف "بالعالية" ليضعوا الخطوط العريضة "لثورة المليون ونصف المليون شهيد" التي تمكنت -بعد سبعة أعوام من المواجهة- من تحقيق جزء من ذلك الحلم العريض ..
كانت الجزائر حينها "قبلة الثوار " و قامة بن بلة تكاد تطاول نخل الصحراء شموخا كزعيم لبلد ثوري " جعل فرنسا الاستعمارية تتقهقر نحو الضفة الشمالية للأبيض المتوسط " ، وهو ما عزز من مكانتها في إطار ما يسمى بمعسكر "الجنوب" إن لم نقل " المعسكر الشرقي " .. الأمر الذي جلب مزيدا من المتاعب للرجل على المستوى الداخلي ،خاصة مع المؤسسة العسكرية التي كان يقودها الكولونيل بومدين ، في إطار ما يعرف بصراع "العسكر والساسة "، حيث ينتمي بن بلة لجيل السياسيين المخضرمين.. لم يكن بن بلة قائدا ميدانيا في الثورة ، بل قائد للعمل السياسي النضالي الى أن تم اختطاف طائرته رفقة عدد من الرفاق وتم اعتقالهم في فرنسا حتى تاريخ الاستقلال .. بينما على النقيض كان "بومدين" رجل الميدان والمواجهة العسكرية ..رجل يؤمن بالمعركة الفعلية أكثر مما يؤمن بنظرية الثورة !
ولا غرو من التأكيد على أن الرجلين كان لهما أتباع وأنصار (ومقربين) داخل الحكومة الواحدة التي شكلها بن بله وفقا "لمؤتمر طرابلس "الذي أرسى دعائم الحكم ألأول في الجزائر وانتخب بن بله رئيسا أول للجمهورية .. ولعل مما يعتبره بن بلة بعضاً "أخطاءه" في تلك الفترة أنه "وثق في العسكر كثيرا" او تعامل معهم " بسذاجة " –حسب بعض التفسيرات -، وبالتالي أثارت قراراته التي هدفت إلى تطهير حكومته من المقربين للكولونيل، ردة فعل قوية من قبل "وزير دفاعه"، حيث بعد ساعات من "إقالة عبد العزيز بوتفليقة من منصب وزير الشباب" ( وهو المقرب جدا من بومدين) كانت سيارتان عسكريتان قد ربضتا أمام منزل الرئيس ، وتقدم بضعة أشخاص معروفين إلى القصر الرئاسي ، فسألوا عن الرئيس، وعندما أطل عليهم (ببجامته ) مستفسرا عن سبب قدومهم في هذا الصباح الباكر
أجاب أحدهم " سي أحمد ما راكشي رايس" أي ( السيد أحمد لم تعد رئيسا )!!..
هكذا و بهذه البساطة تم إنهاء "حكم بن بلة "في مثل هذا اليوم من عام 1965،دون إراقة قطرة دم ، إلا أن قيادة (الرئيس السابق) نحو المعتقل ثم وضعه في الإقامة الجبرية، شكَلا بداية الانحراف (ولو نظريا) نحو إقامة نظام سياسي يمارس الإقصاء ضد رمز من رموز المقاومة السياسية الشرسة التي مثلت الوجه الأخر للثورة المسلحة.. كما مثل الفعل ذاته أول الممارسات الانقلابية على الشرعية السياسية القائمة على مقررات طرابلس ومن قبله (بيان نوفمبر الذي يقر إقامة جمهورية ديمقراطية في إطار المبادئ الإسلامية ) ، ولعل إدراك ذلك البعد الديمقراطي الذي اكتسبته الجمهورية الجزائرية الأولى -ما بعد الثورة - ما دعا هواري بومدين إلى تسمية الفعل الممارس في 19 يونيو بـ ( التصحيح الثوري) !
إلا أن أقسى ما عاناه الرئيس الأول للجزائر "بن بله " حسب إفادته لأحدى القنوات العربية ، قد أوجزه بالقول :"إن أكثر من السجن ومن فقدان الحرية كان يحز في نفسي أن يكون اليوم الذي تم فيه الانقلاب علي ،وعلى الشرعية..هو يوم عيد وإجازة رسمية !"
وهو ما تفهمه عبد العزيز بوتفليقة ( الرئيس الحالي للجزائر) فور عودته للحكم فأمر بإلغاء هذا التاريخ من قائمة الإجازات الرسمية وإعادة الاعتبار لـ"بن بله" ،وذلك في إطار سياسة تهدف إلى تسامح الجزائر مع ذاتها، وتاريخها الحافل ليس بالنضال والإنجازات فحسب ، بل بالصراعات وتصفية الحسابات السياسية أيضاً ..
اليوم تمر الذكرى وكأن شيئاً لم يكن .. غياب تام لمظاهر الاحتفال والكرنفالات –التي عهدناها سابقا- ، ولكن في الآن ذاته غياب تام لإعادة دراسة هذا الحدث –غير العرضي – في تاريخ الجزائر ، فهناك ضرورة ملحة لوضع هذا اليوم والتجربة التي تبعته والتي امتدت لأكثر من 13 عام من الحكم تحت مجهر البحث والدراسة حتى نضع الانجازات في كفة والتجاوزات والإخفاقات في كفة أخرى .
تحياتي
في التاسع عشر من يونيو / حزيران تحل الذكرى الثانية والأربعون للانقلاب ( او التصحيح الثوري – أو كيفما تم الاتفاق على تسميته ) والذي قاده الكولونيل "هواري بومدين "على الرئيس الجزائري الأول بعد الاستقلال أحمد بن بلة .. لم يكن قد مضى على استقلال الجزائر – الأسطوري -أكثر من ثلاثة أعوام ، والبلاد تموج بشعور عارم بالانتصار وترنو نحو تحقيق الحد الأقصى من"بيان نوفمبر" الذي سطره "الآباء المؤسسون" لثورة 1954 عندما التفوا في ذات سقف "بالعالية" ليضعوا الخطوط العريضة "لثورة المليون ونصف المليون شهيد" التي تمكنت -بعد سبعة أعوام من المواجهة- من تحقيق جزء من ذلك الحلم العريض ..
كانت الجزائر حينها "قبلة الثوار " و قامة بن بلة تكاد تطاول نخل الصحراء شموخا كزعيم لبلد ثوري " جعل فرنسا الاستعمارية تتقهقر نحو الضفة الشمالية للأبيض المتوسط " ، وهو ما عزز من مكانتها في إطار ما يسمى بمعسكر "الجنوب" إن لم نقل " المعسكر الشرقي " .. الأمر الذي جلب مزيدا من المتاعب للرجل على المستوى الداخلي ،خاصة مع المؤسسة العسكرية التي كان يقودها الكولونيل بومدين ، في إطار ما يعرف بصراع "العسكر والساسة "، حيث ينتمي بن بلة لجيل السياسيين المخضرمين.. لم يكن بن بلة قائدا ميدانيا في الثورة ، بل قائد للعمل السياسي النضالي الى أن تم اختطاف طائرته رفقة عدد من الرفاق وتم اعتقالهم في فرنسا حتى تاريخ الاستقلال .. بينما على النقيض كان "بومدين" رجل الميدان والمواجهة العسكرية ..رجل يؤمن بالمعركة الفعلية أكثر مما يؤمن بنظرية الثورة !
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الإنقلاب العسكري الأول في الجزائر
--------------------------------------------------------------------------------
في التاسع عشر من يونيو / حزيران تحل الذكرى الثانية والأربعون للانقلاب ( او التصحيح الثوري – أو كيفما تم الاتفاق على تسميته ) والذي قاده الكولونيل "هواري بومدين "على الرئيس الجزائري الأول بعد الاستقلال أحمد بن بلة .. لم يكن قد مضى على استقلال الجزائر – الأسطوري -أكثر من ثلاثة أعوام ، والبلاد تموج بشعور عارم بالانتصار وترنو نحو تحقيق الحد الأقصى من"بيان نوفمبر" الذي سطره "الآباء المؤسسون" لثورة 1954 عندما التفوا في ذات سقف "بالعالية" ليضعوا الخطوط العريضة "لثورة المليون ونصف المليون شهيد" التي تمكنت -بعد سبعة أعوام من المواجهة- من تحقيق جزء من ذلك الحلم العريض ..
كانت الجزائر حينها "قبلة الثوار " و قامة بن بلة تكاد تطاول نخل الصحراء شموخا كزعيم لبلد ثوري " جعل فرنسا الاستعمارية تتقهقر نحو الضفة الشمالية للأبيض المتوسط " ، وهو ما عزز من مكانتها في إطار ما يسمى بمعسكر "الجنوب" إن لم نقل " المعسكر الشرقي " .. الأمر الذي جلب مزيدا من المتاعب للرجل على المستوى الداخلي ،خاصة مع المؤسسة العسكرية التي كان يقودها الكولونيل بومدين ، في إطار ما يعرف بصراع "العسكر والساسة "، حيث ينتمي بن بلة لجيل السياسيين المخضرمين.. لم يكن بن بلة قائدا ميدانيا في الثورة ، بل قائد للعمل السياسي النضالي الى أن تم اختطاف طائرته رفقة عدد من الرفاق وتم اعتقالهم في فرنسا حتى تاريخ الاستقلال .. بينما على النقيض كان "بومدين" رجل الميدان والمواجهة العسكرية ..رجل يؤمن بالمعركة الفعلية أكثر مما يؤمن بنظرية الثورة !
ولا غرو من التأكيد على أن الرجلين كان لهما أتباع وأنصار (ومقربين) داخل الحكومة الواحدة التي شكلها بن بله وفقا "لمؤتمر طرابلس "الذي أرسى دعائم الحكم ألأول في الجزائر وانتخب بن بله رئيسا أول للجمهورية .. ولعل مما يعتبره بن بلة بعضاً "أخطاءه" في تلك الفترة أنه "وثق في العسكر كثيرا" او تعامل معهم " بسذاجة " –حسب بعض التفسيرات -، وبالتالي أثارت قراراته التي هدفت إلى تطهير حكومته من المقربين للكولونيل، ردة فعل قوية من قبل "وزير دفاعه"، حيث بعد ساعات من "إقالة عبد العزيز بوتفليقة من منصب وزير الشباب" ( وهو المقرب جدا من بومدين) كانت سيارتان عسكريتان قد ربضتا أمام منزل الرئيس ، وتقدم بضعة أشخاص معروفين إلى القصر الرئاسي ، فسألوا عن الرئيس، وعندما أطل عليهم (ببجامته ) مستفسرا عن سبب قدومهم في هذا الصباح الباكر
أجاب أحدهم " سي أحمد ما راكشي رايس" أي ( السيد أحمد لم تعد رئيسا )!!..
هكذا و بهذه البساطة تم إنهاء "حكم بن بلة "في مثل هذا اليوم من عام 1965،دون إراقة قطرة دم ، إلا أن قيادة (الرئيس السابق) نحو المعتقل ثم وضعه في الإقامة الجبرية، شكَلا بداية الانحراف (ولو نظريا) نحو إقامة نظام سياسي يمارس الإقصاء ضد رمز من رموز المقاومة السياسية الشرسة التي مثلت الوجه الأخر للثورة المسلحة.. كما مثل الفعل ذاته أول الممارسات الانقلابية على الشرعية السياسية القائمة على مقررات طرابلس ومن قبله (بيان نوفمبر الذي يقر إقامة جمهورية ديمقراطية في إطار المبادئ الإسلامية ) ، ولعل إدراك ذلك البعد الديمقراطي الذي اكتسبته الجمهورية الجزائرية الأولى -ما بعد الثورة - ما دعا هواري بومدين إلى تسمية الفعل الممارس في 19 يونيو بـ ( التصحيح الثوري) !
إلا أن أقسى ما عاناه الرئيس الأول للجزائر "بن بله " حسب إفادته لأحدى القنوات العربية ، قد أوجزه بالقول :"إن أكثر من السجن ومن فقدان الحرية كان يحز في نفسي أن يكون اليوم الذي تم فيه الانقلاب علي ،وعلى الشرعية..هو يوم عيد وإجازة رسمية !"
وهو ما تفهمه عبد العزيز بوتفليقة ( الرئيس الحالي للجزائر) فور عودته للحكم فأمر بإلغاء هذا التاريخ من قائمة الإجازات الرسمية وإعادة الاعتبار لـ"بن بله" ،وذلك في إطار سياسة تهدف إلى تسامح الجزائر مع ذاتها، وتاريخها الحافل ليس بالنضال والإنجازات فحسب ، بل بالصراعات وتصفية الحسابات السياسية أيضاً ..
اليوم تمر الذكرى وكأن شيئاً لم يكن .. غياب تام لمظاهر الاحتفال والكرنفالات –التي عهدناها سابقا- ، ولكن في الآن ذاته غياب تام لإعادة دراسة هذا الحدث –غير العرضي – في تاريخ الجزائر ، فهناك ضرورة ملحة لوضع هذا اليوم والتجربة التي تبعته والتي امتدت لأكثر من 13 عام من الحكم تحت مجهر البحث والدراسة حتى نضع الانجازات في كفة والتجاوزات والإخفاقات في كفة أخرى .
تحياتي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى